جوهرة الشرق بونة تستقبل اليوم الضيوف بملعب عالـمي
تضرب مساء اليوم، ولاية عنابة موعدا مع التاريخ بانطلاق مباريات الجولة الأولى من بطولة إفريقيا للاعبين المحليين في فوجها الثاني، على مستوى ملعب 19 ماي 1956، الأمر الذي مكن «جوهرة الشرق» من ارتداء الحلة الإفريقية، وبذكريات «كان 1990»، ولو بمعطيات مختلفة تماما، لكن التحضير لاستضافة منافسة «الشان» استوجب رفع التحدي، لأن عنابة كانت في بادئ الأمر خارج حسابات «الكاف»، بسبب ضيق الوقت وكثرة التحفظات التي كان الاتحاد الإفريقي قد سجلها عبر لجان المعاينة والتفتيش، إلا أن «المعجزة» حصلت، بفضل سواعد جزائرية رفعت التحدي، بعد قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، القاضي بضرورة استكمال كافة التدابير الكفيلة بإلحاق عنابة بالمدن التي ستستضيف العرس القاري، فتحولت المخاوف إلى «حلم» في ظرف 8 أشهر، لأن المركب الرياضي الذي كان في فيفري 2022، في وضعية كارثية أصبح في نهاية نفس السنة عبارة عن «تحفة» بمعايير عالمية، وبتجربة هي الأولى في الجزائر، تتعلق بالعشب الهجين.
روبورتاج: صالح فرطاس
انطلاق فعاليات النسخة السابعة من «الشان» في مجموعتها الثانية اليوم، على مستوى مدينة عنابة يأتي بعد مخاض عسير، لأن الشكوك بضمان جاهزية الملعب وكذا المرافق الرياضية الموجهة لاحتضان هذه التظاهرة كانت محل شك، والتخوف من عدم القدرة على اتمام الأشغال في الآجال التي كانت «الكاف» قد طالبت بها كان كبيرا، إلا أن «المستحيل ليس جزائريا»، بدليل أن مركب 19 ماي تحول إلى ورشات متعددة، بعد مضاعفة قيمة الغلاف المالي المخصص للأشغال، ورفعها إلى عتبة 800 مليار سنتيم، مع فتح المجال أمام العديد من شركات المناولة للتكفل بأشغال الانجاز، بالتنسيق مع شركة «باتيميطال»، التي أسندت لها حصة الأسد من مشروع تجديد الملعب بمختلف ملاحقه.
ولعل ما ساهم في ضمان جاهزية ملعب عنابة لاحتضان بطولة إفريقيا للاعبين المحليين، الريتم الجنوني الذي عرفته أشغال الانجاز في النصف الثاني من سنة 2022، إلى درجة أن المركب الرياضي تحوّل إلى ورشات مفتوحة دون انقطاع الأشغال على مدار ساعات اليوم، لأن أشغال التجديد مست كل الجوانب، انطلاقا من حجرات الملابس بجميع ملاحقها ومرافقها مرورا بالمدرجات وما يتبعها، وصولا إلى أرضية الميدان، رغم أن دابر الشكوك ظل قائما إلى غاية نوفمبر المنصرم، قبل أن يتم تبديد كل المخاوف، ويتم تسليم المركب منتصف شهر ديسمبر الماضي، حيث تمت إقامة المقابلة التجريبية بين المنتخب الوطني للمحليين ونظيره السنغالي، والتي وقف على إثرها الاتحاد الإفريقي على جاهزية عنابة لاحتضان فعاليات «الشان»، فكان الموعد التجريبي محطة ميدانية، لتغيّر موقف أعضاء لجان «الكاف» بشأن هذا الملعب، لأن كثرة الانتقادات التي كانت في سابق الزيارات تحوّلت إلى «انبهار» بالمرفق الرياضي، وإشادة كبيرة بالأشغال التي تم انجازها في ظرف قياسي.
واللافت للانتباه أن ملعب 19 ماي 1956، أصبح بعد عملية التجديد بمواصفات «عالمية»، لأن الأشغال المنجزة في ظرف 8 أشهر مست بالأساس الجانب الهندسي، كما هو الحال بالنسبة للمدخل الرئيسي، الذي تم انجازه بهندسة مستنسخة من الملاعب الانجليزية، وبتصميم فخم جدا، الأمر الذي ألقى بظلاله على المظهر الجمالي للمرفق، سواء على مستوى البوابات الرئيسية للملعب، أو عند مدخل حجرات تغيير الملابس، أين تم تنصيب نفق علوي يربط بين قاعة التشريفات ومركز المتابعة التقنية، مما زاد في جمالية المشهد على مستوى المدخل، لأن هذا التصميم هو الأول من نوعه في الجزائر.
