ما تزال البشرية تعاني العنصرية وتداعياتها؛ فما انفك البعض يجعل من الاختلافات الطبيعية بين البشر مبررا لإحداث فروق اجتماعية وسياسية وقانونية، وهذا ينافي قواعد الاجتماع الإنساني، وما تعارفت عليه البشرية من ازدراء الرق والعبودية، و ما كرسه الإسلام الذي كان له فضل السبق في التأسيس النظري والتطبيق العملي لمبدأ المساواة بين أفراد وحدة النوع البشري، والتأكيد على أن الاختلافات الطبيعية آية من آيات الله تعالى وليست دليل تفاوت بين البشر؛ لأن التفاوت يكون على أساس القيم وحدها دون غيرها.
قال الله تعالى: ((وَمِنْ آيِاتهِ خَلْقُ السماوات وَٱلْأَرْضِ وَٱخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِى ذلِكَ لَآيات لِّلْعالِمِينَ))، ومظهر الآيات هنا، أن المفترض؛ مادام الخالق واحدا، أن يكون المخلوقون من البشر بلون واحد وشكل واحد ولسان واحد؛ لكن عظمة الخالق أظهرت هذه الاختلافات الطبيعية رغم وحدة المصدر، فظهر الذكر والأنثى، والأبيض والأسود، والأشقر والأدهم، والطويل والقصير، والنحيف والبدين، بل إن القرآن يؤكد أنه رغم كثرة البشر عددا فهم مختلفون في تفاصيل أعضاء جسمهم، ومن ذلك اختلافهم في البصمات، رغم قدرته تعالى على جعلها متماثلة، قال الله تعالى: ((بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ ))، وقد أثبت البحث العلمي الحديث أن البشر مختلفون في بصمات اليد وبصمات القرنية والبصمات الوراثية، بل إن القوم الذين ينطقون بلغة واحدة تختلف ألسنتهم من حيث النبرة الصوتية واللكنة، وهذا معنى اختلاف اللسان، قال الزمخشري: (الألسنة: اللغات. أو اجناس النطق وأشكاله . خالف - عز وجل - بين هذه الأشياء حتى لا تكاد تسمع منطقين متفقين فى همس واحد، ولا جهارة، ولا حدة، ولا رخاوة، ولا فصاحة. . ولا غير ذلك من صفات النطق وأحواله، وكذلك الصور وتخطيطها، والألوان وتنويعها، ولاختلاف ذلك وقع التعارف، ولو اتفقت وتشاكلت، وكانت ضربا واحدا، لوقع التجاهل والالتباس، ولتعطلت مصالح كثيرة. وهم على الكثرة التي لا يعلمها إلا الله مختلفون متفاوتون.)، وهذا قمة عظمة الخلق ودلائل الإعجاز؛ فليس الأمر متعلقا فقط باختلاف اللغات ولكن باختلاف الألسن، وهذا الاختلاف مع وحدة المصدر لا يتجلى مظهره في النوع البشري فقط بل في مختلف أجناس الخلق وأنواعه؛ فعلى الرغم من ان خالقها واحد وأنها تسقى بماء واحد إلا أن طعمها ولونها وشكلها مختلف؛ قال الله تعالى: ((وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْض مُخْتَلِفًا أَلْوَانه إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ))، وقال تعالى: ((وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذ لِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)).
الاختلافات الطبيعية آية من آيات الله وليست معيارا للتفرقة بين البشر
لقد أوضح القرآن أن الفروق الطبيعية غير المكتسبة للإنسان، التي لا دخل له فيها ولا قدرة له في إيجادها، لا تأثير لها على مكانته في الوجود والعمران البشري، فأساس التفاوت بين البشر فيما يكتسبونهم ويستطيعونه من خصائص وصفات، وقيم، فقال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )، فالتقوى هي القيمة الأساسية للترقي الإنساني ومحافظته على كرامته البشرية، وهي مظهر خلقي لا خلقي، مكتسب وليس فطريا أو حتميا، ثم أكد الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم على هذه الحقيقة القرآنية فيما روي عنه من قوله: (يا أيُّها الناسُ إنَّ ربَّكمْ واحِدٌ ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ ولا لأحمرَ على أسْودَ ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ)، وقد جسد الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك في دعوته حين جمع في ركبها مختلف القوميات والألوان؛ العربي والرومي والحبشي والفارسي، والأبيض والأسود، وعلى درب المصطفى سار المسلمون من بعده، الذين استوعبوا في حضارتهم التعبدية والعلمية والفنية والعمرانية والاجتماعية مختلف الألسن والألوان والأمم من العرب والأمازيع والترك والفرس والكرد والسودان وغيرهم .
