رشيد فيلالي
كان الحلم في البال
حين مسني الضر صبيا
أذكر أنني
لما اشتد بي الوجع
آنست طيف أمي
فانتبذت ركن الدار الشرقية،
كان كفها يمسد شعر رأسي
المحروق بالنار وزيت الزيتون
وفي يسراها
تكر حبات السبحة الخضراء
ويكر معها دمعي وسؤالي:
ربي لم قيدتني للأرض
وأنا الذي كنت مثل المهر
أنهب الأرض شقيا ؟
قال الطبيب:
الولد جلدت رأسه الشمس
لكن يا مولانا الذي أوتي الحكمة
وفصل المقال
كيف للشمس على جلال شأنها
أن تجلد مضغة طرية؟
ومرت الأيام،
وفضل أبي الرحيل مبكرا
في صمت بليغ
وسلاسة فروسية،
وظلت أمي في ثبات أسطوري
قامة التبر والصبر
العنفوان الجميل ،
نفائس الكلام
والنظرات القصية
أمي وجه البدر المتلفع بسنائه،
برق الماس الذي تجلى لي في ذروة بهائه
ثم انطفأ فجأة
وكان أمر ربك مقضيا،
كيف للقبر أن يضم جسد أمي
وقلبها أوسع من مجرة كونية؟..
أمر على مجلسها المهجور اليوم
وأغض الطرف
أعينَيَّ صبي دمعا سخيا ،
بعدك ضيعت مسالك الغبطة
يا أمي
وداعا يا سيدة الغوالي
التي لولا نزيف التضحيات الجسام
والسهر الطويل الطويل
لكنت اليوم نسيا منسيا.