العشوائيـــة والتحايـــل يكبحـــان العمــل الخيــري
خرج العمل الخيري في الجزائر خلال السنوات الأخيرة من الإطار الجمعوي و بات يندرج ضمن خانة الفردية، كما توسع نطاقه بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، إذ تحول فيسبوك إلى ضمير جماعي يسعى من خلاله البعض لإحياء قيمة التضامن في المجتمع، بالمقابل يستغله آخرون لجمع تبرعات لا رقيب على مصدرها أو مصيرها، وهو أمر يحدث أمام مرأى الجميع و بدفع من وسائل الإعلام التي تنساق أحيانا خلف الدعاية و الاتجار بالمآسي، حتى أنها ضخمت الوضع و كرست بطريقة غير مباشرة لثقافة الإتكالية ما أنعش التحايل باسم الحاجة، وهو واقع أفرزه غياب بطاقية وطنية للفقراء، ناهيك عن ضبابية دور الجمعيات الناشطة وحقيقة أهدافها وطبيعة ممارساتها و تقيدها بالمناسباتية ، بالإضافة إلى مشكل مصادر التمويل الذي يطرح كنقطة سوداء يرى فاعلون في المجال بأنها قد تشكل تحديا امنيا حقيقيا مستقبلا.
جمعيات تقيدها المناسباتية
تعد ثقافة التضامن العمود الفقري للمجتمع الجزائري وسلوكا اجتماعيا متوارثا يؤرخ له من أنظمة عشائرية كالتويزة و الوزيعة و تاجماعت، فضلا عن نشاط الزوايا والمساجد، مع ذلك فإن الإطار النظامي لهذا الفعل لم يبرز إلا خلال تسعينيات القرن الماضي مع ظهور جمعيات تعنى بالتضامن الوطني والعمل الخيري أفرزتها التعددية، علما أن غالبية هذه الجمعيات تأسست بناء على تجارب خاصة على غرار جمعيات رعاية المرضى و المعاقين، لكن الملاحظ هو أن هذه الهيئات غير الرسمية لم تمكن بعد من التهيكل بشكل يحول التطوع إلى ظاهرة اجتماعية في الجزائر، بل بالعكس عرفت هذه الثقافة انحصارا ملموسا في السنوات الأخيرة، وباتت المناسباتية تطغى على نشاط الجمعيات الخيرية التي لا نسمع عنها إلا في الأعياد أو المواسم أو محطات معينة، لأسباب ترتبط عموما بالاتكالية المطلقة على إعانات الدولة، فضلا عن ضعف مساهمة رجال المال و الأعمال الجزائريين، و تغيرات اجتماعية أخرى ترتبط بتراجع القدرة المعيشية للمواطن و تقوقعه في خانة تحقيق الحاجات الذاتية، وعليه ما عاد الجزائريون يشعرون بوجود آلاف الجمعيات في حياتهم إلا خلال مناسبات محددة.
تجدر الإشارة إلى أن مركز البحث في الأنثربولوجيا الاجتماعية والثقافية، كان قد قدم سنة 2015، دراسة أوضحت بأن نسبة الجزائريين المنخرطين في الحركة الجمعوية لا تتجاوز 3 إلى 4 في المائة فقط من إجمالي السكان، مقابل 44بالمئة في فرنسا، وخلصت الدراسة إلى القول بأنه لا أثر للجمعيات الخيرية في الواقع المعيشي للجزائريين وأن نشاطها لا يستحوذ على اهتماماتهم.
المجتمع المدني بين المساهمة الفعلية و الدعاية
وكان وزير الدولة السابق للاستشراف والإحصاء بشير مصيطفى، قد دعا مرارا إلى تطوير العمل التطوعي في البلاد كي يتحول من مجرد عمليات ظرفية يغلب عليها الطابع الخيري إلى منظومة اجتماعية تساهم في التنمية المستدامة، وفي تشكــيل الناتج الداخلي المحلي من خلال خلق مؤسسة وطنية معتمدة اقترح تسميتها «المؤسسة الوطنية للتطوع»، تعمل تحت مظلة المجتمع المدني، و تتكفل بوضع مؤشرات التطوع وإطلاق بنك معلومات لهذا العمل، وتصميم سياساته بشريا وماديا.
لكن الملاحظ لواقع نشاط المجتمع المدني في بلادنا اليوم، يجد بأن نسبة المساهمة الفعلية جد ضئيلة ولا ترقى إلى المستوى المطلوب فما عدا بعض الجمعيات، فإن نسبة كبيرة لا تقدم الكثير ونشاطها نادر ومناسباتي، خصوصا بعدما حجبت السلطات دعمها المالي عن عدد كبير منها بداعي اتخاذها للتطوع كمطية للانتفاع، ومع أن السلطات لم تذهب إلى حل هذه الجمعيات، واكتفت بحجب الدعم المادي عنها، إلا أن غالبيتها دخلت في سبات طويل.
