صدرت مؤخرا عن المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية بالجزائر، رواية جديدة للكاتب الروائي أحمد طيباوي بعنوان "المقام العالي"، وفيها عكف الكاتب عبر أكثر من 400 صفحة، على تدوين حياة أسرة جزائرية عاشت زمن المأساة التي عصفت بالبلد في العقد الأخير من القرن العشرين. وحاول اختزال المجتمع الجزائري آنذاك كله في صورة أسرة عاصميّة مكوّنة من امرأة وشقيقيها.
الرواية جاءت غنية بشخوص متفردين، بين سلبيين ومنقادين، وانتهازيين بلا ضمير، وفاضلات وساقطات، وهامشيين تمر عليهم الحياة كأنّهم ليسوا شيئا مذكورا.
ومن الوهلة الأولى تبدو هذه الرواية كأنّها كُتبت للألم وللخذلان، ولتأبين الفرح المقبور، وكرثاء لحبّ مغتال، وكلّ واحد من أبطالها فاقد لوجهة ترضيه ومنذور للضياع والاغتراب.
إنّها حكاية ملونة بسوداوية تلك المرحلة العصيبة، وتبين أنّ الحياة لا تحتفظ أبدا ببراءة البدايات. إذ تُخرج الأزمات أسوأ ما في البشر ضد بعضهم البعض ولو كانوا ذوي قربى، وكيف تعيد الظروف تشكيل الإنسان في صورة لم يتوقعها هو أو غيره، لكن رواية "المقام العالي" من جهة أخرى مشبعة أيضا بروح تريد أن تعاكس النسيان، وتحكي ما سقط من تفاصيل أولئك الذين كانوا مسحوقين في القاع دون أن يستمع إليهم أحد.
هي رواية جديرة بأن توقظ الذاكرة وتحصنها من جديد، إن هي نسيت كوابيس الجزائر النازفة، وأن تزود من لم يعش تلك الحقبة بصور ومشاهدات أقرب ما تكون للحقيقة، دون أن يجزم بامتلاك البشر للحق أو ادعاء القدرة على ذلك.يذكر أنّه قد صدر للكاتب أحمد طيباوي، و-هو أستاذ لإدارة الأعمال بجامعة سطيف- رواية أولى بعنوان "موت ناعم" عام 2014، ورواية ثانية بعنوان "مذكرات من وطن آخر" عام 2015 عن منشورات الاختلاف بالجزائر وضفاف بلبنان. كما سبق للكاتب أن حاز على جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي عام 2014، وجائزة علي معاشي للمبدعين الشباب لعام 2011. نوّارة/ل