نعاني من تخلف فظيع في الترجمة والمجهودات الفردية لا تكفي
* الترجمة في الأساس تقتضي إضافة متجدّدة وإثراءً واسعًا للمعرفة المُعاصرة
في هذا الحوار، يتحدث الكاتب والمترجم بوداود عميّر، عن الترجمة وواقعها وحركتيها ودورها الحضاري والعلمي والمعرفي. كما يتحدث عن الإشكالية اللغوية في الجزائر، وظاهرة الصراع اللغوي التي تتكرر بمناسبة وبغير مناسبة، وفي كل مرّة تثير سجالات محتدة وصدامية أحيانا. كما خاض صاحب «صوب البحر» في شؤون كتابة المنفى أو المهجر، وأسئلتها وإشكالاتها، وتوابلها المتضادة العالقة بين ثنائية مربكة: الجذور والاِغتراب. الاِنفصال والاِنتماء، الوطن والمنفى؟ والهوية واللاهوية.
حاورته/ نـوّارة لحـرش
للإشارة بوداود عميّر، من مواليد مدينة العين الصفراء/ ولاية النعامة، قاصّ ومترجم، وباحث في الأدب الكولونيالي وكاتب مقالات في العديد من الصّحف والمجلات الجزائرية والعربية. ومن بين ترجماته من الفرنسية إلى اللّغة العربية، مجموعة من الكُتب التاريخيّة والأدبيّة، فمن الكُتب ذات الصلة بتاريخ الجنوب الغربي الجزائري. ترجمَ: «لمحة تاريخية عن الجنوب الغربي الجزائري» عام 2008، «كتاب النسب الشريف» عام 2009، «سيدي الشيخ، الشخصية الخارقة» عام 2010. كما ترجم المجموعة القصصية «ياسمينة وقصص أخرى» لإيزابيل إيبرهارت، والتي صدرت في طبعتها الأولى سنة 2011 عن دار القدس العربي في وهران، وعن كِتاب مجلة الدوحة القطرية في طبعة ثانية مزيدة ومنقحة سنة 2015. و»صوب البحر»، مجموعة قصصية صدرت عن دار الكلمة للنشر والتوزيع بالجزائر. وديوان «صديقتي القيثارة» للراحلة صفية كتو، صدر عام 2017، عن دار الوطن اليوم.
تكتب القصة والمقال وتشتغل في حقل الترجمة، وهنا نطرح أسئلة حول واقع وحركة الترجمة في الجزائر؟ فما الّذي تقوله في هذا السياق، اِنطلاقا من دورها الحضاري والعلمي والمعرفي، ومستوى حركتها وانجازاتها في الجزائر؟
rبوداود عميّر: لا يختلف اِثنان في الدور الحضاري الّذي كانت ولا تزال تلعبه الترجمة في مجالات التحصيل العلمي والمعرفي، وعملية الاِنفتاح على الآخر، وفي ربط خيوط التلاقي والتواصل بين الشعوب والأمم في جميع مناحي الحياة. لقد بات مؤشر التطوّر العلمي والمعرفي بين الدول المتحضرة، يُقاس أساسًا بحجم الترجمة المُنجزة في هذا البلد أو ذاك: من خلال عدد اللغات المُترجم منها وإليها، المواد العلمية والمعرفية التي تشملها وأيضا نوعية الترجمة المؤسّسة على عناصر الإتقان، الكفاءة والأمانة العلمية. فليس غريبا والأمر كذلك أن تتنافس الدول المتحضرة في إنشاء معاهد متعدّدة للترجمة ومؤسسات للإشراف والمتابعة وجوائز لتشجيع المترجمين وتحفيزهم. مِمَّا لا شكّ فيه أنّ الترجمة رغم ضروراتها الحتمية وأهميتها الكبرى، هي في الأساس عملية صعبة ومُعقدة، يستوجب لتحقيق أهدافها إمكانيات مادية وبشرية هائلة، قد لا تتمكن معاهد الترجمة أو المؤسسات الجامعية لوحدها من بلوغ أدواتها وتحمّل كاهلها، ذلك أنّ حركة الترجمة في حد ذاتها لا تقتصر كما قد يتوهم البعض على عمليات نقل فحسب من لغة إلى أخرى في مجال واحد أو مجالين من الأدب أو العلوم، ولكنّها تقتضي في الأساس إضافة متجدّدة وإثراءً واسعًا للمعرفة المُعاصرة، مع الأخذ بعين الاِعتبار التباين في عمليات الترجمة العلميّة والأدبيّة، باِعتبار أنّ الأولى تهدف إلى توخي الموضوعية والصرامة العلمية، في حين تسعى الترجمة الأدبية إلى تحقيق إبداع يتماهى مع إبداع النص المُترجم منه، وبالتالي لا يكفي هنا إتقان اللغات أو التمكن من نظريات الترجمة وتقنياتها فقط، الأمر يتعلق في الأساس بضرورة توّفر الموهبة الأدبية المُلِمة بقضايا الشِّعر أو السرد حسب الحالة، اِطلاعًا وكتابة، بمعنى نقل نص أدبي بوصفه نصًا أصليًا وليس نصًا مُترجمًا.
