كيف هي علاقة الجامعة بالمجتمع؟ وما هو الدور الّذي يمكن أن تقدمه أو تلعبه للتأثير إيجابيًا في المجتمع؟ وهل ينبغي أن تقود هذا الأخير وأن تضيء حوله وعليه أم تتبعه وتنقاد خلفه وإليه؟ وما هي وظيفتها الأساسية/أو الأولى في المجتمع، وما الذي يجب أن تفعله لخدمة المجتمع وكيف ذلك؟ وهل هناك تفاعل بينهما أم فجوات وإشكالات؟ وماذا عن دورها التنموي، وكيف يمكن أن يتسع نطاقها ليضــمن قدرتها على تلبية متطلبات المجتمع وخدمته والتأثير في المحيط الاِجتماعي والاِقتصادي. وما هي طُرق أو سُبل اِندماجها ضمن المسار التطوري للمجتمع، وكذا كيفية إعادة الاِعتبار لدورها الريادي. وما مدى ضرورة اِنفتاحها على المجتمع وتعزيز تواجدها كطرف فاعل.
استطلاع/ نـوّارة لــحرش
لطفي دهينة أستاذ وباحث في العلوم السياسية -جامعة صالح بوبنيدر- قسنطينة03
المورد البشري الجامعي مطالب بالتخلّص من النظرة التقليدية
عادةً يُنظر إلى الجامعة على أنّها مكانٌ لتلقين العلوم وفضاء للبحث العلمي ومناقشة جديد الأبحاث والدراسات، التي تكون في مجملها نظرية صرفة أو حتّى تطبيقية، لكنّها لا تحوز إلاّ اِهتمام فئة صغيرة من المهتمين والباحثين في هذا المجال.
في الحقيقة هذه النظرة قاصرة وتختزل المشهد في جزء صغير من أدوار الجامعة، التي يُفترض أنّ لها أدوارا أكبر من ذلك بكثير، بوصفها (عضوا فعّالا) في بيئتها تُؤثر فيها وتتأثر بها، وتربطها علاقات متينة وأواصر قوية مع المجتمع بوصفها شريكا مهما في تطويره وتنميته. صحيح أنّ الجامعة اليوم بعيدة عن المأمول بسبب عِدة عوامل تحول بينها وبين أداء دورها على أكمل وجه، سواء في التكوين والتعليم أو في بناء شراكات مجتمعية قوية تمكنها من المساهمة بفعّاليّة في تنمية المجتمع وتطويره، ولعلّ من أهم هذه العوامل هي أنّ التعليم بصفة عامة هو منظومة متكاملة تتشاركها عِدة أطراف، وأي خلل في جزء منها يؤدي بالضرورة إلى التأثير سلبًا في بقية الأجزاء، والجامعة تستقبل منتوج المدرسة الجزائرية وتتعامل معه، وبالتالي فإنّ أي حديث عن الإصلاح لا يجب أن يبدأ من الجامعة، بل حتمًا يجب أن يمس المدرسة حتّى يتسم بالفعّالية والجدية، ولا تحدث حالة من الاِنفصام بين حلقات سلسلة التعليم التي تجعل كلّ طرف يسبح في فضاء لوحده، دونما قدرة على التنسيق مع بقية الأطراف لإنجاح العملية، وفي هذا الصدد نسجل أنّ كثيرا من الدول تقوم بإشراك الأساتذة والخُبراء الجامعيين في إعداد المناهج التربوية لمختلف المستويات بدايةً من الاِبتدائي وصولاً إلى الثانوي، وهذا ما يُعزّز علاقة الترابط بين مُختلف الأطوار التعليمية وتكون نتائجه إيجابية ومفيدة. من جهةٍ أخرى فإنّ اِنكفاء الجامعة على نفسها جعلها غير قادرة على مُواكبة التطوّرات والتفاعل مع المجتمع لتقوم بالدور المنوط بها، بوصفها تضم نخبة المجتمع الذين يمتلكون زمام العلوم، وبإمكانهم - لو تَوَفَّر لهم مناخ جيّد للعمل- تقديم الإضافة اللازمة لتنمية المجتمع، وتزويده بالأفكار والدراسات النظرية لتطبيقها على أرض الواقع والاِستفادة بآخر ما توصل إليه البحث والعِلم، ليس هذا فقط فيفترض أن تقود هذه النخبة المُبادرات الفاعلة لتنشيط الحياة الاِجتماعية والسّياسيّة ولِمَ لا تستلم زمام قيادة المجتمع، وعدم الاِكتفاء بدور المُتفرج الّذي ينظر للمجتمع نظرة شفقة أو نظرة اِزدراء نتيجة ما يُعانيه من مشكلات وفشله في تحقيق التنمية. إنّ المورد البشري الجامعي مُطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بالتخلص من الفكرة التقليدية، التي تقضي بأنّ وظيفته هي القيام بالعملية التعليمية داخل أسوار الجامعة، والاِنفتاح أكثر على مجتمعه، فهو فرد من المجتمع بل هو نخبة هذا المجتمع وتقع على عاتقه مسؤولية قيادته والمساهمة الفاعلة لتطويره، وهو مطالب بالقيام بالعملية التعليمية والخروج بمنتوج الجامعة من أفراد وعلوم إلى المجتمع ليستفيد منها، مطالب بالقيام بالمبادرات البناءة التي تعود بالنفع على المجتمع والمواطن، وهو فوق ذلك مطالب بجعل الجامعة تتجه خارج أسوارها والتنسيق مع مختلف الفعاليات المجتمعية لتقديم الإضافة المرجوة خدمة لمحيطها، وتُساهم في صياغة الخُطط التنموية المحلية وحتّى السياسات العامة، بفضل ما تتوفّر عليه من متخصصين وخبراء في مختلف المجالات.
