أصبح الفكر يمتطيها شهوة
وحنينا إلى ماضي غده
لكنّ نسمة كانت ترافقني
ألفحها بالنار التي تشتعل في كوى جسدي
أذكيها مرة أخرى
وتعود النسمة تغازلني
قالت:»أيها المفكر في لحظته، الشمس تتقاطر شلالا سطيفيا
هذه هي»الكانتخوندو-الأغنية العميقة، هذه هي الجرح العميق»
وعصفور يغيب، ينقر ذاكرة التلاشي
فتقبله وتبث هواءها في رئتي، غير الرئة المعروفة
هناك رئات أخرى يتنفس منها اللون والشكل
ولكنّنا نخنقها
تبثّ حقولها ومروجها وبساتينها الأندلسية
فتبتل نوافير المعنى من الكلمات التي حطّت يوما على لسان فوق لساني
صنعت عشا لها من دلالات الحرير
ومن أدلّ من توشيح الغناءاتالغرناطية؟
لكنّ العصفور يغيب
يأتنس القلم بصمتي
يحاورني بحبر أصم وحنين أبله
ينزرع بذنوبه كوردة
يتفيّأها الكبد
من عهد عتيق لحبيبته الورد والنارنج
لكنّ العصفور يحطّ على لحظتي تسبقني قليلا بأعوام
حاولت أن أنتّف ريشه المخضر كالطاووس وأن ألج قلبه الهائم لكنه اختفى ثم انجلى
في دمعة سماوية
تسقط من سلالم فكرتي
وواصلت تتبع الحبارات والنسائم الهضابية
وأنا في ذاكرتي جديلة تمتد بي
هي لون الذهب في فمك
حين تقولين الحقول بالشفاه
وترسمين الحدائق في عظام الخيال السوداء بالبسمة
أدخل إلى العصفور
وأعبر قارّاته جسرا كليلا
أفترّ في صحاراه ومياهه اللوزية لها طعوم الريق العسلي
ونهر يشدني من عنق الدفقة إلى آخره الأول
وإلى نافذة العجائب المفتوحة على ضفة كالألوان
على ظلال أصوات كالفيروز والماس البحري في عينيك الواسعتين البهيتين
كأنك الضحكتان لم تفارقاني، كأنك الدمعتان لم تفارقاني
عقدتا معي موعدا دراماتولوجيا
وصنعتا لي طوقا من دمقس الكلام والشعر
والعصفور أرخى توتره على بحر اللون في مساحات العين والقلب وعلى الشجر
الذابل في مجاهل جسدي
وغمغم في فمه الأزرق المبيض
كأنه يحمل يقيني البنفجسي إلى رعشة أخرى إلى عالم
حدوده عيناك المفتولتان المغزلتان كأمي
وأسواره مرشوشة بجنة الله
هكذا ويغيب العصفور في نهد الغروب
في لوحة انطباعية فاتنة
تأخذه سيدة الدم البشري بشوق غريب
وتخطفني نقطة في ريشه المتطاير اللطيف
تتدفأ بالبياض وبالحركة النازلة كعسل الكلام على آذان الحقيقة
غاب، غبت وعادت النسمة، تسأل ظنّي بحنان
وأسئلتها عطر
كسواحل»كازا» الموحشة
لكنّني احتميت وراء قبعة النسيان.