رحلة أستاذ يهودي أمريكي على بساط المسرح إلى عمق إيران
نشرت مجلة «نيويورك ريفيو أوف بوكس» منتصف شهر أفريل الحالي مقالة للكاتب ستيفن غرينبلات مؤسس اتجاه التاريخانية الجديدة في العلوم الإنسانية عن محاضرة ألقاها حول شيكسبير في العاصمة الإيرانية طهران أمام طلبة الجامعة، و سوف تنشر في كتاب بعنوان «شيكسبير في زمننا» الذي تعد لطبعه جمعية شيكسبير في أمريكا العام القادم، وقد أثارت مقالته جدلا، دفع بالأستاذ المساعد في جامعة طهران إسماعيل سلامي إلى الرد على بعض ما جاء فيها و بالخصوص الصورة التي قدمها عن المجتمع الإيراني، و قد أوضح غرينبلات في تعقيبه على موقع المجلة أنه نقل مشاهداته و سعد كثيرا برغبة الإيرانيين في «التعارف» هكذا كتبها و الإطلاع على ما يجري في العالم.
النصر تترجمه لقرائها ما كتبه البروفيسور غرينبلات، في سبيل التعرف أيضا على إيران، بعيدا عن السياسة و الحروب.
في أفريل 2014 تلقيت دعوة من جامعة طهران، لألقي كلمة توجيهية في أول مؤتمر إيراني حول شكسبير. و للوهلة الأولى قررت الذهاب، كنت أحلم بزيارة إيران. منذ وقت طويل، حينما كنت طالبا في كيمبردج تصفحت كتبا مصورة عن الفن الأخميني، فن عهود قورش و داريوش و خشایارشا الأول أو أحشويروش. و كم أدهشتني روعة و دقة و غرابة ما رأيت، أخذت القطار إلى لندن و في المتحف البريطاني بقيت واقفا مشدوها إلى أواني الشراب المزينة في شكل قرون، و الأساور التي تحمل رؤوس حيوانات خرافية، و عربة صغيرة تجرها أربعة خيول ذهبية و الكثير من آثار العالم الفارسي المندثر.
الثقافة التي أنتجت تلك المقتنيات الأثرية أثارتني و استعصى علي فهمها، و نصحني صديق من كيمبردج بقراءة كتاب رحلات عن بلاد فارس ( لقد نسيت تماما عنوان الكتاب الرائع و اسم مؤلفه، حتى أنني نسيت أني قرأته، إلى حين أوصى به إلي كاتب الرحلات الكبير كولين ثوبرون، كان كتاب روبرت بايرون الطريق إلى أوكسيانا المنشور سنة 1937). كانت عين بايرون الحادة التي تتحدث عن الكثير من المواقع الغنية بالتراث الإسلامي و كذا القديم في إيران قد ملأتني برغبة في رؤية الأرض التي نمت فيها تلك الحضارات المعقدة بعيني.
في منتصف الستينات كاد حلمي أن يتحقق حينما دعاني عدد من تلامذتي للمساهمة في أنشطة صيفية اعتاد الكثيرون القيام بها في عطلتهم، تتمثل في جمع النقود لشراء حافلة قديمة و التجول بها عبر فارس و أفغانستان و المرور عبر بلاد القبائل إلى ممر خيبر، ثم إلى باكستان و الهند. لكن لسبب أو لآخر قررت التخلي عن الفكرة، وبعد كل شيء قلت لنفسي ستكون هناك فرصة أخرى.
حين وصلتني الدعوة من طهران كان من الصعب عدم تحقيق حلم قديم، و علمت من معارفي الإيرانيين أنه بخلاف الأفلام الجيدة التي غالبا ما يتم عرضها في الخارج كانت هناك رقابة شديدة مفروضة على وسائل الإعلام. جواسيس بعضهم كلف نفسه بالمهمة و البعض منهم محترفون بعملون على أن كل شيء يقال يجب أن لا يخرج عن الخط الرسمي.
