يحتفي المعلمون بعد غد بيومهم العالمي الذي يستحضرون فيه ثقل الرسالة التي يحملونها وعظمتها حاضرا ومستقبلا، على حياة الأفراد والدول والأمم والمجتمعات، بعد أن أثبتت حوادث الماضي والحاضر أن حياة الأمم وتطورها ومجابهتها لمشاكلها وطوارئها الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والصحية والسياسية والأمنية لا يتأتى إلا على يد العلماء الذين تتلمذوا على يدالمعلمين في شتى المعارف والعلوم.
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
إن مهنة التعليم أشرف المهن إطلاقا والأمم المتحضرة اليوم لم تتبوأ مكانته الريادية حضاريا إلا بعد أن جعلت العلم والمعلم في الريادة الاجتماعية والمهنية بخلاف غيرها من الأمم المتخلفة التي دحرجت مكانة المعلم في سلمها الاجتماعي والمهني.
ونظرا لأهمية التعليم فقد كان رسالة الأنبياء والمرسلين الذين أرسلوا لتعليم أممهم الدين الحامل للهداية والإرشاد والسعادة في الدارين الدنيا والآخرة، ومنهم الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه الله تعالى: ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (2)))، وروي من قوله صلى الله عليه وسلم: (إِن الله لم يبعثني مُعْنِتا ولا مُتَعَنِّتا ولكن بعثني مُعَلِّما مُيَسِّرا.) رواه مسلم. فالرسول الأعظم هو إمام المعلمين في تاريخ الإسلام وحضارته، ثم انتشر أصحابه المقربين في الأمصار معلمين حاملين رسالة التعليم.
وقد كرس الإسلام مكانة الريادة للمعلمين والعلماء في سلمه الديني والاجتماعي فقال الله تعالى: ((قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)))، فالعلماء ليسوا سواء مع غيرهم، لأنهم مرجع الأمة حالة الشدائد قال الله تعالى: ((فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ))، وحملهم المسؤولية العظيمة لالتزام منهجه القويم فقال الله تعالى: ((وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ))، فقد قيل في بعض تفاسير الآية أن المراد بالربانية هنا مشتقة من الربان أي قائد السفينة فالعلماء هم ربان الأمم وقادتها، والنصوص المكرسة لمكانة الريادة للمعلم في الإسلام كثيرة جدا.
وتبعا لهذه المرتبة فإن من أهم واجبات المعلم تجاه أمته ودينه أن يكون مخلصا متمكنا علميا من التخصص الذي سخر له حياته وتفرغ له لأنه فرض كفاية في حقه، وأن يتقن عملية التعليم حتى تكون ناجحة؛ سواء بالطرائق والمناهج والوسائل والمعارف أو بالتربية والرحمة والشفقة بالمتعلمين والنصح لهم، وأن يعتز بمهنته لأنها أشرف المهن، وأن يكون في مستوى تبعاتها ومظاهرها اجتماعيا فلا يعرض نفسه لمواقع ومواقف قد تسيء لهذه الرسالة، كما عليه أن ينمي حب العلم والإخلاص له في نفوس الناشئة من طلابه ويبعث فيهم الأمل بالنجاح في الدنيا والآخرة لمن سلك طريقه.
كما يجب على الأمة والأفراد تجاه المعلم دوام احترامه، وتبوئته مكانة الريادة اجتماعيا ومهنيا وماديا، وتلبية ضرورياته وحاجاته حتى لا ينشغل بها عن مهنة التعليم، وأن يستشار في شؤون الأمة العامة لاسيما ما تعلق منها بتخصصه، حتى يكون علمه خادما لتطور الأمة وتنميتها وليس مجرد معارف نظرية؛ لأنه مصدر الموارد البشرية التي تسير الشأن العام إداريا واقتصاديا وسياسيا وغيرها من ميادين الحياة في الدولة. إن إهمال المعلم وتهميشه ودحرجة مكانته في السلم الاجتماعي سينعكس سلبا على الدولة والمجتمع حاضرا ومستقبلا؛ لأن الاستثمار المادي الحق المحقق للتنمية المستدامة والاستقرار الاجتماعي والسياسي والصحي إنما هو الاستثمار في الرأس مال البشري، وكل دينار يصرف على العلم والمعلم سيدر أضعافا مستقبلا. ع/خ
قالوا في المعلم
عدم الانشغال بما لا يعنيك أدب نبوي
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: (مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وقَالَ: حَسَن، يمثّل هذا الحديث أصلا عظيما من أصول الأدب، فهو عظيم الأثر الأخلاقي في ضبط العلاقات بين الناس. فهو يدل على حسن الإسلام وكمال الإيمان. ففيه توجيه وتربية للمسلم وللمسلمة في عدم الانشغال بما لا يفيده من أمور الناس وما لا يعنيه، ولا يسأل عن ذلك، ولا يخوض فيه بلسانه، فلا يتدخل في شؤونهم، ولا ينقل أخبارهم وأحوالهم للغير، ولا يكون هو حديثه الغالب في مجالسه ولقاءاته مع الناس، فإن ذلك من اللغو ومضيعة للوقت، وقد يجلب له المشاكل، وقد يكون ذريعة إلى تتبع عورات الغير والتشهير بهم.
و هذا السلوك خاطئ، سواء أكان ذلك بالكلام أو الاستماع أو النظر أو المشي أو الفكر. فعليه أن يبتعد عما لا جدوى فيه ولا نفع من الأقوال والأفعال. فالوقت الذي يقضيه الإنسان فيما لا يعنيه ينبغي أن يُوفّره في الاهتمام بنفسه وإصلاحها، والاشتغال بما يفيده وينفعه.