إنّ نجاح الجامعة فيما هو مطلوبٌ منها مرهونٌ بتوفّر إرادة قوية للنهوض بها وتخليصها مِمَّا تُعانيه من مُشكلات، تتعلق أساسًا باِستقلاليّتها في العمل وتحسين ظروف العاملين بها، حتّى تسمح لهم بالخروج من بوتقة التفكير في الظروف الاِجتماعية التي يعيشونها، وتفتح لهم آفاقا لتطوير قدراتهم على المساهمة الإيجابية في بيئتهم المحيطة، إنّ هذه الإرادة هي مفتاح إعادة النظر في دور الجامعة، والتعامل معها على أساس كونها منارة للإشعاع العلمي والثقافي، ورائدة للمجتمع من خلال الاِنفتاح عليه والمُساهمة بمختلف المبادرات والدراسات لمعالجة مشكلاته.
عبد اللطيف بوروبي أستاذ التعليم العالي-كلية العلوم السياسية جامعة قسنطينة3
مراكز البحث والمؤسسات التعليمية شريك أساسي لأي تطوّر
يتطلب التحقّق من التلازم الاِيجابي بين المتغيرات المُشَّكِلة لورشة الإصلاحات التي تعرفها الجزائر الجديدة والمتعلقة بأهمية إبراز دور ووظيفة بعض القطاعات التي هُمشت، والتي أثبتت جائحة كورونا هشاشتها وخطورتها على المستوى الوطني ببعد يُهدّد أمنها الصحي والاِقتصادي للمواطن والدولة على حد سواء، ضرورة وحتمية إرجاع الدور الأساسي للتكوين في التعليم العالي، أين تكمن أهمية مراكز البحث والمؤسسات التعليمية كشريك حقيقي وجوهري لأي تطور، كما هو الحال لدور الجامعة كدافع لأي سياسات واستراتيجيات تنموية حالية ومستقبلية باِعتبارها أكبر مجتمع مدني في الظرفية الراهنة، ومن مخرجات ذلك أنّها حاضنة النُّخب وقاطرة لدفع الإصلاحات إلى الأمام لتحقيق التنمية المُستدامة والحُكم الراشد. وكونها الشريك الحقيقي في وضع الخُطط والبرامج التنموية. تكمن أهمية مُراجعة الفهم والتفسير للعلاقة الجديدة–المُتجدّدة، والدور القيادي للجامعة من أنّها تُمَكِّن النُّخب أو أفراد المجتمع على حدٍ سواء من التحقّق من الأُسس النظرية التي تُعيق دون أن تكون هناك دينامكية للإصلاحات من منطلق اِقتراح حلول وتقديم بدائل في الواقع الميداني لصانع القرار، ومن خلال أنّ هناك ما يشبه الإلمام أو إحاطة جيدة علمية بالبديل الأمثل. حيث تظهر أهمية الجامعة كمؤسسة تعليمية مُتعدّدة الاِختصاصات، إنّها فضاء للبحث في السُبل والآليات الكفيلة التي تمكننا من الإقلاع التنموي الحقيقي بعيداُ عن أي مُزايدات سياسوية من منطلق الحيادية وعدم الاِنحيازية في تقديم نتائج البحث والمُتعلقة خاصةً بالتنمية المُستدامة والحُكم الراشد، وكيفية تجسيد ذلك في الواقع المُعاش للمواطن الجزائري. فتعدّد المجالات البحثية الجامعية كفيلٌ بتنوع البحوث ونتائج ذلك أنّها تشمل مختلف المجلات المُشَكِلة للقطاعات المُرتبطة بالواقع التنموي، مِمَّا يُمَكِّنُنا من اِقتراح الحلول الموضوعية والقابلة للتطبيق الفعلي في الواقع. إذ أن صانع القرار السياسي في مُختلف المستويات يُعاني من قِلة البدائل لتحقيق الأهداف في ظل وجود عوامل ومتغيرات كثيرة تتحكم في ذلك، داخلية من موارد طبيعية وأخرى زراعية وصناعية وتلك المرتبطة بمقتضيات دولية من اِختلالات هيكلية قائمة على وجود دول متقدمة وأخرى في طريق النمو والتي لا تساعد على التعاون الاِيجابي، وهو ما جعل من الجامعة مركز تفكير اِستراتيجي مُتعدّد الاِختصاصات والمجالات يُساعد على بلورة أحسن الاِختيارات وأكثر الاِستراتيجيات العقلانية في بلورتها، والتي لا محالة ستنعكس إن كان التنفيذ والتجسيد في الواقع جيّداً وعقلانيًّا على واقع الأفراد والمجتمع. إذن اِستمرار المشاكل التي يعيشها المجتمع الجزائري والحاجة