الاثنين 16 سبتمبر 2024 الموافق لـ 12 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

المركبات السياحية و شقق الفنادق في الجزائر: تحولات عميقة للسوق تفرض واقعا جديدا


يطرح مسيرو المركبات الفندقية وشقق الفنادق الساحلية أسئلة كثيرة، خلال تحضير ميزانية الاستغلال وبرامج مواسم الذروة. أهمها هل سيواصلون اقتراح مطابخ كاملة التجهيز داخل الشقة، تسويق الفيلا بسعر الوحدة و ليس حسب عدد الأشخاص، بيع الإقامة بدون خدمة فطور الصباح و لا إطعام... هذه الأسئلة يحاول الرد عليها كاتب هذه المساهمة انطلاقا من تجربته على مدار 30 سنة في قطاع السياحة.

بقلم : مراد قزار مستشار – مكوّن في الإدارة والتسيير الفندقي


في نهاية الثمانينيات, كنا نرى في الاستثمارات الفندقية على شكل فيلات، بانغالوهات و شقق، الحل الأمثل لاستيعاب الطلب الداخلي على المنتوج السياحي الساحلي في الجزائري. الفكرة السائدة آنذاك هي أن العائلة الجزائرية تفضل قضاء عطلتها الصيفية في الدور، الشقق و البانغالوهات والفيلات على الإقامة في فنادق لا تتماشي و نمط العيش الجزائري. والذي دعم هذه الفكرة هي أن سوق «الإقامة عند الساكنة» كان في تلك الفترة معتبرا، يستقطب جزءا كبيرا من الطلب على السوق السياحي الساحلي مع تسجيل عجز كبير في تلبية كل الرغبات في فترة الذروة أي في فصل الصيف. فترسخت لدينا فكرة أن المركبات السياحية، قرى العطل و شقق الفنادق بإمكانها تلبية هذه الرغبة.
هذه المقاربة كانت مبنية على دراسة ميدانية لنموذج الاستهلاك السياحي للطبقة المتوسطة في الجزائر و التي يمكن اختصار معالمها في ما يلي: في سنوات الثمانينيات كان الجزائريون يفضلون الذهاب لقضاء عطلهم الصيفية مع العائلة المركبة في معدلها من 5 الي 8 أفراد راشدين و على أساس قضاء ما بين 15 إلى 40 يوما. كما أنهم كانوا يفضلون تحضير طعامهم داخل اقاماتهم و استثنائيا تناوله في المطاعم، مخصصين ميزانية للإطعام تقل 3 إلى 4 مرات عن ميزانية الإيواء. في هاته الفترة كانت التسعيرة تحتسب بالوحدة و الدورة (مثلا، سعر إيجار فيلا لشهر) انطلاقا من هذه المعاينة، و لمرافقة الطلب، كان لزاما تشجيع الاستثمار في إقامات تحتوي على الأقل على خليتين للنوم و على خلية للطهي كاملة التجهيز و هو ما توفره المركبات السياحية و شقق الفنادق. الشعار آنذاك هو « خلق شعور لدى السائح أنه مقيم عنده... على جادة البحر».
تحولات عميقة للطلب على الإيواء و الإطعام
بعد مرور أكثر من أربعة عقود، وفي الوقت الذي طرأت تغييرات كبيرة على السوق الداخلي الساحلي في الجزائر وحصلت تحولات عميقة على نموذج الاستهلاك، يجب عدم الاحتفاظ بنفس نظرة نهاية الثمانينيات ومراعاة أهم العوامل الطارئة، الذهاب في العطل الصيفية في الجزائر هو اليوم «فعل زبائن»، عبارة عن عائلات نووية مركبة من 2 إلى 3 أفراد بالغين – رفقة 1 إلى 3 أطفال أقل من 12 سنة، كما أنه «فعل أصدقاء» و أيضا «زبائن فرادى»، معدل مدة الإقامة تقلص إلى 5 ليال مع ميول إلى الأكل في مطاعم المدينة مع الطهي في الحالات استثنائية داخل الإقامات، من جهة أخرى فإن الميزانية المخصصة للإطعام أصبحت تعادل، و قد تبلغ ضعف تلك المخصصة للإيواء، مع بروز ميزانية خاصة للترفيه. هذه التحولات العميقة لا يمكنها إلا أن تؤثر على تسيير الإيواء، الإطعام و كذلك على نموذج الإدارة
و التسيير. فيما يخص الإيواء، و في إطار عروض الموسمين المتوسط و المنخفض
و كذلك بالنسبة للرحلات المنظمة، العلامة الكاملة اليوم هي للإقامات ذات غرفة و اثنين تتسعان إلى 3 أفراد بالغين على الأكثر و تعتمدان كغرف ثنائية.
و عليه وكإجراء انتقالي، أصبح ضروريا و متى كان ذلك ممكنا، تعميم الغرف التي تحتوي كل واحدة على سرير لشخصين و سرير لشخص واحد على أن تحتسب غرف ثنائية، يمكن بيع هذه الغرف لاستعمال ثنائي بالسعر القاعدي، لاستعمال أحادي مقابل إضافة و لاستعمال ثلاثي مقابل خصم.
