الرواية هي لحظات كشف للكاتب قبل القارئ
ترى الكاتبة والمُترجمة أمل بوشارب (المتوجة بجائزة محمّد ديب للرواية باللّغة العربية في دورتها الثامنة طبعة 2022 عن روايتها «في البدء كانت الكلمة»)، أنّ الجوائز هي اِعتراف نقدي جميل قد يحتاجه الكاتب في محطات معينة من مسيرته وقد لا يحتاجه، معتبرةً أنّ الأمر يتوقف على طريقة قراءة الكاتب للرسائل التي يتلقاها من الكون!، ففي النهاية -حسب رأيها- الجوائز تبقى في المنظومة الأدبية أشبه بالحلويات في نظامنا الغذائي، لذيذة وقادرة على شحذك سريعًا، لكنّها ليست بالتأكيد ما ينبغي أن يعيش عليه الكاتب أو يضعه نصب عينيه حتّى يصنع أدبه.
حاورتها/ نـوّارة لـحـرش
كما تتحدث في حوارها هذا، عن ثلاثيتها السردية (في البدء كانت الكلمة، سكرات نجمة، ثابت الظلمة)، وعن رمزية وأبعاد الثلاثيات الروائية، مُعتقدةً في هذا السياق أنّ الأمر يعود لكون الثلاثية تُظهر وعيًا أرسخ للروائي بمشروعه السردي. وفي معرض حديثها عن الأدب العربي في الفضاء الإيطالي، قالت إنّها الآن تملكُ نظرة دقيقة وواضحة جداً عن الديناميكيات التي تحركُ سوق الأدب العربي في إيطاليا. ومن المهم جداً أن يُحيط المُثقف العربي بالحيثيات والخلفيات التي تتشكلُ من خلالها صورته في الغرب. كما تحدثت عن موضوعات أخرى ذات صلة بالترجمة واللّغة العربية والأدب.
لا أستسيغ فكرة ترويج الكاتب حضوريا لعمله
للإشارة أمل بوشارب، كاتبة ومُترجمة جزائرية من مواليد 1984، تُقيم منذ سنوات في إيطاليا، تكتب باللغتين العربية والإيطالية. وهي خريجة قسم الترجمة بجامعة الجزائر. حاصلة على ماجستير في الترجمة تخصص عربي/انجليزي/فرنسي. عملت بين عامي 2008 و2014 أستاذة في قسم اللّغة الإنجليزية بالمدرسة العُليا للأساتذة آداب وعلوم إنسانية ببوزريعة. أشرفت على رئاسة تحرير مجلة «أقلام» الصادرة عن إتحاد الكُتّاب الجزائريين بين عامي2013و2014.
صدرت لها مجموعة أعمال في القصة والرواية، من بينها: «عليها ثلاثة عشر» 2014 (مجموعة قصصية). «من كلّ قلبي» 2016 (رواية للناشئة). وثلاثيتها حول الجزائر: «سكرات نجمة»2015. «ثابت الظلمة»2018، و»في البدء كانت الكلمة»2021. إلى جانب ترجمات لعدد من الشعراء والكتّاب الإيطاليين الذين نقلت أعمالهم إلى اللّغة العربية، وسلسلة مقالات نقدية وأدبية نُشرت في مجلات محكمة جزائرية وعربية.
تُوجت روايتك «في البدء كانت الكلمة»، بجائزة محمّد ديب للرواية باللّغة بالعربية في دورتها الثامنة طبعة 2022. ما الّذي تعنيه لك جائزة تحمل اِسم صاحب «ثلاثية الشمال»؟
أمل بوشارب: نيل جائزة تحمل اِسم واحد من أعظم روائيي الجزائر هو بالتأكيد شرفٌ كبير لأي كاتب. وفي هذه الطبعة تحديداً، عنَى هذا التشريف لي الكثير لأنّ لجنة التحكيم ضمّت أسماء نقدية وأكاديمية هي من بين الأهم على الإطلاق في الساحة الجزائرية، وهو ما يُشكل بلا شك بالنسبة لي قيمة مُضافة لهذا التتويج.
