تضع الطفلة ميس رنيم سمالي، خطواتها الأولى في عالم الابتكار بعد أن تركت بصمتها مؤخرا في سجل المبتكرين، بتطبيق أسمته المرافق الذكي لتعلم اللغة العربية للطور الابتدائي، مكنها من اعتلاء منصة التتويج والظفر بالمركز الأول في المسابقة الوطنية للابتكار والبرمجة التي نظمتها قبل أيام، وزارة التضامن الوطني والأسرة بالتنسيق مع مكتب اليونيسيف في الجزائر.
ولا يعد التتويج الأول من نوعه للتلميذة، إذ سبق وأن نالت لقبا وطنيا بفضل ابتكار آخر في مسابقة للذكاء الاصطناعي، وتطمح للمواصلة على نهج الإبداع لتطوير التطبيقين اللذين اشتغلت عليهما في المنافستنين المذكورتين، ووضع لمستها في عالم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
التقينا بالتلميذة المتمدرسة في السنة الرابعة متوسط، بمؤسسة الجزري للروبوتيك بمقر تكنوبول قسنطينة، الفضاء الذي احتضن رنيم ولقنها الخوارزميات الأولى، وأيقظ فيها روح الابتكار.
قالت إنها التحقت بالمؤسسة قبل سنة، وأنها حين ذاك لم تكن قد اكتشفت بعد شغفها الكبير بالابتكار رغم أنها كانت في الأصل محبة لعالم التكنولوجيا والربوتات، وأوضحت أنها في يوم التحقت بدورة تكوينية في اللغة الإنجليزية، أشرفت عليها المؤسسة إلى جانب ورشات عديدة أخرى من بينها ورشات للابتكار، وهناك نبهها أستاذها في المؤسسة إلى أنها قادرة على التألق في المجال، فقررت أن تنضم إلى ورشة للروبوتيك والذكاء الاصطناعي، أكد لها المشرف عليها أنها مهمة وواعدة.
وأخبرتنا، أن ذات الأستاذ لمس فيها الموهبة والقدرة على التميز بفضل ثقافتها العامة، ونصحها بأن تلتحق بمؤسسة الجزري وتتلقى تكوينا في مجال الربوتات والذكاء الاصطناعي،أين يمكنها أن تستفيد من مناخ ملائم لتفجير قدراتها الإبداعية.
مناخ مؤسسة الجزري يشجع على الابتكار
بعد تعلم ميس لأبجديات البرمجة والربوتيك والذكاء الاصطناعي، حاولت تطبيق كل ذلك في أول مبتكر اشتغلت عليه لتغذي شغفها بالتكنولوجيا، وقد تمثل المشروع في برنامج ذكي لاستشعار واكتشاف كل من يتسلل لغرفتها ويعبث بأغراضها، وهذا بعد أن واجهت تقول محدثتنا الصغيرة، مشكلة مع إخوتها التوأم ساجي وسهيل، اللذين يحبان اللعب بأغراضها.
حيث عملت على تطوير برنامج استشعار لتعابير الوجه والحركة والصوت وتحديد طول القامة، يمكنه أن يكشف لها ملامح الشخص الذي تردد على فضائها الخاص وعبث بأغراضها أو قام بأخذها، وذلك من خلال ذكر اسم الشخص، موضحة بأن المبتكر عبارة عن برنامج صوتي، شاركت به في البطولة العربية للربوتيك، لتحقق للجزائر المرتبة الأولى وطنيا، في منافسة شملت مبتكرين من 50 دولة.
تتويج رنيم حفزها للتقدم بخطوات متسارعة في عالم الابتكار كما قالت، لذلك باشرت التفكير في مبتكر ثان في أقل من سنة من بداية تعلم لغات البرمجة مثل بايثون،وسكراتش،وبرجمة الروبوتات باستعمال لغات الذكاء الاصطناعي، فعملت على تطبيق المرافق الذكي لتعلم اللغة العربية للطور الابتدائي، بعد أن لاحظت معاناة تلاميذ من مشاكل عدم القدرة على استيعاب القواعد النحوية لتضع تصورا لتطبيق لتعليم اللغة بطريقة سهلة وممتعة للصغار، يختلف من حيث مبدأ العمل عن طريقة التعليم التقليدية، ويساعد على حفظ القواعد جيدا، وهو تطبيق نجح في صنع الفارق وأبهر لجان تحكيم في المنافسات الوطنية الدولية كما أكدته لنا.
استخدامه سيشمل فئة المكفوفين مستقبلا
تقول المبتكرة الصغيرة، إن إصرارها على التفوق مكنها من نيل جوائز وألقاب أخرى هذه السنة، حيث افتكت المركز الأول في المسابقة الوطنية للابتكار والبرمجة، التي نظمتها وزارة التضامن الوطني و الأسرة و قضايا المرأة، بالتنسيق مع مكتب يونيسف الجزائر، وتوجت بلقب بطلة للجزائر في مسابقة "كود أفور2024"، وهي أيضا الفائزة في مسابقة إينو كيدز، وكلها جوائز تعني لها الكثير، وتعتبرها محدثتنا، خطوة كبيرة بالنسبة إليها ودافعا قويا لتقديم الجديد في ميدان التكنولوجيا.
وعن الدعم الذي يساعدها على التميز، أوضحت بأن الفضل يرجع بدرجة أولى لوالدتها التي أطرتها، وكذلك لطاقم مؤسسة الجزري الذي فجر طاقتها وروحها الابتكارية، بفضل المناخ العلمي المساعد على الابتكار الذي يجعل الطفل مؤمنا بقدراته وشغوفا بمواكبة التطور التكنولوجي مع الرغبة في تطبيق أفكاره الخاصة.
مردفة، بأن بدايتها في هذا المجال لم تكن صعبة، وأنها حين اشتغلت على أول مبتكرين لها لم تستغرق كثيرا من الوقت، أنهت أحدهما في ظرف أسبوعين.
وعن تصورها لمستقبلها في هذا المجال وما إذا كانت ستواصل دراستها في تخصص مماثل، قالت بأنها لم تفكر بعد في ذلك لأنها تركز على الحاضر وتستمتع بتعلم الابتكار و تطوير مشروعيها السابقين أكثر، حيث تفكر في أن تجعل المستشعر، مفيدا لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، وبالأخص المكفوفين وذلك باعتماد اليد كأداة للاستشعار وخاصية الصوت وملامح الوجه.
داعية في الختام، الأطفال إلى عدم تجاهل شغفهم والسعي من أجل تنميته بالتعلم والتكوين المتواصل لتكوين زاد علمي معرفي يؤهل لبلوغ مراحل متقدمة في سن صغيرة، تسمح لهم ببناء قاعدة متينة يرتكزون عليها مستقبلا للإبداع أكثر في المجال الذي يحبونه.
أسماء بوقرن