صحيح أن هناك مؤثرات أسرية واجتماعية وبيئية تسهم في تكوين شخصية الإنسان وتؤثر على نفسيته وبنائه الشخصي، لكن كل هذه المؤثرات مكتسبة وليست فطرية طبيعية؛ بمعنى أن للإنسان بشكل مباشر أو غير مباشر دورا في تشكلها، وانسيابها للتأثير في شخصيته أو شخصية غيره، ولذلك قد يوجد بعض مبرر لمن يتكئون عليها للقول بوجود فوارق بين البشر وتفاوت؛ لكنها صفات مؤثرات قابلة للتهذيب والترشيد والتحكم بخلاف المؤثرات الطبيعية، فالتمييز العنصري الذي ما يزال يسود بعض أجزاء العالم، ودعاوى وجود اختلافات طبيعية تجعل من بعض البشر أرقى نوعا من غيرهم، أو أكثر ذكاء وإنسانية بحكم طبيعة تكوينيهم الجيني والفيزيولوجي محض افتراء لا أساس شرعي أو علمي لها؛ بل إنها ثقافة متخلفة عن بقايا ثقافات زمن الرق والعبودية والاستعمار واحتقار الشعوب والأمم، عاشتها البشرية قرونا سالفة، فالناس يولدون من حيث المبدأـ على قدم المساواة في قدراتهم العقلية واستعداداتهم الفطرية، ويترقون بعد ذلك بقيمهم الخلقية من تقوى وعلم واجتهاد وتمدن وتحضر، وحسن خلق.
ع /خ
فيلم الرسالة أسهم في محاربة التمييز العنصري
بغض النظر عن الملاحظات التاريخية التي سجلها البعض على فيلم الرسالة؛ حين أبرز شخصيات على حساب آخرى، وأعطاها أدوارا تاريخية في بعض المواقف لم يثبت تاريخيا أنها تبوأتها إلا أن من ايجابيات هذا الفيلم أنه قدم للعالم الغربي قبل الشرقي موقف الإسلام الرافض للاضطهاد والاستبداد وقمع الحريات، والرق والعبودية والتمييز العنصري، في الكثير من لقطات الفيلم وبنائه الدرامي يتجلى هذا الموقف وذاك، ولعل مشهد تعذيب بلال الحبشي الأسود العبد من قبل سيده أمية الأبيض الحر لا لشيء سوى أنه نطق بالشهادتين أكبر دليل على ذلك، فهذا المشهد أثر كبيرا في متابعيه خاصة من الأمريكيين السود، ولذلك ورد أنه اسلم أزيد من 30 ألف ايام عرض الفيلم قبل أن تتوسع الدائرة بعدئذ لتتسع لملايين الذين أسلموا، وكان للسود الأمريكيين نصيب كبير من هذا الفتح، لأن الفيلم عرض في سبعينيات القرن الماضي حين كان التمييز العنصري طاغيا ليس فقط في إفريقيا بل حتى في أمريكا ذاتها، ولئن أدى الفيلم رسالته التاريخية المسطرة له فإن على المسلمين اليوم الإسهام مع عقلاء الإنسانية في صياغة منظومة حقوقية وقانونية وأخلاقية تعيد للإنسان كرامته وإنسانيته، وتتجاوز التفاوت المصطنع، وتحول دون أي فكر استعماري غربي جديد قد يطأ أراضي أمم جديدة بحجة أنها اقل تحضرا وأقل إنسانية، على غرار ما فعل منذ قرنين من الزمن، ذاك الاستعمار الذي كان يفترض في الأديان ان تكون عائقا دون انتشاره؛ لكن بعضها لم يكتف بالسكوت عنه بل قدم له المبررات والحجج الدينية التي تسوغه؛ فأضحى الدين في خدمة الاستكبار العلمي بدل أن يكون رحمة للشعوب وانعتاقا لها، فكل دين يبرر العبودية أو الاستعمار أو الاستبداد هو محض تدليس وزيف وافتراء على الله تعالى؛ لأن الله تعالى يقول: ((قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ))
ع/خ
قالوا في نبذ العنصرية: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام
المادة (1)
أ- البشر جميعا أسرة واحدة جمعت بينهم العبودية لله والنبوة لآدم وجميع الناس متساوون في أصل الكرامة الإنسانية وفي أصل التكليف والمسؤولية دون تمييز بينهم بسبب العرق أو اللون أو اللغة أو الجنس أو المعتقد الديني أو الانتماء السياسي أو الوضع الاجتماعي أو غير ذلك من الاعتبارات. وأن العقيدة الصحيحة هي الضمان لنمو هذه الكرامة على طريق تكامل الإنسان.
