رياضيون يروون تجاربهم: الضغــط النفســـي جانــب مظلـم يعيـق الأداء

يعد الدعم النفسي والمعنويات المرتفعة عاملان مهمان لتحفيز الرياضي، وإعطائه دفعة قوية لتحقيق الفوز ورفع علم بلده في المحافل الدولية، وبحسب ما أخبرنا به رياضيون تحدثوا للنصر عن تجربتهم مع الضغط، فإن الجانب النفسي له دور في التأثير على أدائهم، كما يتعدى الأمر إلى جعله فيصلا في قرارات يتخذونها بخصوص مشوارهم الرياضي.

هو الوجه المظلم للرياضة الذي يعاني منه رياضيون قبل المنافسة وبعدها، وفقا لما أكدوه لنا، فالبطل الذي يظهر بكامل قوته فوق الحلبة أو على الملعب، يغلق باب غرفته على مخاوف، وقلق وتوتر، ليتعدى الأمر أحيانا إلى الإصابة بالاكتئاب بسبب ضغط الجماهير التي تنتظر منه تحقيق الفوز دون الانتباه لما يعاني منه، والذي تكون مواقع التواصل الاجتماعي في أغلب الأحيان مصدرا له، ناهيك عن ملازمة التفكير الزائد لهم وهاجس تحقيق الانتصار.
* الملاكمة إشراق شايب
هذه الحالة هدّدت مكانتي

تقول الملاكمة إشراق شايب، إن الضغط النفسي جعلها تمر بمرحلة جد صعبة، عانت خلالها من الأرق، وفقدان التركيز أثناء التدريبات بسبب عدم قدرتها على النوم، كما أثر أيضا على شهيتها وانقطعت عن الأكل.
وذكرت الرياضية بأن هذه الحالة كانت تهدد مكانتها أيضا ومشوارها في الملاكمة، لولا وقوف مدربها بجانبها وتقديم كل الدعم النفسي لها، لأن الرياضي حسبها، يجد نفسه محاطا بأناس يبحثون عن لحظة سقوطه، وتجاوز الأمر يتطلب احتواء من العائلة، للتمكن من التعبير عما يقلقه.
وبحسب محدثتنا فإن الضغط النفسي يمكن أن يدمر حياة الرياضي ويرميه في هوة الفشل، خصوصا وأنه يؤثر على بنيته الجسدية مثل تهدم الكتلة العضلية، وأردفت الملاكمة بأن هذه الحالة يمكن أن يسببها أشخاص، أقارب، جمهور وأحيانا مدربين، خصوصا خلال المحافل الكبرى عندما يسيطر على الرياضي التفكير في جو المنافسة وتفادي الخسارة، ورغبته الملحة في الظفر بالميدالية الذهبية.
ويختلف توجه الجماهير نحو الرياضيين، وفقا لما أخبرتنا به محدثتنا، التي ذكرت بأنه توجد فئة تدعمهم وتمنحهم طاقة إيجابية، بينما آخرون ممن يجهلون ما يجول خلف الكواليس يؤثرون عليهم بتعليقاتهم السلبية، التي تتحول أحيانا إلى مهاجمات عنيفة تصل إلى حد الشتم.
وعبرت الملاكمة قائلة «الجمهور لا يعرف ما يمر به الرياضي طوال العام، وماذا يفعل، أحيانا يتعرض لمضايقات تعكر مزاجه، وأحيانا يكون بعيدا عن عائلته، فأنا كرياضية خلال التدريبات أُحرم من قضاء الأعياد والمناسبات مع الأسرة»، تضيف «الأغلبية يعلقون على المبالغ التي يُروج على أنها تُدفع للرياضي ويحملونه المسؤولية في حالة الخسارة، لكن في الحقيقة ذلك المبلغ يُوزع على رياضيين آخرين، والرياضي في الأخير يبقى إنسانا».
وتعد المنافسات الدولية، وفقا لها، هي الأكثر تأثيرا على الجانب النفسي، لأن الرياضي يكون أمام مرأى العالم، ويتعامل مع مستوى أكثر احترافا، أما خلال المنافسات الوطنية، فيسيطر عليه التفكير في مكانته في المنتخب الوطني، كما أكدت إشراق شايب على أهمية تعزيز الرياضي لثقته بنفسه وتطبيق نصائح مدربه والالتزام بالتدريب الجيد حتى لا يقع في فخ الضغط النفسي.
* الملاكم يونس نموشي
كدت أن أوقف مشواري

