الجمعة 18 أفريل 2025 الموافق لـ 19 شوال 1446
Accueil Top Pub

"وجدنا في الجزائر الأمن والاحتواء": طلبة من دول شقيقة يعيشون تجارب مميزة في الجزائر

يعتبر طلبة من دول شقيقة يدرسون في كليات جزائرية، التجربة التعليمة في البلد المضيف مميزة ومثمرة، مؤكدين أن الجامعة الجزائرية بيئة خصبة تساعد الطلبة على تطوير معارفهم الأكاديمية وكذا مهاراتهم، فضلا عن الامتيازات المهمة التي يحظى بها هؤلاء، خصوصا ما تعلق بجانبي مجانية التعليم والأمن، وهو ما يؤكده طلبة قابلناهم بكلية علوم الإعلام والاتصال والسمعي البصري بجامعة صالح بوبنيدر قسنطينة 03.

إيناس كبير

ضيف الله التجاني من السودان، وحياة فحلة رمضان من سوريا، طالبان، يعتبران بأن الجزائر قدمت لهما فرصة ذهبية للدراسة وسط ظروف جد ملائمة، مؤكدين أن الدعم الذي قدمه لهما زملاء، وأساتذة، وأناس من خارج الحرم الجامعي، جعلهما يشعران وكأنهما لم يتغربا عن بلديهما، بل اكتسبا أهلا وأصدقاء جددا خففوا من وطأة الشوق، ما جعلهما يركزان أكثر على تكوينهما الأكاديمي بعيدا عن أي ضغط أو توتر.
الأمن ونظام التعليم  في الجزائر ساعداني على الاستمرار والإبداع
رفقة ما يقارب 30 طالبا سودانيا من طوري الماستر والدكتوراه، حمل ضيف الله التجاني من دولة السودان، حقائب الأمل في مواصلة تكوينه في مجال الإعلام والصحافة، وحلمه بأن يصبح منشطا إذاعيا، ليحط الرحال في الجزائر كطالب للعلم.
تعود ذاكرته إلى الأول من نوفمبر سنة 2022، عندما طرق أبواب الجزائر باحثا وزملاؤه الذين أتوا معه عن طريق منحة دراسية تقدمها الدولة لدول إفريقيا، عن وجهة تعليمية توفر لهم بيئة مناسبة هروبا من التعقيدات والظروف التي كانت تمر بها السودان آنذاك، خصوصا وأنها حملت مؤشرات تدل على اندلاع حرب، وذكر ضيف الله أن البلد كان يعرف توترات أمنية وانهيارا اقتصاديا، لحقه ترد في أوضاع التعليم مثل احتجاجات الأساتذة وتغيبهم لمدة طويلة، وإضراب الجامعات وغلق أبوابها.
قال محدثنا، إنه وجد في الجزائر وضعا مختلفا، ميزته تسهيلات تخدم الطالب وتجعله يشعر بالارتياح وتصفي ذهنه ليركز في طريقه لنيل معارف تطور فكره، خصوصا من ناحية الأمن ونظام التعليم وما يلحقه من سكن وتوفير أجهزة بيداغوجية.
وأعقب الطالب بكلية علوم الاعلام والاتصال والسمعي البصري، أن هذه الظروف المريحة شجعته على الإبداع وجعلته يشعر أن الجزائر أرض ثابتة ليضع ركائزه الأولى في مجال الإعلام التخصص الذي يحب.
ووصف ضيف الله، نظام التعليم الجزائري مقارنة بدول أخرى إفريقية وحتى خليجية، بالأول على مستوى إفريقيا من ناحية المجانية وكلها فرص تجعل الطالب يركز على تنمية قدراته المعرفية، وعن تجربته في الإقامة الجامعية قال: «توفر الجامعة غرفا للطلبة، ومواد تموينية خصوصا في العطل، حيث تبقى الإقامة في خدمة الطالب طوال 24 ساعة وهذه تسهيلات غير موجودة في دول أخرى».
أما بخصوص تبادل الخبرات العلمية والمعرفية بين دول قارة إفريقيا، فيرى محدثنا، أنها تعد بمثابة تجارب يعود بها كل طالب ليفيد وطنه، كما تحدث عن التجربة الجزائرية في مجال المؤسسات الناشئة، و التي أعطت فرصا لطلبة من دول عديدة إفريقية وعربية ليؤسسوا سوية لمشاريع مشتركة.