مساندة الحقوق المدنية الأساسية و الحديث عن حقوق النساء و حقوق المثليين جنسيا و حرية التعبير و التشكيك في مدى سيطرة الدين على الحياة العامة كلها أمور تثير حفيظة السلطات. كان المنفيون الإيرانيون يسردون بأدق التفاصيل قصصا مرعبة عن المعاملات التي يلاقونها و الضغوطات و التحرشات و السجن و أحيانا التعذيب على أيدي الجمهورية الإسلامية.
إذا شاركت في مؤتمر حول شكسبير في إيران فذلك لا يعني بالضرورة أن قاعدة مشتركة تجمعنا، و كانت بحث بسيط مني عبر الأنترنت عن أحد الذين وجهوا لي الدعوة يشير إلى أنه بالإضافة إلى مقالات له بعناوين مثل « الطبيعة المتناقضة للأشباح في هملت» و « الجواب المنمق: القارىء في مكبث» و « مغامرة الشيطنة المرعبة» للصهيونية العالمية، فقد كتب تحت عنوان «أخطبوط الإمبريالية الصهيونية» أنه ببطء تنتشر عبر العالم ضحكة رضى صغيرة على الوجه البشع للصهيونية» و أن أروقة متاهات الصهيونية متعددة إلى درجة أن آثار أقدام عملائها تظهر في كل مكان».
هل كان من دعاني إلى شكسبير و هو يعرف التعقيدات الكبيرة لتراجيديا أعماله، يصدق حقيقة الخرافات التي حملها كتاب «بروتوكولات حكماء صهيون»، و هل كان يرى فعلا أن واشنطن واقعة تحت التأثير الشيطاني للصهيوينة، و أن كل شيء تقوم به أمريكا، يكون قد قرره اللوبي الصهيوني داخل النظام الأمريكي الحاكم، و مثلما تقول كلمات فارسية فهم (الأمريكيون) لا يستطيعون تناول شربة ماء دون سماح الصهيونيين لهم بذلك؟
لو سألت مضيفي عن ذلك مباشرة و لن أفعل فلا شك أنه سيجيبني مثلما تفعل حكومة إيران انه يضع فرقا كبيرا بين الصهاينة و اليهود، فهو لا يعلم أنني منذ سن الحادية عشر في مخيم تيفيا في غابات نيوهامبشاير كنت بحماس أغني «هاتيكفاح» لكنه يدرك من كتاباتي أنني يهودي، و سيعلم من إهداء كتبي أنني زرت إسرائيل مرارا، و حاضرت في جامعاتها و عملت مع دارسيها، ماذا يعني أنه يوجه لي الدعوة، من بين شعب بأكلمه؟
مباشرة بعد الثورة تم اعتقال حبيب الغانيان زعيم الطائفة اليهودية و إتهم «بالاتصال مع اسرائيل و الصهيوينة» و «الصداقة مع أعداء الله» و «محاربة الله و رسله» و تم الحكم بإعدامه و نفذ الحكم رميا بالرصاص، و بعده هاجر أغلب اليهود الإيرانيين، و من بقي منهم يعلم أن الاتصال بإسرائيل و العلاقة مع الصهيونية تشكل جرما كبيرا و يمنع الذين زاروا إسرائيل من دخول إيران بمجرد رؤية أختام جوزات سفرهم، و في حلتي يبدو أن شكسبير محى كل التحفظات و بنى جسرا على الفجوة العميقة بيننا.
ربما لم يكن هناك جسر على الإطلاق، فالدعوة حملت توقيع أكثر من شخص و ربما كان هناك بعض المتشددين في لجنة التنظيم فقط و إلا ما كنت لأحصل على التأشيرة، التي طلبتها في أفريل و مرت شهور دون أي رد فعل من الإيرانيين و في اليوم السابق لموعد سفري بالطائرة نحو إيران حصلت عليها.
