بلدية تعيش على إعانات الدولة ولم تعرف أية عملية تهيئة منذ نشأتها
يخال الزائر لبلدية المزرعة أن المروج والبساتين ستكون في انتظاره عندما يحط الرحال بهذه المدينة التي تبعد بنحو 65 كلم إلى الجنوب الغربي من تبسة، غير أن هذا التصور سرعان ما يتلاشى و يبدده المشهد العام لهذه البلدية، التي لا يهتم قاطنوها بمواعيد توزيع السكن الاجتماعي، بقدر اهتمامهم بالسكن الريفي و تراخيص حفر الآبار لتطوير نشاطهم الفلاحي، لكن السلطات المحلية تتحسر لأن البلدية لم تعرف أية عملية تهيئة منذ نشأتها سنة 1984.
روبورتاج : الجموعي ساكر
أخذت المزرعة اسمها من مجرى مائي بمنطقة أم ريحان، لا يبعد عن المنطقة الحضرية كثيرا، يتلوى مساره الأخضر بأشجاره المثمرة انطلاقا من منطقة الخنقة، مرورا بإرقو و وصولا إلى وادي هلال، و هي المناطق التي سبق لأهلها أن دونوا اسمهم بأحرف من ذهب في سجل الثورة التحريرية المظفرة، و لا زالت الذاكرة تروي مآثر وبطولات سكان المنطقة وأهم المعارك التي شهدتها المزرعة على غرار لبطين والقليلة والحوض.
غير أن نظرة على راهن الحال ولأشواط التنمية تنبئ الجميع أن هذا التجمع السكاني المتصالح مع تاريخ الوطني لا زال قطاع مهم منه يصارع على أكثر من صعيد لتحسين إطار المعيشة، و انشغالات سكانه التي يتقاسمونها مع أغلب البلديات الأخرى لا تخرج عن دائرة التهيئة والإنارة و فك العزلة والصحة والتربية، بالرغم من قطاع مهم منهم بأن البلدية قد شهدت حركية تنموية مهمة في السنوات الأخيرة.
تعد بلدية المزرعة من بين البلديات الفقيرة بولاية تبسة لافتقارها للمؤسسات والمنشآت الاقتصادية القادرة على توفير مناصب العمل وإحداث التنمية المستدامة، وهو ما يجعلها تابعة للدولة و رهينة لمساعداتها، وهذه الوضعية وضعت مسؤوليها بين كماشة المطالب التنموية للسكان وقلة الإمكانيات المتاحة، فالمرزعة من البلديات الناشئة التي انبثقت عن التقسيم الإداري لعام 1984 بمساحة تقارب 52 ألف هكتار، نصفها عبارة عن أراض زراعية والباقي عبارة عن جبال و أودية وغابات، يعيش بها أكثر من 6 آلاف ساكن منهم 1372 بالمنطقة الحضرية والباقي موزعين على 6 مناطق مبعثرة، كما تضم 1316 بناية أغلبها خارج التجمع الحضري.
الجفاف و الطرق الترابية يعيقان تطوير الإنتاج الفلاحي
يعتمد سكان بلدية المزرعة على النشاط الرعوي و الفلاحي، غير أن أغلب الفلاحين يزرعون القمح و الشعير وبدرجات أقل بعض الخضراوات، و ما يعاب على هذا القطاع هو لجوء أغلب المربين والفلاحين إلى الطرق التقليدية والاستغناء على المسار التقني، الأمر الذي رهن المنتوج الفلاحي وجعله حبيس العوامل المناخية و سقوط الأمطار.
وقد ساهم الجفاف الذي ضرب المنطقة لسنوات في أتعاب إضافية للفلاحين والمربين على حد سواء، وبرأي المختصين فإن الفلاحين مطالبون بتنويع منتوجهم والتخلي عن الآليات المستعملة حاليا، كما أنهم مطالبون باستحداث طرق وأساليب جديدة لتحقيق منتوج أفضل، غير أن هذه الرغبة قد تصطدم بعوائق أخرى علىغرار تهديدات العوامل المناخية والسيول والانجراف و تجميد حفر الآبار حفاظا على المائدة المائية في سنوات سابقة.
و تحصي المزرعة حسب رئيس مجلسها الشعبي البلدي بوزيدة أحمد 3258 فلاحا يحوز منهم 450 مسجلا على صفة فلاح، بينما يقدر عدد الفلاحين المسجلين في إطار عقود الامتياز الفلاحي 96 فلاحا و عدد الموالين 256 موالا، و علمنا من المصدر ذاته، بأن 33 فلاحا آخرين استفادوا من تراخيص لحفر الآبار طيلة السنوات الأربع الماضية، غير أن هذه الآبار بقيت بلا كهرباء، في الوقت الذي قدم فيه 20 فلاحا طلبات لمديرية المصالح الفلاحية لحفر آبار جديدة.تعد منطقة المزرعة فضاء ملائما لتنمية الحلفاء وتربية الماشية وغراسة الأشجار المثمرة واستحداث سدود صغيرة للحفاظ على المائدة المائية و الاستفادة من بعض منابعها الطبيعية على غرار منبع بريغيثة و كليكل.
