أُضيفت لحفلات التخرج مظاهر احتفالية حديثة أخرجتها من التقليد، ومن بين تحضيرات إظهار الفرح تصميم لباس تخرج خاص مطرز باسم الخريج مع تزيينه بعبارات تحفيزية من اختياره، وحجز مصور خاص لالتقاط صور تذكارية، فضلا عن نقل الحفل إلى قاعات خاصة، وهي ممارسات جعلت هذه المناسبة مكلفة ومبالغا فيها.
وخلال زيارة قادت النصر، إلى جامعة عبد الحميد مهرين قسنطينة 02، وقفنا على مظاهر احتفالية كبيرة، حيث كانت الزغاريد تتعالى من أمام الكليات، ووجدنا طلبة يرتدون زي تخرج طُرزت قبعته بشكل جميل وعلى وشاحه خط اسم الخريج، أو آيات قرآنية تتحدث عن فضل العلم وعبارات أخرى مثل «أنا هنا بتعبي أبي ودعاء أمي» وعبارة «وها قد تحقق ما كان حلما بالأمس»، كما كانت ألوان أطقم التخرج منسقة مع ملابسهم الكلاسيكية، بينما حملت خريجات باقات ورود، رأيناهم أيضا يلتقطون صورا شخصية مع أصدقائهم وأفراد عائلاتهم وهم يشعلون الشماريخ.
وبحسب من تحدثنا معهم، فإن هذه المظاهر الاحتفالية في جامعات الجزائر، هي وليدة موضة تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أين يتم تداول صور وفيديوهات لحفلات تخرج في جامعات بعض الدول.
مصورون يوثقون لذكرى التخرج
وتعد لحظة إعلان اللجنة العلمية لنتيجة المداولات، وما يعقبها من اختلاط دموع التأثر والفرح واحتضان الوالدين للخريج، أهم لحظتين في الحفل، حيث يحرص طلبة على حجز مصورين خاصين يتنقلون معهم إلى قاعة المناقشة ليوثقوا أهم لحظات مشوارهم الأكاديمي في شكل «فيديوهات» وصور، ثم يخرجون أمام الكلية ويكمل الطالب جلسة التصوير بلباس التخرج رفقة أصدقائه وأفراد عائلته، بينما يفضل آخرون الذهاب إلى أماكن مثل حدائق الترفيه، لأخذ صور خاصة بهم، كما يُعجب خريجون بلحظة مشاركة المصور صور حفلاتهم على صفحته الخاصة فتنهال عليهم التهاني والتبريكات من متابعيه، ولأن هذا التقليد أصبح دارجا يقدم بعض منهم خدمات مجانية للطلبة الذين يعجزون عن الدفع كنوع من التضامن.
وقد فتح هذا التقليد الباب أمام مصورين هواة، لعرض خدماتهم والترويج لها منذ بداية السنة الجامعية، وتضم عروض تشكيلة صور شخصية و «فيديوهات»، فضلا عن توفير «توزيعات التخرج» وهي مطبوعات تأتي بأحجام مختلفة وصور يختارها الطالب يكُتب عليها اسمه وتخصصه، وعبارات تشجيعية، وأخرى فيها فخر بما حققه مثل «أول خريجة في بيت أهلي»، فضلا عن طباعة بطاقات أسماء ورتب لجنة المناقشة وبطاقة الطالب.
قال لنا محمد مصور هاو ومنشط حفلات، بأن هناك جامعات تعتمد على منشطين في حفلات التخرج، مضيفا بأن الطلبة بمعية المنشط يختارون فقرات تتخلل الحفل حتى لا يشعر الضيوف بالملل، كما يستعينون بخبرته للتحكم في الجمهور.
