المنتج الجزائري يكسر هيمنة الصين على سوق معدات البحر
تعرف سوق مستلزمات البحر انتعاشا ملحوظا في السنوات الأخيرة، ووفرة غير معهودة في مختلف المعدات الضرورية للاصطياف و التخييم ، حيث استطاع المنتوج المحلي أن يفرض هيمنته على السوق، خصوصا ما تعلق بالصناعة البلاستيكية بالنظر إلى الأعداد الكبيرة للمصانع و الورشات الوطنية التي تنشط في هذا المجال، بالمقابل لا تزال تركيا و أوروبا تكتسحان مجال صناعة الشمسيات و الكراسي الخشبية و كذا الخيام، مع ذلك فإن الإنتاج المحلي ساهم بشكل كبير في وفرة العرض و تعدد الخيارات و ضبط الأسعار خاصة بالنسبة لسوق الألبسة التي عرفت هي الأخرى قفزة نوعية هذا العام بفضل ظهور علامات محلية لمصممين جزائريين شباب.
إعداد: هيبة عزيون
أضحى اقتناء معدات البحر بمثابة تقليد صيفي لدى العديد من العائلات الجزائرية، بعدما كان في السابق، حكرا على فئات معينة و بالأخص ميسوري الحال، حيث تعرف محلات بيع هذه المستلزمات إقبالا ملحوظا، وحركية كبيرة شجعت التجار على تخصيص مساحات كبيرة لعرض و بيع عديد المنتجات من طاولات و كراس و شمسيات و مختلف التجهيزات الخاصة بالاصطياف، بما في ذلك ملابس السباحة و العوامات و صدريات النجاة، و غيرها من البضائع التي تعرض بأسعار متباينة تتحدد بحسب النوعية و الجودة، مع فارق في التكلفة بين المنتجات المحلية و المستوردة، مع ذلك فأن الجودة مضمونة إلى حد كبير في كل الحالات، في ظل المنافسة الشرسة التي ساهمت في تحسين النوعية و خصوصا الإنتاج المحلي، الذي عاد من بعيد في الصناعة البلاستيكية .
المنتوج المحلي.. وفرة كبيرة و إبداع محدود
أصحبت المنتجات البلاستيكية المصنوعة في الجزائر، تسيطر بقوة على السوق الوطنية و تحديدا خلال موسم الاصطياف، وذلك بفضل عاملي الوفرة و النوعية، ما مكنها من تغطية الطلب المحلي و كسر هيمنة المنتجات الصينية و التركية التي سيطرت على السوق لسنوات، و هو ما أكده السيد عربي إبراهيم، تاجر من أم مدينة عين فكرون يمتلك و يدير متجر الأواني ومستلزمات البحر شهير « لالة باية» بالمدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، حيث قال، إنه يخصص مساحات كبيرة لعرض و بيع معدات البحر بكل أنواعها إلى جانب الأواني المنزلية و بشكل خاص المنتجات الوطنية ، موضحا بأن هنالك نقلة نوعية في السنتين الأخيرتين بالنظر إلى أعداد المصانع المتخصصة في الصناعة البلاستيكية إذ لا يكاد يمر يوم واحد، دون أن يتدعم السوق بمنتوج جديد أو تصميم حديث سواء في الطاولات أو الكراسي أو غير ذلك من المنتجات التي لا تقل جودة عن المستورد كما عبر، باستثناء السلع الايطالية التي تعتبر الأحسن و الأفضل لدرجة تستحيل معها المنافسة.
غير أن ما يعاب على الإنتاج المحلي كما أضاف، هو غياب الجانب الإبداعي فيه، فكل التصاميم تعد صورة طبق الأصل عن المنتجات التركية بما نسبته 90 بالمائة، باستثناء بعض المحاولات التي تبقى محدودة، و التي تعود لمستثمرين يطلبون قوالب جديدة ومختلفة لتصاميمهم الخاص من المصنعين الأصليين في الصين من جهة ثانية، فإن غياب اليد العاملة المؤهلة يعد حسبه، سببا رئيسيا وراء الانتشار الواسع لثقافة التقليد لدى المنتجين الذين ركزوا على النوعية و الكمية و أهملوا البصمة الجزائرية، مع ذلك فأن النوعية تعد في رأيه، نقطة قوة السلع الجزائرية التي تغطي حاليا كل السوق الوطنية، لدرجة أن الإنتاج الصيني تراجع بشكل كبير، وبات يسير نحو الاختفاء في ظل زيادة الإقبال على الهيمنة الصناعية المحلية، خصوصا ما تعلق بمنتجات البلاستيكية، التي ألغت أيضا احتكار المصنعين الأتراك وعوضت العديد من العلامات المستوردة.