وفي سياق متصل، فإن التغيير في المظهر الجمالي مس المحيط الخارجي لمركب 19 ماي 1956، لأن حظيرة الملعب شهدت عملية إعادة تهيئة شاملة، وذلك بتزفيت الأرضية، وهيكلتها بجانب تنظيمي، مع خلال رسم مساحات تضبط مخطط ركون المركبات بانتظام، مع تحديد قدرة استيعاب الحضيرة عند 5 آلاف مركبة، في الوقت الذي امتدت فيه التقنية «الالكترونية» إلى المدخل الرئيسي للملعب، وذلك بمواكبة ما هو منصوص عليه في دفتر الشروط الذي أملته «الكاف»، والذي يلزم المنظمين باعتماد التذاكر الإلكترونية للدخول، لأن هذا الاجراء استوجب تنصيب البوابات الإلكترونية، مجهزة بأنظمة مراقبة عالية الدقة، تحسبا لأي حالات تزوير في التذاكر الإلكترونية، بعدما كانت لجان الاتحاد الإفريقية قد أصرت على ضرورة تعزيز الجانب الرقابي لعملية بيع التذاكر وكذا دخول الأنصار إلى الملعب، وهذا بعد المقابلة التجريبية التي كانت قد أقيمت على مستوى ملعب عنابة يوم 17 ديسمبر 2022.
من جهة أخرى، فإن عملية التجديد والترميم التي شهدها مركب 19 ماي 1956 والتي مست البوابة الرئيسية أخذت بعين الاعتبار وضعية الأنصار عند الدخول والخروج، وذلك بالتكيّف مع النظام الإلكتروني الذي تم تنصيبه، حيث تم استحداث مداخل ومخارج تتماشى والتجهيزات الإلكترونية التي تم وضعها لمراقبة التذاكر، لكنها تخفف كثيرا من درجة الضغط الذي اعتادت الوحدات الأمنية تسجيله لتنظيم المشجعين، إلى حد يسمح بإخلاء المدرجات عن آخرها من المناصرين في فترة زمنية لا تتجاوز 15 دقيقة، ليكون خروج الأنصار من الملعب بطريقة سلسة، دون تسجيل أي تدافع، الأمر الذي خلص المنظمين على مستوى ملعب عنابة من أكبر إشكالية كانوا يصطدمون بها في السابق عندما يتعلق الأمر بمواعيد دولية، لأن التدافع على مستوى الأكشاك وكذا المداخل والمخارج كان يتسبب دوما في حدوث فوضى عارمة، تنعكس بصورة مباشرة على الجانب التنظيمي، سواء عند اقتناء التذاكر، أو الدخول إلى الملعب.
إلى ذلك، فقد تم تنصيب الكثير من كاميرات المراقبة في كل زوايا المركب، مزودة بنظام «الزوم» الذي يمتد مفعوله على مسافة تتجاوز 1 كلم، وقد اختار الفريق التقني الذي أشرف على العملية كنيسة «القديس أوغستين» المتواجدة بمدخل المدينة كنقطة مرجعية لنظام المراقبة عن بعد، في حين تعمل كاميرات المراقبة بجودة عالية، ونظامها مجهز بتقنيات جد متطورة، لأن كل كاميرا تتحرك بزاوية 360 درجة في كامل محيطها، الأمر الذي يجعل كامل محيط المركب، بما في ذلك الساحات المجاورة تحت مراقبة مستمرة على مستوى القاعة التقنية.
