إن الأرض مساحة رحبة لمختلف أنواع العبادات سواء أكانت عينية أو كفائية أو تطوعية، فهي ميدان واسع تُؤدُّى فيه عبادةُ «العمل الصالح»، ويُستفاد من خيراتها، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) الملك:15 فكل عمل صالح نافع يعود بالخير على صاحبه أو أسرته أو مجتمعه فهو عبادة يثاب عليها ولو كان إماطة الأذى عن الطريق.
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
وقد خصَّ اللهُ تعالى هذه الأمة بأن جعل لها الأرضَ مسجدًا وطهورًا، فثبت في السنة قوله : (وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، وأَيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ) البخاري ومسلم؛ والقرآن الكريم يربط الصلة بين المسجد الذي تؤدى فيه العبادة الخاصة، وبين المسجد الكبير التي تُمارس فيه العابدة العامة الواسعة، قال تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الجمعة:10؛ فإذا أديتَ فريضةَ الصلاة وخرجت من المسجد لا تظن أنك قد انتهت عبادتُك بأدائك لتلك الركعات، فأنت فقط خرجت من مسجد خاص محدود المساحة إلى مسجد واسع سعة الحياة، أي خرجت من عبادة مخصوصة إلى عبادة عامة تسع الحياةَ كلَّها.
فكل واحد منا يستطيع أن يحول مكان تواجده والموقع الذي هو فيه ومجال تخصصه إلى مسجد يمارس فيه عبادة «العمل اليومي» فيثاب عليه كما يُثاب على عبادة الصلاة والزكاة والصوم والحج، وهذا المعنى يُستشفُّ من عموم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الحج:77
كم من أوقات نقضيها خارج المساجد، وكم من أعمال نقوم بها في مختلف ميادين الحياة في قطاعات التعليم والإدارة والصحة والصناعة والتجارة والإعلام والاقتصاد والسياسة وغيرها، فهي تحتاج منا إلى نية حسنة وسلوك مستقيم وإتقان في الأداء لتكونَ في مرتبة العبادة، فننال ثوابَها الأخروي ونحقق خيرَها ونفعَها الدنيوي.
هذه العبادة واسعة سعة الحياة ومجالاتها وميادينها: بإمكان الحاكم أن يجعل من دولته التي يحكمها مصلا يتعبد فيه، بأن يسوسها بالعدل، ويسعى لأجل مصلحة رعيته، والتفاني في خدمة وطنه. وبإمكان الأستاذ أن يحول المدرسة أو الجامعة إلى مسجد يمارس فيها عبادة نشر العلم وتعليم أبناء المسلمين بإخلاص وجد. وبإمكان العامل أن يحوّل مكان عمله إلى مسجد يتقن فيه عبادة العمل أو ممارسة مهنة من المهن بكل تفان وجدية. وبإمكان التاجر أن يحول دكانَه أو متجرَه إلى مسجد يمارس فيه تجارتَه بصدق، خالية من كل مظاهر الغش والخداع. وبإمكان الطبيب أن يحول مصحّته إلى مسجد يعالج فيها المرضى بكل إنسانية وشفقة، ويسعى لرفع المعاناة عنهم. وبإمكان القاضي أن يجعل من المحكمة مسجدا يحكم فيها بالعدل، ويرتفع عن الهدايا، ويطبق القانون على الجميع، وينصر المظلوم ويكفّ شرّ الظلمة والمفسدين. وبإمكان الوالدين أن يجعلا من بيتهما مسجدا يمارسان فيه عبادة التربية والتوجيه وإعداد النشء الصالح. وبإمكان رجل الأمن أن يجعل من بلده مسجدا عاما يمارس فيه عبادة عظيمة، تتمثل في حراسته والدفاع عنه ودرء الأخطار عنه بكل حزم وعزم، حينها تستحق عينُه أن لا تمسَّها نارُ جهنّم. وبإمكان رجل الإعلام أن يتعبد الله تعالى بنشر الوعي وتثقيف المجتمع وصدق الخبر وصحة المعلومة، ونقل الحقائق، والتحذير من مخاطر الأشياء... وبإمكان رجل السياسة أن يجعل وطنه مسجدا يمارس فيه السياسةَ بكل نزاهة من أجل خدمته بلا كذب ولا خداع، بعيدا عن نيل المصالح الضيقة وعن الرشاوي والفساد والجري وراء المنصب. وبإمكان كل مواطن أن يحوّل بلدَه إلى مسجد كبير يعمّره بالخير والصلاح والسلوك الحسن والكلمة الطيبة والنصح وفعل الخير وكف الأذى وبذل المعروف.
