دعا خبراء في علوم الإعلام والاتصال، أمس الثلاثاء بالأغواط، مهنيي الإعلام إلى التأسيس لخطاب هوياتي محلي يحصن مبادئ الهوية الوطنية، ويعزز روح الانتماء لدى المواطن من أجل تهيئته للدفاع عن الخيارات الكبرى للبلاد. وشدد الدكتور علال عبد القادر نائب عميد كلية العلوم الإنسانية بجامعة عمار ثليجي بالأغواط، في مداخلة قدمها خلال ندوة نظمتها المنظمة الوطنية للصحافيين الجزائريين، على ضرورة مساهمة الإعلام في ترسيخ قيم المواطنة والتأسيس لممارسة إعلامية تراعي مضامين القيم، مبرزا أهمية، إعطاء الأولوية للمضامين التي تعنى بالأمن الفكري، نظرا للدور الكبير الذي يلعبه الإعلام في التصدي للاعتداءات التي تستهدف وطننا خاصة في الآونة الأخيرة.
وأكد الأستاذ علال خلال الندوة الوطنية التي دار موضوعها حول "الإعلام الوطني في مجابهة المعلومة المغرضة المستهدفة للتأصيل الفكري للمتلقي الجزائري"، إلى ضرورة الالتزام بمقتضيات المسؤولية الاجتماعية في الممارسة الإعلامية.
وبعد أن رافع من أجل تحسين الأوضاع السوسيو- مهنية للصحفيين باعتبارهم صناع رأي عام، أبرز الدكتور علال واجب المسؤولية على الصحفيين في هذا الظرف بالذات لكي يكونوا في طليعة التصدي للهجمات التي تستهدف الجزائر.
وقال موجها كلامه للإعلاميين المشاركين في هذا اللقاء الذي جرى بدار الثقافة عبد الله كريو "أنتم على خط المواجهة في الحرب ضد المعلومات المضللة، وخاصة على شبكات التواصل الاجتماعي"، مؤكدا على أن وسائل الإعلام لديها خطوط تحريرية مختلفة، كما أن الصحفيين يأتون من تخصصات مختلفة، ولكن يجب "أن تكونوا متحدين بشأن المسائل الحيوية المتعلقة بالوحدة والتماسك الوطني". وأشار المتدخل في هذا السياق، إلى مفهوم “الصحفي المناضل” الذي كرسه كما قال أول قانون للإعلام سنة 1967، معتبرا "إننا بحاجة اليوم، إلى إعادة تكريس هذا المفهوم"، مشددا على ضرورة أن يكون الصحفي اليوم أكثر نضالية من أي وقت مضى، وناشطًا من أجل الحقيقة.
أما الأستاذة الجامعية بنفس الكلية، الدكتورة ذهبية آيت قاسي، فحذرت في مداخلتها من خطر الشبكات الاجتماعية متعددة الوسائط التي تحولت كما قالت إلى أدوات في استراتيجيات زعزعة الاستقرار التي تستهدف سيادة الأمم وهوياتها الثقافية، مشيرة في هذا السياق إلى لجوء الكيان الصهيوني للدعاية والتضليل في محاولة للتغطية على جرائم الإبادة التي يقترفها بكل وحشية ضد المدنيين. كما قدمت السيدة آيت قاسي، تدابير للحفاظ على السيادة الرقمية، وخاصة حماية البيانات الشخصية، مشيرة إلى أن "قوة أي بلد تكمن في قدرته على ضمان حماية وسرية بياناته الشخصية من أي تجسس أو اختلاس".
كما أوصت الأستاذة الجامعية بتعزيز الحضور في الفضاء الرقمي، من خلال إنشاء محتوى مؤهل يتكيف مع التطورات التكنولوجية الرقمية، مع تجنب الاتجاه والإثارة، وشددت على أن "المحتوى الرقمي يحفظ الذاكرة الوطنية". ودعت الإعلام الوطني بالمناسبة إلى أن يقدم للمواطن إعلاما حقيقيا على قدر كبير من الصدق والاحترافية والنزاهة، وأن يكون مواكبا لعصر الرقمنة و للتطور التقني و أن لا يترك فراغات يستغلها الآخر لجعل المواطن الجزائري فريسة للأخبار المدللة. وشددت الأستاذة آيت قاسي على ضرورة أن يتوحد الإعلام الوطني باختلاف مؤسساته وتوجهاته وتنوع مضامينه، حول مبدأ حماية الهوية والوحدة الوطنية، باعتبار أن الإعلام - كما قالت- أداة أساسية لحماية الأفراد ( في دينيهم ، عقيدتهم ، خصوصياتهم الثقافية والاجتماعية ، تاريخهم، وتزويدهم بمعلومات موضوعية ونزيهة ) .
وفي هذا الصدد أبرزت السيدة آيت قاسي من جهة أخرى، مسؤولية الاعلام الوطني في تنمية فكر الفرد ، بما يجعله ينشغل بأمهات القضايا وعزله عن مضامين التفاهة والسطحية والانحطاط ، فيكون على درجة من الرقي والتحضر و الوعي. كما أكد أستاذ الإعلام بكلية العلوم الإنسانية حسين مساعدي، على ضرورة أن يتحلى الصحفيون بمسؤولياتهم الأخلاقية، كضرورة مهنية، مشددا على ضرورة تنسيق العمل بين وسائل الإعلام والسلطات العمومية، لمحاربة انتشار الأخبار المغلوطة. ودعا بالمناسبة إلى تكوين الإعلاميين للتحكم في التكنولوجيات الحديثة وتطبيقاتها لمواكبة التطور الحاصل في ميدان الإعلام في العالم حتى يكون لهم قدرة على ربح معركة المجابهة لصد الهجمات الإعلامية الخارجية وما تتضمنه من أخبار مضللة.
وكان رئيس المنظمة الوطنية للصحافيين الجزائريين سليمان عبدوش، قد أكد في كلمته الافتتاحية، على أهمية إشراك النخبة الوطنية في خلق وعي شعبي وجماهيري بالقضايا والتهديدات التي تواجه بلادنا وقال "يجب علينا تقييم جودة المحتوى الإعلامي لمواجهة هذه الحملات التي تستهدف استقرار وأمن بلادنا من قبل كيانات و وكالات تخريبية من الخارج، وذلك بالتنسيق الوثيق مع نخبتنا".
ودعا إلى “إقامة منظومة إعلامية قوية تراعي المصالح العليا للجزائر”. عبد الحكيم أسابع