إن المجتمع الجزائري ينتظر من المدرسة والمنظومة التربوية الكثير من المخرجات التي تضمن لها السيرورة قدما نحو النمو والتطور ومواكبة المتغيرات التكنولوجية ومسايرة الواقع دون ذوبان في الآخر ومع المحافظة على عناصر الهوية الوطنية ومعالم الشخصية الوطنية بأبعادها الثلاثة؛ الإسلام والعربية والأمازيغية، إذ أن المجتمعات الحية كانت ولا تزال ترتقي بمنظومتها التربوية بما يكفل لها الاستمرار في معادلة الشهود الحضاري كرقم مؤثر فاعل، فالأمم التي ترغب في البقاء والاستمرار لا بد لها من الاهتمام بالمنظومة التربوية تقويما وتجديدا وتحيينا حتى تستيجيب لمتطلبات العصر بما يحفظ على الأمة هويتها وكيانها لأنها المشتلة الحقيقية لبناء الشخصية وصناعة القادة الذين ينهضون بالأمة ويصنعون مجد شعوبهم.
فالشخصية هي عبارة عن مجموعة من الخصال والطباع المتنوعة التي توجد في كيان الشخص باستمرار، حيث إنّها تميزه عن غيره، وتنعكس على تفاعله مع البيئة المحيطة به من أشخاص ومواقف سواء أكان ذلك مرتبطاً بفهمه وإدراكه، أم في سلوكه ومشاعره وتصرفاته، أو حتى مظهره الخارجي بالإضافة إلى القيم، والرغبات، والميول، والأفكار، والمواهب، والتصورات الشخصية، لكن لا بدّ من لفت الانتباه إلى أنّ مفهوم الشخصية لا يقتصر فقط على المظهر الخارجي للشخص، ولا على تصرفاته وسلوكياته، وصفاته النفسية بل على العكس تماماً فهو يمثل نظاماً متكاملاً من هذه المميزات المجتمعة وبالتالي يعطي طابعاً محدداً للكيان المعنوي في الشخصية. تعتبر الشخصية البناء الخاص الموجود بصفات الفرد وأنماط سلوكه الذي يمكن أن يعرف الآخرين بطريقته المتفردة في تأقلمه مع البيئة المحيطة به، والمقصود بالشخصية الإسلامية هي مجموع الصفات التي ينبغي على المسلم أن يتحلى بها في سلوكه وتواصله مع الآخرين، فالشخصية الإسلامية هي من تؤمن بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهج حياة تسعى لتطبيقه في كل شؤون حياتها عملا بقوله تعالى (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينََ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِين)
التربية السليمة ترتكز على المربي الناجح والمتربي المتفاعل والمنهج القويم
ولما كانت التربية هي مجموع المؤثرات الداخلية والخارجية التي تؤثر على الأفراد، ضمن البيئة التي هم موجودون فيها فإن مسار التربية الصحيح، يعتمد أيضاً على تأثير العوامل الثقافية والتعليمية والحق أن التربية الإسلامية هي عملية تفاعلية بين عدة عناصر وبما أن الإنسان هو محور الكون الأساسي وهو مناط الاستخلاف والاستعمار في الأرض فهو المقصود الأساسي بالعملية التربوية التي أنيطت بالأنبياء والرسل عليهم السلام حتى تصقل أخلاقه وتهذب سلوكياته وتقوم أفكاره وتربطه بخالقه، وتسمو به في عالم المثل والقيم وقد مارس كل الأنبياء والرسل تربية أتباعهم حتى جعلوا منهم أئمة يهدون بأمر الله وجعلهم الحق تبارك وتعالى مستخلفين في الأرض وجعلهم الوارثين.
وتجد التربية مبرراتها في النفس البشرية التي هي خليط من الأمزجة والنوازع الفطرية والغرائز المتضاربة المتنافرة فيها نوازع الخير ونوازع الشر (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها)؛ ومن ثم كانت التربية ضرورية من أجل الارتقاء بالنفس البشرية إلى عالم المثل والقيم وتغليب الخير وتقليل الشر. ومن هذا المنطلق تعهد الله تعالى ببعثة الأنبياء والرسل للبشرية.
وترتكز التربية على ثلاثة عناصر: المربي والمتربي والمنهج: فالمربي هو قطب الرحى في العملية التربوية ومن أجل نجاحه في المهمة المنوطة به لابد أن يتحلى بجملة مواصفات أولها القدوة والتحلي بالأخلاق الفاضلة ثانيا التمكن من المادة العلمية وسعة الاطلاع حتى يمكنها الإجابة على الكثير من تساؤلات التلامذة وهو ما يكسبه ثقة طلابه ومحبتهم، انفتاحه على المحيط والتعامل مع الواقع بإيجابية، ليكون رحيما لا فظا ولا غليظ القلب، فيقدم صورة جيدة عن التربية وأخلاق الإسلام، بسلوكه وهندامه واحترام القوانين والأنظمة التي تسير مؤسسته، والمحافظة على المرجعية الوطنية فيما يلقن لتلاميذه.