وجدت نفسي على طائرة لوفتهانزا أستمع لإعلان قبيل الهبوط في مطار الإمام الخميني من مضيف الطائرة يذكر المسافرات من النساء أن لبس الحجاب ليس عادة في إيران بل هو أمر يفرضه القانون، قال المضيف « النساء على الطائرة يجب عليهن و أنه من صالحهن أن يضعن غطاء رأس قبل النزول من الطائرة، ووجدت في انتظاري على الواحدة ليلا الشخص نفسه الذي كتب عن الصهيونية التي تحكم العالم، كان متبسما، متمدنا سارع إلى الحديث عن الأفلام التي نتقاسم الاهتمام بها، تحدثنا بمرح عن «الشريط الأبيض» لمايكل هانكي و «شجرة القباقيب الخشبية» لإيرمانو أولمي و فيلم وسترن كلاسيكي.
ركبنا السيارة إلى داخل المدينة و اجتزنا اللوحات الكبيرة التي تحمل صور آية الله الخميني، المنتشرة بكثرة و صور المرشد الأعلى الحالي علي خامنئي، و بعد الثانية وصلنا الفندق الذي كان يحمل علامة شيراطون سابقا تمت تسميته هوما، و كل ما علمته أن الملتقى حول شكسبير يبدأ في الصباح. استلقيت في السرير أنظر إلى سهم من الألمنيوم يشير إلى اتجاه مكة، كنت قلقا حول الكلمة التي سألقيها، لم أكن أرغب في افتعال مشكلة، كنت أقل اهتماما بنفسي بقدر اهتمامي بلجنة التنظيم و الطلبة، على اعتبار أنهم من سيتحمل العواقب.
دخلت الفناء الملىء بوجوه متلهفة، وقف الجميع مصفقا عندما كان كثيرون يحملون هواتف نقالة و أخذوا بها صورا، كل النساء كن طبعا يرتدين الحجاب، بعضهن يلبسن التشادور، الشبان كانوا يرتدون لباسا عاديا، موظفو الجامعة يلبسون سترات دون ربطات عنق، و لاحظت من بين الحضور عددا من الرجال يجلسون في مكان معزول ليسوا طلبة و لا أساتذة، لم يكن صعبا معرفة من يكونون، جرت صلاة طويلة، بعدها شريط فيديو يظهر أزهارا و مشاهد درامية، ثم النشيد الوطني، ثم تقديم المحاضرين و شعرت بعصبية غريبة حينما نهضت لألقي كلمتي.
ماذا يعني أن يكون شكسبير البساط السحري الذي حملني إلى إيران؟ لأكثر من أربعة قرون ظل رابطا ضروريا عابرا للحدود التي تقسم الثقافات، الإيديولوجيات، الأديان، الأمم و كل ما يعرف الناس و يحددون به هوياتهم، الفروقات بالطبع باقية و شكسبير لا يمكنه محوها، لكنه يمنح الفرصة لما يسميه «التعويض». كان يستعمل الكلمة في معنى خاص، ليس هو معناها الحالي الذي يجمع بين الناس بينما كانوا لزمن طويل متعارضين و مختلفين. كان مشروعا كبيرا أن نبحث كيف يمكن لشكسبير أن يجمع تحت سقف واحد أناسا مختلفين بشدة و متناقضين.
كان ذلك هو السؤال الذي افتتحت به كلمتي. الجواب البسيط عليه مثلما أوضحت يوجد مغلفا في كلمة «العبقرية» و هي الصفة التي يتقاسمها مع الشاعرين الكبيرين حافظ الشيرازي أو جلال الدين الرومي، و الذين لهما مرتبة القداسة في إيران. لكن العبقرية ليست لائقة ما بعد الإعجاب الكبير. و اقترحت على مستمعي لأن نسير أقرب قليلا من ملاحظة بن جونسون على أن شكسبير كان «نزيها، ذو طبيعة متفتحة و حرة، له خيال رائع و مفاهيم شجاعة و تعابير مهذبة». أشرت إلى أهمية النظر إلى مديح جونسون في زمن بدت معه تلك الأوصاف و كأنها تحمل معاني سياسية.