وأكد لنا، أنه مستعد لمشاركة الخبرة التي تحصل عليها من جامعة صالح بوبنيدر قسنطينة 03، في مجال الإعلام في دولته السودان، كما سيفيد زملاءه الطلبة في الجزائر من خلال تجاربه في العمل التطوعي والثقافي.
الشعب الجزائري احتواني وامتص خوفي
لم يهدأ الوضع في السودان بل زاد تأزما، خصوصا بعد نشوب نزاعات شهر جوان الفارط، هكذا عبر ضيف الله عن الأوضاع في بلده وهو يتحدث بتأثر عن الحرب التي قلبت حياة الجميع خصوصا الطلبة المغتربين عن أهاليهم، كما أخبرنا أن أسرته متواجدة في الخرطوم أين اندلعت أول شرارة للأزمة، مضيفا: «عشت أول معركة مع أهلي كنت أتحدث معهم آنذاك من خلال اتصال فيديو، هناك رأيت الصواريخ والنيران وقد كانت التبادلات فوق البيت».
أثرت الحادثة كثيرا على نفسية الطالب وسببت له ضغطا رهيبا خصوصا وأنه كاد يكون شاهدا على مقتل أهله، ورغم نزوح العائلة إلا أن قلقه عليها بقي يلازمه، وأعقب بأن هناك طلبة تضرروا كثيرا جراء الحرب منهم طالب تأزمت صحته النفسية إلى أن تدخلت السفارة السودانية لمعالجته ثم نقل إلى بلده.
تحدث الطالب من جهة ثانية، عن الدعم الجزائري الذي وجده، وذكر أنه عندما ينشر موضوعا عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، حول تطورات الأزمة السودانية، يأتي زملاؤه صباحا للاطمئنان عليه وعلى عائلته، محاولين مواساته وإخراجه من جو التفكير والضغط، وتقديم العزاء إليه في حال توفى فرد من أسرته.
يقول: «يأتي أصدقائي إلى غرفتي ليؤنسوا وحدتي، حتى أمهاتهم يرسلن إلي سلامهن»،مردفا «يقلن لي كاش ما يخصك راني هنا أنا كيما أمك كاش ما تحتاج أو يخصك قولي برك».
وقال ضيف الله، بأن هذا التصرف كان له وقع جميل على نفسه، «خصوصا عندما تجد شخصا غريبا يهتم بتفاصيلك تشعر معه بالأمان، وأنك في مكان لا تخشى فيه على نفسك»، وأضاف معلقا «أظن أن التأقلم مع الوضع وتجاوز هذه الظروف القاهرة، سيكون صعبا لو لم نكن وسط الشعب الجزائري».
الجزائر والسودان يتشابهان في بعض العادات
كانت التجربة الثقافية في الجزائر ممتعة وثرية أيضا بالنسبة لضيف الله، حيث عوضته قليلا عن حنينه لبلده السودان، خصوصا بعد اكتشافه تشابها في بعض السمات الثقافية، حيث يقول إن الأغواط تشبه إقليم دارفور غرب السودان، في الجانب الروحاني والاهتمام بالزوايا والتعليم الديني. كما وصف زيارته للزاوية التيجانية، بأنها تجربة تعبق بالنفحات الدينية وبروحانية يطيب القلب بها، أما أدرار وتمنراست فوصفهما بأنهما تشبهان مناطق متواجدة في «كوردوفان»، وقال لنا إن أجواء التكافل والرحمة في شهر رمضان تشبه ما يوجد في بلده أيضا. وعن الثراء الثقافي في الجزائر، أوضح أن هناك اختلافات عديدة جعلت الجزائر تظهر وكأنها لوحة فنية تمزج ثقافات عديدة، فمثلا المزيج بين الثقافتين الإسلامية العربية والأوروبية في العاصمة، جعلها تمتاز بجمال ورقي خاص.
قال أيضا، إن الشعبين الجزائري والسوداني يتقاسمان صفتي الجود والكرم، وفي هذا السياق علق: «هناك دول يعامل فيها الأجانب على أساس مادي وأنهم مصدر للعملة، لكن الأمر في الجزائر يختلف تماما،هنا يعاملوننا وكأننا أبناء وطن واحد»، ويضيف «أما عندما يعرفون أني سوداني فيعبرون عن المحبة الخاصة التي يكنونها لنا كشعب، وكثيرون فتحوا لي أبواب منازلهم واستقبلوني بصدور رحبة».
الجزائر تصدر كفاءات ناجحة في عملها

