يعرف النظام الغذائي للأفراد أيام العيد، تغيرا جذريا مع زيادة استهلاك اللحوم، ما يسبب اضطرابات للمعدة ويخلف ردود فعل غير صحية، وعليه ينصح أخصائيون في الصحة العمومية و التغذية، باتباع جملة من النصائح التي من شأنها أن تضبط الاستهلاك بشكل أفضل و تحقق التوازن الغذائي للأصحاء و للمرضى أيضا.
حسب أخصائية التغذية العلاجية صبرينة غجاتي، فإن الإكثار من تناول اللحوم يزيد من خطر الإصابة بمختلف المشاكل الصحية بنسبة 24%، كما أن الإفراط في تناولها يعرض الإنسان لأمراض القلب والشرايين، وذلك لأن اللحوم الحمراء تحتوي على نسبة عالية من الأحماض الذهنية المشبعة وبالتالي تسبب ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم، وقد يؤدي تراكم الدهون إلى انسداد الشرايين.
أوضحت الأخصائية، أن صيام أيام قبل عيد الأضحى المبارك ينظف الجسم من السموم ويريح الكبد، ودعت إلى احترام المدة قبل استهلاك اللحم أي تركه على الأقل 12 ساعة بين النحر ولاستهلاك، ما يجعل العضلة تتحول إلى لحم قابل للاستهلاك، مع الحرص على حفظه في درجة حرارة مرتفعة لتجنب تلفه.
وتنصح غجاتي، بالاعتدال والاستهلاك المعقول للحوم الحمراء وبخاصة الأحشاء، مع نزع الدهون المرئية قبل الطهي وعدم إضافة دهون أخرى كالزيت والزبدة، مضيفة أنه يستحسن استهلاك حوالي 500غرام من اللحوم في الأسبوع للشخص العادي، والابتعاد عن تناول اللحوم مرتين في اليوم، مع مرافقة الوجبة بكمية معتبرة من الخضر والاعتماد على مختلف الفواكه كمصدر للألياف.
مخاطر الشواء على الفحم مباشرة
وأوضحت أخصائية التغذية، أن الشواء على الفحم قد يفرز مواد مسرطنة ناجمة عن عملية الاحتراق، كما تنصح في حال اللجوء إلى هذه الطريقة، بتجنب طهي اللحم لمدة طويلة، لأن الحرارة المرتفعة وسرعة الطهي تفقدان الأطعمة جزءا من قيمتها الغذائية، وأكدت على استعمال أواني طبخ غير لاصقة وذات جودة لتجنب إضافة دهون مهدرجة أثناء الطبخ، علما أن أواني الطبخ المصنوعة من المعادن والمغلفة بمواد مثل «تفلون Teflon»، تكون خطيرة في حالة تلفها، لأن هذه المادة تتسرب وتختلط بالأكل و بخاصة الأطعمة الحمضية وهو تفاعل ينتهي بتشكل مزيج مسرطن.
كما دعت المتحدثة، إلى تجنب تناول الحلويات والمشروبات الغازية والمشروبات الغنية بالكافيين في هذه الفترة، لتجنب تفاقم مشاكل التخمة، وتنصح باستبدالها بالمنقوعات الساخنة مثل الزنجبيل، مع الإكثار من شرب الماء لتسهيل عملية الهضم.
لا ينبغي تناول لحم الأضحية لأكثر من 3 أيام متتالية
من جانبه، يحذر أخصائي التغذية ساسي هواري، من المداومة على تناول لحم أضحية العيد لأكثر من 3 أيام متتالية، لما لذلك من مخاطر صحية، مع الحرص على وضع كمية اللحم غير المستهلكة في المجمد لمنع تعفنها.
ويوضح المتحدث، أنه عادة ما يتعرض الكثير من الناس خلال عيد الأضحى لمشكل عسر الهضم وترتبط حالات أخرى تتوافد على المستشفيات بمضاعفات الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والربو، ومرضى النقرس وارتفاع الكولسترول والدهون الثلاثية، وعليه يوصي، بضرورة توخي أقصى درجات الحذر والحفاظ على عادات الأكل الجيدة، وهذا باستخدام كمية أقل من الملح مع إضافة قليل من الكمون والفلفل الحلو والبابريكا والزنجبيل والزعفران، والكركم، والكراوية، واليانسون، بينما تُعد خلطات التوابل المستخدمة والمعروفة بـ ( راس الحانوت) قوية جداً ويجب استخدامها باعتدال شديد و تجنب استعمال الزبدة أو السمن قدر الإمكان، لأنهما قد يسببان أزمات هضمية وارتفاع ضغط الدم.