و تحتاج بلدية المزرعة حسب تقديرات مديرية البرمجة ومتابعة الميزانية، إلى تشجير ما يقارب 800 هكتار على المديين المتوسط والقريب، و سبق للبلدية أن استفادت المزرعة من 27 عملية في إطار الاستثمارات العمومية، سواء في البرامج القطاعية أو المخططات البلدية للتنمية، ويبقى الاستثمار الخاص غائبا كليا وهو ما يقلل من فرص توفير مناصب شغل للقادرين على العمل.
السكن الريفي مطلب السكان الأول
تتصدر ملفات طالبي السكن الريفي صدارة اهتمامات المواطنين الراغبين في هذه الاعانة بالنظر للطابع الرعوي الفلاحي للبلدية، و كذا عادات سكان المنطقة الذين يفضلون مساكن فردية ذات نمط معماري يختارونه بأنفسهم، و قد وضع هذا التوجه سلطات البلدية في وضعية مريحة في مجال السكن، حيث أن الطلبات على السكن الاجتماعي تأتي في المركز الثاني بعد السكن الريفي، و بالمقابل يأمل المواطن و السلطات المحلية في استحداث تحاصيص عقارية لتدعيم البلدية بحصة من المساكن الاجتماعية و حصة أخرى من التجمعات السكنية لتلبية طلبات المواطنين وفي الوقت نفسه تثبيت سكان الريف. و توجد بالبلدية حصة قدرها 40 سكنا اجتماعيا هي الآن في طور الإنجاز كما استفادت في إطار البرامج القطاعية من 3 عمليات لإنجاز 111 بناء ريفي وإنشاء تحصيص اجتماعي يضم 100 قطعة أرض مخصصة للبناء، فضلا عن مشروع تهيئة المجمع الريفي المكون من 50 قطعة حسب مديرية السكن.
و تشير الاحصائيات بأن المزرعة استفادت في إطار الخماسيين 2005/2014 من قرابة 800 إعانة للسكن الريفي 769 مسكن انتهت بها الأشغال في شهر ماي الماضي، و تحتاج البلدية إلى 300 مسكن جديد في المنظور القريب والمتوسط لمواجهة الطلبات المتزايدة، في الوقت الذي تشير مصادرنا إلى أنه سيتم إنشاء تحصيص اجتماعي جديد مكون من 250 قطعة أرضية بالبلدية ذاتها.
واستنادا لرئيس المجلس البلدي فإن المزرعة لم تستفد من أي مشروع للتهيئة منذ إنشائها منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، و لمواجهة هذا الوضع يقترح «المير» تخصيص عمليات لتهيئة أحياء التحاصيص 1 و2 و تحصيص 20 مسكن و15 مسكن و10 مساكن تطورية، لمواجهة مخلفات سقوط الأمطار من طمي و سيول وآثار الجفاف من ارتفاع للأتربة والغبار.
وتجري حاليا أشغال تهيئة تعبيد و إنارة الشارع الرئيسي لبلدية المزرعة، مع العلم أن مديرية البناء كانت قد أجرت دراسة عامة حول الأحياء التي بحاجة لعمليات التهيئة عبر البلديات الـ 28 بالولاية غير أن تجسيدها على أرض الواقع بقي مرهونا بمدى وفرة الأغلفة المالية.
في قطاع الري لا زالت بئر عين شرود في انتظار مشروع الربط بالكهرباء قبل تجهيزها، كما يحتاج خزان كاف لعمامير لعملية مماثلة، و تعول السلطات المحلية على تسجيل عملية أخرى لحفر بئر عميقة بالمنطقة الحضرية لتدعيم المواطنين بالمياه الصالحة للشرب، و قد اقترح رئيس البلدية تسجيل عملية جديدة في إطار حماية مدينة المزرعة من الفيضانات وخاصة على مستوى الجهة الشرقية.
سكان بعض المشاتي بالمزرعة يعيشون على أمل فتح المسالك و تعبيد الطرق، مشيرين إلى صعوبة تنقلاتهم عبر مسالك ترابية، بحيث تضم البلدية 7 مقاطعات تبعد كل واحدة عن المزرعة مركز بين 2 و 28 كلم، و تشير مصادر من البلدية إلى أنها حظيت بمشروع لدراسة إعادة الاعتبار للمسلك الرابط بين الطريق الوطني رقم 83 و مشتة أولاد زيد على مسافة 5 كلم، كما سجل بها مشروع لإعادة الاعتبار للمسلك البلدي قيبر إلى غاية حدود بلدية العقلة على مسافة 8 كلم.ويأمل المواطنون في قيام السلطات بإعادة الاعتبار للطريق البلدي الرابط بين المزرعة و قيبر عبر ثنية علي، على مسافة 13 كلم، كما يحتاج الطريق الرابط بين فيض المهري و حدود بلدية الشريعة على مسافة 4 كلم لعملية في هذا المجال، و نفس الشيء يجري على الطريق البلدي المزرعة عين شرود على مسافة 8 كلم، كما يحتاج الطريق الرابط بين حدود بلدية الشريعة و لقليلة إلى تكملة، و يحتاج الطريق الرابط بين الطريق الوطني رقم 83 وكاف لعمامير على مسافة 4 كلم إلى تهيئة.