إلى حلول، في ظل تنامي الخطابات الشعبوية والإكراهات المُتعلقة بالنسق الاِجتماعي والاِقتصادي السائد منذ مدة، والّذي يعرف اِستمرار المشاكل التنموية المطروحة سواء على مستويات محلية أو وطنية، جعل من ضرورة التفكير الجيّد ومُراجعة الاِختلالات التي حالت دون تفيعل دور المراكز البحثية والمؤسسات الجامعية، كالنسق المعرفي الكلي المُرتبط بالبحث في الجامعة جوهر التحليل لفهم الاِنتقال الديمقراطي يتماشى مع المطالب الداخلية ويُساعدنا على إيجاد الحلول للمشاكل المطروحة وفي دعم التوجه نحو إنجاح التجارب التنموية. تقودنا هذه العلاقة القائمة على اِعتبارها أكبر مجتمع مدني إلى الربط بين مفاهيم وظواهر لم يكن مُمكنا في السابق ربطها ببعضها البعض مثل التشاركية، والحوكمة، والتنمية المُستدامة والبناء المؤسساتي كوحدة نسقية كاملة، كحل لإشكالية غياب تنمية مستدامة –مثلا- وفي فهم وتفسير واقع المجتمع الجزائري. في الأخير تظهر أهمية مُراجعة منظومة القوانين التي تُسيّر الجامعة من حيث البرامج وطبيعة التكوين ودور الإدارة في ذلك أمرا مُهمًا جداً، بالإضافة إلى ربطها بالواقع الفعلي للمواطن الجزائري من خلال آليات ميدانية لتحقيق التنمية المُستدامة والحُكم الراشد. وضرورة إدراك الجميع بمدى أهمية هذا الشريك "الجامعة" في السياسات والاِستراتيجيات التنموية، بكونها حاضنة للتفكير الاِستراتيجي لمختلف المقاربات التنموية، وكإطار تحليلي مركزي في وضع التصورات السّياسيّة والقانونيّة، والاِقتصاديّة، والاِجتماعيّة بأساليب علمية تفيدنا في تحقيق التنمية المُستدامة والحُكم الراشد.
إبراهيم بولمكاحل أستاذ العلوم السياسية -جامعة قسنطينة3
دورها رئيسي في عمليات التغيير والتطوّر الاجتماعي والتنمية
لطالما مثلت العلاقة بين الجامعة -كمؤسسة تعليمية- وبيئتها بشكلٍ عام موضوعًا ذا أهمية بالغة، فالجامعات تقوم بأدوار وتقدم وظائف متعدّدة، سواءً على صعيد تكوين نخب علمية مثقفة مشبعة برصيد مُهم من المعلومات أو من حيث اِكتساب المهارات والقدرات القيادية التي تؤهلها أن تلعب أدوارا ريادية ومتقدمة في خدمة وتوعية مجتمعاتها وعلى أصعدة متعدّدة اِقتصادية كانت، أو إدارية وسوسيو-ثقافية وسياسية كذلك. دور الجامعات مهم جداً لجميع القطاعات داخل الدولة والمجتمع. ولكي تستطيع أن تُقَدِم الإضافة وتُساهم في تَقَدُم ورقي المجتمع لابدّ أن تكون مُواكبة لكلّ ما يحدث في بيئتها الخارجية، لذلك نجد أنّ الجامعات في الدول المُتقدمة تعمد إلى بنـاء وتكييف محتوى مقرراتها ومناهجها بِمَا يتماشى مـع متطلـبات المجتمـع بكــلّ مكوناته، حـتّى تـكون مُطلعة ومُلِمة بمتطلباته وتقديم الحلول المناسبة. وتعتبر القضايا التقنية والسوسيو-اِقتصادية، وكذلك المرتبطة منها بشؤون التنمية المُستدامة من أهم القضايا التي تتناولها الجامعات في أبحاثها. من هذا المنطلق يُنظر إلى الجامعات، على أنّها مؤسّسات بأدوار رئيسية في عمليات التغيير والتطوّر الاِجتماعي والتنمية. فبالإضافة إلى دورها في خلق وإنشاء العديد من الشركات الناشئة الجديدة وتوفير المواد البحثية والقِوى العاملة ذات المهارات العالية، تُساهم الجامعة في بناء مؤسسات جديدة وفاعلة للمجتمع المدني، وأيضا تطوير قيم ثقافيّة جديدة من شأنها أن تُساعد على تحقيق الأهداف الاِجتماعية والتنموية المُحدّدة لإحداث التحوّل على جميع الأصعدة. ما يُؤدي إلى نشر وزيادة الوعي العام وتوفير الشروط المُناسبة لاِتخاذ قرارات واختيارات عقلانية تُساهم في حل مشكلاتهم