الجمعة 8 نوفمبر 2024 الموافق لـ 6 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

السعيد بولحليب مجاهد واجه حكما بالإعدام: هــــــــذه ذكريـــاتــي داخــــل رواق المــــــــــــوت

التحق بصفوف النضال و هو في سن 19، بعدما جنده ابن معلمه الشيخ رمضان بن جاب الله، أشرف على تنفيذ أربع عمليات ضد المستعمر، ليسجن و يصدر في حقه حكم بالإعدام، المجاهد السعيد بولحليب واحد من أبناء قسنطينة الذين تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب و سجنوا في زنزانة برواق الموت، يتحدث للنصر، بمناسبة الذكرى 61 لاستقلال الجزائر، عن ذكريات النضال و يروي تفاصيل حكم الإعدام كما جاءت في كتابه «زنزانة الموت»، المتبوع بإصدار ثان بعنوان «الفداء».

بورتري/ أسماء بوقرن

ولد السعيد بولحليب، في 26 أوت 1936، بدار بولحبال بحي سيدي جليس بوسط مدينة قسنطينة، و بعد مرور سنة انتقلت أسرته للإقامة بمحاذاة بيت جده من أمه بحي الأمير عبد القادر «الفوبور» أين ترعرع، التحق بمدرسة قرآنية بذات الحي و درس على يد الشيخ سيدي رمضان بن جاب الله، ثم انتقل إلى مدرسة تعليمية فرنسية، غير أنه انقطع عنها سنة 1943، بعد تحويل المؤسسات التعليمية إلى معاقل للجنود  وعقب ذلك بثلاث سنوات، دخل مدرسة علي خوجة بحي رحبة الصوف، وهي مؤسسة للتلاميذ المتأخرين درس فيها إلى غاية سنة 1952 وتحصل منها على الشهادة الابتدائية  وهو ابن 16 ربيعا، قصد بعدها معهد التكوين المهني بسيدي مبروك أين درس لمدة سنتين، لينتقل في السنة الثالثة نحو متقن خزندار و يتخصص في النجارة و ينال شهادة الكفاءة المهنية.
أول سنة نضال
قال محدثنا، إنه وقع في يوم في مشادات كلامية مع عناصر من قوات المستعمر، عند حاجز أمني بسيدي مسيد مر به وهو في طريقه إلى منزله بحي «الفوبور»، استجوب حينها حول مشاركته في هجمات 20 أوت 1955، و انتهى الأمر بالجنود إلى اتخاذ قرار قتله، فحاول إقناعهم بأنه تلميذ لا يزال يدرس و لا علاقة له بالنضال و أطلعهم على بطاقته المدرسية فأطلقوا سراحه، لكنه صادف عند مشارف حي باب القنطرة اشتباكا و إطلاق نار كثيف كاد يودي بحياته بعدما وجه فرنسي السلاح صوبه، قبل أن تتدخل  زوجة المعمر و تخبره أنه جارها.
وحسب المجاهد، فإن الموقف الذي عاشه، حز في نفسه و جعله يدرك أنه كان سيموت بلا هدف، فتحدث عن الأمر إلى صديقه الحسن، ابن معلمه الشيخ رمضان بن جاب الله، الذي التحق مبكرا بصفوف الثورة و اقترح عليه الانضمام  للنضال، فوافق  قائلا : «هكذا حتى و إن استشهدت سأستشهد على حق».
أوضح، بأن الحسن وجهه إلى نادي « أل دي أم دي» للتواصل مع المناضلين، ومن ثم نحو مزرعة محمد بومعزة بحي جبل الوحش، أين تعلم استعمال السلاح و تدرب على استخدام القنابل و تفجيرها و كيفية تنفيذ العمليات، ثم التحق بخلية سيدي جليس، أين كلف بتنفيذ أربع عمليات، مؤكدا بأن صديقه في النضال الحسن، كان سندا له قبل أن يستشهد في ميدان  الشرف.
فدائي في عمر 19
أخبرنا، أنه بدأ النشاط خلال السنة الأولى من التحاقه بالجبهة، حيث سلمه الحاسن أربع قنابل، ليقوم بأول عملية في مقر جريدة «la dépêche de constantine» للإخوة مورال، و التي كانت معارضة للشعب ولفكرة استقلال الجزائر آنذاك، مشيرا إلى أن اختيار الوقت كان مدروسا حيث تمت هذه العملية عند التاسعة ليلا، لعدم وجود عمال جزائريين، و قد شاركه في تنفيذها رفيقه بالعايب محمد بتأطير من لخضر بومعوش، و تمت ببهو الجريدة.
و في اليوم الموالي، نشر مقال بذات اليومية  عن حادثة الانفجار، و كان ذلك سنة 1956، بعدها بفترة قصيرة نفذ ثاني عملية، بمشاركة الفدائي طاهر بوياية،  حيث خططا لها خلف فندق سيرتا واستهدفت مصنع التبغ، أما ثالث عملية فكانت بملهى ليلى بحي «سان جون»   ورافقه في الرابعة عبد السلام محمد الصالح، لتصفية أحد المعمرين.
