توفيت أمس الأول، الصحافية السابقة بجريدة النصر وأستاذة علوم الإعلام والاتصال الدكتورة شريفة ماشطي، عن عمر ناهز 71 سنة، بعد مسيرة إعلامية حافلة ومسار أكاديمي طويل، عُرفت خلاله بجرأتها وصرامتها الممزوجة بالأخلاق الحميدة والطيبة والابتسامة التي لا تفارق محياها، ما جعلها تحظى بمحبة الجميع، لتترك حزنا عميقا في قلوب كل من عرفها من زملاء المهنة وطلبة.
أسماء بوقرن
وكانت الراحلة قد تعرضت لوعكة صحية حادة، أقعدتها في فراش المرض لسنوات، لتفارق الحياة أمس، تاركة أثرا عميقا في نفوس طلبتها وزملائها، الذين أجمعوا على حبها وعلى مكانتها الخاصة في قلوب من تعاملوا معها خلال مسارها الإعلامي والجامعي، و تحدثوا عن خصالها الطيبة وشخصيتها الفريدة التي تجتمع فيها صفات المرأة القوية الطموحة والصريحة، مع الطيبة والحنان وحسن الخلق، حيث يعتبرها من تتلمذوا على يدها بمثابة الأم الحريصة على شؤون أطفالها، فيما يصفها زملاء الإعلام بالمرأة الجريئة التي لا تتردد في إبداء رأيها بصراحة دون أن تخشى العواقب، والسيدة المنضبطة الحريصة على أداء مهمتها بكل تفان واحترافية.
الصحافي وأستاذ الإعلام سابقا حسين خريف
سيدة واقعية بطموح لا محدود
أعرب الأستاذ حسين خريف، عن حزنه الشديد لفقدان زميلته في التدريس سابقا شريفة ماشطي، قائلا بأن علاقته بها لم تكن مجرد علاقة زمالة، وإنما كانت بمثابة الأخت التي لا تتوانى عن تقديم الدعم والمساندة والنصح، فقد عرفها خلال فترة دراسته الجامعية، حيث جمعهما تخصص علم اجتماع التنمية، ودرسا معا إلى أن تخرجا سنة 1980.
بعدها يقول الأستاذ خريف، إنهما توجها للحياة العملية واشتغلا معا بعد فترة قصيرة من تخرجهما في حقل الإعلام بجريدة النصر، ليظلا في نفس الجريدة أين عملا سويا قبل أن يواصلا معا دراساتهما العليا، حيث التحقا مجددا بالجامعة أين نالا شهادتي الماجستير والدكتوراه، والتحقا بقسم الإعلام والاتصال سنة 2000، ثم انتقلا للتدريس بجامعة عبد الحميد مهري قسنطينة 02، بقسم علم الاجتماع، على مستوى فرع خاص بعلوم الإعلام والاتصال، قبل أن يصبح قسما للإعلام والاتصال بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، ثم كلية بجامعة قسنطينة 03.
عينت بعدها الراحلة على رأس كلية الثقافة والفنون، وهي أول من يشرف على تسييرها، فقد عُرفت بخصالها الحميدة وأخلاقها الرفيعة وعلاقتها الطيبة مع الجميع، تمتلك طموحا لا محدودا، وهي إنسانة وجريئة وواقعية وصادقة في تعاملها مع الجميع، وكانت تحظى بحب كل من عرفها كما قال خريف.
الصحافي السابق بجريدة النصر أحمد بوقرن
لقبت بالمرأة الحديدية لصرامتها وجرأتها
عبر رئيس القسم الجهوي سابقا بجريدة النصر، الصحافي أحمد بوقرن، عن حزنه وألمه الشديدين لفقدان الأستاذة والإعلامية شريفة ماشطي، الملقبة بالمرأة الحديدية، لتميزها بقوة الشخصية والصرامة والجدية في العمل.