حـل إشكاليـة تسرب المياه وتعديل طـاقة الاستيعـاب
ملعب عنابة الذي تم تدشينه رسميا ذات 10 جويلية 1987 بمناسبة مقابلة المنتخب الوطني ونظيره السوداني، في إطار الدور الأولى من التصفيات المؤهلة إلى أولمبياد سيول 1988، لم يشهد على مدار 35 سنة أي أشغال «جدية» في الترميم، لأن ما عرفه من غلق في العديد من المناسبات طيلة تلك الفترة كان بسبب تجديد الأرضية، الأمر الذي حوّل الهيكل إلى خراب، انطلاقا من الجدران الخارجية، التي انهارت بعض الأجزاء منها، خاصة على مستوى الشطر المحاذي لحي الريم، والذي كان من أكبر الإشكاليات التي تطرحها مصالح الأمن أثناء اعتماد الملعب من طرف الرابطات المختصة، مرورا بحجرات الملابس التي ظلت على نفس الوضعية طيلة أزيد من ربع قرن، وأشغال الترميم التي كانت تسجل من حين لآخر كان «ترقيعية» فقط، في غياب غلاف مالي موجه رسميا لهذا الجانب، لتكون الوضعية الكارثية التي آلت إليها المدرجات من بين النقاط السوداء التي كانت محل تحفظات، لكن قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون القاضي بضرورة تجهيز ملعب 19 ماي لاحتضان دورة «الشان»، وإلحاحه على ضرورة إبقاء «بونة» ضمن قائمة المدن الأربعة التي ستستضيف هذا الحدث الكروي الإفريقي كان كافيا لرفع التحدي، ويتحول المرفق الذي كان عبارة عن «خراب» إلى تحفة «عالمية» بتصميم هندسي فخم، ومواصفات ومقاييس لا نجدها سوى في أفضل وأحسن الملاعب في باقي القارات، دون القارة السمراء.
هذا الطرح ينطبق بالأساس على وضعية المدرجات، التي اكتست حلة جديدة، بعيدا عن الحلول «الترقيعية»، لأن الأشغال التي تم انجازها أخذت في الحسبان إشكالية تسرب المياه، وما تخلفه من تشققات في البنية التحتية، وعليه فقد تم تجديد كل المدرجات من خلال وضع مادة «لاريزين» العازلة، وهذا لمنع تسرب المياه، مع تغطية المادة الإسمنتية بطبقة رملية، قبل تنصيب الكراسي على مستوى كل الأماكن المخصصة للأنصار، ولو أن هذه العملية ساهمت بشكل كبير في تعديل طاقة استيعاب الملعب، وذلك بتقليص عدد الأنصار إلى 51 ألف بدلا عن 65 ألف متفرج. وفي نفس الإطار، فقد تمت تهيئة المدرجات المغطاة، وتكييفها مع دفتر شروط الاتحاد الإفريقي، وذلك بتقسيم المنطقة إلى جناحين، واتخاذها كمنصة شرفية، العلوية مخصصة للرسميين وهي مرفقة بقاعة تشريفات، مجهزة بنظام المصعد، في وجود طابقين، والدخول إليها يكون عبر ممر تم نصبه أعلى المدخل الرئيسي للإدارة وكذا حجرات الملابس، فزاد في المنظر الجمالي للمدخل، لأن الأمر يتعلق بملحق بمواصفات عالمية، هذا بصرف النظر عن التغيير الشامل الذي شهدته المرافق الخدماتية، والتي ظلت مهجورة وخارج نطاق الخدمات مند فترة طويلة، خاصة «المقاهي» الستة التي تم فتحها على مستوى المنصة، إضافة إلى قاعات التشريفات بنمطيها العصري والتقليدي، وكذا قاعات الاجتماعات، والجانب المخصص لإدارة المركب، في ظل تخصيص العديد من المكاتب للجنة المشرفة على تنظيم هذه النسخة من «الشان»، لأن لوائح الاتحاد الإفريقي تشترط وضع ما لا يقل عن 13 مكتبا تحت تصرف وفد «الكاف» طيلة فترة إقامة هذه التظاهرة، دون تجاهل الفضاء الإعلامي الذي تم استحداثه، والذي يضم مركزا للصحافة، مجهزا بكل التقنيات التي من شأنها أن تساعد الإعلاميين على تأدية مهامهم بكل سهولة عند تغطية دورة «شان 2022»، مع تجديد كلي لمنصة الصحافة على مستوى المدرجات المغطاة، إضافة إلى فتح قاعة ندوات، تتسع لما لا يقل عن 250 صحفيا، وتم تجهيزاتها بأحدث التقنيات التي تضمن الترجمة ووصول الصوت بشكل واضح خلال المؤتمرات الصحفية التي تسبق وتعقب المباريات طيلة هذه التظاهرة، وهي مرافق ستبقى تحت تصرف إدارة الملعب بعد نهاية فعاليات العرس الكروي القاري.
