دعوة إلى تأسيس لجنة فتوى لتوحيد التعاطي مع الطلاق
دعا أول أمس مختصون في الشريعة الإسلامية و القانون خلال يوم الدراسي حول « الطلاق و إشكالاته الواقعية و مسائل الفتوى»، احتضنته جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، إلى ضرورة تأسيس لجنة فتوى لتوحيد مسائل الطلاق، و الحد من ظاهرة فوضى الإفتاء، كما طرحوا بعض الإشكالات الموجودة في المواد القانونية المتعلقة بالطلاق، مشددين على ضرورة إعادة النظر فيها و صياغتها صياغة سليمة، تتوافق و مبادئ الشريعة الإسلامية، و كذا لإزاحة اللبس الذي قد يقع فيه القضاة.
المختصون تحدثوا في هذا اليوم الدراسي الذي نظمته مديرية الشؤون الدينية لولاية قسنطينة، عن تنامي ظاهرة الطلاق في المجتمع الجزائري في مجمل مداخلاتهم، حيث كشفوا بأنه تم تسجيل 68 ألف حالة طلاق صدرت بحكم قضائي نهائي في 2018، مبرزين مشكلة فوضى الإفتاء، و داعين إلى ضرورة تعميق النظر في نوازل الطلاق و مسائله، لتحقيق المقاصد الشرعية للأحكام الفقهية في الواقع ، و للتقليل من نسبة الطلاق ، فضلا عن إسهامها في توحيد المرجعية من خلال التماس أفضل السبل للقضاء على فوضى الإفتاء في الطلاق.
الأستاذ عبد الوهاب مرابطين تطرق في مداخلة بعنوان « واقع الفتوى في مسائل الطلاق و مدى الحاجة لتوحيد النظر في مسائله» ، إلى مشكلة فوضى الإفتاء، حيث قال بأن هناك تعددا في جهات الفتوى كمكاتب الشؤون الدينية و رجال الدين و الحصص الدينية الإذاعية و الحصص التي تبث عبر الفضائيات، و كذا الجمعيات المتخصصة و غيرها، ما يقف عائقا أمام التزام مرجعية فقهية واحدة، و يترتب عن ذلك اختلاف في الفتوى و عدم الاستقرار على مرجعية دينية واضحة ، مرجعا سبب الاختلاف في الفتوى وسط المختصين، إلى عدم إلمامهم بالأحكام و لا بالصحيح من الروايات ، لدرجة تسجيل تعارض في الفتوى الواحدة، لحد التناقض.
للحد من الظاهرة حث المتحدث على ضرورة تكوين لجنة فتوى خاصة بمسائل الطلاق، تضم مختصين من مديرية الشؤون الدينية و أساتذة من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية ، لتتفرد بمسائل الطلاق و سحب بذلك البساط ممن ليس أهلا للفتوى، على حد تعبيره، و كذا تنظيم تكوين عال للأئمة و المرشدات، لتوحيد النظر في مسائل الطلاق ، مع تبني الاختيارات الفقهية التي تناسب العصر الحالي .
إعادة صياغة مواد قانونية لإزالة الغموض
في محاضرة قدمتها الدكتورة سعاد قصعة، مختصة في الشريعة و القانون، في بعنوان « الإشكالات القانونية و الفقهية المتعلقة بالطلاق» ، أبرزت الإشكالات الموجودة في المواد القانونية المتعلقة بالطلاق، وذلك بدءا من المادة 47 إلى المادة 80 من قانون الأسرة الجزائري، قائلة بأنه و بالرغم من وجود عدد كبير من المواد القانونية التي تناولت موضوع الطلاق، إلا أنها تتسم بالغموض ، ما يجعل القضاة و المشتغلين في المجال، يقدمون لها قراءات و تأويلات مختلفة، موضحة بأن هذه الإشكالات، حسبها، تتركز بالدرجة الأولى حول أنواع الطلاق الرجعي و البائن، و ما يترتب عنهما من عدة شرعية و أيضا التوارث بين الزوجين، في حال عدم انقضائها .
الأستاذة قالت بأنه و بالنظر للمادة 49 من قانون الأسرة، و التي تتحدث عن ضرورة إثبات الطلاق على مستوى المحكمة بعد محاولات صلح لا تتجاوز ثلاثة أشهر، عن طريق رفع الدعوى ، غير أن تاريخ هذه الأخيرة لا يكون دائما نفس تاريخ تلفظ الزوج بالطلاق ، مما يطرح تساؤلا حول طريقة احتساب العدة الشرعية، هل بداية من تلفظ الزوج بالطلاق، أم تبدأ عند صدور الحكم القضائي؟ و هذا يترتب عنه، كما أردفت معضلة أخرى في المادة 50 ، و التي ربطت حق الرجل في إرجاع زوجته دون عقد جديد، بانقضاء محاولات الصلح، فإذا ما راجعها في مرحلة الصلح كان طلاقا رجعيا لا يحتاج لعقد جديد ، أما إذا راجعها بعد صدور الحكم بالطلاق فيحتاج لعقد جديد.
و أشارت الأستاذة قصعة إلى أن هذا الإشكال يطرح في حالة عدم انتهاء العدة شرعا و قانونا، حيث يصبح للزوجة الحق في الإقامة في سكن الزوجية ما دامت في العدة القانونية ، بالمقابل ليس لها الحق شرعا ، فبعد انتهاء ثلاثة أشهر عليها أن تترك بيت الزوجية .الإشكال الثاني الذي أبرزته المتحدثة يتعلق بالتوارث بين الزوجين و الذي يكون في الطلاق الرجعي ، و يعني ذلك إذا توفي أحد الزوجين في العدة، يرث أحدهما الآخر ،كما قالت، و المادة 32 تنص بأنه يمكن لأحد الزوجين أن يرث الطرف الآخر إذا توفي إذا لم تنته العدة، مؤكدة بأن الغموض يكتنف عديد المواد القانونية. الأستاذة اقترحت بعض الحلول للإشكالات التي تم طرحها ، الأول هو الحل القضائي المتمثل في اجتهاد القضاة في حل هذه المسائل بالرجوع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية، و الثاني هو حل تشريعي، و ذلك بإعادة النظر في المواد المتعلقة بقضايا الطلاق، و صياغتها صياغة سليمة تتوافق و مبادئ الشريعة الإسلامية، و تزيح اللبس الذي قد يقع فيه القضاة.
أسماء بوقرن