عائلة من خمسة أفراد تعيش في مرآب بزواغي في قسنطينة
يعيش السيد معمر تركي، رفقة أبنائه الثلاثة و زوجته ،في مرآب بإحدى عمارات حي 500 مسكن بعين الباي بقسنطينة، لا يتوفر على أدنى شروط العيش الكريم، كما تنعدم به التهوية و لا تصله أشعة الشمس، و يناشد رب الأسرة السلطات المحلية، للنظر في وضعه و انتشاله من المعاناة التي يتخبط فيها، منذ أكثر من 8 سنوات، و منحه سكن يأويه هو و أفراد أسرته.
النصر زارت عائلة معمر تركي و وقفت على وضعها المزري، حيث تقيم بمرآب في الطابق الأرضي لعمارة سكنية، تابعة للديوان الوطني للترقية و التسيير العقاري، مقسم من الداخل إلى جزئين، يستغل الجزء الأول الأمامي كقاعة للجلوس، فوجدنا به بعض التجهيزات الضرورية كثلاجة و فراش ، فيما يستغل الجزء الخلفي للنوم، و يجمع كل أغراض العائلة من أفرشة و خزانة ملابس و أخرى للأواني، و يوجد مرحاض دون باب بإحدى الزوايا ، و لا يوجد هناك مصدر للتهوية أو نافذة، و لا تزور المرآب الشمس طيلة النهار ، و لا يعرف الهواء طريقه إليه، إلا بعد فتح الباب الحديدي الكبير المطل مباشرة على الشارع والذي يعني فتحه ترك العائلة عرضة لأعين المارة وحتى الكلاب المتشردة والجرذان التي يعج بها الحي.
الأم نصيرة التي يتجاوز عمرها العقد الرابع، وجدناها رفقة أبنائها الثلاثة محمد نور الإسلام، 7سنوات، و رشا شيراز 4 سنوات، و سجود ذات 8 أشهر ، قالت للنصر بأنها تعاني منذ زواجها من أزمة سكن، حيث كانت تقيم في البداية مع عائلة زوجها، إلا أن ضيق الشقة ، دفع زوجها للبحث عن منزل.
و أوضح الزوج بأنه قام باستئجار بيت بنهج الثوار بقسنطينة، لكن بعد تهديم البناية التي يوجد بها البيت و منح سكنات لملاكها، وجد نفسه هو و أسرته في الشارع ، مضيفا بأن أحد أصدقائه سمح له باستغلال المرآب، إلى غاية إيجاد حل لأزمته .
محدثنا قال بأنه يعاني حاليا من أزمة البطالة ، ما زاد من تأزم حياته الاجتماعية، مضيفا بأنه كان يشتغل كعون أمن بجامعة قسنطينة ، إلا أنه توقف عن العمل بعد أن وجد منصب شغل في الجنوب ، لكن لم يتم تجديد عقد عمله.
و تابع بأنه يعاني كثيرا لتوفير لقمة العيش لأبنائه، و يطالب السلطات المحلية بإيجاد حل لمشكلته في القريب العاجل ، لأن صاحب المرآب طلب منه إخلائه لاستغلاله في ممارسة نشاط تجاري ، خاصة و أن مدة إقامته به تجاوزت 4 سنوات، على حد قوله ، كما أن أولاده يعانون من عدة أمراض بسبب الظروف غير الصحية التي يعيشون فيها، موضحا بأن ابنه البكر محمد نور إسلام الذي يدرس في السنة الثانية ابتدائي، يعاني من مرض في اللوزتين و بحاجة لإجراء عملية جراحية لاستئصالهما.
و قالت لنا والدته بأنه أصبح يعاني من مشاكل نفسية، بسبب الكلام الذي يوجهه له أصدقاؤه في الشارع ، حيث أنهم يسخرون منه لأنه يقيم في مستودع، و قال لنا إسلام بأنه لم يعد يرغب في اللعب مع أقرانه، و إذا حدث و أن لعب معهم ، يتأخر في العودة إلى أسرته، إلى غاية انصراف كل أصدقائه، تفاديا للكلام الجارح الذي يسمعه منهم.
الصغير ختم كلامه و الدموع تنهمر من عينيه « أحلم بسكن يأوينا، لأواصل دراستي في ظروف أحسن و أصبح جراحا ماهرا» .
من يدخل المكان يعتقد لأول وهلة بأن الأمر يتعلق بمخزن للأغراض المهملة، فالأثاث محشور بشكل يستحيل معه التحرك ، أما باقي الأغراض فوضعت في أكياس ووزعت على رفوف علوية تم وضعها لإيجاد متنفس يسمح بالجلوس، أما رائحة الرطوبة فتدل على المكان من أول خطوة تلج فيها قدم الزائر «البيت» وزادتها الملابس المنشورة على مدار الساعة حدة ، ذلك أن الشعور بالبلل يلاحق العائلة بسبب انعدام المنافذ والإنارة.
كما أن موقع المدفأة يوحي بالخطر، لقرب مواد بلاستيكية وملابس و أفرشة منها، أما الجدران فقد غطتها خربشات لأبناء معمر الذين اتخذوا منها سبورة لمراجعة الدروس في ظل استحالة الدراسة في مكتب أو مكان مناسب. أ. بوقرن