الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

يقدم محتوى يعنى بتاريخ قسنطينة و أهلها: عبد الرحمان حاجي ..مدوّن يغري السياح بسحر الأساطير

يوثق صانع المحتوى السياحي والمهندس المعماري، عبد الرحمان حاجي لقسنطينة بطريقة مختلفة، حيث يقدم عبر مواقع التواصل الاجتماعي محتوى ينطلق من الأسطورة وينتهي عند الحقيقة، ليغذي فضول السياح و يجذبهم إلى المدينة، بحثا عن المكان المذكور أو طلبا لتتمة القصة، أو لعيش التجربة التي شوقهم إليها في واحد من فيديوهاته التي تحكي عن المعالم الأثرية والشخصيات التاريخية، أو التراث الشعبي. ولا يغفل المدون السياحي، عن توظيف الجانب العلمي في جمع المعلومات بالاعتماد على وثائق تاريخية وأبحاث ودراسات مختلفة، مستفيدا من خبرته في مجال الهندسة المعمارية.

إينــــاس كبيــــر

يثير صانع المحتوى الذي كان لنا لقاء معه، حنين متابعيه من خلال ما يرصده في جولاته السياحية، داخل دروب وأحياء قسنطينة العتيقة، فضلا عن المواقع الأثرية التي تتميز بها المدينة، وذلك لاعتماد على آلة تصوير بسيطة، حيث ينشر معلومات تاريخية متنوعة، بعضها يعرف لأول مرة، وهناك ما يتم تداوله بشكل دائم بين الناس ويحاول هو التدقيق فيه و البحث عن أصل الحقيقة و القصص التي ينسجها الخيار، مثل قصة «الجسر الذي لم يبنه البشر»، و»سر الأقواس الرومانية» و»غرائب مغارة الحمام»، و»أقدم الرسومات الحائطية والموجودة بقسنطينة»، كما يتناول كذلك بعض القصص الشعبية مثل قصة «الدايخة بنت موني»، و»الأربعون شريفا».
ويعيد محدثنا، إلى الذاكرة شخصيات مثقفة وسياسية عاشت في قسنطينة على غرار مالك حداد، وزهور ونيسي وغيرهما، كما يجري لقاءات مصورة مع مثقفي المدينة وقاماتها من مسرحيين وأدباء، وهو أسلوب يعتمد عليه كذلك لجذب السياح خصوصا وأن قناته على يوتيوب تحصي31 ألف متابع.
أجانب ينبهرون بقسنطينة
أغرم صانع المحتوى السياحي والمهندس المعماري عبد الرحمان حاجي، بقسنطينة منذ نعومة أظافره وأحب جسورها وصخورها، حيث يقول معلقا «لطالما اعتبرتها مدينة خيالية، وكل ما فيها كان يسحرني ويجذبني إليها»، وقد تأكد من قوة هذه العلاقة الروحية كما عبر، بعد أن عاش في الغربة أين أصبح كل كيانه يبحث عن الجزائر وبالأخص قسنطينة.
يضيف صانع المحتوى، بأنه كان يجلس ويقارن الجزائر مع بعض الدول، ليتوصل في النهاية دائما إلى أن بلادنا تملك إمكانيات طبيعية كبيرة و غير مستغلة، وأنه من مسؤوليتنا كأفراد أن نخدمها وأن نروج لها كوجهة سياسية قائلا:»بعض الدول تصرف أموالا طائلة لأجل بناء هضبة صناعية مثلا، بينما كل ما في الجزائر طبيعي، ولذلك يتوجب علينا أن نحسن استغلال هذه النعم».
قال لنا، إن ينظر كثيرا إلى صور قسنطينة و يريها لأصدقائه الأجانب، خصوصا عندما ترتدي حلتها البيضاء شتاء، وتغرق جسورها في الضباب، وقد كانوا ينبهرون بجمالها ويبدون رغبة في زيارتها.

