تقول أستاذة الأدب والناقدة نسيمة علوي، إن الضجة التي أثارها الكاتب أسامة المسلم، متوقعة جدا بالنظر إلى معطيات الحاضر، فتأثير الإشهار الرقمي كبير جدا في عالم الأدب باعتبار أن الكتاب أصبح سلعة تخضع لثلاث عوامل هي الإنتاج و التوزيع والاستهلاك.
وأوضحت علوي، أن أدب الشباب أو ما يكتبه الشباب في أدب"الفنتستيك" أو ما كان يعرف بالفنتازيا، أو الرواية العجائبية، التي تشمل حاليا رواية الجريمة و الجريمة الإلكترونية و رواية البودكاست، كلها أنماط باتت موجودة ولها قراؤها وكتابها، وقد وجب علينا أن ندرك أن ما يقرأ اليوم، يختلف تماما عن السرديات السابقة، وأننا نعايش الآن مرحلة موت السرديات الكبرى، أو الأعمال الأولى التي تدخل ضمن قالب البؤساء لفيكتور هوغو، وثلاثية محمد ديب، وأعمال عبد الرحمان منيف، و نجيب محفوظ وغيرهم.
الناقدة قالت، إننا نعيش مرحلة ما بعد السرديات الكبرى، لأن متلقي اليوم الذي يمثله المتلقي الشاب أو المتلقي المعاصر عموما، أصبح لا يجيد ولا يحبذ ولا يكفيه الوقت لقراءة الأعمال الكبرى من حيث الحجم الطباعي، فالروايات المعاصرة لا تتجاوز 70 صفحة وتنال الجوائز و الإبهار والإشهار الرقمي الكبير، ولذلك تجد لها مكانا على رفوف المتلقي المعاصر، وعلينا حسبها أن نتقبل مستوى التجريب الجديد في الكتابة السردية، لأن نجاح رواية " خوف" لأسامة المسلم، هو في النهاية ترجمة لكل ما ذكر، لأن الروائي الشاب المعاصر اشتغل على كل العناصر المذكورة، بحيث قدم إشهارا إلكترونيا مسبقا لعمله الذي تعامل معه في الأساس كسلعة تروج في السوق قبل أن يطرح النسخة الورقية.
وحسب أساتذة الأدب العربي بجامعة سكيكدة، فإنه وبغض النظر عن غياب الجماليات الفنية، فإن الرواية غطت على كل الأعمال الجيدة لأن صاحبها عرف كيف يسوق لها، مضيفة :" أخبرني طلبتي ممن يعرفون الكاتب والرواية، ويجيدون الإبحار عبر الإنترنت، أن الكاتب قبل طرح الطبعة الجديدة من الرواية التي صدرت قبل سنوات، كان يتشر مقاطع صوتية مسجلة من روايته بشكل يومي على تيك توك، ومواقع أخرى، وهذا النوع في نظري هو نوع جديد من التلقي يسمى بالتلقي الصوتي، الذي يضاف إلى التلقي البصري الموجود على المنصات التفاعلية من خلال ما يعرف بالريلز والشورتس".
تواصل الناقدة:" يمكن القول هنا بأن الروائي لم يعتمد فقط على ملكته الإبداعية أو الفنية فقط، بل وظف خاصية أخرى هي الإشهار الرقمي والترويج الافتراضي للرواية كسلعة تخضع لنسبة المشاهدات واللايكات و التفاعل عمومان بمعنى أنه شكل أولا قاعدة قراء افتراضيين قابلهم لاحقا بعدما نجح في الإشهار لنصه و تأكد من فعالية استراتيجية التسويق، وأنه سيدخل السوق بقوة طرح عمله و انتقل إلى المعارض". وحسب علوي، فإن رواية "خوف"، تندرج ضمن ما يعرف بأدب الفنتازيا الجديدة، التي تخوض في عوالم الجن و أسرار الماسونية، والخوارقية وغيرها، التي تهتم في مجملها القراء الشباب وتثيرهم، ما يحيلنا إلى القول كما أوضحت، بأن مفهوم الفنتازيا قد تغير ولم يعد مرتبط فقط بالملاحم القديمة التي تحدث عنها أرسطو حين قسم الأجناس الأدبية، بمعنى أن مفهوم الفنتستيك، يتغير من زمن إلى آخر حسب نوعية المجتمع ونوعة المتلقي كذلك.
وأشارت أساتذة الأدب، إلى وجوب التنبه إلى تأثير طغيان بلاغة الصورة على تشكيل المفاهيم في عصرنا، وكيف تؤثر الصورة على منصات التواصل و في السينمائي على الأدب عموما، حيث إن عالم الفنتستيك مثلا صار يعتمد على المؤثرات البصرية عموما وليس على اللغة، بدليل تجربة بعض النصوص الناجحة مثل " هاري بوتر" و " المهمة المستحيلة".وقالت، إن التلقي البصري صار يؤثر أكثر من اللغة وإننا نتجه نحو موت اللغات التي ينتجها اللسان الطبيعي، أمام لغة افتراضية شبابية وأخرى سينمائية، وهي لغة تتوافق مع متطلبات العصر الجديد. نور الهدى طابي