الاثنين 16 سبتمبر 2024 الموافق لـ 12 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

الدكتور محفوظ عاشور أستاذ التاريخ بجامعة البليدة 2 للنصر: مؤتمـــر الصومـــــام يمثــــل نقلـــة نوعيـــــة في الثورة وتطورا كبيرا في استراتيجيتها

lلو لم يكن هناك بطل اسمه زيغود يوسف لما تم فك الحصار على الأوراس

أكد الدكتور محفوظ عاشور أستاذ التاريخ بجامعة البليدة 2 بأن مؤتمر الصومام المنعقد بتاريخ 20 أوت 1956 بقرية إيفري ببجاية، يمثل نقلة نوعية في الثورة التحريرية وتطورا كبيرا في استراتيجيتها التي كان أساسها الشمولية البشرية بإشراك كل شرائح الشعب في الثورة، مضيفا في هذا الحوار الذي خص به النصر بأن الثورة التحريرية في تلك الفترة كانت بحاجة لعقد هذا المؤتمر لإعادة تنظيم أمورها، مشيرا إلى دوره الكبير في تأطير الثورة و جيش التحرير الوطني و تدويل القضية الجزائرية.

حاوره: نورالدين عراب
* النصر: ما هو التحول الذي أحدثه مؤتمر الصومام في استراتيجية الثورة التحريرية؟
الدكتور محفوظ: الحديث عن مؤتمر الصومام يجرنا إلى الحديث عن تنظيم الثورة منذ البداية لأن الثورة التحريرية عند اندلاعها واجتماع مجموعة الستة وغير ذلك كان من المقرر أن يكون فيه مؤتمر كوقفة للنظر في الحصيلة الأولية للثورة التحريرية، لكن هذا المؤتمر لم ينعقد لأن ظروف الثورة والصعوبات التي شهدتها خاصة في بدايتها من حيث التنظيم ومن حيث العمليات العسكرية ومحاولة الجيش الفرنسي القضاء على الثورة، وكذا هجمات 20أوت 1955 ومحاولة حصار الثورة في الأوراس، يعني كانت هناك ضرورة للإسراع في عقد مؤتمر في أقرب وقت لإعادة تنظيم أمور الثورة، وكان ذلك في 20 أوت 1956 في قرية إفري أوزلاقن بمنطقة الصومام في وسط غابة هي غابة أكفادو.
وهذا المؤتمر ما يهمنا فيه هو أنه يمثل نقلة نوعية للثورة التحريرية وتطورا كبيرا في استراتيجية الثورة لأن هذه الثورة عند بدايتها كانت بإمكانيات بسيطة وبعدد قليل من الرجال وعتاد قليل وقديم، وأسلحة قديمة كذلك، وبعض المجاهدين لم يكن لديهم سلاح إطلاقا ، ولكن ما حدث في 20 أوت 1955 من المستحيل أن لا يربط بمؤتمر الصومام.
إذن ما حدث في 20 أوت 1955 أظهر أن الشعب كان مستعدا ومتيقنا ومتمسكا بثورته، وبالتالي كان لابد أن تكون هناك تنظيمات وترتيب جديد لإشراك مختلف شرائح الشعب في الثورة التحريرية، وتوسيعها لمختلف مناطق الجزائر، وبالتالي مؤتمر الصومام يمثل نقلة نوعية وترتيب استراتيجي جديد للثورة التحريرية أساسها الشمولية البشرية بإشراك كل شرائح الشعب من خلال الاتحادات والتنظيمات عبر وصفه بالفدائي والمناضل والمجاهد، وكل هذه الترتيبات جعلت من مؤتمر الصومام يشكل محطة محورية في مسار الثورة.
* النصر: إلى أي مدى ساهم مؤتمر الصومام في تدويل القضية الجزائرية؟
الدكتور محفوظ: نعم مؤتمر الصومام كان له دور كبير في تدويل القضية الجزائرية وإسقاط كل ادعاءات الاستعمار الفرنسي عن الثورة التحريرية، وذلك بانعقاده في منطقة كانت تعج بالقوات العسكرية الفرنسية، وهذا هو التحدي الذي قامت به الثورة اتجاه الاستعمار، ثم إن مؤتمر الصومام وضع استراتيجية لشمولية الكفاح في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدبلوماسية وغير ذلك، وكل هذا كان له دور كبير ونقلة نوعية وتطور في مسار الثورة التحريرية .
* النصر: ما هي الظروف التي مهدت لعقد مؤتمر الصمام؟
