الأربعاء 16 أكتوبر 2024 الموافق لـ 12 ربيع الثاني 1446
Accueil Top Pub

في اليوم العالمي للمعلم: التعليم رسالة شريفة ومسؤولية عظيمة في بناء الإنسان

يحتفي العالم اليوم باليوم الدولي للمعلم، في مناسبة سنوية تذكر بمكانة المعلم المركزية في المجتمع باعتباره رائد التربية والإصلاح والتنوير وحامل مشعل النهضة الحضارية والرقي والتطور والتنمية البشرية في شتى المجالات، وذلك بإسهامه المباشر فيها وتفرغه لإعداد الطاقات البشرية وتخريج الكفاءات العلمية والتقنية التي تضطلع بذاك الجهد ميدانيا بعد انتشارها في شتى الميادين وتغطيتها لمختلف المجالات والقطاعات، فلا سبيل لتقدم أي أمة ومواجهة التحديات المعاصرة لها، إلا بالعلم ولا سبيل للعلم إلا بالمعلم، فهو أمل الأمة وشرفها ومناط تنميتها وبوصلة نهضتها، وسلاحها في السلم والحرب، ومصباحها الذي يستضاء به في ظلمات الجهل والفتن؛ ليتبين الرشد من الغي والحق من الباطل والعلم من الجهل؛ وبقدر ثقل مسؤوليته التي يحملها كان له عظيم الشرف وعظيم الاجر، ويكفي المعلم شرفا أن مهنة التعليم التي يمارسها هي مهنة الأنبياء والرسل المصطفين الأخيار عليهم الصلاة والسلام.
ولذلك جاءت نصوص الشريعة الإسلامية لتؤكد على فضل المعلم على غيره وعلوم منزلته وشرف مهنته؛ فقال الله سبحانه وتعالى:قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ [الزمر: 9]، وقال الله تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة: 11]، وفي الحديث: (مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ حَتَّى الحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ، كَفَضْلِ القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، إِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ)؛ رواه الترمذي وغيره.»
وقد أكد القرآن الكريم أن التعليم من وظائف الرسول صلى الله عليه وسلم التي كلف بها في رسالته الخاتمة؛ فقال الله تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ[الْجُمُعَةِ:2]، وفي الحديث عن عائشة رضي الله تعالى عنها عن رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا، وَلَا مُتَعَنِّتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا) [رواه مسلم].
فلا يتأتى تبليغ رسالة عظيمة خاتمة وفهم أحكامها إلا بتعليم دقيق يليق بهذه الأمة المسلمة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم-بهذا التعليم إسوة لغيره وقدوة لكل معلم يبتغي الشرف العظيم والمنزلة الرفيعة، ويبتغي آداب التعليم الناجح وأخلاق المعلم الأنموذج.
وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم مراتب الناس ودرجاتهم في استفادته من تعليمه ورسالته التي كلف بتبليغها؛ فعن أَبِي موسَى الأشعريِّ، قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (إِنَّ مَثَلَ ما بعثَنِي اللهُ به مِنَ الهدَى والعلمِ كمَثلِ غيثٍ أصابَ أرْضًا فكانت منها طائفةٌ طيِّبةٌ، قبِلتْ الماءَ فأنْبتَتْ الكَلأَ والعُشْبَ الكثيرَ، وكان منها أجادِبُ أمسَكتِ الماءَ، فنفَعَ اللهُ بها النَّاسَ فشَرِبوا منها وسَقَوا وزَرَعُوا. وأصَابَ طائِفة منَّا أخرَى، إنَّما هي قِيعانٌ لا تُمسِك ماءً ولا تُنبِتُ كلًا. فذلك مثل مَنْ فقِه في دينِ اللهِ، ونفَعه بما بعثني اللهُ به، فعَلِمَ وعَلَّم، ومثل مَنْ لم يَرفَعْ بذلك رأسًا، ولم يقبلْ هُدَى اللهِ الَّذي أُرْسِلتُ بِهِ) متفقٌ عليه.
ونظرا لأهمية المعلم ودوره المحوري في المجتمع باعتباره مبينا للحق وكاشفا عن أحكام الإسلام وتكاليفه، فقد أمر الله تعالى بالعودة لأهل العلم للاستفسار والسؤال( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [ النحل 43]]، وإن كان الخطاب للمشركين فهو يعم كل من يبحث عن معرفة الحق .
كما أن نشر العلم والتعليم يبقى أثره متواصلا وثوابه قائما بعد وفاة الإنسان وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) [رواه مسلم].
 إن رسالة التعليم؛حضوريا كان أو افتراضيا؛ رسالة نبيلة وصاحبها يحتل مركز الريادة والقيادة في الأمة، ولئن طلب من الأمة أن تنزله المكانة التي تليق به ماديا ومهنيا واجتماعيا فإن المطلوب منه أيضا أن يكون في مستوى هذه الوظيفة علما وعملا، وليعدها فعلا رسالة تلقي عليه مسؤوليات كثيرة وليست مجرد وظيفة للعيش والتكسب، حتى يثمر علمه، ولعل أول ما يطالب به أن يرغب طلابه في العلم ويعظمه في نظرهم، ويشيع الأمل في نفوسهم ويثبتهم على طريقه بالإخلاص والاجتهاد والصبر والطموح، ويبين لهم فضله عاجلا وآجلا، في الدنيا والآخرة، حتى يذوقوا حلاوته العقلية ولذته النفسية التي لا تضاهيها لذة أخرى، فيرى ثمرة جهده وصلاح غرسه، وأن يكون هو قدوة لهم في كل ذلك، في غزارة علمه وقوة تحصيله ونجاعة طرائق تدريسه، ونبل خلقه؛ وصدق الشاعر حين قال:
ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا
فَإِذَا انْتَهَيْتَ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ يُقْبَلُ مَا تَقُولُ وَيُقْتَدَى
بِالْعِلْمِ مِنْكَ وَيَنْفَعُ التَّعْلِيمُ
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ
عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
فالرسالة شريفة والأمانة ثقيلة، والمسؤولية عظيمة، وكل تقصير فيها سيلحق الضرر بالأمة كلها وليس بالمتعلمين فقط؛ وإتقانها مصلحة ومنفعة للأمة كلها؛ لأنها رسالة تختصر في بناء الإنسان بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان وما تقتضيه من مقتضيات.
ع/خلفة

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com