دخل الألماس، على خط صناعة المجوهرات في قسنطينة، وصار يرصع قطعا عصرية وأخرى تراثية مثل خيط الروح، وذلك نزولا عند طلب زبونات أصبحن أكثر تطلبا، ورغم أن أسعار القطع الماسية مرتفعة جدا مقارنة بالحلي الذهبية البسيطة، إلا أن للحجر الكريم بريقا لا تقاومه فئة من السيدات، صارت أكثر اهتماما بامتلاكه لأجل أناقته الطاغية من جهة وكنوع من الاستثمار كذلك، وهو ما أكده صاغة شملهم استطلاع للنصر ببعض محلات المدينة.
لينة دلول
أوضح مراد، صائغ وصاحب محل بوسط مدينة قسنطينة، أن سوق الألماس المحلية تعرف نموا تدريجيا منذ سنتين، خاصة مع تزايد الاهتمام بالمجوهرات الفاخرة، رغم أن غالبية نساء المدينة لا تزال تفضل الحلي التقليدية المعروفة مثل « المحزمة والسخاب و المدبح و المقياس»، مع ذلك فقد اهتدى صاغة حسبه، إلى طريقة بسيطة لتسويقه وذلك باستخدامه في تزيين بعض القطع التي تتناسب مع هذا النوع من الأحجار، مثل خيط الروح و الخواتم، و القطعة التراثية « المخبل».
رحلة البحث عن الألماس
لاحظنا ونحن نتجول بين محلات الصاغة بوسط مدينة قسنطينة، وعدد من المحلات الفاخرة على مستوى علي منجلي، أن المجوهرات الماسية لا تعرض داخل الواجهات كباقي القطع الذهبية و الفضية، وأن محلات قليلة فقط ، توفر هذا النوع من المجوهرات في واجهاتها.
سألنا بعض التجار و الحرفيين عن السبب، وقد اتفق جل من حدثناهم على أن القطع الماسية ليست سلعة رائجة جدا ومتوفرة بشكل دائما نظرا لندرتها و غلاء أسعارها، بل تتوفر بكميات قليلة في المحلات، أو حسب طلب الزبون أو الزبونة ووفق معايير معينة ترتبط بنوعية القطعة و حجمها ووزنها ولونها.
في أحد أشهر محلات المجوهرات بشارع 19 جوان، عرضت تشكيلة من القطع الماسية على طاولة زجاجية صغيرة وقد بدت مبهرة للغاية وهي تدور باتجاه عقارب الساعة تحت إنارة مدروسة مائلة نحو اللون الأصفر، أوضح لنا الصائغ بأنها مهمة جدا لتبين قيمة الماس و تعكس بريقه وتميزه، موضحا أن لهذه القطع الفاخرة زبائنها رغم أن عددهم قليل، وأنه يسعى لتكريس ثقافة الألماس خصوصا وأن هناك من يعتبره استثمارا ولا يقتنيه لأجل الزينة فقط.
قال محدثنا، إن سعر الألماس لا يحدد بحسب قيمة الغرام مثل الذهب، بل بحسب القيراط الذي تتحكم فيه درجة نقاء القطعة، مثلا 0.68 قيراط أو0.70 قيراط، و يختلف السعر بالعودة إلى تداولات السوق العالمية وتوفر السلعة و ندرتها وما إلى ذلك، مشيرا إلى أن أصغر قطعة مجوهرات مرصعة بالألماس تكلف حوالي 24 إلى 30 مليون سنتيم.
حاولنا خلال استطلاعنا الحديث إلى أكبر عدد من الزبونات اللواتي قابلناهن داخل محلات المجوهرات، قالت شابة في عقدها الثالث، إنها تشتغل كموظفة في بنك قريب، وإنها سبق وأن اقتنت عقدا ذهبيا مرصعا بقطعة من الألماس، كلفها مبلغ 60 مليون سنتيم، وأنها تملك صكا وشهادة تبين قيمة ونوعية القلادة، لأن هذا النوع من المجوهرات يباع مع وثيقة ضمان، موضحة أنها تعتبر الحجر بمثابة استثمار، حيث علقت مازحة « عندما أحتاج المال سيسهل علي التخلي عن الحلي الذهبية لكنني لن أستطيع التفريط في قطعة كهذه ستزيد قيمتها بمرور الزمن، إنه أفضل استثمار وهي أحسن طريقة للحفاظ على المال».