درس الهجرة يفرض على العرب والمسلمين العودة للوحدة والدفاع عن الحوزة
إن هجرة النبي الكريم ليست هجرة هروب ونجاة بالنفس وإنما هي بداية قوة تولد من رحم المعاناة كرضاع موسى في قصر فرعون ، قوة محمد أو قل قوة الإسلام خرجت كما قال البشير الإبراهيمي «طاش ذلك الباطل الطيشة الكبرى، وبحث عن حتفه بظلفه، فأخرج تلك القوّة إلى حيث تزداد قوّةً ورسوخًا، وهذا من عجيب صنع الله لهذا الدين القويّ الراسخ.» فمن يوم قال له ورقة: «إذ يخرجك قومك»، فقال: «أوَ مخرجيَّ هم؟ وهي في نفس الحبيب لها وقع مؤلم ، فقد أخرجه قومه ((إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا)) ، منعوه المسجد الحرام ((هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) فهل هو اليأس يدب؟ أم الاستسلام والهروب ؟ لقد وسم الله تعالى هذا لنبينا بالإخراج، أما لصحبه فقد وسم بالهجرة ((وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا))، فمسمى الهجرة بالنسبة للنبي الكريم لا تعدو كونها لغة من شأن عباراتها الوضعية العجز عن تقديم معنى عظيم كما قال البشير الإبراهيمي، أما بالنسبة لصحابة رسول الله فهي برهان إيمان، وشرط ولاية، و حض عليه القرءان، ولها جزيل الثواب بل هي وصف محمدة في حق المهاجرين، وصدق من الأنصار.
فالإخراج من الديار شنعه القرآن وشوهه بل قبحه حين قرنه بالقتل ((وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ )) فالقتل والإخراج من الديار سيان قال الإبراهيمي «الحكمة في ذلك أن التذكير بالإخراج من الديار يُذكي الحماس، ويُبقي الحنين إلى الديار متواصلًا، ويُنمّي غريزة الانتقام والأخذ بالثأر» والأمر بالهجرة والحث عليها لصحابة رسول الله، فيه تجمع لقوة ما كانت لتجتمع في ظل باطل أحكم زمامه، يقول شيخنا « إن إيجاب الهجرة بتلك الأساليب المغرية البديعة، هو جمع لأنصار الحق في مأزر واحد، بعد تشتّتهم لينسجموا ويستعدّوا إلى الرجعة والكرّة.» ولقد كانت تمهيدا للجمع بين أصلين من أصول العرب اللذين أضعفتهما العصبية بالمفاخرة فصيرا أنفسهما مطمع الحبشة»الفيل» والفرس «ذي قار « فكأنما جمعت عدنان» الحجاز» و قحطان «اليمن» فأحيت من الأواصر والأخوة ما أماتته الجاهلية ، وفي عقد التآخي بين المهاجرين والأنصار خير دليل يقول شيخنا «فهل تحمل ذكرى الهجرة على أن يتداعَوا إلى ما تداعى إليه أجدادهم، وأن يتآخوا على ما تآخوا عليه؟ هل يرجعون بالذاكرة إلى بيعة العقبة وما جرت للعرب من أخوة وسيادة، وعزّة وسعادة، فيتبايعون على حماية الحوزة العربية والذب عن حياض العروبة؟
إلغاء رسوم العمرة المكررة
أعلن وزير الحج والعمرة السعودي، محمد صالح بنتن، مؤخرا إلغاء رسوم تكرار العمرة والبالغة 2000 ريال سعودي (533 دولارا) وحسب وكالات أنباء فقد قال بنتن إن القرار يدعم الجهود الرامية لتحقيق أحد أهم أهداف رؤية المملكة 2030 باستقبال 30 مليون معتمر بحلول 2030. وبلغ عدد المعتمرين من الخارج العام الماضي، نحو 6.8 مليون معتمر، حسب بيانات وزارة الحج السعودية. وكانت السعودية فرضت في 2016 رسوما على العمرة الثانية وما بعدها بقيمة 2000 ريال لكل مرة، بعد تراجع إيراداتها بالتزامن مع انخفاض أسعار النفط عن مستويات منتصف 2014
فتاوى
lهل تزكى الأراضي من قبل مالكيها؟
من امتلك أرضا فلا زكاة عليه فيها ،إنما الزكاة في المال الذي يكتسبه منها .