الجوائز اِعتراف نقدي قد يحتاجه الكاتب وقد لا يحتاجه
كيف تنظر أمل بوشارب إلى الجوائز الأدبية؟ وما الّذي يمكن أن تُضيفه إلى مسار الكاتب؟
أمل بوشارب: لا أعتقد أنّ هناك جوابا واحدا على هذا السؤال. الحديثُ عمّا يمكن أن تُضيفه الجائزة لأي كاتب أمر ذاتي جداً. بالنسبةِ لي اِسم الجائزة، لحظة تلقيها، والجهة المانحة، قد تعني كلها مجتمعة أو منفردة شيئًا ما. الجائزة الأدبية الأولى التي حصلت عليها كانت قبل أربع عشرة سنة، كنتُ حينها في مطلع العشرينات متخرجة للتو من قسم الترجمة، وقد أتت «جائزة المهرجان الدّولي للأدب وكتاب الشّباب» لتخبرني أنّه يمكن أن يكون لدي مستقبل جيد أيضاً في السرد. بعد صدور خمسة أعمال سردية لي منذ ذلك الحين، أتت جائزة محمّد ديب لتهمس في أذني بشيء آخر. الجوائز هي اِعتراف نقدي جميل قد يحتاجه الكاتب في محطات معينة من مسيرته وقد لا يحتاجه، الأمر يتوقف على طريقة قراءتك للرسائل التي تتلقينها من الكون! وفي النهاية الجوائز تبقى في المنظومة الأدبية أشبه بالحلويات في نظامنا الغذائي، لذيذة وقادرة على شحذك سريعًا، لكنّها ليست بالتأكيد ما ينبغي أن يعيش عليه الكاتب أو يضعه نصب عينيه حتّى يصنع أدبه.
زاوية الرؤية هي ما يهم في مقاربة أي عمل أدبي
الرواية تعود إلى فترات مُهمة من تاريخ الجزائر المعاصر، بدايةً من الثورة (مثل تطرقها إلى التفجيرات النووية في منطقة رقّان)، مروراً بالعشرية السوداء وصولاً إلى الحراك. السؤال هنا: ما الّذي يدفع الجيل الجديد للاِشتغال على تاريخ الثورة وتوظيفه واِستحضاره واِستثماره في الرواية وأحيانًا جعله تيمة في معظم رواياته؟
أمل بوشارب: الأمر يتعلق بإدراك كلّ روائي للتاريخ ومدى وعيه باللحظة التي يعيشها. عن نفسي لا أرى الثورة التحريرية حدثًا منتهياً ينتمي إلى الماضي ولا أثر له على الحاضر. بالنسبة لي تاريخ الثورة وما تبعها من أحداث مفصلية في تاريخ الجزائر هي لحظات مستمرة لا تزال تتفاعل مع كلّ تفاصيل حياتنا وتؤثر على رؤيتنا للواقع. أمّا أن يكتب الروائي بمعزل عن الواقع والمحطات الكُبرى التي صنعت وعيه المجتمعي فهو ما ينبغي أن يُثير الحيرة وليس العكس. وهنا لا ينبغي أن نغفل عن أنّ زاوية الرؤية هي ما يهم في مقاربة أي عمل أدبي وليس الثيمة نفسها. قبل أشهر جمعني لقاء مع الباحثة مارتينا ميرلو من جامعة ماربورغ الألمانية، في إطار إنجازها دراسة حول «ثابت الظّلمة». في لحظة معينة من دردشتنا تحدثت عن حالة من «الراحة المزعجة» التي راودتني وأنا أكتب الرواية بسبب جدة موضوعها في الساحة الأدبية العربية عمومًا، والعالمية أيضاً بحسب ما فهمته من الباحثة بالحديث عن الأدب المُناهض للنيوكولونيالية في تجلياتها الاِقتصادية. كنتُ أتحرك ضمن جنس روائي غير مستهلك و ثيمة غير مألوفة وهو ما كان من شأنه أن يُشعرني بالاِطمئنان لأي مقاربة فنية قد أختارها. الاِطمئنان هو عدو الإبداع كما أراه. لذلكَ حرصتُ في تلك الرواية تحديداً على رفع سقف التحدي وفتح عِدة جبهات أسلوبية داخل الرواية تخرجني من وهم “البطولة” لمجرّد الخوض في موضوع غير مطروق. و هكذا كانت العودة إلى تاريخ الثورة والعشرية السوداء في الرواية الأخيرة، للعمل على موضوع مطروق من زاوية غير مطروقة، وهو بالتأكيد العملية الأصعب إبداعيًا.