يقول الأستاذ بوقرن، بأنه من الأوائل الذين اشتغلوا مع الراحلة شريفة ماشطي بجريدة النصر، وكان ذلك بين سنتي 1981 و1982، حيث كانت الفقيدة تشتغل بقسم المجتمع، بعدها انتقلت للعمل سنة 1987 بجريدة السلام، كما واصلت دراستها العليا واستقر بها المطاف في الجامعة، أين درست أجيالا من الطلبة، غير أن انتقالها للجامعة لم يمنع تواصلها الدائم بزملائها، حيث كانت إنسانة اجتماعية محبة لزملائها ودائمة السؤال عن حالهم، و كانت معروفة بعلاقاتها الاجتماعية الجيدة مع جميع الزملاء ومن مختلف الجرائد، وبشوشة ونشطة ومحبة للعمل، كما تمتاز بتدخلاتها الجريئة في التظاهرات والملتقيات، كما كانت صارمة وصريحة وصادقة.
أستاذ الإعلام البروفيسور حميد بوشوشة
الجامعة خسرت قامة علمية كبيرة
يقول أستاذ الإعلام والصحافي السابق بجريدة النصر، حميد بوشوشة، بأن الجامعة الجزائرية فقدت قامة علمية كبيرة، قدمت الكثير للجامعة، فالراحلة كانت تمتاز بشخصية استثنائية تجتمع فيها صفات المرأة القوية الجريئة التي لا تخشى طرح أفكارها ومناقشتها.
وقد عاد الأستاذ بذاكرته إلى أولى خطواته في الصحافة، ليروي لنا علاقته بالأستاذة، قائلا بأنه تعرف عليها حين التحاقه بجريدة النصر سنة 1990، وكانت من المرحبين به ومن المبادرين إلى تقديم التوجيهات، فلم تبخل في نقل خبراتها للوافدين وكانت تبدي استعدادها لمساعدة الجميع، وقد توطدت علاقته بها جدا خلال فترة مزاولتهما للمهنة بالجريدة، وأصبحت علاقة عائلية أكثر منها مهنية، إذ كان يضعها في مقام الأخت الكبرى.
مضيفا، أن مسار الراحلة شريفة ماشطي الإعلامي والأكاديمي معروف، فقد اشتغلت في عدة عناوين، وكانت من الصحفيات اللواتي واجهن خطر العشرية السوداء، فلم تكن تخشى التبعات وغطت محاكمات إرهابيين، كما كانت من الذين حضروا وشاهدوا لحظة اغتيال الرئيس السابق محمد بوضياف بولاية عنابة، ومن العناوين التي اشتغلت بها، إلى جانب جريدة النصر، جريدة السلام و جريدة النهار التابعة لمؤسسة النصر للصحافة آنذاك.
أكثر ما كان يميز شخصيتها، يقول الأستاذ بوشوشة، الجرأة وطرحها للأفكار بحزم، فهي مناضلة وصحافية وسيدة أسرة نجحت في تربية أبنائها على الأخلاق الحميدة.
تعامل الأستاذ بوشوشة، مع الراحلة لم يكن في حقل الإعلام فقط، وإنما في الجامعة أيضا، حين التحق بها لمواصلة دراسته العليا ومزاولة مهنته كأستاذ جامعي، وقتها توطدت علاقتهما أكثر، حيث ناقشا سويا عديد مذكرات الماجستير وكذا الماستر، معربا في ختام حديثه عن حسرته وألمه لفقدانها.