بالمقابل وجهت انتقادات كثيرة لجمعيات عديدة، أعطت نشاطاتها طابعا سياسيا و لم تخف انتمائها لتيارات معينة، حتى أن منها من كانت طرفا في تنشيط حملات انتخابية خلال الاستحقاقات الماضية، ومن بين المآخذ التي طالتها كذلك ، الخلط بين الدعاية و العمل الخيري، وقد شهدت مواقع التواصل مؤخرا هجوما لاذعا على جمعيات طبعت اسمها على محافظ و أدوات مدرسية وزعت على أطفال معوزين خلال الدخول المدرسي.
شباب يفضلون الارتجال و مواقع التواصل تتحول إلى بديل
خلافا لما شب عليه مجتمعنا فإن العمل الخيري و التطوعي لم يعد مسؤولية الأعيان، بل أصبح مجالا يقوده الشباب خصوصا ما تعلق بالمبادرات الفردية، و الواقع أن هذا التحول أخذ منحنى تصاعديا مع تنامي تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، كما أكده عدد من الشباب الذين تحدثنا إليهم، على غرار شمس الدين، وهو صيدلاني من قسنطينة و ناشط جمعوي، والذي يرى بأن منصات التفاعل سمحت بإدماج الشباب في العمل الخيري، لأنها حررت فعل التطوع و أخرجته من إطار الأعيان والجمعيات، ووسعت نطاق المبادرة، كما أنها ألغت دور الوسيط و أصبح من الممكن عبرها الوصول مباشرة إلى المحسنين وإلى المحتاجين، إذ يكفي أن تنشر صورة و ترفقها برقم هاتف أو تطلق نداء على فيسبوك حتى يلتف حولك الناس، أما عن السبب وراء انتشار ثقافة العطاء والمساعدة بين الشباب فيقول محدثنا، بأن التفاعل الاجتماعي انعكس إيجابا على سلوك الكثيرين كما أن الصورة لعبت دورا في استفزاز الطبيعة العاطفية للجزائريين و بالأخص الشباب، على اعتبار أنهم النسبة الأكبر من السكان.
أما رميساء وهي محامية من قسنطينة و ناشطة في المجال الخيري، فقد أوضحت بأن ممارسات بعض الجمعيات و طابعها الحزبي أفقدها مصداقيتها كما أن بعضها الآخر يتعامل مع جهات خارجية و منها ما لديها طابع إيديولوجي كما عبرت، و عليه فإن المتطوعين الشباب باتوا يفضلون حسبها،الارتجال و الاعتماد على مواقع التواصل و شبكات علاقاتهم الفردية في النشاط، معبرة بالقول «حبل الثقة في الجمعيات بات رفيعا جدا» ، وأن الأمر لا يقتصر فقط عليها بل يشمل حتى المساجد، بدليل التجاوزات التي تداولها الإعلام في ما يخص صناديق الزكاة، فضلا عن الفضائح التي فجرها بعض المحسنين بعدما اكتشفوا بأن تبرعاتهم لم تذهب إلى مستحقيها.
حقل خصب للتحايل..
رغم الهبات التضامنية الكبيرة التي نجحت مواقع التواصل في تحريكها، واستفاد منها الكثير من المحتاجين والمرضى، إلا أن فيسبوك فتح أيضا الباب أمام المتحايلين و كذلك فعلت بعض وسائل الإعلام التي حولت المآسي الاجتماعية إلى خبز يومي للمشاهد، بدليل أن الكثير من الحالات التي أثيرت حولها زوابع، اتضح لاحقا بأن حقيقتها تتعلق بتمثيليات درامية هدفها ابتزاز مشاعر الغير.
ولعل قضية الطفلة سيرين بقسنطينة، كانت الأبرز، فحالتها المرضية تحولت إلى هوس جماعي على الفيسبوك و انتشرت عديد الحملات عبره لجمع التبرعات النقدية لصالح إجراء عملية زرع نخاع شوكي جديد لها، حركتها جهات منها ما أكد أهل الطفلة للنصر، في وقت سابق بأنهم لا يتواصلون معها، حتى أن هنالك شبابا نصبوا حواجز على الطرقات لجمع التبرعات للمريضة عن طريق عرض صورتها على المارة وطبعها على قمصان معينة، دون أن يعلم أحد هوية هؤلاء وعلاقتهم بالطفلة و مصير التبرعات التي جمعوها، ما دفع والي قسنطينة للتدخل و منع المتاجرة بمأساة سيرين معلنا تكفله بحالتها.
