الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

الإسلام يجعل اللجوء حقا وواجبا و يأمـــر بتأمـــين الـوافدين

يعد اللجوء الإنساني بحثا عن الأمن النفسي أو الديني أو الفكري أو السياسي عادة إنسانية قديمة دفعت اليها ظروف تاريخية قديمة متجددة، ، وقد أكد الإسلام على هذه العادة وحث على استقبال اللاجئين وتأمينهم والدفاع عنهم وتحريرهم، وألزم المسلمين تجاههم بجملة حقوق تضمن لهم حق الحياة و الدين و المال، سواء أكان اللاجئ مسلما أم غير مسلم، فالمسلم المهاجر الفار إلى المسلمين تجب مودته و استقباله على غرار ما فعل الأنصار بإخوانهم المهاجرين في البدايات الأولى للدعوة الإسلامية، حيث مدح القرآن الكريم حسن صنيعهم وإيثارهم لإخوانهم على أنفسهم لأن المؤمنين إخوة بغض النظر عن أوطانهم ولغاتهم وألوانهم،
أما إن كان اللاجئ غير مسلم فقد أوجب القرآن إعطائه حق الأمان إن طلبه و يجب الوفاء بعقد الأمن لقوله تعالى: ((وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذ لِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ ()) وقبل ذلك لجأ المسلمون الأوائل الى النجادي ملك الحبسشة فأكرم وفادتم وأحسن استقبالهم وأعطاهم الأمان على أنفسم ودينهم وموالهم
بل إن القرآن الكريم يوجب اللجوء على كل مستضعف في الأرض لأن أرض الله واسعة فليهاجر فيها حيث يجد موطنا آمنا، وجعل لهم نصيبا في الزكاة سواء من خلال سهم المؤلفة قلوبهم أو سهم ابن السبيل، أو الخمس
وقد نص الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الإسلام على أن (لكل إنسان الحق في إطار الشريعة في حرية التنقل، واختيار محل إقامته داخل بلاده أو خارجها وله إذا اضطهد حق اللجوء إلى بلد آخر و علي البلد الذي لجأ إليه أن يجيره حتى يبلغه مأمنه ما لم يكن سبب اللجوء اقتراف جريمة في نظر الشرع.)
و قد تجاوز عدد  اللاجئين و النازحين في العالم عتبة الثمانين مليونا منتصف العام الحال،ي وهو مستوى قياسي، في خضم جائحة كوفيد 19 على ما أفادت الأمم المتحدة أمس. ويضم هذا العدد 45,7 مليون نازح داخليا و29,6 مليون لاجئ وأشخاصا آخرين اضطروا لمغادرة بلدهم فضلا عن 4,2 مليون طالب لجوء. و أوضح بيان المفوضية “النزاعات القائمة والجديدة فضلا عن فيروس كورونا المستجد كان لها تبعات مأساوية على حياتهم في العام 2020، وهو ما يقتضي البحث في سبل تأمينهم وضمان حقهم في الحياة والكرامة
ع/خ