وتحسين أوضاعهم. لذلك نجد الجامعات في الدول المُتقدمة تُحظى وتحتل مكانةً مُتقدمة ضمن أولويات سياسات دولها، بحيث تُتاحُ وتُهيَّأُ لها كلّ الشروط والتسهيلات للقيام بأدوارها في التغيير، فسنغافورة كنموذج رائد في هذا الشأن، لعبت الجامعة دوراً محوريًا في نهوضها وإقلاعها الاِقتصادي والاِجتماعي، حيث بلغت نسبة الإنفاق الحكومي سنة2017 على قطاع التعليم العالي 34.9 % من الناتج المحلي الإجمالي البالغ 296.97 مليار دولار، كما بلغت قيمة الإنفاق الحكومي على البحث والتطوير 48.6 % من الناتج المحلي الإجمالي (knowledge4all)، وتمّ تسخير كلّ هذه الإمكانيات بهياكلها ومواردها البشرية لتحقيق أهداف التغيير والتطوّر الاِجتماعي ومتطلباته، وتمّ تبعًا لذلك إدماج مُختلف المشكلات الفعليّة للمجتمع ضمن مُقررات التدريس، بالشكل الّذي كرّسَ مسؤولية الجامعة الأخلاقية والاِجتماعية تُجاه المُجتمع. كما تمتلك جامعة مانشستر أيضا باِنجلترا تجربة رائدة في مجال دعم مشاريع البحوث في مجال التنمية المُستدامة والطاقات المُتجدّدة، وساهمت بذلك في خلق مناصب عمل زيادةً على نشر ثقافة اِستهلاكية وبيئية مستديمة. في اليابان أيضا يتم وضع وتطوير البرامج بشكلٍ يتماشى مع المشكلات المطروحة في محيطها العام، ويتم دوريًا تقديم برامج في ميادين تتصل بتنمية المجتمع والعمل على خدمته. ومن هنا نجد أنّ الجامعات في الدول المُتقدمة تعمل بشكلٍ مستمر على تغيير أنماط التعليم فيها وتكييفها مع كلّ المستجدات بمختلف أصنافها. في المقابل نجد أنّ للجامعات دوراً ثانويًا إن لم يكن منعدمًا في تنمية وخدمة المجتمع في العديد من دول العالم الثالث بِمَا فيها الجزائر، بحيث تُواجه الجامعات عددا من المعوقات والمشكلات البنيوية التي تحول دون تمكنها من القيام بوظائفها بالشكل الكامل، لذلك توجب الاِبتعاد عن بعض الممارسات والتقيّد في المقابل بإجراءات ضرورية لإعادة الفرصة للجامعة للعب دورها الريادي في خدمة مجتمعاتها، نلخص أهمها في: -توفّر الإرادة السّياسيّة لإشراك الجامعة وضرورة اِنفتاحها على المجتمع وتعزيز تواجدها كطرف فاعل في عمليات التغيير والتطوير والتنمية، أين يتم إشراكها والتنسيق المتواصل معها، وطلب الاِستشارات والدراسات الضرورية في مجالات البحث والتطوير لمختلف قضايا المجتمع ومشاكله وطموحاته. -توسيع دائرة التمويل لتشمل مصادر من الخواص والمستثمرين، لتجاوز إشكالية العجز وضُعف الميزانيات المُخصّصة لقطاع التعليم العالي الّذي تواجهه أغلب الجامعات في عالمنا العربي، بحيث يُلاحظ أنّ نسبة المساهمات غير الحكومية ضئيلة جداً، إن لم تكن منعدمة، إذ يبلغ حجم التمويل الرسمي حوالي 80 ٪ من مجموع التمويل المُخصّص للبحوث والتطوير، وهذا ما يُؤدي إلى قِلة معدل الإنتاج العلمي واِنعدام مُحفزاته، وأيضا يقضي بشكلٍ كبير على التنافسية في إعداد البحوث وإفراغها من جدواها وفعّاليّتها في التغيير نتيجة عدم اِرتباطها بسوقٍ يستهدف شراء المعرفة. - إعادة مُراجعة محتوى البرامج والمقررات والمناهج بالشكل الّذي يجعلها مُترابطة مع أهداف وأبعاد التنمية الشاملة. ودعم اِقتصاد المعرفة، وإخراجها من النمطية التي تقتصر على التلقين التقليدي وتدوير المـعلومات، بل لابدّ من فتح المجال للإبداع والاِبتكار الفردي وتكريس التكوين المقاولاتي. ووضع إجراءات صارمة لتطبيق نظام متابعة تقييمي للبحوث والأعمال المُقدمة ضمن مشاريع البحوث الجماعية. وضرورة تحقيق التوازن بين مجال البحوث النظرية والتطبيقية.