كما سبق للنصر، أن نقلت معاناة عائلة كانت تقيم في مرآب دون أبواب فقام أحد المحسنين بشراء بيت لها، و عندما تابعنا وضعها اكتشفنا بأن البيت لا يزال شاغرا، كما أن مديرة النشاط الاجتماعي في الولاية سبق لها و أن كشفت لنا بأن مصالحها وقفت على عديد حالات التحايل، خاصة في ما يخص ملف المعاقين، حيث يدعي عديد الأشخاص حسبها، الإصابة بإعاقة ذهنية أو حركية للاستفادة من الأدوية و المنحة و الكراسي المتحركة و عربات النقل، لتكشف التحقيقات الاجتماعية لاحقا، بأنهم لا يعانون من أية إعاقة، و كل ما في الأمر أنهم يريدون الاتجار بالكراسي و العربات التي تتراوح أسعارها بين 18 و 30 مليون سنتيم.
حالات عادية تصور على أنها « مآسي»
نذكر أيضا قضية العجوز من ولاية تيبازة التي كانت تتاجر بفقرها إعلاميا، بحسب ما أكدته مدرية النشاط الاجتماعي بالولاية التي كشفت بأن العجوز التي تقطن كوخا ضيقا، سبق و أن استفادت من سكن ريفي كما أنها تحصلت على مساعدات عديدة بصفة دورية و تملك سكنا مغلقا إحدى غرفه مملوءة بالمفروشات و الأغطية الجديدة و المواد الغذائية، بينما تأوي غرفة أخرى قطيعا من الغنم.
وكذلك الأمر بالنسبة لتلك العائلة التي تقطن في إسطبل و التي ضخم الإعلام مأساتها، فكان التفاعل معهم كبير جدا، لتتدخل البلدية و تكشف بأن المعنيين استفادوا من منحتين ماليتين في إطار البناء الريفي، غير أنهم فضلوا البقاء في الإسطبل، و الغريب في الأمر أن رب الأسرة لم ينكر الأمر عندما واجهته الصحافة بذلك.
و من بين أبرز حالات النصب و الاحتيال، نذكر حالة فتاة بجنوب الجزائر، تعاني ورما على مستوى العين، بحاجة لإجراء عملية جراحية مقابل 120 مليون سنتيم بتونس. وقد تبرع أحد المحسنين لوالدها بالمبلغ كاملا، ليتضح وفق ما أوردته وسائل إعلام بأن المعني اشترى بالمبلغ سيارة، و بعد سلسلة من التحقيقات تبين أن الوالد وجه في مرات سابقة نداءات مماثلة، و استفاد من مبالغ معتبرة من أكثر من متبرع ولم يعالج المعنية التي تعقدت حالتها أكثر، غير أن نداءها الأخير لم يلق استجابة.
هدى طابي
حمزة بوحبيلة رئيس جمعية السراج الخيرية
تخطينا مرحلة التبرع إلى التوظيف و الإنتاج
تشكل الطبقة الوسطى النسبة الأكبر من الخيّرين و أصحاب التبرعات الذين يتعاملون بشكل دائم مع جمعية السراج الخيرية بقسنطينة، بحسب ما أكده رئيسها حمزة بوحبيلة، الذي نفى أن تكون جمعيته قد تعرضت من قبل للاستغلال من طرف محسنين من رجال أعمال و أصحاب مؤسسات لخدمة أغراض خاصة، فهدف كل قاصديها كما قال، هو فعل الخير، حتى وإن كان مشكل الثقة في الجمعيات عموما لا يزال مطروحا نوعا ما، إذ يتخوف بعض المحسنين من عدم وصول تبرعاتهم إلى مستحقيها، لذلك تصر الجمعية على أن تلعب دور المرافق بدل الوسيط في بعض الأحيان.
بطاقية ولائية للفقراء لمجابهة التحايل
وعن مدى تأثير العمل الفردي على نشاط الجمعيات، قال المتحدث بأن للأمر انعكاسا ملحوظا، خصوصا في ظل انعدام بطاقية ولائية للفقراء، إذ كثيرا ما يتضح بأن هنالك من استفادوا من إعانات الجمعيات و الأفراد لأكثر من مرة، بينما حرمت منها عائلات أخرى، و هو ما جعله كما أوضح، يسعى للتنسيق مع عدد من الجمعيات المحلية الناشطة في الميدان لضبط قائمة العائلات المعوزة، التي أكد بأنها ستكون جاهزة في القريب العاجل، علما أن هذا التنسيق من شأنه أن يسهم في توزيع عادل للإعانات و التبرعات بما يضمن استفادة الجميع.