ب- أن الخلق كلهم عيال الله وأن أحبهم إليه أنفعهم لعياله وأنه لا فضل لأحد منهم على الآخر إلا بالتقوى والعمل الصالح.
مالكوم إكس (الحاج مالك الشباز)
إن أمريكا في حاجة إلى فهم الإسلام لأنه الدين الوحيد الذي يملك حل مشاكل العنصرية فيها.
عبد الوهاب المسيري
الدولة التي لا يمكنها البقاء فيها إلا من خلال قوانين عنصرية لا تستحق بقاء.
سوريا تطمئن بشأن ضريح الخليفة عمر بن عبد العزيز
طمأنت السلطات السورية بشأن ضريح الخليفة عمر بن عبد العزيز، الذي تعرض للنبش حسبما تم تدوله إعلاميا في بعض المواقع الالكترونية؛ حيث أصدرت وزارة الأوقاف السورية بيانا بخصوص الضريح الواقع قرب مدينة معرة النعمان بريف إدلب، لتبديد الشائعات حول تعرضه للنبش والتخريب. ونقلا عن وسائط إعلامية فقد قالت في البيان: «إن وزارة الأوقاف وبعد تحرير منطقة معرة النعمان من دنس العصابات الإرهابية قامت بالكشف على موقع ضريح الخليفة الراشد». وأكدت أن قبر الخليفة عمر بن عبد العزيز ورفاته لم يتم العبث بهما، رغم وجود «آثار لبعض أعمال التخريب في جدران ومكان الضريح من قبل العصابات الإرهابية». وأضافت أنه سيتم فتح المقام للزوار خلال فترة وجيزة.
كورونا في إيطاليا.. لا مساحات كافية للمسلمين لدفن موتاهم
دعا الأئمة وممثلو الجالية المسلمة في إيطاليا لتخصيص مساحة إضافية للمسلمين في المقابر، ليتمكنوا من دفن موتاهم من ضحايا فيروس كورونا. ونقلت وسائط إعلامية « عن إمام مسجد «ميلانو سيستو» عبد الله تشينا قوله: «اختبرنا الألم، لكنه يتعمق أحيانا عندما لم تجد بعض العائلات مكانا تدفن فيه موتاها لعدم وجود أقسام مخصصة للمسلمين في مقابر المدن». ونتيجة تعليق الرحلات الجوية، تعذرت إعادة المسلمين الذين توفوا بفيروس كورونا أو لأسباب أخرى إلى بلدانهم الأصلية. وتسبب ذلك بارتفاع عدد طلبات الدفن، واكتشاف أنه لا مكان لهم في مقابر إيطاليا. وحسب ذات المصدر فقد اضطر العديد من مسلمي إيطاليا لقطع مسافات كبيرة لدفن موتاهم أو ترك الجثث لأيام في المشارح أو حتى في المنازل بحثا عن مكان لدفنها.