تسجل حرفة السلالة التقليدية بالجزائر انتعاشا ملفتا، يحققه انتشار منتوجات كثيرة بعضها قديم والآخر عصري، تمكن من فرض نفسه في ظل زيادة الطلب على منتوجات يدوية الصنع تربط صداقة قوية مع البيئة وتلبي متطلبات الديكور والإكسسوارات العصرية.
يساهم عدد كبير من الحرفيين بمنطقة الوسط الجزائري في السنوات الأخيرة، بإحياء حرفة السلالة التقليدية بمنتوجات متنوعة تسجل حضورا قويا بالسوق الجزائري، فمن القفة وطبق الخبز، يتزايد الطلب على منتوجات تصنع من مواد طبيعية تعد صديقة للبيئة، لتستحدث قطع جديدة أبدع حرفيون في صناعتها حسب الطلب.
وتؤكد أستاذة التكوين المهني بدلس ببومرداس فاطمة الزهراء الخربة، أن حرفة السلالة من أقدم الحرف التقليدية التي تدخل في صناعتها مواد مختلفة هي الدوم، الداليس، الحلفة والرافية، إلا أن الدوم يشكل المادة الأكثر اعتمادا لدى الحرفيين بالجزائر، بحيث تكون على ثلاثة أشكال هي الظفيرة أو السعفة التي تصنع منها القبعة أو القفة التقليدية، وكذا الإبرة والتي يصنع منها طبق الخبز بحيث يلف الديس أو الداليس بالدوم بالاستعانة بالإبرة، أما الشكل الثالث فيتمثل في العقدة.
مراكز التكوين المهني تساعد في إحياء الحرف التقليدية
أما عن سبب انتعاش هذه الحرفة، فقد تحدثت الأستاذة والحرفية عن إرادة الدولة القوية لإحياء مختلف أنواع الصناعات التقليدية، من خلال ترسيخها وتعليمها عبر مختلف مراكز التكوين المهني، موضحة أن تخصصها في الأصل هو تكنولوجيا غذائية، إلا أن حبها لهذه الحرفة دفعها للمساهمة في نقلها للأجيال الجديدة بالتعاون مع إدارة مركز التكوين المهني بدلس أين تم فتح فرع لها.وأكدت الأستاذة أن هذه الحرفة التي شارفت على الزوال في وقت سابق، تسجل إنعاشا كبيرا في ظل كثرة الإقبال على تعلمها بمراكز التكوين، كاشفة عن تسجيل جامعيين وشباب صغار في السن، إلى جانب أساتذة وموظفين أرادوا تعلمها ونجحوا في ذلك وكذا المتقاعدين، من خلال تسجيل نجاح كبير وإبداعات انعكست فيما صنعوه من منتوجات.
جامعيون وموظفون يحترفون السلالة
أما عن سبب إحياء صناعة السلالة، فأجمع حرفيون إلتقيناهم في «السوق التراثي» بوسط مدينة بومرداس المنظم بمناسبة شهر التراث، على أن ظهور الكثير من قطع الديكور المصنوعة من القش، الخيزران، الرافية والدوم ساهمت في إعادة بعث هذه الحرفة من بوابة منتوجات عصرية تم استحداثها من خلال تقليد منتوجات عالمية قد لا تتوفر أصلا في السوق الجزائرية، لتشكل بديلا لعشاق الديكورات الطبيعية العصرية.
من جانب آخر تحدثوا عن عودة القفة والقبعة والبساط كقطع أساسية في خرجات ونزهات المرأة الجزائرية، والتي أضيفت لها لمسات زادت من جمالها وشكلت اختلافا كبيرا يختلف باختلاف أذواق كل سيدة، بينما سجلنا حضور منتوجات كثيرة خاصة الحقائب والمحافظ الصغيرة المصنوعة من الدون، والتي أوضحت الأستاذة الخربة أنها منتوجات تنافس المنتوج الأجنبي بمواد محلية وأيادي جزائرية وبأسعار في متناول الجميع، مضيفة أيضا أن العمل أصبح حسب طلب الزبائن.
الاستدامة والموضة تعيدان بعث السلالة
ولأن المادة الأولية لصناعة السلالة طبيعية وتأتي من الجبال، فإن هذا من بين العوامل التي ساهمت وبقوة في عودة الحرفة، بحيث أوضحت الأستاذة الخربة أن الدوم مادة صديقة للبيئة من وإلى الطبيعة، على عكس المنتوجات المصنعة من مواد غير صحية كالبلاستيك، ما يفسر محافظة طبق الخبز على مكانته على طاولة الجزائريين خاصة بمنطقة الوسط الجزائري وكذا القفة.
عملية التسويق أيضا من بين العوامل التي سهلت عودة الحرفة إلى الواجهة، بفضل قدرة معظم الحرفيين على تسويق منتوجاتهم بأنفسهم من خلال إنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، والمشاركة في مختلف المعارض للتعريف بالمنتوج والترويج له، كما تحدثت الأستاذة الخربة عن أن كل ذلك ساعد على عودة الكثير من الأسر التي توقفت عن صناعة هذه الحرفة في وقت سابق، خاصة في ظل نقص الحرفيين في مقابل زيادة الطلب. من جانبها، انتقدت السيدة بن زغودة رشيدة الحرفية في السلالة، غياب الترويج لهذه الحرفة في مناطق أخرى من الجزائر، قصد نشرها بشكل أكبر، معتبرة أن الجيل الجديد والعصرنة من العوامل التي ساهمت في عودة الحرفة من طرف شباب يقدمون منتوجات جديدة تنافس منتوجات العديد من الدول الأجنبية، إضافة إلى استحداث موديلات عديدة تستعمل في مختلف المناسبات عوض تلك المصنعة المضرة بالبيئة. إ.زياري