سكان المزرعة ليسوا بأحسن حال من ساكني البلديات المجاورة، فانعدام الاستثمار و خاصة الخاص منه قلص من فرص التوظيف، و يعول البعض على مشروع مصنع الآجر الجديد بمنطقة بئر حزام لتوفير مناصب عمل قارة وتدعيم حصة البلدية من هذه المادة المطلوبة.
يكتفي بطالو البلدية بما يوفره قطاع التشغيل والنشاط الاجتماعي من مناصب غير دائمة، و في هذا الصدد تحصي السلطات استفادة 666 شخصا من المنحة الجزافية للتضامن و107 آخرين من منحة نشاط الإدماج الاجتماعي، في الوقت الذي يقدر عدد المستفيدين من منحة ذوي الاحتياجات الخاصة بـ 60 معاقا بنسبة 100 بالمائة، بينما استفادت 1450 عائلة معوزة من قفة رمضان للسنة الماضية.
حلم أول ثانوية ببلدية المزرعة سيتحقق العام القادم
ينتظر سكان المزرعة أن يتم فتح أول ثانوية ببلديتهم السنة القادمة تغني أبناءهم عن متاعب التنقل نحو ثانويات الشريعة، كما تأمل مديرية التربية في إعادة مدرستين مغلقتين من مجموع 7 مؤسسات تربوية بسبب هجرة السكان و انعدام توفر النصاب القانوني من التلاميذ، في ظل عودة المواطنين إلى الأرياف و تحسن الوضع الأمني. و قد سخرت السلطات المحلية 5 حافلات لتأمين النقل المدرسي من المناطق البعيدة إلى المتوسطة الوحيدة بالمدينة، و خاصة من مناطق الرملية وعين ببوش التي تبعد بنحو 20 كلم عن مقر البلدية. كما سخرت وسائل لتأمين التحاق التلاميذ بثانويات الشريعة المجاورة.و قد ثمن السكان كثيرا بداية مشروع الثانوية التي أوكلت مهمة دراسة إنجازها لأحد مكاتب الدراسات، لأنه سيسمح لأبنائهم بالدراسة في مدينتهم، بدل التنقل على مسافة 20 كلم يوما نحو الشريعة، و في سياق متصل قدرت مديرية البرمجة ومتابعة الميزانية حاجة البلدية مستقبلا إلى 13 حجرة دراسية في الابتدائي و 3 حجرات في المتوسط.
ويضم القطاع الصحي عيادة جوارية، و يأمل السكان في تسجيل مشروع قاعة متعددة الخدمات و عيادة ولادة للقضاء على تحويل النساء الحوامل لمستشفى الشريعة، و لا تزال البلدية بحاجة إلى مفرغة عمومية، حيث أن القمامة تحول للمفرغة العمومية بالشريعة حاليا، كما تحتاج إلى مكتب بريدي ومئات الخطوط الهاتفية و إلى سوق للماشية.
كما تشير تقديرات المسؤولين حاجة البلدية إلى ربط 1889 مسكن بالكهرباء و 294 مسكن آخر بشبكة الغاز ، حيث لا زالت عدة مناطق بانتظار ربطها بشبكة الكهرباء على غرار الرقيبة، بئر حزام، كاف لعمامير2، فيض المهري، عين ببوش، لبطين 3، قيبر، أم ريحان، قساس، في الوقت الذي أكدت مديرية الطاقة بولاية تبسة إحصاء جميع المناطق التي تحتاج للكهرباء والغاز، و ذكرت أنه سيتم تجسيد تلك المشاريع حسب الحصة الممنوحة و وفق البرامج المحلية.ربط والي تبسة خلال اجتماع جمعه مع أعضاء مجلس بلدية المزرعة تسجيل مشاريع جديدة بمعالجة وضعية 10 هياكل عمومية بقيت شاغرة، منها مدرستان و قاعة علاج و فرع بلدي.وأكد المسؤول أنه سيتم تنصيب خلية ولائية لمتابعة وضعيات الهياكل الشاغرة والمهجورة و البت في مصيرها، مشيرا إلى أن 10 من هذه الهياكل موزعة على قطاع التربية والصحة والرياضة، واستبعد انجاز مرافق جديدة في الوقت الذي تتوفر فيه تلك البلديات بينها المزرعة على تلك الفضاءات، مشددا على أنه لن يمنح إعانات جديدة، و قد تم في هذا المسعى تحويل قاعة متعددة النشاطات إلى مديرية الشباب والرياضة حتى يستفيد منها شباب البلدية.