الليمون مكون سحري لموازنة الاستهلاك
ويمكن مقابل ذلك كما ينصح الأخصائي، استخدام الليمون الفعال في خفض السكر في ضغط الدم وتيسير الهضم، وإضافة الأعشاب الطبيعية أو المجففة مثل (البقدونس والكزبرة والزعتر وأوراق الغار وإكليل الجبل وغيرها، واستخدم زيت الزيتون الذي يتميز بخصائصه الخافضة للسكر في الدم، من أجل التتبيلات المختلفة سواء السلطات أو اللحوم.
كما ينصح، بتناول الخضروات النيئة المفيدة يوم العيد، داعيا لضرورة تنويع النظام الغذائي قدر الإمكان، فتناول قطعة من الفاكهة أو السلطة في نهاية الوجبة، يساعد حسبه، على التخلص من الدهون الكثيرة الموجودة في اللحوم، كما أن استخدام الليمون بدلًا من الملح يساعد على منع ارتفاع مستويات الكولسترول في الدم، مع تفضيل اللحوم المطبوخة جيداً.
من جانب آخر، ينصح محدثنا، بضرورة أخذ الوقت الكافي لمضغ الأطعمة، والمشي ولو لفترة قصيرة لمساعدة الجهاز الهضمي بعد الوجبات، وهي من العادات الجيدة التي يجب أن يتحلى بها الجميع لسلامتهم.
هكذا يتناول المرضى اللحوم
و بخصوص التغذية السليمة للمرضى، يوضح الدكتور أمين خوجة محمد ياسين، طبيب عام ورئيس مصلحة الاستعجالات بمستشفى البير بقسنطينة، أنه يتعين على المصابين بأمراض مزمنة الانتباه جيدا لطبيعة ما يأكلونه أيام العيد، وعدم الانسياق خلف اللهفة مشيرا إلى أنه لا يمنع على المرضى تناول اللحم، لكن يتعين عليهم استهلاكه بصورة عقلانية وبحذر، لأن المبالغة أو الإفراط في تناول اللحوم المشبعة بالدهون يشكل خطرا على صحة المريض.
وينصح الدكتور، المرضى المصابين بارتفاع الكولسترول في الدم ومرض ارتفاع الضغط الدموي بتجنب الأكل أو على الأقل تناول كمية قليلة جدا، مع الاعتماد في طهيها على الشوي بدل القلي للتخلص من الدهون والشحوم.
وقال، إن أي إخلال بهذا النظام أو مبالغة في الاستهلاك، قد يؤديان إلى تراكم الدهون في جدران الأوعية الدموية، وهو ما يسبب انسداد الأوعية و يؤثر على وظائف الكلى.
ويؤكد الطبيب، التأثير السلبي للدهون على مرضى السكري كذلك، لأن ارتفاع الدهون الثلاثية يؤدي إلى زيادة مستويات السكر في الدم، كما يؤدي الإفراط في تناول اللحوم المتشبعة بالدهون عند مرضى القلب إلى تصلب الشرايين، مما يشكل خطرا على حياتهم.
ويحذر الدكتور أمين خوجة، مرضى داء النقرس من الاستهلاك غير الحذر للحوم الحمراء، ويعتبرها العدو الأول للداء ومن بين أسباب تهيج الأعراض، لذا ينصح بتناول قدر محدود جدا منها أيام العديد، لأن أي اختلال في النظام الغذائي سيتسبب في زيادة الشعور بآلام المفاصل وعدم القدرة على المشي.
كما ينصح الطبيب، بتناول نبات الكرفس الذي يلعب دورا كبيرا في خفض «حمض اليوريك»، وبالتالي معادلة العمليات الكيميائية داخل الجسم، خصوصا وأن هذا الحمض يعتبر المسبب الرئيسي لداء النقرس. وأكد رئيس مصلحة الاستعجالات بمستشفى البير، على أن النظام الغذائي يلعب دورا مهما لقضاء عيد أضحى دون مشاكل صحية، كما شدد على أهمية الإكثار من تناول الخضر والسلطات، و الابتعاد عن القلي والطبخ باستعمال الدهون المهدرجة التي تتسبب في معظم المشاكل الصحية لدى المرضى.
ماجدة بهلول/ خيرة بن ودان