و عن النداءات التي يوجهها مواطنون لصفحتهم المرفقة أحيانا برقم الحساب البريدي لطلب مساعدات مالية لشراء أدوية أو إجراء عمليات جراحية أو تحاليل معينة، أوضح المتحدث بأن الجمعية لا تنشر النداءات إلا بعد التأكد من أحقية أصحابها بالمساعدة ، وذلك باستقبال المعنيين في مقرها و الاطلاع مباشرة على وضعيتهم و التأكد من ملفاتهم الطبية، فضلا عن اشتراط وثيقة كشف الراتب أو شهادة البطالة، ليتكفل بعدها أعضاء الجمعية بالتواصل مع العيادات لتحديد مواعيد خاصة للمرضى، علما أن تدخلهم ينتهي عند هذا الحد، إذ لا تعنى الهيئة بتمويل العمليات الجراحية، لأنه لا يسمح لها قانونا بجمع الأموال. و تتطلع الجمعية لتوسيع نشاطاتها بحيث لم تعد تنحصر في التبرع المباشر، بل بادرت إلى إنشاء مشاريع استثمارية لتوفير مصدر تمويل ذاتي و لدمج المحتاجين مهنيا ، حيث جسدت مشروعين بتمويل من مديرية النشاط الاجتماعي و بالتنسيق معها، الأول عبارة عن ورشة خياطة للنساء الأرامل و المطلقات بقوام 15 منصب شغل، و الثاني وكالة طبع و إشهار لفئة المعاقين حركيا، سيتم تدشينهما في اليوم الوطني و ستشغل ما بين 12 إلى 15 شخصا، موضحا بأن هدف جمعيته من خلال هذه المشاريع، هو خلق مركز للمساعدة عن طريق العمل، يتضمن عديد الورشات في مختلف التخصصات.
البروفيسور محمد طيبي مختص في علم الاجتماع
تشبيب العمل التطوّعي دليل على النضج الاجتماعي
يعتبر البروفيسور محمد طيبي تشخيصا للعمل الخيري في الجزائر، بأن العمل التضامني و التطوعي و التآلفي يعتبر جزءا من ثقافة مجتمعنا الضاربة في عمق في التاريخ، وهو ما يبرز من خلال دور الزوايا الصوفية التي تعد من أكبر المؤسسات المجسدة له، فالزوايا الجزائرية لطالما كانت تتكفل بالتعليم و الإطعام و الإيواء بالمجان، انطلاقا من تبرعات العلماء و التجار.
محدثنا قال بأن العمل المدني أيضا يعتبر من أشكال الفعل التطوعي، الذي يقوم به فاعلون يعتبرون عادة من الأعيان و ينشطون التعاون المحلي في إطار ما يسمى بالتعايش المشترك في المدينة، موضحا بأن التطوع هو فعل تشاركي حضري بين أفراد المجتمع نلمسه اليوم، من خلال روح التكافل التي نراها في الجنائز على سبيل المثال، بحيث يتم التكفل بكل مصاريف الجنازة من باب فعل الخير و التكافل الاجتماعي، ففعل الخير حسبه هو عادة متجذرة في مجتمعنا الذي يشتهر بسخائه، وهو ما نراه من خلال النشاطات الميدانية للجمعيات و المبادرات الفردية أو الجماعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تعكس تطور الحس الإنساني لدى الجزائريين و نضجهم، ما يؤكد تمسك الأفراد بالالتزامات الأخلاقية المجتمعية، بدليل أن فعل الخير ما عاد مقتصرا على كبار السن كما في السابق، بل أصبح يمس حتى الشباب، الذين ينشطون بشكل كبير في مجال العمل التطوعي، وهو ما يساهم في رأيه في تعزيز أواصر التعاون و خلق الألفة و في بناء بنية مجتمعية قوية و الأهم صناعة السلم الاجتماعي .
جميل كرميش ممثل جمعية ناس الخير
مواقع التواصل أصبحت قاعدة متينة للعمل الخيري
يرى جميل كرميش ، نائب رئيس جمعية ناس الخير، بقسنطينة، بأن مواقع التواصل الاجتماعي و بالأخص فيسبوك، تعتبر عاملا داعما للفعل الخيري من حيث تنويع مصادر التمويل، بفضل التفاعل الذي تحققه نداءات الاستغاثة، حيث لا تقتصر المنشورات التي تطلقها الجمعية عبر صفحتها الرسمية على جمع الإعانات الغذائية والألبسة وغيرها، بل تشمل كذلك جانب التطوع للتكفل الصحي بالمرضى، مضيفا بأن جل النداءات التي تنشر عبر الصفحة تلقى تجاوبا ، حتى من قبل جزائريين مقيمين في الخارج والذين غالبا ما يتطوعون لتوفير الأدوية، وهنا تظهر حسبه، أهمية الفضاء الأزرق الذي ساهم في توفير المساعدة للكثيرين، وذلك من خلال الاهتمام بجدية بنداءات المساعدة و تلبيتها بعد التأكد من صحتها.
