تشكل جبال الشيليا والشريعة، ومدن الجنوب الكبير، مناطق جذب للراغبين في الاحتفال بنهاية سنة وبداية أخرى جديدة، ووجهة رئيسية لجزائريين يعتبرون المناسبة فرصة للاستمتاع بالسياحة الشتوية التي تنطلق رسميا مع ليلة رأس السنة، و لا تتطلب أكثر من خمسة أيام للاستفادة من برامج زيارات ومغامرات و احتفالات، تقترحها عديد الوكالات السياحية المحلية، إلى جانب نوادي المغامرة التي أطلقت صيغة سياحية جديدة أقل تكلفة مع ضمان المتعة.
سعي خلف سحر الفلكلور
وتشكل مدن مثل غرداية، وجانت، و تيميمون وبوسعادة، ووادي سوف، خارطة سياحية جد مطلوبة في هذه الفترة من السنة، ليس فقط بالنظر إلى خصوصية المناخ في المناطق الدافئة حاليا، وإنما بالنظر إلى طبيعة الفعاليات والبرمجة الاحتفالية التي ترافق مناسبة السنة الجديدة، والتي تتسم باحتفاء كبير بالعادات والتقاليد و التراث عموما، وقد أوضحت هند مادي مسيرة بدار الضيافة ببوسعادة، أن الغرف محجوزة بالكامل منذ ما يقارب الشهر، وأن عديد الشباب والعائلات يفضلون قضاء آخر يومين من السنة المنتهية والأيام الثلاثة الأولى من السنة الجديدة في مدينة بوسعادة، بالنظر إلى خصوصية المنطقة سياحيا.
وأوضحت، أن الحجوزات تتم مسبقا وأنه يستحيل تقريبا أن تتوفر غرف شاغرة في الأسبوع الأخير من السنة المنقضية، وحتى الأسبوع الأول من العام الجديد، مضيفة أن الشباب يشكلون الفئة الأكبر من السياح.
وقالت الشابة، إن مسيري دار الضيافة يضبطون برنامجا خاصا لهذه الفترة تحديدا، بحيث يتم تأثيث البيت بطريقة تقليدية خالصة، مع برمجة سهرات فنية تنشطها فرق فلكلورية وفنانون محليون، إضافة إلى إقامة مأدبة تقليدية في المزرعة التابعة لدار الضيافة. وتتراوح تكلفة الإقامة لمدة ثلاثة أيام مع احتساب كامل التكاليف بـ 15000دج للفرد، مع برمجة زيارات سياحية وجولات داخل المدينة وفي محيطها.
التخييم برنامج مثالي لليلة رأس السنة
وفي وقت يفضل سياح بيوت الضيافة و الفنادق، يختار آخرون وتحديدا الشباب و بعض العائلات، التخييم في الصحراء خلال ليلة رأس السنة، و هو نشاط تدرجه وكالات سياحية ضمن برامجها الخاصة بهذه المناسبة كما تتخصص فيه نواد سياحية شبانية، وحسب « سيدو»، مرشد ومرافق بنادي «في أي بي للمغامرة والرحلات الداخلية» بقسنطينة، فإن الصحراء وتحديدا تيميون و جانت، تعتبر من أكثر الوجهات طلبا من قبل السياح الجزائريين الشباب في هذا الوقت، علما أن ذروة الحركية لا تنتهي بنهاية أول أسبوع من السنة الجديدة، أو بمرور ليلة رأس السنة، بل تستمر على مدار الشهريين المواليين.
وقال، إن غرداية أيضا تعتبر من المناطق المهمة سياحيا، إلى جانب بوسعادة، وذلك لتوفرها على مواقع مثالية للتخييم، علما أنه نشاط يفضله الكثير من الشباب الذين يختارون الخدمات السياحية والرحلات التي يقدمها النادي، والتي تشمل كذلك زيارة المواقع السياحية و برمجة سهرات فلكلورية تقدم خلالها وجبات تقليدية.