حرز الله محمّد لخضر أستاذ وباحث بقسم العلوم السياسية -جامعة بسكرة
عدم الاستثمار في التعليم والبحث كمحور تنتظم حوله كافة المشاريع سبب ما نعيشه
إنّ التطوّر الّذي شهده مطلع القرن الواحد والعشرين وما نجم عنه من تحوّل جذريّ في أساليب التواصل وتقنيات المعرفة، ألقى بظلاله على ميدان البحث والتعليم، فبرزت طرائق جديدة في التدريس تعتمد مقارباتٍ ووسائلَ تفاعلية حديثة، تتماشى مع التطوّر المطَّرد للمجتمع الّذي أخذ ينحو منحى معرفيًا بسبب مَشَاعِيَّةِ المعرفة، ورقميًا بسبب تداولية الوسائط الاِتصالية والتكنولوجيات الذّكيّة، وهذا ما ولّد ثقافةً رقميةً اِستهلاكية وأَسَّسَ لواقع اِجتماعي واقتصادي وثقافي وسياسي وتكنولوجي مُغاير لسابقه ومُتجدّد باِستمرار، كان له الأثر البالغ في التحوّلات التي أعادت تشكيل أفكار وسلوكات وتوجهات الأفراد والمجتمعات. وإزاء هذه التحديّات تظل الجامعة باِعتبارها مركز إشعاع معرفي وحلقة الوصل بين المجتمع العالمي والمجتمع المحلي، بحاجةٍ ماسة إلى تطوير أدواتٍ وممارساتٍ بيداغوجية جديدة تنسجم مع حجم وسرعة التحوّل الكائن في بيئتها الاِجتماعية والتكنولوجية، وهي مقدمة أساسية تُحدّد مدى فعّالية الدور التأثيري للجامعة تجاه المجتمع. يُشيرُ "ريج ريفانز Reg Revans" الخبير في إستراتيجية التعلم بالإنجاز إلى أنّ: "التعلم داخل المنظمة يجب أن يُساوي أو يفوق التغير خارجها، وإلاّ فإنّ المنظمة لن تستطيع الاِستمرار على قيد الحياة". ومن هنا نقول أنّ فعّاليّة دور الجامعة مرتبط أساسًا بقدرتها الذاتية على تطوير أدائها وحيازتها لمقومات الجودة والتنافسية التي هي عنوان البقاء والاِرتقاء. وهذا يجرنا للبحث في أسباب اِنحسار الدور الريادي للجامعات بالجزائر والّذي يعود إلى التأخر الكبير في تطوير النظام التعليمي وترقية مناخ البحث والتدريس بالجامعة في شقه: البيداغوجي والتكنولوجي، وعدم مواكبة التقنيات الحديثة في طرائق التدريس، وهذا راجع بالأساس إلى غياب رؤيةٍ راشدةٍ ومنظورٍ واضح وهادف للاِستثمار في التعليم والبحث العلمي كمحور تنتظم حوله كافة مشاريع الإصلاح والتنمية الشاملة، وهو ما أحدث ما يُمكن تسميته بالفجوة المعرفية بين الجامعة وبيئتها الاِجتماعية الاِقتصادية والتكنولوجية. ففي الوقت الّذي ظهرت فيه اللوحات الذكية والأيباد والتدفقات السريعة للأنترنت وسهولة تداولها عبر الهواتف الذكية، والنظريات البنائية في التعليم التي تتناسب طرديًا مع تطور ذهنيات المجتمعات الحديثة، نُلاحظ أنّ جامعاتنا مازالت غارقة في أنماط القرن الماضي في التدريس والتسيير، ولم تتمكن لحد الآن من مُعالجة مشكلات الاِكتظاظ والإشراف والتأطير البيداغوجي والتوظيف والأجور، وضبط معايير التقويم البيداغوجي وظاهرة العزوف الدراسي وجودة البحث العلمي ومشكلة الاِنتحال وأخلقة الفضاء الجامعي..الخ. هذا مع عدم إيلاء الأهمية القصوى لبرامج التدريب الوظيفي والتعلم التنظيمي الّذي يرفع من الكفاءات المهنية والتعليمية للأساتذة والباحثين ويُنعش البيئة الوظيفية والتعليمية ويمنع من تقادم الكفاءات والاِحتراق الوظيفي، وفي هذا السياق يقول أحد الخبراء: "نظراً للضرورات التنافسية من السرعة والاِستجابة العالمية والحاجة المُستمرة إلى الإبداع، وبفضل التقنيات المعلوماتية الجديدة يصبح -التعلم التنظيمي- السبيل الوحيد الّذي يمكن أن يمنع فناء المنظمات". فهذه بعض الأسباب -إضافةً إلى أسباب أخرى- أدت إلى تخلف جامعاتنا عن مواكبة واحتواء المتغيرات المُستجدة والتأثير في محيطها الاِجتماعي والاِقتصادي، وعمّقت الفجوة بينها وبين المجتمع، فانحسر مردودها من حيث الأداء والنتائج.