شكل يوم 10 أكتوبر من سنة 2017، بداية جديدة بالنسبة للطالبة بكلية علوم الاعلام والاتصال والسمعي البصري، بجامعة صالح بوبنيدر قسنطينة 03، حياة رمضان فحلة القادمة من سوريا، حيث وضعت أولى خطواتها على أرض الجزائر في هذا التاريخ لتبدأ مغامرة جديدة.
وقد شجعها على اختيار الجزائر كوجهة للدراسة، نجاح جزائريين في عديد المجالات العلمية بما في ذلك الإعلام، الأمر الذي قدم لها فكرة عن جودة التعليم في البلد، الذي يصدر كفاءات علمية أثبتت جدارتها في سوق العمل عالميا عربيا.
بدأت الشابة تبحث عن مفتاح هذا السر حتى تسير على الخطى ذاتها، لتتوصل إلى أن الطريق يجب أن يعبد بالمهارات، والإصرار والكفاح والاستمرارية، وعن ظروف التعليم أوضحت، بأن البيئة التعليمية الجزائرية ليس سهلة لكنها ممتعة، أما أول عائق صادفها فذكرت أنها كانت اللغة الفرنسية التي أجربتها على الانتقال من كلية الطب إلى كلية الإعلام والاتصال، مضيفة أنها لم تتأقلم مع اللغة خصوصا وأن لغتها الثانية هي الإنجليزية، أما عن اللهجة الجزائرية فقد اعتبرتها جميلة جدا.
ووصفت الطالبة تجربتها في كلية علوم الاعلام والاتصال والسمعي البصري، أنها كانت خاصة ومن أجمل التجارب التي خاضتها، تعلمت بفضلها وطورت ذاتها، كما أنها حفزت مهاراتها على الخروج.
وترى حياة، أن التبادلات الثقافية بين الدول العربية من شأنها أن تفتح مدارك وتجارب جديدة لدى الطلبة الجزائريين، بانخراطهم مع ثقافات أخرى الأمر الذي يساعد المجتمع على التطور، فكل جديد مفيد وفقا لها، كما أن السماح للطلبة الدوليين بالدراسة في البلد يجعلهم يتعلمون الكثير عنه.
تربطني بالجزائر علاقة قديمة
تمتد علاقة حياة بالجزائر إلى الثمانينات وبالتحديد بعد الاستقلال حيث اشتغل جدها مدرسا بها، وعن عائلاتها قالت «عائلة رمضان فحلة من أشهر العائلات السورية في الجزائر»، وقد وجدت الطالبة معاشرة الجزائريين مريحة، وعبرت «لن يندم أحد على قدومه إلى هذا البلد المعطاء»، فالشعب الجزائري حسبها طيب ومضياف.
كما كسبت زملاء سهلوا عليها كثيرا من الأمور خصوصا في جانب تعلم اللهجة الجزائرية، حيث أخبرتنا أنهم كانوا يشرحون لها بعض الكلمات ويتحدثون معها أحيانا باللهجة السورية لتوضيح الفكرة لها وعلقت «اكتشفت أن الإنتاجات الدرامية السورية على رأسها مسلسل باب الحارة علم الجزائريين لهجتنا»، وأضافت أن أصدقاءها في الجزائر عاشوا معها مشاعر عديدة خصوصا في جانب مواساتها خلال الأزمة كما قاسموها فرحة انفراج الأوضاع في سوريا.
إ.ك

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com