القرآن كرر لفظ الأمن ومشتقاته للدلالة على أهميته في حياة الأفراد والمجتمعات
كان من أسمى أهداف رسالة الإسلام وغاياتها -بعد تصحيح العقيدة-بناء مجتمع متماسك يسوده الأمن، وينبذ فيه العنف والظلم. ولكن رسم الغاية والهدف لا يعني شيئا إذا لم يقترن بوضع وسائل وطرق عملية تحقق تلك الغاية وذلك الهدف. فللأمن مكانة كبرى ومنزلة عظمى في النصوص الشرعية؛ باعتباره من النعم الجليلة التي أنعم الله بها على الإنسان.  و وجود هذه النعمة متوقف على وجود أسبابها والعوامل التي تجعلها حقيقة ثابتة في حياة بني الإنسان.  
و قد وردت كلمة الأمن في القرآن الكريم في عدة مواضع، وهي تدل في كل موضع على معنى معين يتعلق بالأمن. فوردت بصيغة الحال : (آَمِنًا) للدلالة على الإنسان المطمئن غير الخائف، كقوله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ  فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا)، و ذكر الراغب الأصفهاني وجوها أخرى في بيان معنى كلمة: (آَمِنًا)، منها : آمنا من النار، و قيل: من بلايا الدنيا التي تصيب من قال فيهم عز وجل : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)، ومنهم من قال : لفظه خبر ومعناه أمر، وقيل يأمن الاصطلام، أي الاستئصال . و قيل: معناه أنه آمن في حكم الله، كقولك: (هذا حلال وهذا حرام)، أي في حكم الله، والمعنى لا يجب أن يقتص منه ولا يقتل فيه إلا أن يخرج.
ووردت بصيغة الحال: (آمنا) للدلالة على المكان الموصوف بالأمن أو الآمن أصحابه  وذلك في قوله تعالى :(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا)، وقوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ)، ويذكر فخر الدين الرازي -بالإضافة إلى هذا المعنى – معاني أخر، منها أن المراد بالآية دعاء إبراهيم للمؤمنين من سكان مكة بالأمن والتوسعة بما يجلب إلى مكة؛ لأنها بلد لا زرع ولا غرس فيه، فلولا الأمن لم يجلب إليها من النواحي وتعذر العيش فيها، وأيضا فثمة اختلاف في الأمن المسؤول عنه في هذه الآية؛ هل هو الأمن من القحط؟ ويؤيد القول به أنه أسكن أهله بواد غير ذي زرع ولا ضرع، أم هو الأمن من الخسف؟ أم هو الأمن من القتل ؟ ودليل من قال أنه الأمن من القتل – وهو قول أبي بكر الرازي – أن إبراهيم عليه السلام سأل الله عز ووجل الأمن أولا،  ثم سأله الرزق ثانيا، ولو كان الأمن المطلوب هو الأمن من القحط، لكان سؤال الرزق بعده تكرارا؛ ولهذا قال عز وجل : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ)، وقال أيضا : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا)، وقال في نهاية القصة : (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) واعترض على هذا الاستدلال بأن احتمال كون المراد بالأمن في الآية هو الأمن من الخسف والمسخ، أو الأمن من القحط يبقى وارد، ثم إنه لا يوجد ما يمنع من القول بأن المقصود بالأمن من القحط قد يتحقق بأمرين : الأول : حصول ما يحتاج إليه من الأغذية، والثاني : بالتوسع فيها . وعلى هذا فسؤال إبراهيم الأول ربه الأمن يعني: طلب إزالة القحط، وسؤاله الثاني وهو الرزق من الثمرات يعني التوسعة العظيمة في الرزق. وهذا ما يعرف في المجال الاقتصادي بالأمن الغذائي.  
ووردت بلفظ: (آمنون)، ولفظ (آمنين)، أي غير خائفين، وذلك في قوله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ)، وقوله تعالى: (فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ) وقوله تعالى:( ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ)
ووردت بمعنى عدم الخوف وذلك في قوله تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ) وقوله تعالى : (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)[الأنعام : 81]، وقوله تعالى (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)[الأنعام : 82]
و وردت للدلالة على المكان الآمن من القتال و العدوان، وذلك في  قوله تعالى :(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا). وقوله تعالى : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) وقوله تعالى :(ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ) وقوله تعالى :(نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ)  وكلمة الأمين هنا تعني جبريل؛ لأنه أمين على الوحي الذي فيه الحياة .
وقوله تعالى :(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً)، أي ذات أمن أو آمنا سكانها. وقوله تعالى :(وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ)، وقوله تعالى: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) والمعنى أنه يحفظ ما استأمنته عليه.
و يذكر الراغب الأصفهاني أن الأَمْنَ و الأَمَانَة و الأمَانُ في الأصل مصادر، و يجعل الأمَانُ تارة اسما للحالة التي يكون عليها الإنسان في الأمن وتارة اسما لما يُؤمن عليه الإنسان و يرى الراغب الأصفهاني حمل الأمانة على العقل؛ لأنه بحصول العقل تتحصل معرفة التوحيد، وتطبق العدالة، و تعلم حروف التهجي. بل لحصوله يتعلم البشر كل ما يطيقون تعلمه، و يفعلون ما يطيقون فعله من جميل الأفعال، وبه فُضِّلُوا على كثير من الخلق.
ولم تخل نصوص السنة النبوية من بيان و توضيح لأهمية وجود الأمن في المجتمع، وأثر ذلك على استقراره . و من هذه النصوص قوله عليه الصلاة و السلام: (من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا)، وقد جسد النبي صلى الله عليه وسلم تحقيق مقصد الأمن بعد فتحه لمكة عندما قال : (من دخل داره فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن).

وفاة أحد «أعلام» المسجد النبوي    عن عمر يناهز107 أعوام
توفي منذ أيام الشيخ محي الدين حفيظ الله عن عمر يناهز 107 أعوام والذي يعد علما من أعلام المسجد النبوي بالمدينة المنورة. واستنادا لوسائط إعلامية يعد حفيظ الله، من أشهر المجاورين والملازمين لحرم النبي محمد منذ أكــثـر من 50 عاما، وكان يحضر الصلوات الخمس بالمسجد النبوي. ويروي عنه من عرفه أنه كان بشوش الوجه رقيق القلب محبا وحافظا للسانه بذكر الله».حد العباد والزهاد والمجاورين والملازمين لحرم رسول الله عليه الصلاة و السلام منذ أكـثـر من٥٠سنة  وكان أنيسه القرآن العظيم ،وعاش وحيدا ليس لديه زوجة أو أبناء ويسكن في غرفة تكفل بها أحد المحسنين، حيث يمشي على قدميه على مهل وهو ذاهب للحرم لحضور الصلوات الخمسة كان يخرج من سكنه الذي يبعد عن الحرم قرابة٣كيلوا قبل الفجر بساعتين إلى ثلاث ويمشي ذاكرا لله، وقد حزن عند غلق المسجد النبوي بسبب الوباء لكنه سرعان ما استبشر بعد رفع الحظر وفتح أبواب الحرم النبوي وغمرته دموع الفرح وشوقه وتلهفه للحرم النبوي.

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com