وبناءً عليه فالجامعات مدعوة بإلحاح إلى الاِندماج ضمن المسار التطوري للمجتمعات الحديثة، وإعادة الاِعتبار لدورها الريادي في قيادة قاطرة التغيير والتطوير، من خلال اِعتماد صُناع القرار لسياسات فعّالة تُساعد على التكيّف مع تداعيات المجتمع المعلوماتي والرقمي، وتكون نابعة من عُمق الخصوصيّات المجتمعية، ونتيجةً لاِستقراءٍ موضوعيّ للاِختلالات والمتطلبات، وتتويجًا لخلاصة اِقتراحات وأفكار الخُبراء، وذلك بهدف بناء مناهج تدريسية أكثر حداثة وفعّالية، وتنمية أساليب البحث العلمي وترقية مؤسساته ومخابره وفرقه ومشاريعه لتتماشى مع تطلعات المجتمع وآفاق التقدم والاِزدهار العلمي.
وفي سبيل ذلك لابدّ من القيام بإصلاحات مؤسسية وهيكلية وبشرية وبيداغوجية شاملة، تطال الإطار التنظيمي والمورد البشري والنظام التعليمي من حيث المناهج والغايات والمقاربات البيداغوجية والوسائل التعليمية، وتطوير مخابر البحث، وتهيئة أقسامٍ عصريةٍ للتدريس بإدماج التكنولوجيات الرقمية وطرائق التدريس التفاعلي والإلكتروني والتعليم عن بُعد، والعمل على تحديث المناخ التعليمي وإنعاش البيئة الوظيفية واستقطاب الكفاءات وتطوير المهارات.
إكرام بخوش أستاذة وباحثة أكاديمية -جامعة محمّد خيضر- بسكرة
الجائحة كشفت عن الدور الذي يمكن أن تلعبه الجامعة
في البداية نشير إلى أنّ الجامعة تُعتبر بمثابة الحاضنة الأساسية للتطوّر والاِزدهار، فهي بمثابة نافذة للمجتمع والمرآة العاكسة له، وذلك لكونها مؤسسة اِجتماعية تسعى لخدمة المجتمع، فهي نظام فرعي من أنظمة المُجتمع وصرحٌ فكري وعلمي باِمتياز لتبادل العلوم والمعارف والخبرات، فالجامعة تعتبر فضاء تفاعليا يقوم على الحوار والنقاش بشكل أفقي بين الطلبة مع بعضهم البعض، وبشكل عمودي بين الطلبة والهيئات التدريسية من جهة وبين الطلبة والإدارة من جهة أخرى.
كما يتمثل الدور الآخر الّذي تلعبه الجامعات في بناء مؤسسات جديدة للمجتمع المدني وفي تطوير قيم ثقافية جديدة، وتدريب الأفراد وإقامة علاقات اِجتماعية معهم، تأخذ بعين الاِعتبار دعم الرفاه الاِجتماعي، من خلال قدرتها على تحقيق أهدافها ورسالتها في بناء وتنمية المجتمع، ويتوقف ذلك على مدى قدرتها على أداء وظائفها المُختلفة والتي يمكن إجمالها في ثلاث وظائف رئيسية، هي نقل المعرفة من خلال التعليم، وإنتاج المعرفة من خلال البحث العلمي، وتنمية المجتمع.
من جانبٍ آخر فإنّ الهدف الأساسي للتعليم الجامعي هو إعداد طاقات شابة إعدادًا أكاديميًا رفيع المستوى، وربط سوق العمل بالموارد البشرية المناسبة، التي يقع على عاتقها تطوير المؤسسات الخاصة منها والعامة على حدٍ سواء، فأعمق نقطة يمكن الحديث عنها في هذه الجزئية هي ضرورة ربط التعليم في الجامعة بحاجات سوق العمل للقضاء على البطالة، فهذه أهم نقطة يمكن أن تحققها الجامعة للنهوض بالمجتمع.