الأرضية «الهجينة» تجربة أولى ووحيدة في الجزائر
على صعيد آخر فإن رياح التغيير التي هبت على مركب 19 ماي بعنابة أتت على حجرات تغيير الملابس، على اعتبار أن الأشغال الكبيرة التي تم انجازها أبقت فقط على الهيكل الخارجي للبناية، في حين تمت عملية إعادة تشييد حجرات جديدة تراعي ما هو منصوص عليه في دفتر الأعباء، لأن العملية المنجزة ساهمت في بناء 4 حجرات جديدة، مع تجهيزها بكل اللواحق، خاصة منها ما يتعلق بقاعات الدلك وإعادة التأهيل الفيزيائي، فضلا عن حمامات الثلج، والتي تشترطها الكاف والفيفا، لأنها تندرج ضمن أنظمة الاسترجاع، في الوقت الذي تم فيه فتح نفق لكل فريق، انطلاقا من الحجرات المخصصة له، على أن يكون الدخول إلى أرضية الميدان قبل الانطلاق الرسمي للمقابلات عبر نفق يتوسط الحجرات، ويمتد من المدخل الرئيسي إلى حدود ساحة اللعب، وهو النفق الذي اكتسى حلة جديدة تحسبا للعرس الكروي الإفريقي، لكنه زاد في جمالية الواجهة الأمامية للمرفق انطلاقا من أرضية الميدان، في الوقت الذي تم فيه تنصيب لوحين إلكترونيين جديدين، لتسهيل مهمة الأنصار في المتابعة المنتظمة لأطوار المباراة، بينما تبقى أرضية الميدان من أكبر وأغلى المكاسب التي تم تحقيقها في الورشات الكبرى التي ظلت مفتوحة على مدار 8 أشهر دون انقطاع، لأن الأرضية تعد الأولى والوحيدة حاليا في الجزائر، لأنها «هجينة»، وتجمع بين العشب بنوعيه الطبيعي والاصطناعي، في تجربة ساهمت في تبديد كل المخاوف من تأثر الأرضية بالتقلبات الجوية، وقد تم الوقوف على ذلك خلال المقابلة التجريبية شهر ديسمبر الماضي، وكذا من خلال زيارات المعاينة التي ما فتئت تقوم بها لجان الكاف، إلى درجة أن المنسق العام للاتحاد الإفريقي على مستوى قطب عنابة خلال دورة «الشان» النيجيري ناصر جبريل أبدى انبهاره من حالة الأرضية، وكذا جاهزية بونة لاستضافة الحدث، وأعرب عن ارتياحه الكبير لوضعية الملعب، بعدما كان في وقت ليس ببعيد ضمن لجان المعاينة التي كانت قد سجلت الكثير من التحفظات، وتخوفت من عدم القدرة على اتمام أشغال الانجاز التي كان يشهدها ملعب عنابة، ولو أن التشاؤم تحوّل إلى تفاؤل بعد التأكد من دخول ملحق ملعب 19 ماي نطاق الخدمة، وكذلك الشأن بالنسبة لملعب العقيد شابو، خاصة وأن الملحق تم تفريش أرضيته بالعشب «الهجين»، مع انجاز حجرات جديدة لتغيير ملابس، وكذا تنصيب كراسي البدلاء، وهو مخصص بالأساس لاحتضان الحصص التدريبية للمنتخبات.