نفذت كل العمليات كما أوضح، ضمن نشاط خلية حي سيدي جليس، التي اكتشفت بفعل أخبار نشرتها  «la dépêche de constantine»، تطرقت إلى أسماء منفذي العمليات بمن فيهم هو، وقد أطلعنا المجاهد على نسخة ورقية من أرشيف الجريدة تضمنت مقالا مفصلا مرفوقا بصور و أسماء المتهمين و عددهم خمسة، « محمد بالعايب و أحمد بالباشا  ويوسف لبيوض و عبد العزيز بورغدة  و السعيد بولحليب».
التعذيب بالكهرباء و الماء
قال محدثنا، بأن توقيفه جاء بعد سقوط أحد المسبلين الذي استسلم للتعذيب و كشف كل شيء و أخبرهم بتفاصيل العملية ككل، وكيف سلم له دراجة نارية لتنفيذها و سهل عليه مهمة التنقل، فتم بعدها إلقاء القبض على المجاهد و إخضاعه لتعذيب وحشي بالكهرباء و الماء.
استرسل السعيد بولحليب في وصفه لتلك الذكريات قائلا، بأن الجنود لاحظوا مقاومته للكهرباء و ضعفه أمام الماء، فاختاروا مواصلة تعذيبه بالماء، ثم أدخل عقب ذلك إلى السجن المدني بالكدية بتاريخ 7 مارس 1957، و ظل سنة كاملة تقريبا دون أن يحاكم، لكنه اعترف بعد طول التحقيق ليحال ملفه مباشرة إلى المحكمة العسكرية بالقصبة، أين صدر في حقه حكم بالإعدام كحكم أولي و ذلك سنة 1958، فسجن في القصبة بزنزانة برواق الموت، و في يوم سجنه سمع صوتا يناديه من آخر الرواق و يطمئنه بأن لا يخاف و بأن حكم الإعدام لن ينفذ.
 قال إن صاحب الصوت اقترب من زنزانته و أخبره بأنه حارس جزائري مضيفا :  « ربي معاك و لن ينفذ الحكم»      و هي عبارة أخبرنا بأنها أشعرته بنوع من الراحة، ليسمع مجددا صوتا آخر من زنزانة ثانية يقول له : « أنا أحمد بولقرون، و محكوم  علي بالإعدام»، وقد جعله وجود رفيق في النضال يطمئن أكثر، حيث عرف بعدها بأن هناك ثلاثة مناضلين من ولاية سكيكدة و آخر من سطيف مسجونون معه في زنزانات منفصلة بذات الرواق و محكوم عليهم بالإعدام كذلك.
أضاف المجاهد، بأنه في غضون 45 يوما، تم الطعن في الحكم و أوكلت مجموعة المحامين الجزائريين مهمة الدفاع عنه لمحام من قسنطينة اسمه الحاج إدريس، الذي رافع لصالحه دون مقابل، لكن حكم الإعدام أقر للمرة الثانية بعد سنة من قبل المحكمة العسكرية، و ظل محدثنا في السجن إلى غاية ذلك اليوم من سنة 1958، حين ألغي قرار إعدام 47 محكوما من ولايات تبسة و سكيكدة و خنشلة و بجاية، وخفضت عقوباتهم إلى السجن مدى الحياة بسجن لامبيز، قبل أن يستفيدوا من العفو في  6 جوان 1961.
علاقتي بالجنرال بتشين و أحمد حماني
 و بخصوص الأسماء الثورية التي كان على احتكاك بها  ذكر، بأنه كان ضمن مجموعة الجنرال محمد بتشين رحمه الله،  و لا يزال يتذكر مواقفه معه، وكيف خبأه في بيت بسيدي مبروك بعد تنفيذه لعمليات عسكرية قبل أن يكتشف المستعمر أمره، كما تحدث عن علاقة بالشهيد أحمد حماني الذي قال، بأنه كان  يناديه «سيدي»، وهو رجل ممن قدسوا اللغة العربية و حفظوا القرآن و له مواقف صارمة و ثابتة  و لم يخش أحدا، كما أنه ممن درسوا أصول الفقه و السيرة النبوية  سنة 1961.
كتابي توثيق لما عاشه المحكومون بالإعدام
و تطرق المجاهد السعيد بولحليب، إلى إصداره « زنزانة الموت» الذي صدر قبل 5 سنوات، وقال إنه نتاج خمس عشرة سنة من الكتابة، قضاها في توثيق مسيرة 57 محكوما بالإعدام، و قدم نبذة تاريخية عن كل واحد منهم، قائلا بأنه كتبه بأسلوبه الخاص و لم يشأ أن يساعده أحد فيه.
 كما بدأ منذ أشهر في كتابة عمل جديد عنوانه «الفداء» سيتناول الفداء في قسنطينة، و سيتطرق إلى أسماء تاريخية منها أحمد بن مزداد، الذي لا يزال على قيد الحياة، ثم  عواطي و زعموش و منتوري و الشهيد حملاوي، و أشار المجاهد، إلى أنه بعد الاستقلال حقق شغفه بمواصلة الدراسة، ثم الالتحاق بالجامعة و درس تخصص الحقوق لمدة سنة.
أ ب 

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com