من هنا فإنّ تواجد العديد من معاهد الترجمة على الصعيد الجامعي أو إنشاء المعهد العالي العربي للترجمة في بلدنا، لا يكفي وحده لتحقيق التواصل العلمي والمعرفي الّذي نتطلع إلى إنجازه من وراء حركة الترجمة، كما أنّ المجهودات الفردية لكُتاب ومبدعين على أهميتها لا تكفي هي أيضا.
بمّا أنّ المجهودات الفردية وحدها لا تكفي، فكيف ترى الحلول خاصة في ظل غياب مؤسسات ومعاهد مهتمة ترعى الترجمة وتدفع بها إلى الحركية والتطوّر والاِحترافية أكثـر؟
rبوداود عميّر: الحلول تكمن أساسًا في مبادرات واسعة تطلقها الدولة في إطار إستراتيجية واضحة المعالم، تهدف إلى دعم حركة الترجمة والتأسيس لها، وتتمثل خاصة في تشجيع المبادرات الفرديّة والجماعيّة، وإنشاء مجلس أعلى للترجمة مع ضرورة وضع كافة الإمكانيات المادية والبشرية تحت تصرفه، شأنه في ذلك شأن المجالس العُليا الأخرى، تشجيع دور النشر المهتمة بالعملية، تنظيم مسابقات أحسن عمل مُترجم في المجالين العلمي والأدبي. من نافلة القول التأكيد أنّنا نعاني من تخلف فظيع كوطن عربي في ميدان الترجمة في جميع مجالاتها، وحسبنا في ذلك الإحصائيات التي تصنف للأسف الدول العربية في ذيل الترتيب، إذ وفقًا لتقرير التنمية البشرية حول الترجمة أن «اليابان مثلا تُترجم 30 مليون صفحة سنويا، في حين أنّ ما يُترجم سنويا في العالم العربي هو حوالي خُمس ما يُترجم في اليابان، علما أنّ ما تُرجم إلى العربية منذ عصر المأمون إلى العصر الحالي 10.000 كِتاب، أي ما يُعادل ما تترجمه إسبانيا في سنة واحدة. ففي النصف الأوّل من ثمانينات القرن العشرين، كان متوسط الكُتب المترجمة إلى اللّغة العربية أقل من كِتاب لكلّ مليون عربي في السنة مقابل 13 كتابًا لكلّ مليون في دول المجر و184 كتابًا لكلّ مليون في إسبانيا».
بعض الدول العربية لاسيما دول الخليج تفطنت ربّما لمكانة وأهمية الترجمة والدور الّذي تضطلع به في التنمية البشرية، وهكذا أطلقت في السنوات الأخيرة مبادرات رائدة تستحق التنويه، فيما أُطلق عليه «إحياء حركة الترجمة في العالم العربي»، فمشروع «كلمة» للترجمة في الإمارات العربية المتحدة مثلا يعد واحدا من أهم المشروعات الفاعلة في ميدان الترجمة. وقد ساهم في سد النقص الّذي تعانيه المكتبة العربية، وأثراها بأمهات الكُتب، كما تميزت عناوينه بمواصفات الكِتاب كمنتج ثقافي رفيع المستوى، لا يقل جودة واِتقانًا عن الأصل المنقول عنه.