وأضافت سيدة أخرى، أن ابنتها فضلت الحصول على خاتم خطوبة ماسي على كل قطع المجوهرات التراثية الأخرى المتعارف عليها والتي عادة ما تدخل في «صداق وجهاز العروس»، وأخبرتنا أن الخاتم كلف 30 مليون سنتيم، أما عن سبب هذا الاختيار فأوضحت الشابة التي كانت رفقة والدها بمحل للمجوهرات بشارع 19 جوان، أنه مصدر للفخر وأنها أرادت دائما أن تكون مثل بطلات المسلسلات التركية أنيقة بقطعة تساوي الكثير.
وقد أضافت صديقتها ساندرا، أن فكرة الخاتم الماسي باتت رمزا للمكانة الاجتماعية، وجزءا من الاحتفال باللحظة الفارقة في حياة الفتاة.
سيدات أخريات، تحدثن عن رغبتهن في الحصول على مجوهرات ماسية، ولكن إمكانياتهن المادية لا تسمح، كما قالت نساء بأن هذا النوع من المجوهرات لا يتناسب مع طبيعة اللباس التقليدي الجزائري بعكس القطع الذهبية كبيرة الحجم.
تقدم في صناعة الألماس محليا
وبحسب بائع المجوهرات الشاب أحمد، فإنه في قسنطينة، يتم بيع الألماس بشكل خاص، أي كل قطعة على وفقها وفقا لجودتها وحجمها مؤكدا، بأن غالبية الألماس المتداول في السوق تنتج محليا، وهو ما يشير بحسبه، إلى أن الجزائر قد حققت تقدما ملحوظا في هذه الصناعة الألماس، سواء من ناحية تصنيعه أو تحويله إلى قطع جاهزة للبيع، رغم أن الألماس الطبيعي نادر جدا.
وأوضح محدثنا، أن هذا التوجه قد يغير مستقبل سوق المجوهرات ويجعلها أكثر استقلالية عن الأسواق العالمية، بحيث يمكن أن تعتمد بشكل أكبر على الإنتاج المحلي.
وأضاف أحمد، أن الأقراط وساعات اليد والقلائد، تعتبر من أبرز القطع التي يتم تصنيعها من الألماس في الجزائر، لأنها تعد الأكثر شهرة بين محبي المجوهرات الفاخرة، حيث يتم اختيارها بشكل خاص من قبل الأفراد كهدية لأحبائهم في المناسبات الخاصة مثل أعياد الميلاد وعقد القران.
وأشار التاجر، إلى أن العاصمة تعد قلب سوق الألماس في الجزائر، حيث تتمركز فيها معظم عمليات بيع وشراء المجوهرات الفاخرة بما في ذلك الماسية، مضيفا أنه من الصعب بيع طقم كامل من الألماس في قسنطينة بسبب غلاء سعره، لذلك تقتصر عملية شراء الألماس على زبائن محددين و على قطع معينة تباع بشكل منفصل وبأسعار تتناسب مع ميزانيات مختلفة.
وأضاف المتحدث، أن الألماس المستورد يباع بأسعار أعلى من 100 دولار للقطعة، مما يوفر هوامش ربحية كبيرة لأصحاب المحلات، هذه الزيادة في السعر تعود بحسبه إلى تكلفة الاستيراد، كما تضاف إليها مصاريف الشحن والضرائب، ناهيك عن قيمة الألماس نفسه كمنتج فاخر.
مؤكدا في ذات السياق، بأن بيع الألماس المستورد يعد فرصة تجارية مربحة لأصحاب المحلات الذين يستهدفون الزبائن ذوي القدرة الشرائية العالية.، موضحا أنه غالبا ما يستخدم الألماس ليرصع الذهب الأبيض بعيار 18 قيراط.