البسطاء هم من يدفعون عجلة النشاط الخيري
محدثنا قال بأنه و إلى جانب الدعم المادي المقدم من قبل المحسنين الذين يتفاعلون معهم عبر فايسبوك ، فإن أعضاء الجمعية و ذويهم يتبرعون بصفة دورية حالهم حال الكثير من الموظفين العاديين و البسطاء الذين ينتمون للطبقة المتوسطة، و الذين يعدون الخزان الرئيسي للعطاء الاجتماعي، فيما يشكل الأثرياء نسبة قليلة مقارنة بهم، مشيرا إلى أن جمعيته تحولت في السنتين الأخيرتين إلى مقصد للمحسنين لتوزيع أموال الزكاة التي تستفيد منها عموما 40 عائلة، و هو ما يدل حسبه، على قوة الثقة في الجمعية، و التي غالبا ما ترافق المحسنين إلى منازل المحتاجين .
و بخصوص تعدد الصفحات الفيسبوكية التي تنشط باسم الجمعية، فقد أوضح المتحدث أن الأمر يطرح كإشكال حقيقي يدفعهم في كل مرة للتواصل مع أصحاب هذه الصفحات للتأكد من هويتهم و أهدافهم من استغلال اسم الجمعية، لكن في كل مرة يؤكد هؤلاء بأن الأمر غير مقصود وأن غايتهم ليست التحايل بل خدمة العمل الإنساني، و غالبا ما يغيرون اسم الصفحة مباشرة، فيما لم يتم تسجيل أي تجاوز في هذا الإطار، كما لم يحدث أن استغلت الجمعية من قبل أي طرف كغطاء لخدمة أغراض مشبوهة، خصوصا وأنها تعمل في إطار تنسيق دائم مع جمعيات و هيئات رسمية، لتوحيد قوائم المعوزين بهدف وضع حد لظاهرة التحايل.
nالخطيب محمد مصطفى بن عبد الرحمان
تنظيم النشاط الخيري ضرورة لإنجاحه
قال خطيب مسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة محمد مصطفى بن عبد الرحمان، بأن العمل الخيري الذي نراه من خلال مواقع التواصل يعطي صورة جميلة عن المجتمع، و المغزى منه هو ابتغاء الأجر و وجه الله لقول الرسول عليه الصلاة و السلام « لا ينقص مال من صدقة»، مؤكدا إن المال يزيد بالصدقات ، فالله عز وجل قال " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة و الله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم" ، مشيرا إلى أن الرجل عندما كان يخطئ في زمن الصالحين و التابعين كان يتصدق بصدقة لأن الحسنات يذهبن السيئات كما هو معروف ، كما أن المتصدق يسد بابا من أبواب الاحتياج و يكفي غير الذل ، و الخير يقذف سرورا في قلب المحتاج.
فمن أوجه التقرب إلى الله تعالى حسبه، أن يكون الإنسان نافعا لغيره ، لأن ديننا الحنيف لا يتوقف على الصلاة و السجود و الركوع و الصيام فقط كما قال، و الدليل أن هنالك نصوصا تدل على أن خدمة الغير هي من أجّل العبادات التي نتقرب بها إلى الله، لقوله عز وجل « يا أيها الذين آمنوا اركعوا و اسجدوا و عبدوا ربكم و افعلوا الخير لعلكم تفلحون» .
فضلا عن حديث النبي عليه أزكى الصلوات، عندما سئل عن أحب الناس إلى الله، فقال « أحب الناس لله أنفعهم للناس، و أحب الأعمال شعور تدخله إلى قلب المسلم تقضي له دينا أو تطرد عنه هما أو تفرج له كربا «، كما أن هناك قولا مأثور كما أضاف، لأحد الصحابة جاء فيه أن « من كسا في الدنيا كساه الله يوم القيامة من لباس الجنة، و من أطعم في الدنيا أطعمه الله يوم القيامة من طعام الجنة، و من سقى في الدنيا سقاه الله عز وجل من شراب الجنة يوم القيامة «.
الخطيب بن عبد الرحمان حث في حديثه، على ضرورة تنظيم هذا العمل التطوعي ليذهب لمستحقيه و ذلك عن طريق المؤسسات و الجمعيات و المساجد ، فالفرد الراغب في القيام بفعل الخير عليه كما قال، أن يتصل بإحدى الجهات للتأكد من الحالة ليكون العمل منظما، مشيرا إلى أنه في القديم قيل بأن الصدقة تعطى لمن هو متيقن من فقره، لذا يجب في رأيه، التحري عن المؤسسات الموجودة في المجتمع و التأكد من فاعليتها، و متى تأكد بأن المال سيصل لأصحابه منح لها مباشرة.