في ما يخص خدمات الطوابق، عملية تنظيف شقق الفنادق، بانغالوهات و فيلات، دون أخذ وضعية المطابخ بعين الاعتبار، تستغرق العملية 45-60 دقيقة. هذا التنظيف اليومي إجباري بموجب القانون و في إطار احترام جودة العرض الفندقي. وعليه، إذا سلمنا أن الزبون المنتهية إقامته يمكنه البقاء حتى الساعة 12 و الزبون القادم تبدأ إقامته اعتبارا من الساعة 14, حسب الأعراف المهنية، ندرك صعوبة مهمة التوفيق بين جودة خدمة الطوابق و وضع إقامات مع مطابخ في أحسن حال في متناول الزبائن، فبالتركيز على جودة خدمات الإيواء، و حتى تتسنى لنا التهيئة الشاملة للإقامة التي تحتوي على مطبخ كامل التجهيز، فإننا نجازف بعدم القدرة على احترام مواعيد دخول الزبائن الجدد، ما يسفر عنه سوء استقبال من شأنه التأثير سلبا على الجودة خلال باقي أيام الإقامة.
من حسن حظ مهنيي الفندقة الساحلية، أن خيار الطبخ في الإقامات من قبل الزبائن خلال مدة اقاماتهم أصبح قليلا أثناء إقامة قصيرة المدة، لأن الطبخ داخل الإقامة من شأنه أن يعكر صفو العطلة، خاصة أننا لم نعد في سنوات الثمانينيات والتسعينيات التي كان يصعب فيها إيجاد مطاعم تقترح نوعية أكل عالية الجودة في مدننا.
لكن في نفس الوقت، النصوص التنظيمية لم تواكب بعد هذا التحول العميق في صالح الفندقة و ما زالت تلزم المركبات السياحية و شقق الفنادق بالخوض في استثمارات مكلفة، غير ملائمة و متناقضة. فمن جهة، وجوب وضع خدمة فطور الصباح و على الأقل مطعم مصنف على الأقل درجة نجمة واحدة في متناول الزبائن، و من جهة أخرى تجهيز الإقامات بـ «ٍ مطبخ أو زاوية للطبخ مزود بمغسل به حنفية للماء البارد والساخن - خزائن للترتيب - طاولة مع كراسي بعدد كا ٍف - أواني الأكل بكمية كافية - أواني المطبخ بكمية كافية - ثلاجة - مواقد أو كتلة طهي- صندوق النفايات مغلق وفي حالة جيدة. -تهوية وتوزيع الهواء. –بشكل فعال- شفاط المطبخ.
ويبدو أن الوقت قد حان، اليوم، لاقتراح حذف هذا العائق التنظيمي و تغييره بنص يحدد الالتزام بـ «مكان يحتوي على ثلاجه صغيرة, ميكروويف, سخان ماء
و كؤوس بعدد الزبائن» .في نفس السياق، و لأخذ هذه المعطيات التجارية، التنظيمية و المتعلقة بالتسيير، بعين الاعتبار نقترح تغيير النص القانوني الدي يلزم تجهيز الغرفة بـ: «سريرين فرديين ( 90 سم * 190 سم ) أو سرير كبير( 140 سم * 190 سم )» بنص يلزم « على الأقل سريران فرديان ( 90 سم *190 سم ) أو سرير كبير 140( سم * 190 سم )».
التأقلم في مجال الإدارة و التسيير و التسعيرة
الملاحظ أن زبائن المركبات السياحية و شقق الفنادق الجزائرية، و كما هو معمول به في سائر الدول السياحية، يرغبون في خدمات نوادي العطل حيث يتم التكفل بهم بصفة تامة حتى يتفرغون لنشاطات التسلية، الترفيه
و استعادة اللياقة، فعلى سبيل المثال، إذا كانت رغبتنا هي التمتع بشاطئ البحر، المسابح، ربما الحديقة المائية، و نشاطات التسلية و الترفيه، فان مغادرة المركب السياحي لتناول الطعام في المدينة يصبح مصدر عدم جودة. و عليه، الشعار الجديد هو«خلق شعور لدى السائح بأنه في مسكنه ....في الفندق».
لهذه العوامل و أخرى، فإن المركبات السياحية و بدرجة أقل شقق الفنادق، على الأقل خلال موسم الذروة, ليس لمسيريها من خيار استراتيجي سوي انتهاج سياسة «تسيير متكامل للعرض» بانتهاج عروض تضمن على الأقل إعاشة كاملة.
إن العمل بتسعيرة، وحدتها هي الإقامة خلال فترة معينة (مثلا فيلا لمدة 8 أيام) بدون أخذ عدد الأشخاص بعين الاعتبار أصبح عائقا أمام تحسين الإيرادات بحرمانها صاحب الفندق، خلال موسم الذروة، من هامش زيادة الإيرادات و في الموسم المنخفض من حصص في قطاعات من السوق. إن انخفاض عدد الأشخاص في الإقامة و تقليص مدة الإقامة و زيادة مبيعات الحزمات السياحية ابتداء من الايواء مع فطور الصباح إلى إعاشة كاملة، يدافع عن صحة خيار يستند على وحدة قياس هي، الليلة للشخص الواحد، الذي أصبح سهل التطبيق بفضل تطور البرامج الرقمية للتسيير، في نفس الوقت فهو يضمن تسييرا أنجع للتكاليف في ظل تعميم مواد الترحيب و الهدايا.
كما لا حظناه، من سنوات 1980 الي نهاية سنة 2023، شهدنا تغييرا في رغبات السوق السياحي الساحلي الجزائري ليصبح أكثر تطلبا، مما يستوجب الرفع من نوعية الخدمات حتى يمكن التكفل بها، هذه التحولات العميقة يجب أن ترافقها إصلاحات تنظيمية عبر مراجعة للمرسوم التنفيذي 19-158 المنظم للاستغلال الفندقي في الجزائر خاصة فيما تعلق بالمطاعم داخل الاقامات و تجهيز الغرف من حيث الأسرة.

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com