بدوره أخبرنا الملاكم يونس نموشي، بأن الضغط النفسي دفعه في مرحلة من مشواره إلى التفكير في الانسحاب من البطولة الافريقية، والتوقف عن ممارسة رياضة الملاكمة، وقد كان سبب ذلك حسبه التعليقات السلبية التي طالته على مواقع التواصل الاجتماعي المشككة في قدراته ومهاجمته شخصيا، ويرى يونس بأن هذه الأخيرة أصبحت تخلق توترا وقلقا كبيرين للرياضي خصوصا عندما يلح الجمهور بالمطالبة بالفوز حتى قبل المنافسة، ويصل بهم الأمر أحيانا، حسبه، إلى تهديد الرياضي، الذي يتحول إلى التفكير في ردة فعلهم في حالة الخسارة والخوف منها، وعلق الملاكم قائلا «الجمهور لا يعرف ما الذي يجري خلف الكواليس، مثلا الظروف الصعبة التي نتدرب فيها، عدم توفر الإمكانيات الكافية، لكنه يلومنا في حالة الخسارة»، مؤكدا على أهمية الدعم النفسي الذي يوفره المحيط، وضرب مثالا بما حصل مع زميلته إيمان خليف خلال أولمبياد باريس 2024، واعتبره يونس حافزا ساهم في حملها للميدالية الذهبية.وقبل المنافسة يحاول الملاكم تخليص نفسه من الضغط النفسي، وذكر بأنه يجتمع مع أصدقائه ويهرب إلى خلق أحاديث بعيدة عن أجواء الملاكمة والرياضة، كما يخرج كل مساء لممارسة المشي، فضلا عن التحضير النفسي الذي يجعله مرتاحا.
* المدرب فوزي لعجل
على المدرب أن يكون محنكا بقبعة نفساني
من جانبه قال مدرب جمعية مولودية علي منجلي، والملاكم السابق، فوزي لعجل، إن الضغط النفسي يُمارس على المدرب أيضا، ومن الأسباب التي ذكرها، نقص الإمكانيات مثل القاعات غير المهيأة، وضغط بعض الجهات التي تجعله غير قادر على تأدية واجبه.
ويرى لعجل بأن المدرب يجب أن يكون محنكا في إنقاذ الرياضي من الضغط النفسي، وينصب تركيزه على المنافسة والفوز بالميدالية، فضلا عن ممارسة دوره في تحفيزه وتأهليه عقليا ونفسيا، وتقديم نصائح له في جانب التحضير الجيد.
* الأخصائي النفساني عبد الرزاق والي
التحفيز النفسي جزء من الفوز
فيما أوضح الأخصائي النفساني، عبد الرزاق والي، بأن الرياضيين أيضا يمرون بحالات نفسية مضطربة، تؤثر أعراضها على حياتهم وأدائهم الرياضي، مثل فقدان التركيز أثناء التدريبات والمنافسات، الشعور بالإرهاق الدائم الذي يصعب عليه الاسترخاء والاستمتاع بالرياضة،
إلى جانب ذلك، قد يلاحظ تراجعًا في أدائه مقارنة بالمستويات المعتادة، بالإضافة إلى فقدان الحماس، وأردف بأن هذه الحالة قد تترافق أيضا مع تغيرات في عادات النوم والشهية، حيث يصبح الرياضي أكثر انفعالا أو يشعر بالحزن والاكتئاب لفترات طويلة. ويرى الأخصائي بأنه من المهم أن يحافظ الرياضيون على التوازن بين التدريب والراحة، إذ يجب عليهم الاستماع إلى احتياجات جسدهم وعقلهم وتجنب الإرهاق المفرط، البحث عن الدعم من المدربين، الأصدقاء، أو الأخصائيين النفسيين لتجاوز الأوقات الصعبة، فضلا عن التدرب على تقنيات الاسترخاء، مثل التنفس العميق، كما نصح الأخصائي الرياضيين بالمحافظة على التواصل مع الآخرين ومشاركة مشاعرهم وأفكارهم، مما يساعد في تخفيف الضغوط وتحسين الحالة النفسية بشكل عام.
إيناس كبير