في أواخر القرن السادس عشر و بدايات السابع عشر كانت إنكلترا مغلقة و مجتمعا غير متحرر، خطيرة جدا لكي تكون فيها نزيها في التعبير عن مكنونات تفكيرك، كان جواسيس الحكومة يترصدون الأماكن العامة مثل الحانات و الفنادق، و كانوا يسجلون ما يقول الناس و كل ما هو مخالف لخط حكم أسرتي تيدور و ستيوارت و ما يخالف تعاليم الكنيسة المسيحية كانت له عواقب وخيمة. لأن ملكة إنكلترا كانت أيضا رئيسة للكنيسة و قد تم تسجيل أقوال الكاتب المسرحي كريستوفر مارلوي و اعتبرت آراؤه ضد المسيحية فضيحة، و تم قتل الكاتب من طرف عناصر من جهاز أمن الملكة إليزابيث، و جرى إخفاء الجريمة في ثوب عراك داخل حانة و جرى تعذيب مرافق مارلوي إلى حد الموت.
لم يكن أحد يجرؤ في ذلك الوقت على التعبير عن آرائه بحرية، لكن شيكسبير استطاع التعبير عن تلك المواقف في الأماكن العامة و أمام الجمهور، مقدما إياها على أنها آراء شخوص مسرحياته و ليست آراء الكاتب. و حتى «الملك لير» كانت أحداثها تدور في الزمن الماضي، فلم يقدم شيكسبير مباشرة عملا على أنه تمثيل للسلطات الراهنة في عصره، و لم يعبر عن آرائه في قضايا زمنه المتعلقة بالدولة أو بالكنيسة. لكن العديدين كانوا يقومون بإسقاط أحداث مسرحياته على ما يعيشونه.
فكيف تمكن شيكسبير من ذلك؟ الجواب يكمن في تشكيلة المجتمع الإليزابيثي اليعقوبي، فبالرغم من قمعه الشديد فهو لم يكن مجتمعا متجانسا في رقابته على الناس، و لا فعالا في تسليط عذابه، فقد كان مجتمع شيكسبير متنوعا و تعدديا، كما أنه ككاتب عبقري استطاع أن يضع أعماله خارج الزمن، و أعطاها بعدا واسعا.
دامت محاضرتي أمام طلبة طهران أكثر من ساعة، و حين أنهيتها توقعت أن يسارع المستمعون خارج القاعة، لكنني فوجئت أن الكل بقي جالسا و بدأت مرحلة النقاش و طرح الأسئلة الكثيرة لمدة فاقت ساعة أخرى. كانت من الطلبة في الغالب لم يسافروا خارج غيران مطلقا و لكن بإنكليزية قليلة الأخطاء، سألت الطالبات أكثر أسئلة محددة تنم عن إطلاع دقيق. تمحورت حول تحويل شكسبير لأحداث زمنه إلى مسرحيات، و عن الحركية الثقافية و التغيرات و التسامح حيال الإختلاف. سأل طالب عن حقيقة سعي بولينغ بروك من خلال ثورته في مسرحية ريتشارد الثالث إلى «إقامة مجتمع عادل أم لمجرد الحصول على الثروة و السلطة»؟ فأجبت «لا أعلم»، و سألت الطالب بدوري ما رأيك؟ فأجاب «أعتقد أن الأمر مجرد مجموعة رجال عصابات حلت مكان أخرى».
رغبت في زيارة إيران التي حلمت بها لأكثر من 50 عاما، كانت تأشيرتي تمنحني بضعة أيام، و كانت مضيفتي قد سعت من أجل أن أجد سيارة و سائق معه دليل –الأمريكيون مثلما قيل لي لا يسمح لهم بالسفر دون مرافقة، و كان ذلك جيدا لأنني لم أتعلم سوى كلمتين أو ثلاثة من الفارسية. و كان السائق حسين لا يعرف شيئا من الإنكليزية و لا يمكنني التعبير عن دهشتي كيف استطاع السير في زحمة المرور الجنونية التي تعرفها طهران. أما الدليل حسان فقد ولد عام الثورة و لا يحب التفكير فيما كانت عليه إيران قبلها، حين كانت النسوة غير محجبات و كل شخص تقريبا يشرب الكحول، و تملكته صدمة حين قلت له انني وزوجتي نشرب كأس نبيذ كل ليلة مع العشاء.كان مواضبا على الصلاة عدة مرات في اليوم غالبا في مصلى الفندق و هو المرفق الذي تتوفر عليه كل المباني العامة. و في المساجد يندس وسط الجموع لتقبيل الشبابيك الحديدة التي تحيط بأضرحة الأولياء، ثم يمسح البركات حول وجهه.
