عبد الرحمن بوزربة
ذلك الدربُ
تلك المسافةُ
هذي الخُطى
هؤلاء الذين اِستووا للغوايةِ
أولئك العابرونَ هنا
العاشقونَ هناك
وأولئكَ الذاهبون هنا العائدونَ
المقيمونَ في شفة الغيمِ
دنيا..!!
و ها نتسمّرُ في الغيبِ
ليس هنا ما نطلّ عليه
ولا ما يطلُّ علينا
كأنّا إلى عدمٍ نستكينُ
ولا ظِلَّ
أقصدُ لا شجرٌ في المفازةِ
كي نترجّلَ عنَّا
ولا خيمةٌ يتسرّبُ منها الصباح
نقول:
سيعرفُنا أحدٌ في الطريق
ويمنحُنا مقعدًا
وحديثًا
يُقاسمُنا قهوةً دافئه..
نقول:
سيحدثُ أن
نلتقي رجلاً
نلتقي امرأةً
ربّما يُفتح القلبُ
إذ نطرقُ البابَ
أو ربّما فكرة خاطئه!
نقولُ:
غدًا
عندما ننحني لاِلتقاط الخريفْ
غدًا
عندما نستوي
شجرًا في الحفيفْ
غدًا
عندما تستريح يدٌ في يدٍ
غدًا
عندما لا غدٌ في غدٍ..
غدًا..
ونعضُّ على شجرٍ يابسٍ
في هزيعٍ كفيفْ..
رفيقةَ هذا الرمادِ الأليفْ..
لنا جذوةٌ في الهدوء المريبِ
نخبئُ فيها حديثَ الرياحِ
ندسُّ بها
جمرنا/زادنا
في صقيع المكانْ..
فلا ترحلي دونما عودةٍ
دونما أملٍ في الرجوع إلينا
ونحن اليتامى إلى ضحكة الأقحوانْ!
يا مدىً يتموْسقُ في الحُلمِ
يا عثرةَ الصمت في ملَكوتِ الكمانْ..!
دعينا نرتّبُ هذا المساء قليلاً
نؤثّثهُ بالقصائدِ والأصدقاءِ البعيدينَ..
هذا غيابي يدقُّ على الباب
نايًا
وحزنًا أنيقًا
سلامٌ عليكِ يقول
ويشربُ قهوتهُ
دفعةً واحدَه..
يدسُّ بكفّيكِ عطرَ حضورٍ قديم..
فينهمرُ الصمتُ
ينكسرُ القمرُ الآنَ في الركنِ
لا شيئَ يحدثُ
كان سيطلبكِ الآنَ للرقصِ
لكنّها ليلةٌ باردَه!
يا ربيبةَ هذا الوجعْ..
يا مدايَ الّذي في دمايْ..
يا خطايَ التي في الدروبِ
التي في خطايْ
دعينا نعودُ إلينا
نكابرُ فينا قليلاً
لكي نستطيعَ السقوطَ إلينا معًا
ونُجالسَ هذا الحنينَ المُرابضَ فينا جيوشا
وأندلُساً من بكاءْ..!