الثلاثية تُظهر وعيًا أرسخ للروائي بمشروعه السردي
«في البدء كانت الكلمة»، هي الجزء الأخير من ثلاثيتك حول الجزائر، بعد «سكرات نجمة» 2015، و«ثابت الظلمة» 2018. لماذا ثلاثيّة؟ ما أبعادها؟ ولماذا الثلاثيات الروائية عادةً ما تحمل رمزيّة ما؟ وهذا ما يجعلها في الغالب راسخة في ذهن القارئ وفي ريبرتوار الأدب؟
أمل بوشارب: باِعتقادي الأمر يعود لكون الثلاثية تُظهر وعيًا أرسخ للروائي بمشروعه السردي. أن يبسط الكاتب رؤيته ضمن ثلاثية كاملة فهذا يعني أوّلاً أنّه يُسيطر على فكرته من زوايا مُختلفة ويمتلك ناصيتها بشكلٍ كامل، وهو ما يمنحه شرعية فكرية من حيثُ القدرة على الحفاظ على اِتساقه وإثبات طول نفَسه. أمّا تنويع الطرح ضمن ثلاث حبكات مختلفة لمقاربة نفس الموضوع دون إشعار القارئ بالملل والتكرار، فمن الناحية الفنية البحتة هذا هو أقصى اِختبار لفعل الإبداع.
لا أؤمن تمامًا بمقولة أنّ الروائي ينبغي أن يكتب عمّا يعرفه حصرا
قلتِ بأنّكِ حاولتِ فتح ورشات البحث التاريخي والأنثـروبولوجي والاِجتماعي والعلمي وغيرها، في ثلاثيتك والحفر داخلها. هل يمكن اِعتبار هذه الورشات وهذا الحفر خلفية أو مرتكزات لأصوات/وعوالم أو جبهات سردية؟
أمل بوشارب: هي بالتأكيد كذلك، أعتقد أنّ كلّ هذه العناصر مجتمعة ومحاولة الاِشتغال عليها هو ما يُؤثث لعوالمي الروائية. شخصيًا لا أؤمن تمامًا بمقولة أنّ الروائي ينبغي أن يكتب عمّا يعرفه حصراً. الروائي عليه أن يكتب عمّا يُثير فضوله، وعمّا يخفى عنه، بل حتّى ما يخشى مواجهته على الأرض... الرواية هي لحظات كشف للكاتب قبل القارئ. أن تكون قادراً على إشراك القارئ في عوالمك الفكرية والوجدانية وما يكتنفها من لحظات بناء وهدم، تفكيك وتركيب، وكلّ ما يختلجك من مشاعر مُتضاربة أثناء ذلك هو ما يصنع الدهشة في الرواية، وليس قناعاتك المُسبقة عن العالم و يقينياتك المُطلقة.