لا شك أنّ الجزائر تملك طاقات بشرية هائلة في مجال الترجمة يُشهد لها بالكفاءة والتميز، لكنّها طاقات للأسف تشتغل عشوائيا وبشكلٍ غير منظم، ستبقى غير مستغلة، ما لم تضطلع الدولة الجزائرية بالدور المنوط بها في التأسيس لمنجز ثقافي على أعلى مستوى، وبشكلٍ يسمح لهكذا طاقات أن تُقدم مساهمتها الفعّالة في ترقية حركة الترجمة ببلادنا.
في سياق اللّغة دائما. من الترجمة نعرج على واقع الإشكالية اللغوية في الجزائر. فكيف تقرأ ظاهرة الصراع اللغوي التي تتكرر بمناسبة وبغير مناسبة، وبسجالات محتدة وصدامية أحيانا؟
rبوداود عميّر:في سنة 1992، ثارت ثائرة الروائي الجزائري الراحل الطاهر وطار، وهو يستمع بمضض لمجموعة من المتدخلين أثناء ندوة أدبية أُقيمت بباريس، حول موضوع راهنية الأدب الجزائري وآفاقه، وقد أسهبوا في الحديث عن المؤسسين الأوائل للأدب الجزائري، عن محمّد ديب، كاتب ياسين ومولود معمري، وآخرين. عن الأدب الجزائري الناطق باللّغة الفرنسية. لا أحد منهم أشار للأدب الجزائري الناطق باللّغة العربية، لم يأتِ ذكره كأدب جزائري على لسان جميع المتدخّلين في الندوة. مباشرة بعد اِلتحاقه بالجزائر، نظم صاحب «اللاز» ندوة صحفية، وأصدر بيانًا اِحتجاجيًا، إلى المثقفين والرأي العام، دعا من خلاله، إلى «إعادة فتح ملف أدب الجزائريين المكتوب باللّغة الفرنسية، وإعادة النظر فيه، والعمل على تحديد قيمته وجزائريته»، مُتسائلاً في حسرة: «هل صحيح أنّ الحرب مع فرنسا اِنتهت؟ الحرب الحضارية لم تنتهِ، إنّ اِنتشار اللّغة الفرنسية في الجزائر، اِتّسع بدرجة كبيرة بعد الاِستقلال، مقارنة بِمَا كان عليه الوضع أثناء الوجود الاِستعماري»، ثمّ اِختتم بيانه شديد اللهجة، بضرورة تطبيق ما أُطلق عليه «الشرط اللغوي للوطنية»، في تقييم اِنتماء الأدب الجزائري الناطق بلغة أجنبية. ولم يتوقف، فقد أطلق تصريحات نارية، وصلت إلى حد الطعن في هوية واِنتماء بعض الكتّاب الجزائريين باللّغة الفرنسية.
هكذا فجّر صاحب «الشهداء يعودون هذا الأسبوع» نقاشًا واسعًا، تناقلت أصداءه الصُحف الوطنية، وتباينت حوله الآراء، بين راضٍ وساخط، ومؤيد ومعارض، بشكل جعل النقاش يخرج من إطاره العلمي، ويغيب عنه الطرح الموضوعي، ويحل محله الطرح الإيديولوجي أو التموقع اللغوي.