من زاوية أخرى يجب التنويه إلى فكرة أنّ الجامعة لم يعد دورها يقتصر على تلقين العلوم والمعارف، على الرغم من أنّ هذه النقطة تمثل الدور الأساسي للجامعة، ولكن تعدى دورها إلى القيام بعملية تنشئة اِجتماعية للطلبة من خلال مزاولتهم لدراستهم الجامعية، فمثلا عند القيام بالبحوث العلمية في إطار الأعمال المُوجهة والتطبيقية فهي تغرس روح التعاون والعمل الجماعي بين الطلبة، وهذا ما ينعكس على المجتمع من خلال تقبل الآخر والتعايش معه، فهي هنا تقوم بالتأثير على سلوك الفرد (الطالب) من خلال توسيع دائرة المعارف؛ التي بدورها يجب أن تربط ما بين المعارف النظريّة الأكاديميّة البحتة من جهة، واحتياجات الفرد والمجتمع المحيط من ناحية أخرى، كذلك يقع على عاتق الجامعات أيضًا صقل البنية الذّهنيّة للطالب وتدريبه على النقاش والحوار، واحترام آراء الآخرين.
أمّا عن الدور الّذي تقوم به الجامعة للتأثير إيجابيًا على المجتمع. فإنّ الجامعة يجب أن تكون النبراس الّذي يُضيء المجتمع من خلال الأفكار والعلوم التي تسعى للنهوض بالدول، ففي الدول المتقدمة على سبيل المثال أصبحت الجامعة أحد الفواعل المُساهمة في صنع السياسة العامة للدول، كما تلعب الملتقيات العلمية دوراً هامًا في النهوض بالمجتمع، عبر تقديم الحلول للمشاكل التي تعترضه على الرغم أنّه في الدول النامية يبقى ما يُقدَم في هذه الملتقيات حبيس الأدراج ولا يتم العمل به وهذا ما يُبرر تخلف المجتمعات في هذه الدول، لــذلك فــإنّ الــدور التنمــوي للجامعــة يجــب أن يتســع نطاقــه وقدراتــه ليضــمن قدرة الجامعــة على تلبية متطلبات المجتمع وخدمته، فالجامعة ومن خلال العلوم التي تقدمها تسعى إلى تحقيق التنمية داخل المجتمع وزيادة الوعي العام وتحقيق الرفاه الاِجتماعي والاِقتصادي للأفراد.
في الأخير نجد بأنّ دور الجامعة في المجتمع برز من خلال أزمة كورونا المُستجدة، من خلال توفير العديد من الجامعات لأدوات التعقيم التي صُنعت داخل مخابر البحث لأفراد المُجتمع، وهذا ما يجب أن نُركز عليه في المستقبل، من خلال الاِهتمام بِمَا يُقدم داخل أسوار جامعاتنا وزيادة ميزانية هذا القطاع لتطوير البحث العلمي ولتحقيق الرفاه الاِجتماعي.
عبد الرزّاق بلعقروز أستاذ مُحاضر وباحث أكاديمي مُتخصص في فلسفة القيم -جامعة سطيف2
الجامعة اِنحصرت في التَّعليم النّظري وانفصلت عن إشكالات المجتمع و مطالبه
جديرٌ بالملاحظة أوَّلا، ومن حيث الصُّورة الأوّلية، أنّ للجامعة وظائف ثلاث، هي أوّلا التَّعليم، أي تزويد المتعلم بالمعارف والسُّلوكات التي تُكسبه صفة الإنسانية، وإعانته على تنمية ملكاته الفكرية والعملية، والغرض من التَّعليم هنا، كما يقول اِبن خلدون، ليس هو حشو الأذهان، وإنّما تنمية الملكات، والوظيفة الثانية، هي إنتاج البُحوث والكُتب التي تُلَبي الحاجات البيداغوجية والتحدّيات التي يُواجهها المجتمع، والثالثة، هي خدمة المجتمع، ومعنى خدمة المجتمع إمداده بالمشاريع والخطط وأدوات التَّنمية الفكرية والاِقتصادية والاِجتماعية والأخلاقية، وهذه الوظائف الثلاثة، التعليم وإنتاج البحوث وخدمة المجتمع، مترابطة، فالتعليم هو نقطة الاِنطلاق، وإنتاج البحوث هي العلامة على تحقُّق الدُّربة العلمية والمنهجية، وخدمة المجتمع هي الثَّمرة الواقعية للمعرفة الجامعية. أمّا عن العلاقة الحالية للجامعة بالمجتمع فهي أقرب إلى القطيعة منها بالتَّواصل، فالجامعة اِنحصرت في التَّعليم النّظري وباتت أكثر أبحاثها مكررة لا تقدم إبداعاً جديداً، وبالتالي اِنفصلت عن إشكالات المجتمع وعن مطالبه الحيّة والواقعية، ونلاحظ أنّ الخرق بينهما يزداد اِتساعًا وبزمنية متصاعدة. الجامعة في جزيرة منفصلة عن تحديات الحياة، وتحديات الحياة غير مؤسسة على مشاريع علمية ومعرفية تلبي مطالب