ليس سهلا أن ينجح العمل بعيداً عن الديناميكيات المُسيطرة على سوق الكتاب الغربي
رواية «سكرات نجمة» ترجمتها الكاتبة والمترجمة الإيطالية المعروفة يولندا غواردي، وصدرت عن منشورات Le Assassine بميلانو. كيف اِستقبل القارئ الإيطالي أو القارئ باللّغة الإيطالية روايتك؟ ومن جهةٍ أخرى كيف اِستقبل الوسط الثقافي والأدبي والإعلامي في إيطاليا كتاباتك وترجماتك؟
أمل بوشارب: بمجرّد صدورها بميلانو حطت الرواية ضيفًا على الصالون الدولي للكتاب بتورينو وهو النافذة الثّقافية الأهم على الإطلاق في إيطاليا. وبالرغم من أنّني في نفس الفترة كنتُ أعيش فترة الحمل، وهو ما جعلني أعتذر عن المُرافقة الإعلامية للعمل، لكن الرواية حصلت على تنويهات وقراءات عميقة ومراجعات عديدة على مجلات ومدونات أدبية متخصصة، ما أعده اِستقبالاً مُمتازاً، خصوصًا أنّ إيطاليا بلد يعتمد فيه تسويق الأدب المُعاصر بشكل يكادُ كليًا على فكرة ترويج الكاتب حضوريًا لعمله وهي بصراحة فكرة لا أستسيغها كثيراً. أن ينجح عملك بعيداً عن الديناميكيات المُسيطرة حاليًا على سوق الكتاب الغربي هو ليس بالأمر السهل، لكنّني أزعم أنّه حصل بالفعل.
على الجانب الآخر في الترجمة، قد أكشفُ لكِ سراً لأوّل مرّة عن الشعراء الإيطاليين. فأنا غالبًا ما أستمتع بقراءة الرسائل التي يُوجهونها لي بعد نشر ترجماتهم بقدر اِستمتاعي بقراءة نصوصهم الشِّعريّة نفسها. كمّ الاِرتباط الوجداني بقارئ لا يعرفونه يدفع البعض لكتابة نصوص اِمتنان بديعة. يكفي أن أخبركِ بأنّني كثيراً ما أعود لرسالة كتبها لي قبل ثلاث سنوات الشاعر الكبير جانكارلو بونتيجيا مُتحدثًا فيها عن اللّغة العربية كما يتصورها في ذهنه، ولشدة عُمق ذلك الخطاب وجزالته أخالني دوماً أمام قصيدة مُكتملة الأركان تستحقُ القراءة مراراً وتكراراً تمامًا كأي نص شِعري. نفس الشيء حصل مع الشاعر والناشر الجميل ماركو مونارو قبل أشهر. شعراء آخرون كبار كدافيدي روندوني وفابيو فاليزيو، وشاعر جماهيري كفرانكو أرمينيو لم يوفروا أي عبارة اِمتنان للتعبير عن سعادتهم بوصولهم للقارئ العربي. من الجيل الجديد نيكولا غراتو وأليساندرو كانافالي هم الأكثر إحساساً بضرورة بناء جسور ثقافيّة بين الضفتين وتوطيد العلاقات اللغويّة بين إيطاليا والعالم العربي، وتحديداً بالنسبة لغراتو صاحب أشرطة كاسيت أزنافور (منشورات ضمّة،2021) بوصفه شاعراً من صقلية. وعلى ذكر غراتو قامت مجلةIl sarto di ulm الشِّعرية بالاِحتفاء بترجمته إلى العربية بملف كامل كنتُ فيه ضيفة الشرف، وهو ما لم تفعله المجلة مع أي من الشعراء الإيطاليين المترجمين لأي لغة.
اللّغة العربيّة لغة كُبرى ذات تاريخ ثقافي عريق والترجمة إليها لابدّ أن تُشكل مصدر اِعتزاز
في النهاية علينا ألا ننسى أنّ اللّغة العربيّة لغة كُبرى ذات تاريخ ثقافي عريق وأنّ الترجمة إليها، سواء من طرفي أو من طرف غيري، لابدّ أن تُشكل مصدر اِعتزاز كبير لأي كاتب أو شاعر بلا ريب.