مجوهرات تباع بشهادة موثوقية
وأكد البائع أنه عند بيع الألماس، يتم تقديم شهادة موثوقية تؤكد أصالة القطعة وجودتها كضمان للزبون، لأنها تعد من الأمور الأساسية في سوق المجوهرات الفاخرة، وتضمن للعميل أن القطعة التي يشتريها ألماس حقيقي، كما توفر له تفاصيل دقيقة حول خصائصه مثل الوزن بالقيراط، اللون، والنقاء، بالإضافة إلى عملية القطع.
أشار المتحدث، إلى أن هناك زبائن يحرصون على شراء الألماس كنوع من الاستثمار، وذلك لأنه من المواد الثمينة التي تتمتع بزيادة مستمرة في قيمتها على مر الزمن، مما يجعلها خيارا آمنا للذين يبحثون عن استثمار طويل الأمد.
هذا الارتفاع المستمر في السعر يعود إلى عدة عوامل، أبرزها محدودية العرض في السوق مقارنة بالطلب المتزايد على الألماس في مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى ذلك فهو يعد من المواد التي يمكن الحفاظ على قيمتها عبر الأجيال، ما يجعله استثمارا يناسب الأفراد الذين يسعون إلى ضمان استدامة الثروة.
وأوضح المتحدث، بأنه بالرغم من وجود العديد من الأحجار الكريمة في الأسواق وارتفاع أسعارها، إلا أنها لم تتمكن من منافسة الألماس الذي ظل يتربع على عرش الفخامة والجمال منذ العصور القديمة.
هذا سعر حجر ماسي بوزن 0.20 قيراط
من جهته أوضح صائغ بمحل لاغوز جولوري، بأن سعر الألماس في الجزائر يعتمد على عدة عوامل، مثل جودة القطع، اللون و النقاء و الوزن بالقيراط، بحيث كلما كانت جودة الألماس عالية والنقاء مثاليا زادت قيمته، كما أن اللون يعتبر من العوامل المهمة في تقييم الألماس حيث يفضل بحسبه، الألماس الذي يميل إلى الشفافية واللون الأبيض النقي، فضلا عن العرض والطلب في السوق المحلية.
وأضاف المتحدث، أن الألماس المتوفر في الأسواق الجزائرية ينقسم إلى نوعين رئيسيين، وهما الألماس الطبيعي والألماس الصناعي، ويعد الثاني الأكثر وفرة، ويتميز بتكلفته الأقل مقارنة بالألماس الطبيعي مما يجعله خيارًا متاحا أكثر.
مشيرا، إلى أنه لا يوجد فرق جوهري في المظهر بين النوعين، لأن الألماس الصناعي يصنع باستخدام تقنيات متقدمة تحاكي العمليات الطبيعية التي يتم من خلالها تكوين الماسة في الطبيعة، رغم ذلك يبقى الألماس الطبيعي هو الأكثر قيمة من الناحية التجارية بسبب ندرته وطبيعته الفريدة.
وأكد التاجر، أن الوثيقة المرفقة مع الألماس لا تأتي من المحل ذاته، بل من الجهة التي قامت بصناعته أو من مختبرات معترف بها دوليا مما يسهم في تعزيز مصداقية البيع والشراء ويمنح المشترين الثقة في القيمة الحقيقية للمنتج. وأوضح، أن سعر الحجر الماسي بوزن 0.20 قيراط يبلغ حوالي 14 مليون سنتيم، مؤكدا بأنه ورغم أن الأحجار الكريمة الأخرى مثل الروبي و «الزمرد» تعتبر من بين أغلى المجوهرات وأكثرها قيمة، إلا أنها لم تتمكن من منافسة الألماس من حيث الطلب والشعبية.
فالألماس بحسبه، يبقى الخيار المفضل لزبائن الأحجار الكريمة، بفضل قيمته المرتفعة ومكانته الرفيعة في الأسواق العالمي، علما أن أسعاره تختلف من وقت إلى أخر، ففي المناسبات الخاصة مثل حفلات الزفاف أو الأعياد، قد يرتفع الطلب على الألماس، مما ينعكس على أسعاره، في حين أن حجم الحجر يؤثر أيضا بشكل كبير في تحديد قيمته، حيث كلما زاد الحجم «القيراط»، ارتفعت القيمة السوقية للألماس.
ل.د