الدكتور محفوظ: على كل حال الظروف لابد أن نعرف بأنها ظروف صعبة، وهذه  الصعوبة تكمن في أنه لم يكن هناك تنظيم محكم، ولا يخفى على أحد بأن اندلاع الثورة التحريرية لم يكن قد حضر له تحضيرا دقيقا لأنه كانت فيه ضرورة قصوى لتفجير الثورة، التي تعيدنا فكرة الإعداد لها إلى إنشاء المنظمة الخاصة أو المنظمة السرية في عام 1947 من طرف حزب حركة الانتصار للحريات الديمقراطية ( التيار الاستقلالي) وهؤلاء الشباب الذين كانوا في المنظمة الخاصة على غرار بوضياف، بلوزداد، مصطفى بن بوالعيد وغيرهم من زعماء الثورة التحريرية والشباب الذين فجروا الثورة، كانوا يعدون لها إعدادا بشريا بتدريب المناضلين وإعدادا ماديا بتوفير السلاح والذخيرة والمال وغير ذلك، وما حدث هو أنه في 1950 تم اكتشاف المنظمة الخاصة وهنا اختلطت الأمور وكان في هذه النقطة من واجب هؤلاء الشباب أن يقرروا بتعجيل الثورة التحريرية، وبالتالي اندلعت الثورة بإمكانيات بسيطة وفي وسط أزمة كانت تسمى بأزمة حركة الانتصار للحريات الديمقراطية، وكذلك وفي ظل كل هذه الأمور التي تحوم حول اندلاع الثورة كانت لها مخلفات فيما بعد لأن الثورة كانت محاصرة في معاقلها من طرف الجيش الاستعماري، وخاصة أقصد بذلك حصار الأوراس، وكانت ظروف أخرى، ولا بد أن لا ننسى حملة الاعتقالات، وهناك زعماء قتلوا في شهر مارس 1956 أي قبل انعقاد مؤتمر الصومام كان هناك استشهاد قافلة من زعماء وشهداء الثورة حتى أصبح شهر مارس يسمى شهر الشهداء، ولهذا لابد أن نعرف بأن الظروف التي انعقد فيها مؤتمر الصومام كانت ظروفا صعبة وصعبة جدا في غياب التنسيق بين الولايات الذي ظهر جليا في حصار الأوراس، ولو لم يكن هناك بطل اسمه زيغود يوسف لما تم فك الحصار على الأوراس، وبالتالي طرحت قضية التنسيق بين الولايات، و كانت هناك ضرورة جد ملحة لعقد مؤتمر الصومام.
إذن خلاصة القول أن ظروف انعقاد مؤتمر الصومام كانت ظروفا صعبة، وكانت تميل هذه الظروف في صف الاستعمار لأنه هو الذي كان مستفيدا من تلك الظروف، وبالتالي تحدي الرجال وتحدي الثورة التحريرية للاستعمار جعلهم يحولون ذلك التراجع وتلك الانتكاسة وذلك الخلل وغيره الذي كان في البداية إلى انتصار عظيم من خلال عقد ذلك المؤتمر بالذات، إذن عقد المؤتمر في  حد ذاته يمثل انتصارا للثورة التحريرية.
* النصر : إلى أي مدى ساهم التنظيم الذي أحدثه مؤتمر الصومام في الحد من الخلافات التي برزت بين بعض قادة الثورة؟
الدكتور محفوظ: أكيد لا توجد هناك ثورة لا توجد فيها خلافات ونزاعات في التاريخ المعاصر، وفي كل الثورات التي عرفها العالم نجد فيها خلافات، وهذه الخلافات تكون لما يكون هناك غموض، كما تكون الخلافات لما يغيب النظام أو لما لا تحدد المسؤوليات، لكن الشيء الذي كان واضحا في مؤتمر الصومام هو أنه قضى على جوانب كثيرة من الخلافات وبعضها قضى عليها بشكل نهائي من خلال تنظيم الثورة والتنظيم المؤسساتي وكل فرد له مسؤوليات محددة، ويعرف متى تنتهي مهمته أو أين تنتهي، وبالتالي لا يتدخل في شؤون الآخرين، ولا ننسى أن جيش التحرير تنظم وتهيكل وأصبحت فيه رتب، وأصبح فيه تنظيم جيش عصري تحدد فيه المسؤوليات، كما هناك مناصب سياسية للذين كلفوا بالعمل السياسي ولا دخل لهم في العمل العسكري، ولكي يكون هناك تنسيق بين هؤلاء كانت هناك هيئة التنسيق والتنفيذ، فالثورة تدعمت بهياكل قضت على تلك الرغبة في الزعامة وغير ذلك من خلال المجلس الوطني للثورة التحريرية، وهذا المجلس هو الهيئة العليا للثورة، وبذلك أغلق الباب أمام من كان يفكر في قيادة الثورة أو يظهر نفسه للآخرين بأنه القائد للثورة، وبالتالي جاء مؤتمر الصومام ليغلق الباب على هذه الخلافات، وإذا كان هناك من يقول بأن مؤتمر الصومام كان خطأ وخللا في الثورة، نقول بأن العبرة بالنتيجة، وكيف أصبحت الثورة بعد مؤتمر الصومام ؟ هل أصبحت ثورة ضعيفة ؟ الإجابة لا بل أصبحت قوية، والدليل على ذلك سقوط الجمهورية الفرنسية الرابعة ومجيء ديغول الذي كان بطلا وحرر فرنسا وغير ذلك، حيث جاء من أجل القضاء على الثورة التحريرية وقيام الجمهورية الفرنسية الخامسة في 13 ماي 1958، وكل هذا دليل على أن مؤتمر الصومام جاء بإضافة وإستراتيجية جديدة، وكان هناك أكثر تضامن ووحدة بالرغم من بعض النقائص وبعض الخلافات الشخصية والذهنيات التي كانت موجودة، وهذا شيء طبيعي في كل ثورات العالم.                                      ن ع

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com