قبور أعلام و شهداء داخل مناطق سياحية
لا تزال قبور العديد من الشهداء، تتوسط مناطق سياحية عديدة غرب البلاد، بالرغم من أن المصالح المختصة كانت قد جمعت الكثير من رفات ضحايا حرب التحرير الوطنية في مقابر جماعية، إلا أن هنالك قبورا فردية لا تزال ضائعة وسط فضاءات مأهولة ، عجز سكانها و مرتادوها على طمرها نزولا عند وصية من يرقدون تحتها، ممن أرادوا أن يدفنوا حيث سقطوا.
قد يتفاجأ قاصدو بعض شواطئ الغرب الجزائري، و بالأخص بمدينة مستغانم، بوجود قبور لشهداء الثورة تنتشر بين الأحراش المحاذية للشواطئ، وهي قبور تحمل أسماء من يرقدون تحتها وتقدم معلومات وافية حولهم، يمكن لمن يطلع عليها أن يدرك بأن أصحابها هم من أوصوا بدفنهم في تلك المواقع التي يجدها البعض غير مناسبة اليوم، و تفتقر للخصوصية و للحرمة، مع ذلك يتعذر على ذويهم نقلها أو تحويلها نحو مدافن مناسبة أكثر تنفيذا لوصايا الشهداء، وهو ما حولها مع مرور السنوات إلى مزارات لا يغادر المصطافون الشوطئ دون المرور عليها و الترحم على أرواح ساكنيها، بعدما كانت في البداية محط استغراب و تعجب.
سكان المناطق القريبة من مواقع القبور و المحاذية للشواطئ، قالوا بأن هذه القبور تحولت إلى ميزة خاصة بالمكان، كما أن قصص الشهداء الذين يرقدون داخلها باتت ملاحم تسرد على مسامع المصطافين و تساعد على جذبهم، تماما كقصة القبر المزدوج، المتواجد بالقرب من شاطئ «سداوة» شرق مستغانم، و الذي أخبرنا بشأنه الشاب نور الدين، بأنه يعود لشهيدين سقطا معا في ميدان الشرف و لا يزالان بعد نصف قرن من الاستقلال يجاوران بعضهما البعض ، كمثال حي عن الصداقة و الوفاء، إذ يتعلق الأمر بالشهيدين «رابح وحمو» اللذان سقطا في ميدان الشرف سنة 1957. وهما بطلان تشد قصتهما الزوار الذين يصرون على زيارة قبريهما رغم صعوبة الوصول إليه، وأضاف محدثنا بأن المنطقة تضم أيضا قبورا أخرى ضائعة وسط الأحراش الغابية المطلة على ساحل المتوسط، يقال أنها لعلماء دين قدموا من عدة مناطق من الوطن، كانوا ينشرون الدين والعلم و يتعبدون في مغارات لا تزال موجودة إلى يومنا.
وليست مستغانم المدينة الوحيدة التي تشتهر بهذه القبور، بل ذكر لنا محدثنا، أنه يوجد في وهران كذلك قبور لشهداء تتموقع في أعلى قمة جبل الأسود بقديل، يزورها المواطنون الذين يقصدون غابة الجبل للاستجمام والتنزه، و يترحمون على ساكنيها ويستذكرون بطولاتهم، مؤكدا أن هنالك من طالبوا بتهيئة هذه الأمكنة لتصبح متنزهات عائلية وتربط الحاضر بالماضي المجيد.
بن ودان خيرة