تنقل حسين بسيارته وسط 12 مليون ساكن في العاصمة الإيرانية كان يبدو انهم خرجوا دفعة واحدة من منازلهم من القصور الفاخرة في الشمال تجاورها مكاتب و مرافق و مصانع و شقق سكنية و محلات تجارية و معسكرات كبيرة للجيش حذرني حسان من تصويرها و لم أكن أرغب في ذلك. و لا حتى في أخذ صورة لسجن إيفن العملاق السيء الصيت. فهناك كاميرات أمن تسجل كل واحد في السيارت العابرة يريد أخذ الصور، شاهدت ألواحا إشهارية لحواسيب و مواد تنظيف و ياغورت تتناوب في عروضها مع صور الخميني و الشعارات السياسية الساخرة من العم سام و إسرائيل، و الكثير جدا من صور الشهداء الذين ماتوا في حرب إيران مع العراق. اجتزنا المعبر الأخير و دخلنا في طريق سريع خال من الحركة نحو كاشان 150 ميلا إلى الجنوب حيث يصنع السجاد الفارسي الفاخر، لم أكن أريد زيارة بازار سجاد، بل أقصد «باغي فين» المكان الذي يعود للقرن السادس عشر الذي كان يسميه الفرس القدامى «الجنة» و كانت تلك الجنة صغيرة نسبيا مغبرة، حديقة مربعة تحيدها الجدران بها أشجار أرز كبيرة في السن تصنع جنبات الطريق. كانت جنة لأن فيها منبع ماء وسط صحراء قاحلة، و كانت في كاشان تدفعك لمتعة العقلانية و التحكم،مياهها تنساب في جداول و قنوات و تمد الحمام الملحق بها الذي قتل فيه بطل قومي في القرن التاسع عشر. ثم زرت شيراز المدينة الأسطورية، و بعدها إصفهان و لم أجد الكثير من السياح في كلتاهما، كان حراس الآداب المتشددين قد أغلقوا صالات شرب الشاي على ضفاف نهر زاينده مخافة أن يستغلها الشبان للتناجي فيما بينهم، لكن الجسر بقي محافظا على حيويته، عند اقتراب نهاية اليوم اقترح حسان أن يريني كنيسة فأعتذرت، و قلت له بما أنني يهودي فأنا أرغب في زيارة كنيس كان موضعه محددا على خريطتي، بدا و كأنه تراجع قليلا، قبل أن يقول أن ذلك في مشهد المدينة التي ولد بها، و كان يعرف فيها عائلة يهودية لكنها رحلت الآن.بدأنا البحث عن الكنيس وسط صفوف لا متناهية من البازارات و لم نجدها فبدأ حسان يسأل التجار و المارة الذين كانوا ينظرون إلينا باستفهام، دون القدرة على إفادتنا. و طرق مرافقي على الأبواب و سأل من خلال النوافذ، فردت امرأة أن اليهود كانوا هنا في السابق، و لكنهم ذهبوا جميعا الآن و أنها لا تعرف مصير الكنيس.
من بين ما رأيت من قصور و مدارس و حمامات حولي لم أر أجمل و أحسن من مسجد الشيخ لطف الله. و داخله وجدت للمرة الوحيدة سائحا مثلي في المكان كان شابا هولنديا طويلا نحيفا، ترك عمله في البنك بأمستردام و جاء إلى إيران على متن دراجة، كان يأمل أن يواصل رحلته إلى باكستان، كان مشروعه مثل الذي حلمت به في الستينات، و سعدت لأنه حققه، كان حلما جميلا بعالم مفتوح و نقي مثل الذي كان يجسده شيكسبير.