من المهم جداً أن يُحيط المُثقف العربي بالحيثيات والخلفيات التي تتشكلُ من خلالها صورته في الغرب
تشرفين على إدارة مجلة «أرابيسك» التي تُعنى بالأدب العربي، وتصدر باللّغة الإيطالية عن دار النشر الإيطالية (puntoacapo ). ما الّذي يمكنك قوله عن هذه التجربة. وعن المجلة التي تُساهم في نقل الأدب العربي إلى الإيطالية والتعريف به؟
أمل بوشارب: بعد سنتين من إطلاق Arabesque أعتقد أنّ هذه التجربة يمكن أن تُشكل عينة دراسة مُثيرة للاِهتمام لأي شخص معني بدراسة التفاعلات بين الشرق والغرب وتجليات ذلك على التعبير الأدبي والثّقافي والدراسات المُتعلقة به. هذه المجلة التي تُشكل التجربة الأولى في إيطاليا من حيثُ أنّها تُدار وتموّل بالكامل من طرفي، بوصفي اِسم عربي مُستقل غير مُرتبط بأي تمويل من الداخل أو الخارج (ولا أسعى لذلك)، أردتُها ساحةً لاِكتشاف وتقديم الأصوات النقدية الإيطالية المُتحرّرة من القيود التي تفرضها الاِعتبارات المؤسساتية والبيئة السّياسيّة العامة التي من شأنها توجيه أقلام المستعربين لمقاربات اِستشراقية بالدرجة الأولى. وعليه حرصتُ على اِستكتاب الأقلام الأنشط، الأكثر شبابًا، والأكثر قدرةً باِعتقادي على التغريد خارج السرب... هل نجحت التجربة؟ بالتأكيد، فأنا الآن أملكُ نظرة دقيقة وواضحة جداً عن الديناميكيات التي تحركُ سوق الأدب العربي في إيطاليا. وباِعتقادي من المهم جداً أن يُحيط المُثقف العربي بالحيثيات والخلفيات التي تتشكلُ من خلالها صورته في الغرب. نحن اليوم شئنا أم أبينا نُشكل نظرتنا عن أنفسنا من خلال الآخر، وإن كنا غير محيطين بأدوات صناعة هذه الصورة فلن نتمكن من تفكيكها أو تصحيحها إن هي وصلت مشوهة.
كلما فكرنا في «قوانين» الكتابة، منطلقاتها وخلفياتها كلما صيّرناها إلى فعل ميكانيكي يفتقر إلى «البراءة»
ما الّذي يعنيه لكِ فضاء المكان في الرواية؟ كيف يتشكّل في رواياتك. كيف ينشأ ومن أي منطلق أو خلفية؟
أمل بوشارب: لطالما اِعتقدتُ أنّ الروائي الأقرب للتعبير الفني هو الأقدر على صياغة أفكاره بأكبر قدرٍ مُمكن من العفوية. كلما فكرنا في «قوانين» الكتابة، منطلقاتها وخلفياتها كلما صيّرناها إلى فعل ميكانيكي يفتقر إلى «البراءة». أحبُ قراءة النقد من النُقاد، أمّا أن يخوض الكاتب في التنظير لنفسه، فأعتقد أنّ هذا الفعل سيوجه المُتلقي إلى إطار واحد ووحيد لفهم نصوصه، عدا عن أنّه قد يُفسد عليه مُتعة الكتابة باِعتبارها حفراً في اللاوعي، لا في نظريات الكتابة والنقد...
اِعتدتُ على التعدّديّة اللغوية، واِنعكاسها على كتاباتي يظهرُ في مكانٍ ما لا نمكنني تحديده بنفسي
تُزاوجين بين الكتابة والترجمة باللّغتين، العربية والإيطالية. كيفَ تعيشين تجربة الإبداع في كلّ لغة، وبمعنى آخر كيف تعيشين هذه الاِزدواجية أو هذه الثنائية في لغة الكتابة؟
أمل بوشارب: الحقيقة هي أنّ حياتي تحفّها لغاتٌ أخرى أيضًا، فلا زلتُ أقرأ بالإنجليزية بالدرجة الأولى وأتوقفُ بشكل تلقائي لمشاهدة الوثائقيات على المحطات الفرنسية، أمّا حياتي العائلية فهي موزعة باِنسيابية بين الإيطالية والعربية. لقد اِعتدتُ على هذه التعدّديّة اللغوية منذ سنوات، وأعتقد أنّ اِنعكاسها على كتاباتي يظهرُ في مكانٍ ما لا يمكنني تحديده بنفسي، لكن الأكيد أنّه من غير المُمكن أن نعيش بأربع لغات وننتهي بالكتابة بلغة واحدة.