نصر الدين بوزيان أستاذ بكلية الإعلام والاتصال
كسبت محبة طلبتها بالجدية والصرامة والحنان
يعد الأستاذ بكلية علوم الإعلام والاتصال والسمعي البصري بجامعة صالح بوبنيدر قسنطينة 03 البروفيسور نصر الدين بوزيان، من الذين درسوا و درّسوا مع الأستاذة الراحلة، قال بأنه عرفها في بداية مساره التعليمي الجامعي، درسته في السنة الثانية ليسانس، عدة مقاييس كمقياس التشريعات الإعلامية، وهي سيدة تجتمع في شخصها صفتين فريدتين نادرا ما تجتمعان في أستاذ واحد، وهما الصرامة والحنان، ما جعلها تحظى بمنزلة خاصة لدى طلبتها، فكانت دائمة التشجيع والتحفيز لهم، كما كانت سيدة مقدامة وشجاعة ومتفائلة وطموحة و رائعة بأتم معنى الكلمة كما عبر.
وقال الأستاذ بوزيان، بأن علاقته بها توطدت أكثر عند إعداد مذكرة ليسانس، حيث أشرفت على تأطيره ولم تتوان في توجيهه ومساعدته في كل مراحل إنجاز مذكرته، وقد كانت من أجمل مراحل دراسته حيث استمتع كثيرا بالعمل معها، مردفا، بأنها كانت منفتحة على الطلبة تستمع باهتمام لانشغالاتهم وتوجههم، كما كانت تبدي استعدادها لتقديم خدماتها، وتستغل علاقاتها في مجال الإعلام لتذليل الصعوبات التي يواجهونها ميدانيا.
خلال مسارها الأكاديمي، كانت مهتمةحسبه، بطرح انشغالات المشتغلين في قطاع الإعلام ومن السباقين للنقاش في هذا الموضوع، وتقديم مقترحات وحلول للنهوض بالمهنة وتعزيز المنظومة القانونية والأخلاقية التي تحميها، وأخلقة الحياة المهنية والصحافية والدليل أن أطروحة الدكتوراه التي أنجزتها تصب في هذا الإطار.
كما يشهد لها بالتفهم والأخلاق الحميدة، كانت تسعى دائما لترك بصمتها في كل محطة تمر بها، وكلية الفنون والثقافة التي أشرفت على تسييرها خير دليل على ذلك، حيث وضعت الدعائم الرئيسية لها، فقد رحلت يقول الأستاذ بوزيان، وتركت ابتسامتها المتميزة في قلوب محبيها.
حليمة عايش أستاذة علوم الإعلام والاتصال
أستاذة لا تعترف بالحدود بين الطالب والأستاذ
تقول أستاذة علوم الإعلام والاتصال، الدكتورة حليمة عايش، بأن الفقيدة شريفة ماشطي، امتازت في نظر طلبتها وزميلاتها في الميدان بتمكنها في المجال القانوني المنظم لمهنة الإعلام، وبدا ذلك جليا خلال تدريسها للمقاييس المتعلقة بذلك
حيث كانت تقدم شروحات مفصلة ودقيقة تتعلق بالترسانة القانونية المنظمة للمجال، وتقف عند كل مادة وتفصل في شرحها وتوضيح مقاصدها للطلبة، ولا تبخل في تقديم كل ما تملكه من رصيد علمي في المقياس، صرامتها مع الطلبة كانت مكسوة بالطيبة، فتعاملهم كأبناء، ولا تعترف بالحدود بين الطالب والأستاذ، وتوفر الجو المناسب لهم، كما تحاول حتى الاطمئنان على حياتهم الشخصية والعائلية وتقدم النصح، فهي فعلا كانت صديقة الجميع،
محدثتنا قالت، بأنها لن تنسى فرحة الراحلة لنجاحها عند الإعلان عن نتائج الماجستير، فقدمت لها بعد ذلك يد العون وكانت ترحب بالأفكار التي تطرحها وتكن لها كل الاحترام والتقدير، فحتى عند إشرافها على تسيير كلية الفنون لم تقطع علاقتها بزملائها فكانت تزور كلية الإعلام باستمرار، وتسأل وتحاول الاطمئنان على الجميع، وتقابل الجميع بابتسامتها المتميزة حتى وإن كانت تمر بظروف صعبة.