ويرجع السر وراء اختيار نوادي السياحة والمغامرة كمرافق سياحي، إلى انخفاض التكاليف، حيث تتراوح تكلفة خمسة أيام شاملة التكاليف مع النقل و الإقامة في نزل عائلي محترم، و الاستفادة من جولات سياحية، و برمجة ليلة تخييم في قلب الصحراء، بين 6500 و 12000دج للفرد الواحد.
وقال سيدو، إن الأجواء في مدن مثل الوادي، وبوسعادة، و غرداية وتيميمون تكون جميلة جدا في هذه الفترة، سواء من ناحية درجات الحرارة، أو الحركية و الفعاليات، علما أن برنامج السياحة يتضمن أيضا نشاطات لا تشملها التكاليف على غرار، ركوب السيارات رباعية الدفع أو الدراجات الرمية للاستمتاع بتجربة « سفاري» وغير ذلك.
الجوية الجزائرية تضاعف خطوطها نحو الصحراء
وأمام الطلب المتزايد على وجهة الصحراء، هذه الفترة، ضاعف شركة الخطوط الجوية الجزائرية عدد التذاكر المخصصة لها، حيث عرفت الفترة بين 15 و31 ديسمبر، بيع حوالي 25 ألف تذكرة، كما تم في ذات الإطار إدراج حوالي 50 رحلة إضافية أسبوعيا. وتأتي ولايات تمنراست، وجانت، وتيميمون، وغرداية، والوادي، على رأس قائمة الوجهات الصحراوية، ولذلك فقد اهتمت الشركة بتحسين خطوطها باتجاهها، سواء للسياح من الجزائر أو الوافدين من الخارج من خلال إطلاق خط الوادي ـ باريس. كما يشمل برنامج العروض زيادة عدد الرحلات، وإطلاق عرض « صفر حقيبة» بسعر استثنائي، بالإضافة إلى التعاون مع وكالات السياحة والأسفار المحلية والدولية، للترويج لهذه الوجهات خارجيا.
الثلوج خيار آخر للاحتفال
وبعيدا عن دفء رمال الصحراء، يفضل سياح شباب تجربة المشي أو التخييم أو الإقامة في المناطق الجبلية المثلجة، على غرار جبال الشريعة أين تتوفر أكواخ خشب للمبيت.
مناطق أخرى من الشيليا، مثل أشمول بباتة، وبوحمامة ويابوس بخنشلة، تشكل مسارات رئيسية لبرامج سياحية تقترحها وكالات محلية ونواد للاستغوار و الرياضة الجبلية، حيث تجتاح العروض من هذا النوع مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام، في إطار استقبال السنة الجديدة. تمتد العروض كما لاحظنا إلى غاية الأسبوع الثاني من شهر جانفي، وقد تواصلنا مع «نادي سيرتا كامبينغ هايكينغ»، للاستفسار عن البرنامج فعلمنا، بأنه مقسم إلى عدد من الخرجات بداية من ليلة رأس السنة، وعلى مدار أسبوعين وقد يمتد أكثر، علما أن الخرجات قد تكون ليوم واحد أو لمدة يومين أو حتى خمسة أيام. اخترنا برنامج المشي ليوم واحد، في حضيرة بلزمة بباتنة، بتاريخ 3 جانفي، وقد أوضح لنا المسؤولون عن النادي، أنها مغامرة تشمل الصعود إلى قمة جبل برجم، بدرجة صعوبة 5 من عشرة، لكنها ستكون تجربة تحد ممتازة لبداية سنة جديدة بكل نشاط، أما سعر الخرجة فلا يتجاوز 1500دج للفرد.أخبرنا محدثونا، أن قمم الجبال الثلجية تسرق اهتمام العديد من السياح في هذه الفترة حتى وإن كانت الأفضلية للوجهة الصحراوية، وقالوا إن برنامج السياحة الشتوية ينتعش بداية من رأس السنة ويستمر على مدار ثلاثة أشهر تقريبا، علما أن الحركية تضاعفت بشكل ملحوظ في آخر سنتين خصوصا بعد الجائحة، وأن غالبية السياح من الشباب مع مشاركة متفاوتة للعائلات.
هدى/ط