لباس تخرج شخصي
وتتميز الحفلات بأزياء التخرج كذلك، والتي تكون مصممة بأسلوب عصري، ومكونة من ثلاث قطع عباءة التخرج، قبعة ووشاح، وبألوان مختلفة أكثرها شيوعا الأزرق للذكور، والزهري للإناث، كما يفضل خريجون إضافة عبارات مطرزة على القبعة والوشاح، تحمل أسماءهم وتحدد تخصصاتهم وسنة التخرج، فضلا عن عبارات فخر وتشجيع ليحتفظوا بها كذكرى فيما بعد.أما آخرون، فيختارون زيا يحاكي موضوع تخرجهم خصوصا عشاق «المانغا» حيث يرتدون عباءات مستوحاة من الثقافة اليابانية، أو يحاكي شعارات ورسوم ظهرت في أزياء شخصياتهم المفضلة.
ويجد خياطون فرصتهم خلال هذه الفترة حيث يجنون عائدا إضافيا بفضل عملهم في تصميم لباس التخرج الذي يعد قطعة مهمة في حفلات التخرج لدى كلا الجنسين، وقد انتقلت موضته إلى المدارس أيضا في حفلات نهاية السنة الدراسية.
حجز قاعات خاصة للاحتفال
خريجون آخرون يفضلون جمع أقاربهم وأصدقائهم خارج الجامعة، حتى يتسنى لهم الاحتفال بأريحية، فيحجزون قاعات خاصة لإقامة حفلات مصغرة لكنها فخمة، خصوصا وأن بعض الجامعات هذه السنة أخرت مناقشة المذكرات إلى ما بعد نهاية ساعات الدراسة بسبب الضجيج الذي تسببه الاحتفالات خارج الكليات، فيما منعت أخرى ذلك وهو الحال في المدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة، التي نشرت بيانا تمنع فيه المناقشات الحضورية، بسبب ما وصفته بتصرفات غير مسؤولة صدرت من طلبة وأثرت سلبا على سيرورة امتحانات نهاية السنة.
وعن أهمية الاحتفال بهذا الشكل، قالت هاجر خريجة كلية الإعلام و الاتصال بجامعة قسنطينة، إنها قررت حجز مطعم مشهور للاحتفال بتخرجها، حيث جمعت أفرادا من عائلتها وصديقاتها، وجهزت الطاولات وزينتها بورود وشموع توحي بأنها طاولات حفل زفاف، وُضع عليها ما لذ وطاب من أطباق، إضافة إلى طلب قالب حلوى مزين بما يوحي بأن الاحتفال خاص بالتخرج، و شاركت ضيوفها لحظة تقطيعه، كما تنقلت من الجامعة إلى المطعم في موكب احتفالي.
حلويات مزينة حسب رغبة الخريج
وتجهز طاولات التخرج بقوالب حلوى مختلفة الأحجام، يحتفل الخريج بتقطيعها مع ضيوفه بعد تحصله على النتيجة، فضلا عن المملحات، وقطع حلويات مختلفة يكرم بها من شاركوها هذه المناسبة.
ويختار المحتفلون قوالب حلوى مختلفة الأحجام مزينة بأشكال وصور تُضاف إليها أسماؤهم، أما عن أسعارها فأخبرتنا إحدى صانعاتها، بأنها تُحدد حسب قدرة الزبون وتختلف أيضا حسب الأبعاد و الحشو والديكور.
كوثر صانعة حلويات، قالت إنها تخصص هذه الفترة من عملها للطلبة الذين يحضرون لحفلات التخرج، وأفادت بأنهم لا يقبلون على قوالب الحلوى فحسب، بل أيضا تتضمن طلبياتهم أنواعا أخرى من الحلويات التي تأتي مزينة بكتب، شهادات أو قبعات مصنوعة من عجين السكر، فضلا عن توزيعات يرفقونها مع الحلوى، تكون إما عبارة عن «شوكولاطة» أو تمر محشو بالمكسرات.
وتتنوع المنتجات التي توضع فوق طاولة التخرج، وقد لاحظنا توفرها في بعض المحلات التي زرناها، على غرار المناديل التي تلائم هذه المناسبة، وصحون مختلفة الألوان وبالونات وشموع، فضلا عن كؤوس ورقية، وعلب لوضع الحلويات، وغلاف الطاولات، وكلها طبعت عليها رسوم لطلبة يرتدون عباءة التخرج أو قبعات، كما تتوفر أخرى بحجم صغير لتزيين عبوات الماء والعصير.
إ.ك