و بخصوص نشر صور توثق العمل الخيري الذي يقوم به الأفراد و الجمعيات على مواقع التواصل قال ، بأن الأمر يعود للتقدير الشخصي، لكن من الأفضل حسبه، التستر على الصدقة كما حثنا عليه النبي الكريم في قوله «خيركم رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه»، مع ذلك لا حرج إن كان الغرض خصوصا بالنسبة للمؤسسات والجمعيات هو التوعية، لأن النبي قال «من سن سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيام». أسماء بوقرن
رئيسة الهلال الأحمر الجزائري سعيدة بن حبيلس للنصر
حملات فايسبوك تضخّم الواقع وكانت وراء حالات تحايل
أكدت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري سعيدة بن حبيلس، بأن العمل التطوعي و الخيري في الجزائر بحاجة لأن يضبط بشكل يمنع استغلاله لأغراض تخريبية و تحويله عن هدفه الأساسي لتحقيق الدعاية السياسية و الحزبية، خصوصا في ظل وجود جمعيات لا تصرح بمصادر تمويلها الأمر الذي يعد خطرا على الأمن القومي، رافضة بذلك تبني مبدأ حملات التضامن العشوائية التي تحولت إلى موضة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، و مشيرة إلى أن السلطات العمومية مطالبة بلعب دور الرقيب في ما يخص مصدر ومصير الأموال التي تجمع بهذه الطريقة، خصوصا في ظل تنامي سلوك الاتجار بمآسي الفقراء إعلاميا و حزبيا بحثا عن السبق و لأغراض سياسية تحوّل معها العطاء إلى بطاقة انتخاب يدوس الساعون خلفها بكل برود على كرامة الأشخاص.
النصر: ثقافة التضامن في بلادنا هل تكمل السياسة الإجتماعية ؟ وهل الهلال الأحمر كاف وحده كهيئة تطوّع غير رسمية؟
ـ بداية أود أن أنوه إلى أن العمل التطوعي يعد من مقومات الشخصية الجزائرية وهو ثقافة قديمة متجذرة في مجتمعنا ، لكن مع ذلك لابد من التفريق بين سياسة التضامن التي تتم بإمكانيات الدولة عن طريق سياستها الاجتماعية، و بين ثقافة التضامن التي تعتمد على المبادرة الفردية، وهما شقان متكاملان، وهنا تحديدا أشير بكل أسف إلى أن الذاتية طغت بشكل كبير على مجتمعنا في السنوات الأخيرة، و الاتكال على الآخر أو بالأحرى الاتكال على الدولة ألغى ثقافة التضامن، حتى أن الدولة باتت تعوض الأسرة أحيانا، بدليل أن هناك من الأبناء من يرمون ذويهم في دور الشيخوخة وهو أمر مشين يرفضه الدين والمجتمع.
النشاط غير المقنن شجّع على الإتجار بالمآسي
أما بخصوص الهلال الأحمر، فأقول إنه غير قادر وحده على تغطية الواقع و لذلك نعتمد في استراتيجينا دائما على مبدأ التكامل في العمل، لكننا و للأسف لاحظنا بأن غالبية الجمعيات تنتظر دائما منحة من الدولة، والمبادرة الفردية منعدمة لديها، وحتى ما هو موجود من مبادرات غير منظم و يفتقر للتنسيق.
ـ لكن المتابع لنشاط الأفراد
و الجمعيات على مواقع التواصل يقف على العكس، ما موقفك من حملات التبرع الفيسبوكية؟
ـ هذه الحملات ضخمت الواقع كثيرا وكانت وراء حالات تحايل عديدة، أنا فعلا لا أحبذ حملات الفيسبوك وسبق لنا كهيئة أن نقلنا الانشغال إلى السلطات بخصوص هوية من يقف وراء هذه الحملات، وإلى أين تذهب أموالها فعلا، فالجزائر سبق لها وأن عانت من تجربة مريرة سنوات التسعينات بسبب التبرع العشوائي، و الإرهاب تم تمويله عن طريق أساليب مماثلة، وشخصيا سبق لي أن تساءلت كيف لأفراد وجمعيات محلية أن يملكوا إمكانيات تفوق إمكانيات الهلال رغم أنه هيئة مؤسسة وقديمة وقوية،وهنا أوجه نداء للسلطات بضرورة تطبيق قانون مصادر التمويل بصرامة ومحاسبة الجمعيات، خصوصا ما تعلق بالجمع العشوائي للأموال، علما أننا لاحظنا ميدانيا بأن كلمة العمل التطوعي باتت غطاء لعمليات تخريبية ووقفنا على تقارير مغرضة ضد الجزائر أعدتها جمعيات تواصلت مع لاجئين من باب المساعدة.