وأفاد صانع المحتوى، بأن هذه التجربة جعلته يفكر في تقديم شيء يليق بمدينته بعد العودة إليها، لتتبادر إلى ذهنه فكرة إنشاء محتوى سياحي على «يوتيوب» يعرف بثقافتها و جمالها وأصالتها، وعراقة تاريخها، كما جاءت المبادرة أيضا بدافع إنساني.
وأوضح الحجر الذي فرضه «كوفيد -19» و تعليق الرحلات نحو أرض الوطن، دفعه إلى التفكير في توفير بديل للمغتربين الذين يحنون إلى بلدهم ويحملون شوقا لعائلاتهم وأحيائهم، فمضى قدما في طريق صناعة المحتوى، وقال إنه بعد إجلائه وعودته إلى قسنطينة، كان يخرج يوميا بسيارته أو راجلا ليصور المدينة وأحياءها بواسطة هاتفه الذكي، وذكر جولاته في أحياء «باب القنطرة» و «عوينة الفول» و «حي الصفصاف»، و» السويقة»،.
ثم جهز فيديوهاته ونشرها على قناة على يوتيوب أسماها «ديزاد ويك» مع تعليق أرفقه للتعريف بطبيعة المحتوى تضمن عبارات من قبيل «الحنين إلى الجزائر»، و « في خدمة الجالية الجزائرية للتجول افتراضيا في شوارع قسنطينة».
كما فكر أيضا، في نشر مقاطع مصورة وترجمتها إلى اللغات الثلاث «العربية و الإنجليزية و الفرنسية»، وإتاحتها لمغتربين متواجدين في دول أوروبية حتى يسهل عليهم فهمها، وكذا مشاركتها مع أطفالهم لتعريفهم ببلدهم الأم.
مدينة تنبض بأسرار وغرائب
وأثارت عدة مقاطع مصورة ضجة على قناته على «يوتيوب»، خصوصا وأن العديد من متابعيه يملكون معلومات سطحية فقط عن بعض المناطق كما قال، حيث عاد بذاكرته إلى سنة 2001، ليحدثنا عن استكشافه لمغارات قسنطينة، مشيرا إلى أنه حاول أن يقدم معلومات صحيحة عنها، لأن الغالبية من الناس، لا تملك خلفية معرفية دقيقة عنها، بل تتداول ماهو شائع، وهي في الغالب معلومات مغلوطة أو ناقصة، وأتبع قائلا :»لا أحد تحدث عن تاريخ هذه المغارات، أو السبب وراء إنشائها»، لذلك يستعين محدثنا بخرائط ومخطوطات قديمة للحديث عنها، بدل سرد الأساطير حولها.
وذكر عبد الرحمان، بأنه قدم في أحد فيديوهاته نفقا في وسط المدينة، يجهل الناس سبب وجوده ويتداولون قصصا غريبة عنه، ولكنه في الأصل كما نقله في عمله المصور، جزء من مطحنة تعود لمعمر يدعى «فرونسوا لا في»، كانت متواجدة في منطقة «سيدي مسيد»، وقد كان المعمر يزودها بالقمح شوارع «عوينة الفول» في البداية، ثم جاءته فكرة إنشاء نفق بطول 1.2 كم، تقطعه القطارات لنقل القمح.
مضيفا، بأنه اعتمد في تصوير الفيديو، على مخططات قديمة تعود لأمريكيين وهي ما قاده إلى المكان وكانت خلفية للمعلومات التي تضمنها العمل الذي نشره على قناته، حيث تحدث عن تاريخ حفر النفق، وأسباب حفره ومخططه وامتداده.
كما تحدث في فيديو آخر، عن البحيرة الموجودة أسفل فندق العربي بن مهيدي، وقد حظي العمل بمشاهدات كثيرة، خصوصا وأن البحيرة لم تعرف زائرين لها منذ سنة 2014، وقد وجد معلومات كثيرة عن سلالمها وطولها وارتفاعها.
كما أفاد صانع المحتوى، بأن كل ما يتعلق بقسنطينة موجود في كتب قديمة لمعمرين استوطنوها زمن الاحتلال الفرنسي للجزائر، مضيفا بأنها تحتوي على معلومات مهمة، وقصص جد غريبة وثقوها عن قسنطينة، من بينها المدافع الأربعة الموجودة وسط المدينة، والتي أخبرنا، بأنها كانت مغروسة قديما في أرض حديقة وقد ربطها جنود الاحتلال بسلاسل حديدية، في محاولة لتقزيم كل ما يخص الجزائر وتاريخها وثورتها، ثم استُخرجت بعد الاستقلال وأعيدت إليها هيبتها بوضعها وسط المدينة دلالة على حماية جهاتها الأربع.
وقال كذلك، إن أسماء الشوارع ترتبط ببعض الحكايات، ولذلك يرى بأن لقسنطينة تاريخا مهما يجب أن يعرف، وبالأخص بعض المناطق التي اشتُهرت تاريخيا، مثل بلدية الخروب، وعين نحاس، والهرية التي تتواجد بها مدافن تعود إلى ما قبل التاريخ.
مردفا، أنه توجد في الخروب أقدم رسومات صخرية في الجزائر، وفي هذا السياق علق:»أحيانا لا أحب تصوير الطريق المؤدية إلى هذه المواقع الموجودة في الهواء الطلق، حتى لا يتم التعدي عليها وتخريبها، خصوصا وأنها غير مسيجة».
ويصور عبد الرحمان كذلك، مقابلات فنانين ومثقفين من قسنطينة، وقد أوضح بأن هدفه من ذلك، هو التأكيد أن المدينة كانت وما تزال مركزا حضاريا، أما الفيديوهات التي ترصد انطباعات السياح الأجانب، فالهدف منها ترويجي و دعائي، وترمي كذلك إلى تعزيز شعور الفخر عند أبناء المدينة بالانتماء إلى هذه الحاضرة.
هذه رسالتي إلى الشباب