التَّنمية الوطنية في الفكر والثقافة والاِقتصاد. ويبدو أنّ الأسباب الموصلة لهذه الحال مركبة وعديدة منها: اِنغلاق الجامعة الجزائرية على ذاتها، وضآلة تواصلها مع الجامعات الأقوى في العالم. قلة الميزانيات المُخصصة للأبحاث العلمية ولحالة الأستاذ والباحث كذلك الّذي لا يمتلك المؤهلات العلمية لتطوير ذاته علميًا. ودخول مستوى معين من حالة الشَّعبوية إلى فضاء الجامعة، فهي أشبه بالمؤسَّسة التَّعليمية التربوية، وفضاءً لأجل التَّوظيف والمهنة، ولنيل شهادة معينة لأجل الترقية الإدارية والمالية. وكذا خلو الجامعة من رؤية معرفية وعلمية واضحة، تعرف نقطة الاِنطلاق ونقطة الوصول، وخُلوها أيضا من مراكز الأبحاث التي تضُم طاقات علمية وفكرية أكثر قوّةً وتميُّزا في العالم، وليست عبارة عن فرص عمل لباحث لا يتوفّر على آفاق علمية. وأعتقد أنّه ولأجل تدارك هذه النَّقائص فيما يخص الجامعة الجزائرية، وكي تتحقّق بالجامعة النوعية فإنّه لابدّ لنا من: -اِعتبار الجامعة هي قُمرة قيادة المجتمع ككلّ، بمعنى أن تستعيد الجامعة والأستاذ الجامعي قوتهما من حيث منزلتهما الاِجتماعية، فالجامعة هي التي تجتمع فيها جهات المجتمع جميعًا، إنّها منبر لقاء العقول والتحاور لأجل تنمية الفكر والقيم الاِجتماعية.
- توفير الميزانيات الكافية لأجل بناء العقل العلمي، وتخصيص الميزانيات هنا، ليس للاِستهلاك فقط، بل لأجل الدخول إلى أسواق العالم المعرفية، فمن لا يخصص ميزانيات كافية لأجل تطوير البحوث ويطالب بجامعة متميزة كمن يطلب من البقرة أن توفّر له الحليب دومًا وهو لا يوفّر لها طعامها. لذا نلاحظ أنّ الطاقات الجزائرية الموجودة في الجامعات العالمية، قد توفّرت لها الإمكانات والميزانيات والحريات، والجامعات التي وفّرت لها ذلك هي على يقين بأنّها ستحصل فيما بعد على أضعافها في المعرفة وفي التجارة، وأمامنا اِبتكار لقاح كورونا وكيف اِرتفعت الأسهم المادية للعُلماء المبتكرين وكيف أصبحت قيمة الدول حاليًا تتعين اِنطلاقًا من قوّتها العلمية ونشاطاتها في الأبحاث والمخابر.
أخيراً، جدير بنا صرف القول إلى الأمر الحاسم لأجل بناء جامعة تفكر وتنتقد وتعلم وتُخَلِّقُ. أن يكون تعليم الإنسانيات هو منبعها في التَّميز والتَّطوير، وليس الغرض هو فقط إضافة ما هو معنوي إلى ما هو مادي، وإنّما تطوير العلوم المادية نفسها، مثل علوم الطبيعة وعلوم الطب وعلوم الاِقتصاد، ودور الإنسانيات هو تعليم العقل أن يفكّر بروح النقد والتطوير والإبداع والتجدُّد، فالاِقتصاد مثلاً الّذي ينحصر في تحقيق الربح مع الوسائل القديمة هو اِقتصاد محدود، لابدّ من أن يتعلم العقل الاِقتصادي ليس فقط الربح والخسارة، وإنّما تكون له قوّة خيال يتجاوز بها الصُّعوبات، وقدرة على النّقد يتحرّر بها من النماذج السائدة، وقوّة إبداع يقوى بها على حل المشكلات.
إنّ جامعاتنا الفقيرة في العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية، فضلاً عن إمكاناتها التي لا تكفيها لأجل الإبداع وخدمة المجتمع، عليها أن تولي الأهمية للعلوم الإنسانية والاِجتماعية، ليس فقط من أجل العدد، وإنّما كي تصبح الإنسانيات هي القضايا المشتركة بين كلّ التخصُّصات، فالإنسانيات هي مفتاح التَّطوير ومفتاح الخروج من الأزمات، فالإنسانيات التي تُعَلِّم الأخلاق وتُعَلِم الإبداع وتُعَلِم كيفية تحفيز التَّفكير كي يتجدَّد دومًا، هي سلاح الأمم في منعطفاتها التاريخية الكُبرى نحو البناء والإنجاز، ونحو خلق ثقافة قوية وناجحة، والجامعات التي تخلو من تعليم الأخلاق والأدب والفنون وآليات الحوار هي جامعات تبحث على الربح على حساب الإنسان، وفيما بعد ستخسر الربح أيضا، إذن فالتعليم ليس من أجل العولمة الاِقتصادية، والجامعة هي مؤسسة الفضيلة وليست مؤسسة تنمية المهارات المهنية فقط.