لا بد من تطبيق قانون مصادر التمويل بصرامة
من جهة ثانية، فإن هذا نشاط غير المقنن شجع الاتجار سياسيا وحزبيا و حتى إعلاميا بمآسي الناس، رغم أننا نؤكد في كل مرة على أن العمل الخيري الإنساني لابد وأن يحفظ كرامة الأفراد، مع أنه بإمكاننا إن أردنا، أن نخدم القضية دون المساس بكرامة الإنسان، وقد سبق و أن اقترحنا تعويض قفة رمضان أو الطرد الغذائي بصك مالي ، وهو طرح تم تبنيه من قبل الدول برحابة صدر.
ـ إلى أي درجة يؤثر غياب التنسيق بين الجمعيات وعشوائية نشاطها على الشفافية؟ وماذا عن مصادر التمويل؟
ـ غياب التنسيق يطرح كمشكل يعيق تنظيم النشاط التطوعي خصوصا في ظل افتقارنا لبطاقية وطنية لعائلات الفقيرة، وهذا يجرنا مباشرة للحديث عن التحايل و الاستفادات المتكررة ، كما أن فوضوية التطوع تفرز الاستغلال السياسي لهذا الغطاء للوصول إلى مناصب معينة أو ممارسته أو تحويله إلى آلية للمعارضة و إلى بطاقة انتخابية، فبعض الجمعيات تمارس مظهريا العمل التطوعي، لكنها ضمنيا تخدم أهدافا تخريبية.
أما في ما يخص مصادر التمويل، فأقول بأننا نعيش مرحلة حرجة، تتطلب منا الحذر من هذه المصادر و معرفة مصدرها ولصالح ماذا تدفع، وهو ما يتطلب كما سبق وأن ذكرت، تفعيلا صارما لقانون الجمعيات و تركيزا على بند الشفافية في مصدر التمويل، الذي لا تحترمه الكثير من الجمعيات و تتغاضى عنه السلطات العمومية أحيانا.
فوضوية التطوّع تفرز الاستغلال السياسي
ـ كيف هي مساهمة رجال الأعمال في تمويل النشاط الخيري في بلادنا؟
ـ هناك مساهمة لكنها لا ترقى إلى المستوى المطلوب، ونحن في رحلة بحث دائم عن شراكات جديدة، مؤخرا وقعنا اتفاقية مع مجمع « كيا موطورز» و تلقينا دعما من مجمع كوندور الذي تكفل بمصاريف الجمعية العامة الانتخابية، كما عقدنا جلسة عمل مع وزير الطاقة ليزكينا لدى مؤسسة سونطراك و المؤسسات المتفرعة عنها كنفطال وسونلغاز حتى نستفيد من إعاناتها المباشرة،خصوصا وأننا نسعى لإنشاء مخزن للتبرعات على مساحة 6هكتار منحنا إياها والي العاصمة، وننتظر من مجمع كوندور، و بالأخص من منتدى رؤساء المؤسسات المساهمة بشكل فعال لتحقيق هذا الحلم، خصوصا وأن مساهماتهم ستكون إضافة نوعية لمساهمات المواطنين و المؤسسات الصغيرة والمتوسطة و كذا الشركات الأجنبية « كرونو»، الذين يعدون من أهم وأكثر وأكبر الداعمين لنا.
ميسورون يستفيدون من الإعانات
ـ ألا يفتح عدم ضبط بطاقية وطنية للفقراء الباب أمام اتساع رقعة التحايل و لماذا تأخر العمل عليها؟
ـ كما سبق وأن ذكرت فإن المشكلة تكمن في غياب التنسيق و فوضى العمل التطوعي، وهو وضع كثيرا ما يستغله البعض للتحايل والاستفادة لأكثر من مرة، ولذلك فإن البطاقية الوطنية باتت ضرورة ملحة، و أعتقد أننا بتنظيمنا لقوائم المستفيدين من صك رمضان، سنكون قد خطينا خطوة هامة في طريق تفعيلها، ولذلك فإن الهلال الأحمر الجزائري يشارك بكل ثقله هذه السنة ضمن لجنة وزارة الداخلية لضبط قوائم المستفيدين من الصك وإنجاح العملية، حيث سنسعى جاهدين لاعتماد شروط جديدة في تحديد المستفيدين، من خلال إشراك الفاعلين المحلين و العودة إلى استشارة الأعيان و جمعيات الأحياء و السلطات العمومية ممثلة في الأمن و المجتمع المدني المحلي لمعرفة المستحقين من دونهم، خصوصا وأننا لا نتعامل فقط مع محتاجين من المدن الكبرى، بل نسعى لتعميم الاستفادة لتمس سكان المناطق النائية والحدودية كذلك.