lهل تزكى محاصيل الخضر والفواكه؟
لا زكاة على الخضر والفواكه لأنها لا تدخر، وإنما تزكى قيمتها أي أموال هذه المحاصيل إذا بلغت النصاب ودار عليها الحول. فإذا بلغت أموال هذه المحاصيل النصاب ودار عليها الحول وجبت فيها الزكاة.
lما حكم ضم أصناف الزكاة لتبلغ نصابا فيخرج ذلك منها؟
إن ذلك يكون في الصنفين من جنس واحد، كأن كان ذهبا وفضة بالنسبة للعين، وكالقمح والشعير بالنسبة للحبوب، والفول والجلبان بالنسبة للقطاني، وأما ما كان من جنسين مختلفين فلا يضم بعضهما إلى بعض. هذا ما وقع الاتفاق عليه، ونسوق الآن اختلافهم في الصنفين من جنس واحد. فأما الذهب والفضة فقال مالك وأبو حنيفة وجماعة بضمهما إلى بعضهما، فإن صار من مجموعهما نصاب وجبت فيه الزكاة. وقال الشافعي وأبو ثور وداود: لا يضم أحدهما إلى الآخر، فإذا بلغ النصاب في أحدهما وجبت فيه الزكاة دون الآخر. قال ابن رشد: وهذا خلاف لا معنى له، لعل من رام ضم أحدهما إلى الآخر قد أحدث حكما في الشرع حيث لا حكم، لأنه قال بنصاب وليس نصابا للذهب ولا للفضة، ويستحيل أن يكون في أمثال هذه الأشياء المحتملة حكم من الشارع فيسكت عنه حتى ينشأ عن هذا السكوت اختلاف، فهذا ما لا ينبغي، وما سكت عنه الشارع ولم يوجد له نص وإيماء فلا حاجة لنا أن نتكلف فيه شيئا لم يرد. من بداية المجتهد بتصرف. قلت: وما ذهب إليه ابن رشد هنا صحيح لقوله فيما أخرجه أصحاب السنن: «إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها». وهذا من المسكوت عنه فلا حاجة في أن نتكلف فيه شيئا لم يرد، كما قال ابن رشد.
موقع وزارة الشؤون الدينية
الأمم المتحدة تضع خطة عمل لحماية المواقع الدينية
أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يوم الخميس، أن المنظمة الدولية وضعت خطة عمل لحماية المواقع الدينية في العالم. وقال غوتيريش للصحفيين نقلا عن وكالات أنباء: «نعلم جميعا أن عالمنا يواجه زيادة في معاداة السامية والكراهية ضد المسلمين وزيادة في الهجمات على المسيحيين».ووفقا له، وفي الأشهر الأخيرة فقط ، قُتل يهود في المعابد اليهودية، وتم إطلاق النار على مسلمين في المساجد، وقتل مسيحيون أثناء أداء الصلاة. وقال الأمين العام للأمم المتحدة: «مرة أخرى، أدين بشدة هذه الهجمات. يجب أن تكون الأماكن الدينية مخصصة للصلاة وليس للحرب». يذكر أن الخطة التي وضعتها الأمم المتحدة تحتوي على توصيات ملموسة بشأن دعم الدول في ضمان الأمن في الأماكن المقدسة حسب المصدر نفسه.