مسألة اللّغة لم تكن اِختيارية، كما يُؤكد ذلك الكاتب الراحل محمّد ديب، وهو أحد الكتّاب المُؤسسين للأدب الجزائري الناطق باللّغة الفرنسية، ذلك أنّ الكاتب الجزائري في فترة زمنية «لم يختر طوعاً لغة إبداعه، بل كتب باللّغة الوحيدة التي كانت في متناوله»، ثمّ يمضي مُبرّرا السياق التاريخي، الّذي دفع أقرانه إلى اِستخدام الفرنسية، «خلال الفترة الاِستعمارية، لم تكن هناك إمكانية لتعلّم اللّغة العربية، ولم يكن أمام الشعب الجزائري خيّار آخر، سوى إرسال أبنائهم، نحو المدارس الاِستعمارية لتعلّم الفرنسية، وحتّى اللّغة الفرنسية لم يكن تعلمها مُتاحاً، سوى لقلة قليلة من أبناء الجزائريين».
لكن من كان يعتقد جازمًا أنّ الكتابة بالفرنسية ستتوقف مع سياسة التعريب، ومع بروز جيل جديد لم تُفرض عليه اللّغة الفرنسية قسرا، أخطأ في تصوّره. هكذا برز جيلٌ من أبناء الاِستقلال كتب أعمالا باللّغة الفرنسية وتفوّق فيها، ولا تزال تلك الأعمال تحظى بمقروئية تتفوّق في كثير من الأحيان على الأعمال المكتوبة بالعربية.
يعني أنّ كلّ هذا ساهم في اِستمرار هذه الإشكالية اللغوية في الجزائر؟
rبوداود عميّر:الإشكالية اللغوية في الجزائر، إشكالية عويصة ومُعقدة ومُتشابكة، ليست بتلك البساطة التي قد يعتقدها البعض، وليس مُمكنا تسويتها بإجراءٍ فوقي عن طريق تفضيل لغة على أخرى، ولا بالنوايا الحسنة، أو التعصب. ذلك أنّ ماضي الجزائر وحاضرها وتعدّد ثقافتها وموقعها الجغرافي وأشياء أخرى، تستدعي التعامل بحكمة مع جميع اللغات، والسعي نحو التصالح بينها، بِمَا يخدم الأدب الجزائري عمومًا. وحدها الكاتبة الشابة الراحلة ديهية لويز، أدركت عُمق المسألة، بعيدا عن السفسطة والجدل العقيم، كتبت باللّغة التي تشعر أنّها ترتاح لها، أو أنّها تعبر بعمق عن اللحظة الراهنة التي تعيشها، أنجزت روايتين باللّغة العربية وأبدعت، وكتبت بالفرنسية والأمازيغية أيضا، وتفوّقت في كتاباتها بتلك اللغات جميعها.
هذا التنوع في لغة الكتابة، يقودنا إلى التساؤل عن كتابة المنفى أو المهجر، والصراع الآخر بين الجذور والاِغتراب. بين الاِنفصال والاِنتماء، بين الوطن والمنفى؟
rبوداود عميّر: بصرف النظر عن لغة الكِتابة، لا شكّ أنّ الاِنفصال عن الجذور أو عن الوطن الأصلي، واقع نتلمسه جليًا لدى كُتاب المهجر في نصوصهم وكتاباتهم، خاصة المنتمين منهم للأجيال الأخيرة التي ولدت وترعرعت في فرنسا، أو ما اُصطلح على تسميته بالجيل الثاني والثالث، أتحدّث خاصة عن الأسئلة أو التيمات المتناولة في نصوصهم، والتي بطبيعة الحال تبدو مختلفة بل ومتعارضة أحيانا مع واقع بلدانهم الأصلية، اِقتضاها ربّما واقع يعيشه الكُتاب المغتربون والّذي يقف غالبًا على طرفي نقيض من واقعنا السياسي، الاِجتماعي والثقافي، ولعل حاجز اللّغة باِعتبارهم لا يحسنون اللّغة العربية أو اللغات الأمازيغية قراءةً وكتابةً، وقبل ذلك لا يكلفون أنفسهم عناء التقرب منها أو الإحاطة بها، ناهيك عن تعلمها وإتقانها، كأدوات لا مناص منها للتعرف عن قرب على هموم وتطلعات شعوب