العقلية القبلية عرقلت تقدم المبدعة العربية و أسكتت أصوات الكثيرات
اعتبرت الشاعرة العمانية حصة بنت عبد الله البادية، المعروفة بكونها من بين أجمل الأصوات الأنثوية الملقية للشعرببلادها، بأن طبيعة لمجتمعات العربية المحافظة، المقيدة بأحكام و أعراف قبلية تنظر إلى المرأة بعين استصغار، تعد من بين أبرز أسباب نقص الإنتاج الأدبي النسوي في العالم العربي، كما تحدثت في حوار خصت به النصر، على هامش مشاركتها في فعاليات الأسبوع الثقافي العماني في إطار قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، عن واقع الشعر و الشاعر العربي في زمن العولمة.
الشاعرة حصة بنت عبد الله البادية، أوضحت بأن المرأة العربية و الشاعرة تحديدا هي ند للرجل و قادرة على الإبداع لأنها تملك الموهبة فضلا عن أن الإبداع بالنسبة لها لا يرتبط بجنس صاحبه، بل بمدى موهبته و تمكنه من مجاله، غير أن المشكل بالنسبة للمبدعة العربية، يكمن في الضغوطات النفسية و الاجتماعية التي تفرضها الثقافة السائدة في مجتمعاتنا، التي تقزم دور المرأة و تختزله في وظيفتها كمربية و حاضنة ليس أكثر.
ويعد انسحاب الكثير من الشاعرات العربيات من الساحة الأدبية و توجههن إما للحياة الاجتماعية أو الأكاديمية، خير دليل على سطوة العقلية القبلية و تأثيرها على مردود المرأة المبدعة، ما اضطر الكثيرات للسكوت بعدما كن ذوات لسان طافح بالإبداع و التجدد.
نفس الوضع يتجلى من خلال محدودية الفرص الممنوحة للمرأة الأكاديمية فيما يتعلق بتقلد المناصب الهامة، في مختلف المجالات، حيث يحضى الرجل بالحصة الأوفر، بالمقابل تواجه النساء في المجتمعات المحافظة كعمان و بنسبة أقل الجزائر، ضغطا نفسيا و اجتماعيا يحد من مشاركتهن في إدارة المؤسسات الحساسة و اتخاذ القرار، لأن ضغط المجتمع و نظرته للمرأة يدفعها دائما للتراجع حتى و أن كانت قد تجاوزت منتصف الطريق، وهو ما يقلص من كم الإنتاج النسوي العربي.
الدكتورة و الشاعرة العمانية حصة بنت عبد الله البادية، أكدت من موقعها كباحثة أكاديمية و شاعرة و مثقفة عربية، بأنه كلما اتسع المجال المدني للمرأة، كلما زادت صلاحياتها سواء أكاديميا أو وظيفيا، أما خلاف ذلك فلا مجال لتطوير أدائها و رفع إنتاجها الفكري.
و بخصوص واقع الشعر في العالم العربي عموما و عمان على وجه الخصوص، نفت الشاعرة أن تكون القصيدة مهددة بالزوال، في ظل زحف العولمة و تعدد الفنون و تطورها، لأن الشعر كان منذ الأزل الموسيقى الأولى للعرب، ما يعني بأنه سيظل دائما حاضرا في يوميات الإنسان العربي، مشيرة إلى أنه كمادة ثقافية قد يتراجع أحيانا و يعرف مدا و جزرا لكن لا يكمن أن يختفي تماما، وهو ما يبرز جليا حسبها، من خلال النظرة الحالمة في أعين متلقيه عند سماعهم للقصيدة و تأثرهم بها.
أما عن واقع الشاعر في حد ذاته، فأوضحت حصة بنت عبد الله البادية، بأن المبدع العربي يعيش حالة ضغط تأثر على عطائه، لأنه محاط بضغوطات مهنية يومية، يفرضها عليه نمط معيشته بتفاصيله الاجتماعية و الاقتصادية، لذلك يكون أقل تفرغا للإبداع و الإنتاج، مع ذلك تبقى هنالك العديد من الأصوات الشعرية التي تستحق التقدير و بحاجة للإيمان أكثر بها و بقدرتها على التجديد.
و من هنا تصنف الشاعرة العمانية الشعر العربي المعاصر إلى صنفين، الأول شعر ثائر يتناول قضايا المجتمعات في كل تفاصيلها، بداية بالحديث عن الديمقراطية و الهوية وصولا لأخبار السياسة و الربيع العربي، وهي مواضيع تسربت كما قالت بقوة إلى النصوص الشعرية مؤخرا و تحولت إلى مادة دسمة لشعراء كثر، بالمقابل فئة أخرى من الشعراء اختاروا القصيدة الحالمة، للهرب من هذا الواقع المرتبك و المقلق، فأوجدوا لأنفسهم واقعا آخرا صنعوه من وحي خيالهم، واختاروا للتعبير عنه لغة الوهم.
ن/ط