تغريم مسلم لرفضه مصافحة امرأة بفرنسا
أدين رجل مسلم في منطقة بورج بفرنسا قضائيا بتهمة ارتكاب «سلوك تمييزي تجاه النساء والمساس بالكرامة» في حق مسؤولة الشرطة في شهر يناير الماضي برفضه مصافحتها باليد. ونقلا عن وسائط إعلامية فقد قال المتهم إن رفضه مصافحة المسؤولة كاترين فيرييه نابع «من كون ديانته الإسلامية تمنعه من القيام بذلك مع امرأة». وحكمت المحكمة عليه يوم 22 سبتمبر الجاري بعقوبة دفع غرامة مالية تقدر بـ 750 يورو مع تعويض مالي على الضرر لمسؤولة الشرطة قيمته 1500 يورو أخرى.
أعضاء مجمع الفقه الإسلامي في السودان يفتون بعدم جواز التطبيع
أفتى أعضاء مجمع الفقه الإسلامي في السودان بالإجماع، يوم الأربعاء، بعدم جواز التطبيع مع إسرائيل في كل المجالات. حسبما تناقلته وسائط إعلامية وتمثل هذه الفتوى استمرارا طبيعيا لما أفتى به الفقهاء المسلمون المعاصرون منذ عقود؛ لكن تم إحياء الفتوى بسبب الهرولة الجديدة نحو التطبيع.
الأوبئة الخفية
مجتمعنا وخطر التهديد القيمي والثقافي
قبل الخوض في فتح أوراق أفكار هذه المساهمة، نسجل للقارئ الكريم ملامح جميلة ووطنية خالدة للهبة الجماعية، التي صنعتها الدولة والمجتمع في سياق المجهود الوطني لمواجهة وباء كورونا، لكن أحيل هنا لأوبئة اخرى ما تزال تهددنا وتشكل الخطر غير المرئي المحيط بمجتمعنا الجزائري خاصة والعربي المسلم عامة.
ربما هذا الخطر انتبه له علماء الاجتماع وعلماء الاخلاق والمهتمون بالفلسفة التطبيقية التي تعنى بكل القيم والعادات والتأثيرات الفكرية السلوكية، لتحولات العقل والتفكير والمجتمع،ولم ينتبه أفراد المجتمع لخطر الأوبئة القيمية، رغم اهتمامه وانتباهه لخطر وباء كورونا وغيره من الأمراض المتعلقة بالفيروسات والميكروبات المهددة لجسم الانسان.
ونسجل هنا مساهمات المؤسسة الأمنية ورجال الشرطة،عبر زيارات للمؤسسات التربوية وعقد لقاءات عديدة مع الطاقم التربوي والتلاميذ وتعريفهم،مثلا بأضرار الألعاب الالكترونية وأجهزة الهاتف الذكية، وما يحدث من جرائم إلكترونية متنوعة ومتعددة.
فالكثير من الظواهر الاجتماعية والأخلاقية، والكثير من التغييرات الثقافية الظاهرة والخفية، (في تحليقات الشعر، اللباس، الموسيقى، اللغة، العلاقات الأسرية، قيم المراهقة...)قد أصابتها أنواع من الغزو الثقافي والانهيار الاخلاقي، دون أن يتحرك المجتمع ودون تجاوب من جانب هام من أجهزة الدولة، لتفعيل بعض التشريعات والقوانين للحد مثلا، من هجوم الألعاب الكترونية وتحطيمها للقيم والعقول عبر فضاء الانترنت، وكأن المسألة متروكة للحرية الشخصية، رغم ضررها النفسي والعصبي والقيمي، على الطفال والشباب في البدء، وعلى المجتمع والدولة في الختام؟؟
في الختام...
على العائلة الجزائرية أن تكون على وعي بالخطر المهدد للثقافة والأخلاق، وأن لا تركز على البناء البيولوحي، الفزيولوجي لأبنائها وتهمل التربية والقيم والمواقف. ومن ثمة أدعو لهبة وطنية جماعية، تشترك فيها كل القطاعات بقوة وفعالية، في أزمنة محددة، وباستراتيجية مدروسة، قصد التوعية والتحذير والتنبيه من كل الأوبئة القيمية والدينية والثقافية التي تنخر جسد الأمة من دون انتباهها.. بمعنى أن الأوبئة والفيروسات تنقسم لنوعين: (1) أوبئة ملموسة ومادية تصيب جسد الإنسان وعلاجها في الأدوية واللقاحات، (2) أوبئة وفيروسات تخرب العقل، الدين والأخلاق، وهي معنوية وروحية، تتطلب العودة لقيم الدين وتحتاج لوعي فكري ولانتباه مجتمعي لها، وعلاجها ولقاحها في اليقظة الجماعية وفي روح الاعتدال /الوسطية في الدين، وفي قيم الموروث الثقافي الشعبي، وفاعلية العقل لمحلل/ المنفتح، دون أن ينبهر/يستلب أمام تكنولوحيا الاتصالات.
الشؤون الدينية تطلق مسابقة اقرأ كتابا تمتلك آخر
أطلقت وزارة الشؤون الدينية مسابقة وطنية بعنوان اقرأ كتابا تمتلك آخر موجهة لمختلف طلاب أطورا التعليم شغلا للوقت في الحجر الصحي واستثمارا له فيما هم أنفع، من خلال عدة كتب الكترونية أعلنت عنها كما هو مبين أدناه، حيث يقرأ المتسابق الكتاب ثم يلخص الأفكار في تسجيل سمعي بصري أو سمعي فقط لمدة خمس دقائق، ويرسله عبر البريد الالكتروني، وستوزع الجوائز في إطار الاحتفال بذكرى ثورة نوفمبر القادمة.