واعتبر المتحدث، بأن صناعة المحتوى السياحي لا تعتمد فقط على تصوير الأماكن السياحية أو الجولات التي يقوم بها «اليوتيوبر»، وإنما تستدعي أيضا التطرق للحديث عن تاريخ المكان، وعادات وتقاليد أهل المدينة، و كذا التراث المعماري، و توظيف الأساطير لتغذية الفضول ومحاولة النبش في صندوق الحقيقة قائلا: «على سبيل المثال عند تصويري لحي «السويقة»، أجد من المهم أن أتطرق للأحداث التاريخية التي مرت بها المدينة القديمة، ومن عاشوا فيها وكل الذكريات التي خبأتها جدران بيوتها».
ومن خلال اطلاعنا على بعض «الفيديوهات» التي نشرها سابقا، لاحظنا أنه يجمع بين خاصية السرد القصصي، والتوثيق العلمي التاريخي والحديث عن الهندسة المعمارية، وفي هذا الخصوص أوضح المتحدث أنه يفضل إعطاء معلومات شاملة للمتابع عن الموقع أو المعلم الذي يزوره بدل الاعتماد على الصورة فقط، وعقب:»لا يمكن تقديم التاريخ مبتورا أو مشوها».
ويعد التراث المعماري القسنطيني وفقا له، جزءا من التراث الجزائري وشكلا من أشكال التنوع والثراء في هذا الأخير، خصوصا وأنه يقوم على أساليب هندسية تعود لحضارات مختلفة، وهو ما حول المدينة إلى قطب علمي وليس فقط سياحي، وفي هذا السياق أشار إلى أن، الجامع الكبير على سبيل المثال بُني بأحجار رومانية، وكذلك أجزاء من حي السويقة.
ورغم أن الاحتلال الفرنسي هدم الوجه الجميل لهذا الإرث المعماري، إلا أن قسنطينة لا تزال تحافظ على ألقها، لذلك يعتمد عبد الرحمان في جمع المادة العلمية على بحوث ودراسات تاريخية قديمة تبز هذا الجانب، وشعاره في ذلك المصداقية والمعلومات الدقيقة، كما لا ينتصر لرواية واحدة أو ينشر ما هو متداول، بل يشارك كل ما هو موثوق ودقيق.
وقال بخصوص ذلك:» عندما تحدثت عن الصومعة الجنائزية بالخروب، اعتمدت على ما وجدته في أبحاث العلماء الذين كشفوا حقيقة الشخصية الموجودة داخل الضريح، وبينوا اختلاف الآراء حولها «.
وعبر صانع المحتوى والمهندس المعماري، بأنه لا يبحث عن الشهرة من خلال ما ينشره، وإنما يحمل رسالة يريد إيصالها إلى الشباب خصوصا الذين يجهلون قيمة مدينتهم، ولم يبلغوا درجة الارتباط الروحي بها، وهو ما يدفعهم إلى تخريبها من خلال بعض التصرفات السيئة «كالكتابة على جدران المعالم الأثرية»، لذلك فقد فكر أيضا، في أن تكون قناة «ديزاد ويك» ذات طابع توعوي، تعطي نصائح للحفاظ على المدينة.
ويرى محدثنا، بأن الترويج السياحي للبلد يتطلب انخراطا و تحليا بالأخلاق بالدرجة الأولى.
إ.ك

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com