* نصيرة محمـدي
1
في البداية نتكلم ثمّ تتكلم عنا الأشياء
نسلك طريق الصمت لنبلغ الأبدية
في تلك الرحلة التي لا نعود منها
نمتن لظلالنا الباقية في مجرة سحيقة
2
وراء حزن الغابة ريح خريف
تنصت لوشوشات الليل
لحفيف أشجار تنتظر تلويحة عابرين
اِستوقفهم أنين أوراق متساقطة
3
داخل الأنفاس شِعر ترويه
امرأة على أهبة سفر
تطويه بوابات مطارات شاحبة
وجوه مسافرين تبدّد الاِنتظار
بحواسيب وهواتف مزروعة
في أجسادنا مثل سلاح محاربين في الجبهة
تمر المرأة على حطامهم
كما يمر عاشق تساوت
لديه أسباب الموت وأسباب الحياة
غريبة صارت كوردة بلا عطر
كطائر بلا صوت أو سماء
4
لو محوت اِسمي
لو سرت خلف رؤاي
لأنجبت كلمات تتسلق عُنق رجل
تمتص شفتيه وتُراقص أصابع الليل
كلمات تتعلم كيف تسكن الجميع
ولا تودع أحداً حين تمضي
5
على الجدران والأبواب والنوافذ
ينمو عشبٌ رهيف كقلبٍ طري
يرسم طريقه إلى الحياة بنداوة ورقة وأمنيات
قلبٌ برائحة الحرية وخُطى الموت
6
أسري في مُدن بعيدة
فيولد معي جسد امرأة أخرى
أنسى من أكون ومتى ألمع في فجر لؤلؤي
يُراهن الهواء على كرمه
مثلما تُراهن امرأة على نزيفها الأخير
7
إلى أين رحلت أيّتها الحميمة
مُرتعشة ودامعة
الغُبار طوح بك بعيداً في التخوم
من وردة نضرة
إلى ورقة شاحبة
من سماء مُشعة
إلى هيكل ساكن...
تذكرك الشمس
تذكرك الأرجاء
تذكرك المروج المشتعلة
وإطلالة الصباح
يتوّهج في فساتينك الشِّعر
كلّما اِلتقت عيناك بالبدايات
يسطعُ من حلمك نور
مأخوذ بالدروب العاشقة
والمُدن الحزينة
في الجهة الأخرى
ظلالٌ مكسورة
فراغٌ يتنفس فراغه
ينشد أسماء متقطعة
عن مفاتيح بلا أبواب
عن بيوت بلا مصابيح
فقط قبور حكيمة
تستعيد عمراً كاذبًا
هواءً مُخادعًا
صوتًا غائبًا لاِمرأة
تعود وحيدة إلى النبع.