تحدثت المتوجة بكأس الجمهورية وبطولة الجزائر للملاكمة لسنة 2024، آية معمرية، عن سر تتويجها بلقبين وطنيين في سنة وحدة، وتمكنها من التفوق على بطلات أخريات، مرجعة الفضل لمدربها ولدعم أسرتها ولجهودها طوال سنوات، لتحقق حلمها بحجز مكانها في الفريق الوطني.
وترغب الرياضية كما كشفت عنه للنصر، في مواصلة المشوار ونيل ألقاب دولية وعالمية لصالح الفريق الوطني الجزائري، وتشريفه في منافسات كبرى.
آية معمرية ذات 17 ربيعا، من الملاكمات الصاعدات اللواتي يملكن إرادة قوية وعزيمة فلاذية و يسعين لتحقيق هدف اعتلاء منصات التتويج، قالت إن علاقتها بالقفاز خاصة جدا، فقصتها معه بدأت وهي في سن السابعة، بفضل ابن عمها الذي كان يصطحبها معه إلى قاعة الرياضة، أين كانت تجد متعة كبيرة في مشاهدته يتدرب.
أخبرتنا الشابة، أنها لم تكن تفوت فرصة مرافقته، وكانت تقلد حركاته في قاعة التدريبات وعلى الحلبة، وتحاول ارتداء قفازه بالرغم من كبر حجمه وثقله، كما كانت تشعر بسعادة عند حضور حصص التدريب على المنازلات وسط أجواء تنافسية استثنائية، فكانت تقلد ما يقوم به الملاكمون، حينها لاحظ المدرب محمد لمين سنيقر، شغفها بالملاكمة واكتشف مؤهلاتها، فاقترح ضمها لفريق الأصاغر وكان ذلك بعد موافقة والديها، ليبدأ مشوارها في فن النبيل.
ارتديت القفاز بفضل مدربي وهو مفتاح تتويجي
دعم الوالدة تقول آية، شكل حافزا قويا وعزز طموحها لنيل ألقاب مشرفة في الفن النبيل، فلم تدخر جهدا في تقديم كل الدعم المعنوي وكذا المادي، في سبيل مواصلة المشوار الرياضي وحصد ألقاب مشرفة، إلى جانب مدربها الذي تعتبره مفتاح نجاحها.
أوضحت، أنه من اكتشف حبها للرياضة وغذى شغفها بالتدريب الجيد وتطوير مهاراتها واستخراج نقاط قوتها، لاستغلالها بشكل جيد على الحلبة، فتوجيهاته مكنتها من قطع أشواط كبيرة خلال ظرف وجيز وخوض غمار منافسات وطنية، ناهيك عن إصرارها الكبير على نيل ألقاب وتحقيق شهرة ورفع الراية الوطنية.
قالت محدثتنا، إن شهرة بلدية حامة بوزيان في الفن النبيل، بفضل أسماء كثيرة رصعت سجل البطولات الوطنية والدولية والعالمية كالشابة منال محرزي والشاب شعيب بولودينات، كانت من الدعائم التي شكلت أيضا حافزا قويا لها، و أكدت آية المنحدرة من ذات البلدية، بأنها أرادت بتتويجها أن تحافظ على هذه السمعة و تسلك الضوء على حنكة المدربين الناشطين على مستواها،و احترافيتهم وحرصهم على تأطير أبناء البلدية في سبيل ضمان التدريب الجيد للملاكمين من مختلف الشرائح وتوجيههم، وكذا توفير كل الظروف لهم.
وتأمل آية، أن ترفع رصيد سجلها بالتتويجات لتكون هي الأخرى قدوة للأجيال اللاحقة، كما فعلت ابنة منطقة ديدوش مراد إشراق شايب، التي كانت مثالا تحتذي به.
خضت أول منازلة
في سن 14
كانت أول منافسة خاضتها آية منذ بداية مشوارها الرياضي، في بجاية، وقد شكلت نقطة مفصلية ومصيرية بالنسبة لها، حيث كان سنها لا يتعدى 14 سنة حينذاك، وخاضت أربع منازلات في أربعة أيام، لتتوج في الخامس بالميدالية الفضية، غير أن هذا التتويج لم يدخل الفرحة لقلبها، كونها أرادت الظفر بالذهبية لرغبتها في تدشين مشوارها المنافساتي بالذهب.
شكل التحدي حافزا لها لبذل جهد مضاعف، قبل ثاني منافسة لها سنة 2021، لتكون بلياقة رياضية عالية تسمح لها بالتقدم، وهو ما تحقق بعد التصفيات باعتلائها الحلبة في النهائيات ومنازلة خصمها ونيل الميدالية الذهبية في البطولة الوطنية للملاكمة.
رغبتها في الانضمام للفريق الوطني للملاكمة، جعلتها لا تكتفي بهذا التتويج فقط، ودفعتها للعمل بجد وبالالتزام أكثر بالحصص التدريبية والانضباط، لتعود مطلع السنة الجارية إلى جو المنافسات وتخوض بطولة الجزائر للملاكمة بولاية البويرة، شهر جانفي من السنة الجارية، وهو ما تحقق بعد أن توجت بلقب الجزائر للملاكمة بعد التفوق على ملاكمة من ولاية تيسمسيلت وزن 52 كلغ.
عزز التتويج بالبطولة وترشيحها للانضمام للفريق الوطني، طموحها وجعلها تتسلح بعزيمة قوية وتواصل اجتهادها، وغذى رغبتها في التتويج بكأس الجمهورية وترسيم مكانتها في الفريق الوطني، فخاضت منافسة كأس الجمهورية المنظمة في الفترة ما بين 6 و 12 جويلية الجاري بأم البواقي، أين حققت حلمها لتعود إلى مسقط رأسها حاملة كأس الجمهورية للملاكمة صنف أواسط وزن 52 كلغ، بعد أن هزمت منافسة سبق وأن توجت بأربعة ألقاب وطنية، لتنضم آية للفريق الوطني، أين تواصل حاليا مرحلة التدريبات تحضيرا للبطولة العربية للملاكمة، مشيرة إلى أن آخر تربص قامت به كان بولاية الشلف.
وعن أسرار التفوق في أولى المنازلات، توضح بأن هناك نقاطا مهمة تشمل التركيز الجيد واستعمال نوع من الحيلة للتغلب على المنافس وامتلاك الدافع والسرعة في إيجاد حلول فوق الحلبة، مع اتباع توجيهات المدرب وتنفيذها خلال المنازلة.
أسعى للجمع بين العلم والرياضة
تقول آية في سياق آخر، بأن حبها للرياضة وحرصها على الالتزام بالتدريبات حرمها من شيء ثمين وجعلها تضحي بدراستها في الطور المتوسط، غير أنها تفكر في التسجيل والدراسة عن بعد "بالمراسلة" وكذا في تطوير مهاراتها اللغوية، لتوفق بين الدراسة والتدريبات، وتأمل في ختام حديثها أن تحصل الملاكمات على التقدير والتشجيع نظيرة ما يحققنه، فالتهميش لا يزال يطال الفتاة الملاكمة ويتضح ذلك من خلال غياب التكريم عند التتويج بألقاب وبطولات، ما يؤثر سلبا على نفسية الملاكمة وعلى مردودها الرياضي.
أسماء ب