الوقوف على جاهزية الملعب لاستضافة العرس القاري جعل «بونة» تكتسي الحلة الإفريقية قبل أسبوع من انطلاق المنافسة، لأن المنظمين واصلوا السباق مع الزمن لضبط كافة الترتيبات التي تبقى كفيلة بالاطمئنان على الجاهزية عندما تدق ساعات الحسم، في حين تزينت شوارع المدينة برايات وأعلام المنتخبات المشاركة في هذه الدورة، مع تسجيل توافد بعض المشجعين من السنغال، كوت ديفوار والكونغو الديمقراطية، غالبتهم من الطلبة الجامعيين الذين يزاولون دراستهم في مختلف الجامعات الجزائرية، الأمر الذي سمح لسكان المدينة باستعادة ذكريات دورة «كان 1990»، لما احتضنت عنابة لقاءات المجموعة الثانية، والتي ضمت آنذاك منتخبات السنغال، زامبيا، الكاميرون وكينيا، ليعود السنغاليون مرة أخرى إلى عنابة، لكن بمنتخب جديد، والفترة التي كانت قد امتدت من 3 إلى 12 ماس 1990 كانت استثنائية بالنسبة للعنابيين، لأنها كانت بنكهة «إفريقية»، رغم أن ملعب 19 ماي احتضن بعد ذلك الكثير من مباريات المنتخب الوطني، خاصة لقاءات تصفيات المونديال، ضد السنغال ومصر في 2001، وكذا أنغولا سنة 2004، ثم المغرب في مارس 2011، وهو آخر موعد كروي «دولي» كبير عايشته «بونة»، لتستعيد الطابع القاري من بوابة «الشان»، ولو بذكريات أعادت عجلة الزمن إلى فترة مضت عليها أزيد من 3 عقود.
* علي بن طوبال (ديجياس عنابة) للنصر
ما شهده المـركب معجـزة
أكد مدير الشباب والرياضة لولاية عنابة علي بن طوبال، بأن تجهيز ملعب 19 ماي لاحتضان فعاليات بطولة إفريقيا للأمم جسد الإرادة الكبيرة للدولة الجزائرية في رفع التحدي، خاصة ـ كما قال ـ «بعد التعليمات التي أصدرها الرئيس تبون، والتي جاءت في شكل ضمانات مسبقة من السلطات العليا للبلاد على ضرورة رفع التحفظات التي سجلتها الكاف، مع إلحاحه على تواجد عنابة ضمن المدن الأربعة المعنية باستضافة العرس الكروي الإفريقي».
وأشار بن طوبال في دردشة مع النصر، إلى أن الجزائر من حقها أن تفتخر برجالها الذين أصروا على رفع التحدي، وساهموا في ضمان جاهزية مركب 19 ماي في ظرف زمني قياسي، دون نسيان الفقيد الذي كان قد توفي عند سقوطه من أعلى المدرجات أثناء أشغال الانجاز، لأن لجان الاتحاد الإفريقي ـ كما قال ـ « كانت قد ألحت على ضرورة اختيار مدينة أخرى تستوفي الشروط، وذلك بعد زيارات المعاينة الميدانية التي كانت قد قامت بها خلال النصف الأول من سنة 2022، وحتى خلال الثلاثي الثالث من نفس السنة، لكن تدخل الرئيس تبون شخصيا وإصراره على رفع التحفظات المسجلة، وكذا ضمان استلام الملعب في الآجال المحددة كان كافيا لتفعيل وتيرة أشغال الانجاز، وإعطائها ريتما مغايرا، لتكون النتيجة الميدانية مفاجئة بالنسبة للجان الاتحاد الإفريقي، لأن المركب بجميع ملاحقه أصبح جاهزا لاستضافة الحدث القاري، دون مراعاة فترة الانجاز، والأهم في مثل هذه الوضعيات يكمن في توفير كل الشروط التي تكفي لتلقي الضوء الأخضر من الكاف».
وذهب «ديجياس» عنابة إلى حد الجزم في تصريحه على أن المعجزة التي شهدها مركب 19 ماي بتحوله في ظرف قياسي من ورشة مفتوحة إلى تحفة معمارية بمواصفات عالمية تبقى ـ حسب تصريحه ـ « رسالة من الجزائريين إلى القائمين على شؤون الكرة الإفريقية، مضمونها أن سلاح الإرادة يكفي لرفع التحديات، في ظل توفر الرغبة الجامحة في تشريف الراية الوطنية على الصعيدين القاري والعالمي، لأن ما شاهدناه في الطبعة الأخيرة من ألعاب الأبيض المتوسط أكد على النجاح الكبير للجزائر في الجانب التنظيمي، ثم كان الموعد مع ملعب عنابة، الذي أبهر لجان الاتحاد الإفريقي، الأمر الذي يجعلنا نراهن كثيرا على دورة «الشان»، ونضعها كمحطة ميدانية من شأنها أن تعبّد الطريق نحو الظفر بشرف تنظيم دورة «كان 2025»، وهو أكبر رهان لا بد أن نرفعه في هذه التظاهرة». ص / ف