هل سقط الملك ؟
أثار الفيديو كليب الجديد "وحدة بوحدة" الذي أطلقه الشاب خالد موجة من الانتقادات بين معجبيه، حيث اعتبروه سقطة للكينغ بعد مسار طويل ارتحل خلاله بموسيقى الراي إلى العالمية، بعد أن ظلت فنا منبوذا ويُؤدى في فضاءات ضيقة جدا لدى فئة من الشباب الجزائريين في بداياتها.
وتعامل خالد، البالغ من العمر 56 سنة، في الفيديو كليب مع المخرج يعقوب المهنا والموسيقار طلال، وهي من إنتاج شركة فنون الخليج، حيث قام بتصويره بين تركيا وبلدان أخرى، وأعلن عنه منتصف الشهر الجاري في ندوة صحفية بمصر. وأعاد فيه الشاب خالد أغنية للفنان السعودي محمد عبده صدرت منذ ثلاث سنوات. وفي مشاهد الفيديو يظهر الشاب خالد داخل بناية ويحيط بها قناصون وعناصر وحدة للتدخل مزودون بمختلف الأسلحة، حيث يختبئ خلف أحد الجدران ويُخرج من جيبه مخطوطا لمقطع موسيقي مدون بمفاتيح السولفاج، ثم تقتحم الكلاب المكان ويلقي عليها خالد قنبلة يدوية، قبل أن يختفي وينتقل إلى باريس، ويحُط تحديدا فوق برج إيفل، أين يجد حسناء في ثوب سهرة تعتزم إلقاء نفسها، لكنها تتوقف عندما يطلب منها العدول عن ذلك ويخبرها بأن الحياة جميلة، ثم يسافر بها مستخدما آلته الشبيهة بالهاتف الخلوي إلى ناد ليلي به أشخاص يرقصون.
وأضاف خالد جملا باللغة الفرنسية إلى كلمات الأغنية التي تقول "وحدة بوحدة ونتايا ظالم بيديك، حنا كده حلوين والبادي أظلم"، حيث يظهر فيها الطابع الخليجي بقوة، وبالفرنسية يقول فيها "كل مرة نلتقي فيها هنا أو هناك، أتظاهر بالرحيل لكني لا أبتعد، أتمنى أن تزول شكوكك معي، ما يستطيع القلب قوله لا تراه العيون ..."، ويبدو منذ بداية الغناء في ناد ليلي محاطا براقصين من الجنسين ثم يظهر في مطعم من القرن التاسع عشر، ليعود إلى التواجد بين راقصي الفلامنكو وينتهي جالسا بين مجموعة من القراصنة وهو يرتدي ثياب القراصنة البحارة، ثم يُخرج المخطوط ويختفي عندما ينقض عليه الجالسون معه بأسلحتهم القديمة لسرقته منه.
ولم يخف الشاب خالد في التصريحات الإعلامية التي أدلى بها، بأنه أعاد أغنية الفنان محمد عبده، لكنه اعتبر النسخة التي يقدمها خليطا بين الطابعين الجزائري والخليجي، موضحا بأنها تنطوي على جانب كبير من "الرمزية" وتحمل رسالة مفادها استحالة الحياة في خضم الحرب المستعرة، وهذا ما تعبر عنه، حسبه، رحلته من البناية التي تحيط بها فرقة التدخل إلى باريس ثم النادي الليلي. وصرح الفنان أيضا بأنه يحضر خمس أغاني أخرى ستكون في نفس الألبوم الذي سيطرح السنة القادمة، لكنها ستستلهم من التراث المغاربي. وأكد المخرج يعقوب المهنا، بأن الموسيقار الشاب خالد نقل هذه الأغنية السعودية من محيطها الخليجي إلى العالمية وأضافت لها شهرته شيئا كبيرا، في حين أبدى فنانون وممثلون إعجابهم بالفيديو كليب، وقالوا إنه مزيج بين موسيقى الراي والأسلوب الفني الخليجي.
لكن عددا من المتابعين ومعجبي الشاب خالد، يخالفون هؤلاء الفنانين الرأي بشأن أغنية "وحدة بوحدة"، حيث أثارت موجة من التعليقات السلبية باللغة الجزائرية الدارجة على موقع اليوتيوب وفي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وقال بعضهم "إنها سقطة الكينغ، الذي لم يحترم المستوى الراقي لمساره الفني في خدمة موسيقى الراي"، فيما احتج آخرون على الأسلوب الموسيقى للأغنية وعدم التناسق بين الكلمات وغياب معنى واضح لها وطغيان الجانب الاستعراضي على مشاهد "الفيديو كليب"، حيث يبدو أن مبادرة الشاب خالد بالتبرع بعائدات الأغنية للأعمال الخيرية لم تشفع له عند محبيه، فيما تعرض الفنان السعودي محمد عبده أيضا إلى انتقادات كثيرة من معجبيه السعوديين عند إصداره لهذه الأغنية قبل ثلاث سنوات، حسب ما لاحظنا في التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأخذ المعلقون على الشاب خالد في كليبه الجديد، غياب الروح الجزائرية في الموسيقى، وهذا الأمر لا يعكس المادة الموسيقية التي اعتاد على تقديمها طيلة مساره الفني، حيث يعتبر خالد بوتقة انصهرت بداخلها جميع الألوان الموسيقية والفنية الموجودة في الجزائر ومناطق أخرى من المغرب العربي على العموم، والموسيقى الأندلسية والطابع الوهراني العصري، فقد رفع الراي الذي كان منبوذا ومرفوضا لأسباب ثقافية، إلى العالمية بعد أن ساهم في توسيع شريحة المستمعين له في الجزائر خلال الثمانينيات والسنوات السابقة لمغادرته تراب الوطن إلى فرنسا، ليضُم إلى جحافل محبيه فئات أخرى أكثر تنوعا ويضيف أغانيه إلى السجل الجزائري، متيحا الفرصة لظهور جيل كامل خلفه، رغم ما تعرفه أغنية الراي اليوم من تقهقر، بعد أن اختلطت طبيعتها ولم تعد واضحة وعادت مجددا إلى الانحصار في مساحات مغلقة.
وأعاد الكينغ العديد من الأغاني القديمة من الموروث التراثي للغرب الجزائري، على غرار "المرسم"، بالإضافة إلى أخرى أداها فنانون سابقون له مثل أغنية "وهران وهران" لأحمد وهبي، وأضاف العديد من الأغاني الجديدة على غرار "طريق الليسي" و"الشابة يا الشابة" التي تكتنز روحا جزائرية محضة، على عكس أخرى أُقحمت فيها روح الموسيقى الأوروبية والأمريكية مثل أغنية "لاكاميل" و"ديدي"، التي حققت شهرة عالمية في الغرب والوطن العربي. سامي .ح