أما المتربي؛ فلا شك أن حاله يختلف من مرحلة إلى أخرى فاحتياجات التلميذ في المرحلة الابتدائية غير احتياجاته في كل من مرحلة المتوسطة والثانوية، وخاصة أن المرحلتين الأخيرتين حساستان؛ إذ يمر فيها التلميذ بمرحلة المراهقة، ومن ثم يجب على معلم التربية الإسلامية أن يكون رحيما رفيقا متلمسا لحاجات طلابه ويتصرف بحكمة ورفق ويمد جسور الحوار والمرافقة، التي هي أساس نجاح المعلم، وكذا الوقوف على مشاكل الطالب سواء الأسرية أو المجتمعية والمساعدة على حلها؛ حتى يكون الطالب المتربي فاعلا متجاوبا.
وأخيرا المناهج فهذه الأصل فيها أن تكون متوافقة ومستوى الطالب من جهة ومستجيبة لتطلعات الطلبة معالجة لمشاكلهم الواقعية مراعية المرجعية الوطنية محافظة على معالم الهوية الوطنية.
التكنولوجيا الحديثة سمحت للحجاج بمشاركة أقربائهم وأصدقائهم رحلة الحج
مكنت التكنولجيات الحديثة مختلف الحجاج من نقل رحلتهم إلى الحرمين الشريفين ونقل يومياتهم وهم يؤدون شعائر الحج ويزورون الأماكن المحرمة والمناطق التاريخية بمكة والمدينة، على المباشر، عبر مختلف التطبيقات التي أتاحتها الشبكة العنكبوتية وفضاءات التواصل الاجتماعي، فمن الطواف إلى السعي والوقوف بعرفة ورمي الجمرات، ظل البث مباشرا عبر صفحات الحجاج يتابعها الأقرباء والأصدقاء على حد سواء، بل ويعلقون على تلك المشاهد ويطلب الكثير منهم من الحجيج الدعاء لهم، قبل أن تفتح كاميرات الهواتف مجددا لمشاهد الزيارات سواء داخل مكة حيث غار حراء وجبل النور وغيرهما أو بالمدينة المنورة حيث المسجد النبوي والروضة المشرفة والقبر النبوي وقبر الخليفتين أبي بكر وعمر، أو خارج ذاك الفضاء حيث جبل بدر وجبل أحد وغيرهما، ففي كل هذه المحطات كان الحجيج خاصة منهم الشباب والمتعلمون يبثون رحلتهم للحرمين ساعة بساعة بل أحيانا لحظة بلحظة.
كما فتحوا مكبرات أصوات الهواتف ليسمع المتابعون لهم عبر صفحاتهم أصوات التكبير والتهليل والتسبيح والدعاء سواء قرب الكعبة المشرفة أو في جبل عرفات، كما بادر البعض لاسيما من المتعلمين ومنتسبي قطاع الشؤون الدينية للتعليق على ما يبث من مشاهد والتعريف بها وبتاريخها وفضلها في الإسلام وتاريخ الدعوة، ناهيك عن عشرات الصور التي تبث بين الفينة والأخرى حيث أغرقت بها جداريات الفيسبوك.
هذه الظاهرة تباينت آراء رواد فضاءات التواصل الاجتماعي حولها، بين من يرفضها ويعلل ذلك بأن هذا ضرب من الرياء الاجتماعي في فريضة عظيمة يفترض فيها الإخلاص التام والتجرد لله تعالى، ناهيك عما يقتضيه المكان من ضرورة السكينة والخشوع وعدم الانشغال بغير العبادة وشعائرها وأركانها، وهذا التصوير حسبهم قد يفسد على الحاج كل هذا حين ينشغل بالبث وقراءة التعليقات والرد عليها.
بينما رأى آخرون أن في هذا البث فضائل كثيرة؛ حيث تطمئن أهل الحجيج عن أقاربهم وتمكنهم من التواصل المباشر مهم ساعة بساعة خلاف ما كان عليه العهد الماضي حيث بالكاد تصل معلومات هاتفية عن الحجاج، في أوقات فراغهم، كما انها مكنت ممن لم يظفر بحجة لسبب ما من مشاهدة شعائر الحج عن قرب، ويبقى الإخلاص أمر في القلوب والأعمال بالنيات فلا يمكن أن نتهم شخصا بالرياء لمجرد أنه بث مشاهد من طوافه أو سعيه أو زياراته، بعد أن تجشم كل تلك الصعاب وتجرد من كل شيء وضحى بماله ونفسه تلبية لنداء ربه.
ومهما يكن من أمر فإن بث هذه المشاهد وبغض النظر عن المواقف المتبانية حولها فإنها تستدعي من الإنسان شكر الله تعالى على هذه النعمة؛ حيث هذا التحول الكبير في تاريخ البشرية، فقد كان الأسلاف بالكاد يصلون إلى الحرمين في رحلة تستغرق أشهرا ولا يدري عنهم أهاليهم شيئا حتى يرجعوا إن كتب لهم الرجوع، حيث كان السفر برا وبحرا شاقا، والاتصال مستحيل، فهذا هو الهم الآن أما باقي الأمور فيمكن معالجتها بالتوجيه والإرشاد.