الأوضاع السياسية انعكست سلبا على التجارة
خلال جولة استطلاعية بين عديد المحلات المتخصصة في بيع مستلزمات البحر، لمسنا من خلال احتكانا بالتجار و الزبائن تراجعا نسبيا في حركة البيع و الشراء هذه السنة عبر مختلف الأسواق و النقاط التجارية، ولذلك مقارنة بالسنة الفارطة، وهو وضعه أرجعه محدثونا، إلى الوضع العام في البلاد و انعكاسات المعطيات السياسية على الواقع الاقتصادي، وذلك بحسب ما أكده عدد من الباعة المتواجدين بمنطقة الكنتولي بقسنطينة، الذين قالوا بأن الحراك الشعبي، قد ألقى بضلاله على تجارتهم وهو ما تثبته مقارنة مردود الأشهر الأخيرة من السنة الجارية مع مردود نفس الفترة من العام الماضي، و التي سجلت انتعاش كبيرا وصلت أرقام المبيعات بفضله إلى 90 بالمائة لتتراجع، إلى نسبة 80 بالمائة هذه الصائفة، وهو انخفاض مرده إلى عدة عوامل، أولها إرجاء الكثير من العائلات لمواعيد عطلهم الصيفية إلى ما بعد الإعلان عن نتائج الامتحانات على غرار السنكيام و الباكالوريا و كذا التأخير الذي شهده الموسم الجامعي بسبب إضراب الطلبة و تزامن عيد الأضحى مع العطلة و موسم الأعراس، وكلها نقاط لم تصب في صالح هذه التجارة، بالمقابل وصف بعض الباعة الموسم بالمقبول، بالنظر لوجود حركية يومية للمواطنين، مؤكدين بأن هنالك تنافسية كبيرة بين التجارة انعكست إيجابا على الأسعار التي تعد مقبولة حسبهم، و تمنح للزبون أفضلية الاختيار بما يتناسب مع قدرته الشرائية، إلا ما تعلق ببعض الماركات الأجنبية باهظة الأثمان و التي نجدها عموما في المنتجات الأقل تصنيعا محليا كالشمسيات و الخيام و العوامات وغيرها، نظرا لقلة المستثمرين الجزائريين الذين يوفرونها بسبب نقص اليد العاملة و تكلفة إنتاجها العالية.
بوركيني «شيراز» موضة هذا الصيف
تلقى ملابس البحر النسائية رواجا كبيرا في الأسواق المحلية مؤخرا، و بالأخص ملابس السباحة الموجهة للمحجبات أو ما يعرف «بالبوركيني»، وهو منتج شاع ارتداؤه في السنتين الأخيرتين، و بات يعكس تحولا في ثقافة ملابس البحر النسائية في بلادنا، بعدما كانت هذه الأزياء تقتصر في السابق على غير المحجبات ولا تراعي تصاميمها طبيعة المجتمعات المحافظة، إذ كثيرا ما كانت السيدات يلجأن إلى تنسيق قطع الملابس العادية واستخدامها كزي للسباحة قبل أن يحدث البوركيني ثورة في هذا المجال.
تنوع في الألوان و التصاميم و وفرة كبيرة في المقاسات بما يتناسب مع كل الأحجام، هو ما لحظناه خلال جولتنا بعدد من محلات بيع ملابس البحر النسائية و تلك المخصصة للأطفال بوسط مدينة قسنطينة، حيث أجمع جل الباعة الذين تحدثنا إليهم على أن «بوركيني شيراز» قد أحدث الفارق في السوق الوطنية و فكرته تعود تحديدا، إلى مستثمرة من ولاية وهران فتحت قبل خمس سنوات ورشة خاصة بصناعة البوركيني، بالاعتماد على خامات رفيعة و بيد عاملة مغربية مشهود لها بالاحترافية في مهنة الخياطة و النسيج فاستطاعت أن تجتاح السوق، مؤكدين بأن الإقبال على هذا المنتج خيالي و غير مسبوق، وهو ما شجع عددا من ورشات الخياطة على تحويل نشاطها صيفا لصناعة ملابس السباحة الخاصة بالأطفال و النسائية.
أما فيما يخص الأسعار، فتعد مقبولة بالنظر لوفرة الإنتاج، حيث تتراوح عموما بين 2000 إلى 3 آلاف دينار جزائري، و تستثنى منها بعض المحلات المتخصصة في بيع الألبسة الرياضية الأصلية و أطقم البحر لغير المحجبات، و التي قد يتجاوز سع القطعة الواحدة فيها مبلغ 5 آلاف دينار، و هي منتجات غالبا ما تكون موجهة لفئة معينة من الميسورين و الرياضيين.
و الملاحظ أيضا أن هذه المحلات، تعرض عتادا و تجهيزات خاصة ومختلفة عن ما يوجد في الأسواق، على غرار النظارات و قبعات السباحة و الزعانف المائية و ما إلى ذلك من المنتجات الأصلية، وهي محلات لا تنافسها سوى طاولات الألبسة المستعملة و الشيفون، التي يمكن أن تجد فيها لباسا بحريا من ماركة عالمية بسعر ضئيل.
ثقافة المسابح و قاعات الرياضة تنعش السوق
خلال جولتنا علمنا من الباعة، بأن تجارة ألبسة البحر لم تعد تقتصر على فصل الاصطياف، بل تحولت مؤخرا إلى نشاط قار يمارسونه على مدار السنة، بفضل إقبال الكثيرين على ممارسة رياضة السباحة بما في ذلك الأطفال، فضلا عن انتشار ثقافة « الجيم» أو قاعات الرياضة و «الفيتنس»، التي تعرف إقبالا كبيرا لمختلف فئات المجتمع، حيث أضحى اقتناء لباس السباحة أو الرياضة أمرا أكثر من ضروري لغالبية الأفراد، و بالأخص النساء اللواتي يشكلن نسبة كبيرة من زبائن هذه الفضاءات المحلات. و قد أخبرنا السيد بوباكير، صاحب أقدم محل لبيع الألبسة الرياضية و ملابس السباحة بقلب مدينة قسنطينة، بأن تجارته التي كانت فئوية في الماضي، تعرف مؤخرا انتعاشا ملحوظا بعدما أصبحت بضائعه مطلوبة لدى شريحة أوسع من الزبائن بفضل القفزة النوعية في المنتجات المحلية و خاصة أطقم السباحة النسائية، التي يحرص أصحاب الورشات و المصممون الشباب على خياطتها وفق معايير جودة عالية، و هو ما أحدث نوعا من التوازن بين العرض و الطلب.
هـ/ع