بلدانهم الأصلية، لاسيما وأنّنا نشهد بفعل سياسة التعريب المنتهجة بعد الاِستقلال مباشرة، تراجعًا محسوسا لمكانة اللّغة الفرنسية في المشهد الجزائري بجميع مكوّناته، وهو ما من شأنه أن يوسّع أكثر الفجوة بين الطرفين، وتتحوّل أعمالهم بالتالي، خاصة تلك التي تتناول قضايا وهموم مجتمعاتهم الأصلية على ندرتها، إلى مجرّد كتابات سطحية، إيكزوتيكية في غالب الأحيان، لا تغوص في عمق واقع مجتمعاتهم، ولا تتطرق إلى أوضاعهم ومعاناتهم الحقيقية، قد لا تختلف في تيماتها المتناولة وفي طريقة طرحها إلى درجة التكرار وحتى الاِبتذال أحيانًا عن كتابات المستشرقين المعروفة، وهو أمرٌ مثير للاِستغراب، إذ لا يبدو موجودا بهذا الحجم الّذي يشبه القطيعة لدى كُتاب بلدان العالم الآخرين، سواء فيما بين كُتاب الدول الأوروبية في ترحالهم وبحثهم عن مواقع الاِستقرار الآمنة لتحقيق حرياتهم خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، أو كُتاب أمريكا اللاتينية الذين اِستقروا لسببٍ أو لآخر في أوروبا، والأمثلة في ذلك عديدة، كما أنّ الأمر يبدو مختلفًا أيضًا على مستوى المشرق العربي، نشير في هذا السياق إلى الرابطة القلمية وما نجح في تحقيقه كُتاب المهجر هناك من أعمال خالدة باللغتين العربية والإنجليزية -تجربة جبران خليل جبران نموذجًا-.
وماذا عن أسئلة هذه الكتابات الجديدة، عن سقفها وسياقاتها وقضاياها، وهل لها جذور بالهوية والاِنتماء، أم هي مفصولة وغير منتمية وفيها هوة واِغتراب؟
rبوداود عميّر: من المفيد طبعًا أن ينصب اِهتمام كُتاب المهجر على قضايا البلد الّذي يحتضنهم، لاسيما قضايا البطالة والعنصرية وأسئلة أخرى تتعلق بعوائق الاِندماج في المجتمعات الغربية، وصراع الهوية، وهي قضايا تتميز بتناولها خاصة فئة من الكُتّاب المهاجرين المولودين في الأراضي الأوروبية، مثل نينا بوراوي وعزوز بقاق وغيرهم، وهي كتابات تتميز بمواصفات محددة سواء على مستوى الجُمل اللغوية المستخدمة والمستمدة خاصة من اللهجة المتداولة بين المهاجرين أو المواضيع المعالجة كما أسلف الذكر، شكّلت نصوصهم بفعل التراكم والتفرد اِتجاهًا أدبيًا قائمًا بذاته في فرنسا، يعود تأريخه إلى مطلع الثمانينيات بات يصطلح عليه la littérature beure ، والّذي ينحدر كُتابه في أغلبهم من الجيل الثاني للمهاجرين المغاربيين. في حين تتميّز تجربة الكُتاب المولودين في الجزائر والذين اِختاروا الإقامة لسببٍ أو لآخر في أوروبا وفرنسا تحديدا، إضافة إلى تناولهم قضايا تتطرق إلى معاناة المهاجرين وصراع الهوية والاِنتماء، يطرحون أيضا هموم وطنهم الأم وتطلعات شعوبهم، باِعتبارهم جزء من مكونات هذا المجتمع، يهمهم مصير وطنهم ومستقبله في كنف معالجة أدبيّة لا تخلو من وجهات نظر متعارضة أحيانًا، يحفزهم في ذلك اِمتلاكهم ولو بشكلٍ متفاوت أدوات التواصل مع أفراد مجتمعاتهم. ولعل كِتابات الفئة الثانية هي الأقرب فيما يبدو ملامسة للواقع الجزائري، والتي نستطيع أن نضعها دون تردّد في خانة الأدب الجزائري بغض النظر عن إقامة ولغة كاتبها.