ندرس مشروع إنجاز محلات تضامن
وعليه فإن العمل بالأسلوب الإداري و اشتراط شهادة عدم الاشتراك في صندوق الضمان الاجتماعي و بطاقة التعريف لن يكون فعالا في هذه المرحلة، ففي أقصى الحدود و في أوساط البدو الرحل يعيش بشر بدون وثائق هوية، كما أن هنالك في المدن متحايلين يستفيدون من الإعانات بفضل شهادة عدم الانتساب للصندوق مع أنهم ميسرون و أثرياء أيضا.
الجزائر عانت في التسعينات من التبرع العشوائي
ـ لماذا لم نتجاوز بعد مرحلة الإعانات إلى مرحلة الاستثمارات الخيرية لتشغيل المحتاجين ؟
ـ لسببين أولهما هو أن تجربتنا لا تزال فتية كون عمر جزائر الاستقلال أو جزائر التعددية يعد صغيرا ولا بد لنا أولا أن ننظم أنفسنا قبل أن نتمكن من الانتقال لمراحل أكبر، مع ذلك ندرس في الهلال الأحمر حاليا فكرة التأسيس لمحلات تضامن، تبيع منتجات معينة بأقل من أسعارها الحقيقية، فمثلا بدل التبرع مجانا بمنتج قيمته 100دج نعرضه في المحل مقابل 10دج أي بسعر رمزي.
الدولة باتت تعوّض الأسرة بسبب الاتكال
أما السبب الثاني الذي أخر نضجنا فهو محدودية الدعم المادي، مثلا نحن كهيئة لا نزال نسعى منذ قرابة خمس سنوات لتفعيل مشروع إنشاء مخزن للتبرعات لكننا لم نتمكن من ذلك إلى غاية الآن، لكن هذا لا ينفي وعينا العميق بأن التبرع المفتوح ليس حلا نهائيا لمجابهة الفقر و الحاجة و كما أن التطوع الخيري لا يمكنه أن يضع حدا لواقع المشردين و غيرهم، ولذلك فقد قررنا أن نلعب دور الذراع الإنساني والأمني للمجتمع ، وأن نذهب مباشرة إلى العمق و نبحث في أصل المشكل المتمثل باختصار في «الشارع» باعتباره القاسم المشترك لكل الماسي الاجتماعية.
سنفتح ملف التقارب الأسري
و عليه سنسعى لإيجاد حلول جذرية نابعة من تحليلنا للواقع وقناعتنا بأن التحكم في الوضع يتطلب طرحا دينيا ثقافيا و قيميا وليس سياسيا، حيث نعتزم بداية من مارس القادم، فتح ملف تقارب الروابط الأسرية، و تنظيم ملتقى وطني بمشاركة كل الأطراف بما فيها وزارة الشؤون الدينية و الأسرة و الشؤون الاجتماعية والصحة و الشبيبة والرياضة ، ناهيك عن الداخلية والجمعيات الناشطة، للعمل من أجل جرد الحالات الاجتماعية ضحية الشارع و محاولة حل مشاكلها بما يتطلبه الوضع، فالمريض العقلي يوجه إلى المصح، والنساء في وضعية أسرية حرجة، نحاول إعادة لم شملهن بعائلاتهن والتوسط لحل الخلافات وما إلى ذلك.
نحن نلعب دور الذراع الأمني و الانساني للمجتمع
ـ كثيرون عابوا عليكم كهيئة تركيزكم المكثف على اللاجئين كأولوية، لماذا هذا الاهتمام المفرط بهذه القضية؟
ـ أولا أود أن أشير إلى أننا في الجزائر لا نتعامل مع أعداد كبيرة من اللاجئين، سوى ما تعلق بالقادمين من دول الساحل، أما بالنسبة للسوريين و الفلسطينيين فالأمر يتعلق بنازحين هم ضيوف الجزائر، و سياستنا واضحة في هذا الخصوص.
نحاول فتح مخزن للإعانات منذ خمس سنوات
أما بالحديث عن أصل الاهتمام و طبيعته، فهنا أوضح بأننا كانا نتعامل مع القضية في البداية بمنطق إنساني، لكن توغلنا في أوساط هؤلاء اللاجئين كشف عن مستجدات تمس الجانب الأمني مباشرة، لذلك أخذت القضية بعدا أمنيا انطلاقا من سنة 2011 حتى 2014، بعدما اكتشفنا وجود عصابات للاتجار بالبشر وبتنا نطرح تساؤلا حقيقيا حول هوية من يجتازون حدودنا، وقد سبق لمصالح الأمن والدرك أن تدخلت في عديد المرات لحماية قصر و نساء يتم استغلالهم في التسول و الدعارة و ما إلى ذلك، وهي نقطة كانت قد حذرت منها السلطات النيجيرية في بيان صدر في ديسمبر 2014.
هـ/ ط