ع/خ
روسيا تبحث إدخال نظام الصيرفة الإسلامية
أعلن أناتولي أكساكوف، رئيس لجنة مجلس الدوما للأسواق المالية عن مشروع تجريبي لإدخال نظام الصيرفة الإسلامية في جمهوريات داغستان والشيشان وتتارستان وبشكيريا الروسية، في خطوة أولى. واستنادا لوسائط اجتماعية فقد قال أكساسكوف: "منذ فترة طويلة، تلقينا العديد من الطلبات ذات الصلة من ناشطين من بشكيريا وتتارستان، وكذلك من الشيشان وجمهوريات شمال القوقاز الأخرى"، لافتا إلى أن هذه المبادرات تحظى بالاهتمام بسبب "حقيقة أن بعض الدول في الشرق الأوسط وآسيا أبدت اهتمامها بالاستثمار في هذه المناطق الروسية، ولكن لم تقدم على هذا الاستثمار لأسباب دينية". وفي وقت سابق، في مقابلة حصرية مع RT، قال أكساكوف إنه إذا نجحت التجربة بعد عامين من اختبارها، فيمكن إطلاق المشروع في جميع أنحاء روسيا.وأضاف أن المبادرة ستجذب رواد الأعمال من الشرق الأوسط للاستثمار في الاقتصاد الروسي.
وحسب المصادر ذاتها فقد كتب مارك غويهمان، كبير الاقتصاديين في مركز المعلومات والتحليل TeleTrade:مقالا في "إزفيستيا"، حول فرص نجاح الصيرفة الإسلامية في روسيا.
وجاء في المقال: الصيرفة الإسلامية، التي يُنتظر بحث تشريع يقننها، تتضمن علاقات مالية محددة تربط الحاجة الاقتصادية لجذب الأموال المقترضة وتخصيصها مع شرائع الإسلام. المبدأ العام لمثل هذا الجمع هو الدفع مقابل الشراكة في استثمار الأموال بدل الفائدة. لذلك، يُطلق على هذه الصيرفة غالبا اسم التشاركية. وفقا لمشروع القانون المعد، ستشارك شركات محددة في مثل هذه العمليات، هي منظمات التمويل التشاركي. ومن الواضح أن اعتماد هذا الشكل من الصيرفة لا يهدف فقط إلى جذب السكان المسلمين إلى الخدمات المالية. إنما قد يكون أحد مكونات مفهوم أوسع هو "الانعطاف نحو الشرق". لكن في البداية ينبغي إطلاق هذه الممارسة وجعلها تعمل. ووفقا لتقديرات الخبراء، هناك حوالي 7-8 ملايين شخص في روسيا يرغبون في استخدام الخدمات المصرفية التشاركية. ويفترض أن الاهتمام الرئيسي بالتمويل الإسلامي سيكون في مناطق ذات نسبة كبيرة من السكان المسلمين. على سبيل المثال، في تتارستان، وباشقورتوستان، وجمهوريات شمال القوقاز.
تباين حول تفسير مغزى افتتاح قمة جدة بآيات قرآنية
تباينت ردود أقوال رواد فضاءات التواصل الاجتماعي حول فيديو تم بثه يتضمن افتتاح أشغال قمة جدة للأمن والتنمية التي عقدت مؤخرا في السعودية، بحضور قادة ومسؤولين من الدول الخليجية والدول العربية، بالإضافة إلى الرئيس الأمريكي، جو بايدن. بآيات من القرآن الكريم، بينها الآية الكريمة: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى*وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا *إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ *إِنَّ اللّه عَلِيمٌ خَبِيرٌ".
فاستنادا لوسائط إعلامية فقد قال بعض المعلقين: "هذا المقطع وثق لحظات تاريخية.."يفتخر بها كل مسلم وكل سعودي" في قمة جدة للأمن والتنمية.. ، في حين أوضح آخر قائلا: "افتتاح القمة كانت بهذه الآيات.. ثم عاد الأمير محمد وشدد على أن قيمنا لن نتنازل عنها وصلت الرسالة .. ذكر وأنثى". كما علق أحد الحسابات بالقول: "خلقنا من ذكر وأنثى ، ولن نكون شعوبا وقبائل إلا من ذكر وأنثى . سبحانك ربي ما أعظمك … وما قدرناك حق قدرك". وهي إشارة لرفض بعض ما قد يحاول الغرب فرضه على المسلمين من ثقافته على غرار المثلية وغيرها.
لكن الآية تحمل رسالة واضحة على أن اختلاف الأمم والدول لا يبرر تفاضلا طبيعيا بين البشر أو تفوق عرق على آخر، أو دولة على أخرى؛ بل إن الناس متساوون في الصدر والمصير وأساسا التفاضل هو فقط التقوى، وليس غريبا أن تفتتح جلسة كهذه في بلد مسلم بآيات قرآنية يستمع إليها الضيوف..