بدأت منافسة التخفيضات بين تجار الألبسة بالمقاطعة الإدارية علي منجلي، تزامنا مع انطلاق الموسم بقرار من الوزارة الوصية، وساهمت هذه العروض المغرية، في زيادة الحركية التجارية و مضاعفة إقبال الزبائن لأجل اقتناء مختلف الألبسة بأقل الأسعار، لتتحول المدينة الجديدة إلى عاصمة للتسوق هذه الأيام يقصدها مواطنون من مختلف ولايات الشرق.
حاتم بن كحول
تخفيضات تنطلق من 20 إلى 50 بالمائة
تعرف المقاطعة الإدارية بأحياء متخصصة في بيع الألبسة على غرار سوق السكوار، تضم عديد المحلات و التجار الذين يعرضون سلعا مختلفة تركية وصينية ومن أوروبا، حيث تختلف الأسعار و تتفاوت الجودة من سوق إلى أخرى ومن مركز تجاري إلى آخر، مع ذلك فإن الجميع يتفق على إطلاق عروض مغرية و تخفيضات تتراوح بين 20 إلى 50 بالمائة على بعض قطع الملابس و الأحذية.
وقد تحولت علي منجلي، إلى قبلة رئيسية لعشاق الألبسة والموضة، من داخل ولاية قسنطينة ومن بعض الولايات المجاورة على غرار أم البواقي، وميلة، وسكيكدة، وقالمة، وباتنة وغيرها، ممن يترددون هذه الأيام بقوة على الوحدات الجوارية المعروفة بانتشار محلات بيع الألبسة على غرار حي كوسيدار» والوحدتين الجواريتين 15 و 16، بل ويحفظون أسماء المحلات وأصحابها عن ظهر قلب بفضل الترويج الكبير الذي يقوم به التجار على مواقع التواصل.
وقفت «النصر»، على الإقبال الكبير لسكان ولايات مجاورة على محلات بيع الألبسة بعلي من جلي، وذلك من خلال جولات بين بعض التجمعات التجارية المعروفة و المراكز الكبرى كذلك، وقد صادفنا مرارا خلال استطلاعنا زوارا من خارج الولاية، يبحثون عن محلات معينة، أو يحاولون الوصول إلى وحدات جوارية بعينها، وكان أغلب من أوقفونا للسؤال من ولايات قريبة تحمل سياراتهم ترقيم 24 و19، أوضحوا أنهم في زيارة إلى المدينة بهدف التسوق خلال موسم التخفيضات.
لاحظنا قرب محل بالوحدة الجوارية 5، معروف ببيع الألبسة الرجالية والنسائية وملابس الأطفال، عددا كبير من السيارات المركونة على حافة الطريق المقابل للمحل، تحمل ترقيما مختلفا على غرار 21 و43 و04 و05، وللتأكد من تواجد أصحاب تلك المركبات في المكان قصدناه مباشرة سألنا صاحبه عن مستوى الحركية، فأكد لنا أن الزبائن من خارج الولاية يفوقون عدد زبائنه من قسنطينة.
طرحنا نفس السؤال على تجار آخرين في الوحدتين الجواريتين 15 و16، اللتين تعتبران قلبا تجاريا نابضا بعي منجلي، فأوضحوا أن النشاط يعرف ذروته هذه الأيام مع انطلاق موسم العروض الترويجية، بدليل الازدحام المروري الكبير في المنطقة كما علقوا، مشيرين إلى أن زبائنهم يأتون من كل أحياء المدينة ومن ولايات قريبة أيضا.
ترويج كبير على مواقع التواصل الاجتماعي
شد انتباهنا تجمع أمام محل مغلق بالوحدة 16، وقد كانت الساعة تشير إلى حدود العاشرة صباحا، سألنا شابا عن السبب فأوضح لنا أنه قادم من عين مليلة بولاية أم البواقي، للاستفادة من عروض مغرية جدا أعلن عنها صاحب المحل على الفيسبوك، وتخص تخفيضا كبيرا في أسعار الألبسة الرجالية قدر بـ 2000 دج، مضيفا أنه زبون دائم للمحل ومتابعة في لفيديوهات صاحبه على مختلف منصات التواصل الاجتماعي.
واصلنا طريقنا إلى محل معروف افتتح مؤخرا فرعا جديدا له بالوحدة الجوارية17، وأطلق تخفيضات خيالية جعلته منافسا حقيقيا لبقية التجار خصوصا وأن عروضه تتمثل في بيع معاطف جلدية بسعر 2900 دج، كانت تباع قبل فترة بمبلغ 6900 دج، لاحظنا هناك أنه يعتمد كثيرا على تيك توك، وإنستغرام، وفيسوك لاستقطاب الزبائن من خارج قسنطينة،وقد نجح في ذلك فعليا، بفضل حيله الترويجية كتوفيره قبل أيام لمعاطف سعرها 1000 دج.
شملت جولتنا كذلك محلا في الوحدة الجوارية 17، الذي زرناه في حدود الساعة الرابعة مساء، بعد سويعات قليلة من إطلاقه لفيديو ترويجي حول موسم التخفيضات انتشر بقوة على منصات التواصل، لنتفاجأ بتجمع شباب و بعض النساء رفقة أطفال و مراهقين أمام الباب ينتظرون أن يسمح لهم بالدخول، ليندفع الجميع مباشرة بعد فتح الأبواب، في محاولة للحصول على قطعة مناسبة من الألبسة التي مستها التخفيضات في الأسعار، وقد بدا الوضع هستيريا في المكان بسبب العديد الكبير للزبائن و التهافت.
فيديوهات تصل لمئات الآلاف من المشاهدة
وبعد وقوفنا على الإقبال الكبير على بعض المحلات في وحدات جوارية معينة، ارتأينا زيارة محلات في المراكز التجارية المنتشرة بعلي منجلي، والتي تحصد متابعة قوية على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد بدا لنا بأن عملية الترويج على المنصات ناجعة جدا خصوصا وأن عدد الزبائن كبير.
سألنا تجارا عن الحركية، فقالوا لنا إنها كبيرة خصوصا في نهاية الأسبوع وأن التخفيضات ستسمر لمدة 15 يوميا، وقد تمتد قليلا في حال استمر الطلب.
تصفحنا بعض حسابات التجار لنعرف سر نجاح الترويج، فوجدنا أنها حسابات نشطة جدا تعتمد على الصور و على البث المباشرة التفاعل مع الزبائن كذلك،وقد لاحظنا أن هناك فيديوهات تخطت عتبة نصف مليون مشاهدة، كما أن عدد الإعجابات والتعليقات يصل إلى عشرات الآلاف، خاصة بالنسبة للمحلات التي يطلق أصحابها تخفيضات مغرية.
وقد اشتد التنافس التجاري بين بائعي الألبسة ووصل إلى ذروته، خاصة وأنه لا يمر وقت طويل من إطلاق تاجر معين لتخفيض يشمل سلعة ما، حتى يرد عليه آخر بتخفيض أقوى، ويتجلى ذلك من خلال الفيديوهات التي تطلقها الصفحات الرسمية لتلك المحلات، بل واشتعلت المنافسة بقوة بين التجار أين يؤكد كل واحد أن السعر الذي اعتمده لن يتوفر في أي محل آخر على المستوى الوطني حتى من المصنع نفسه، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام.
وأصبح التجار يلجأون لحيل من أجل إغراء الزبائن، تخص جودة السلع ومكان الصنع وغيرها من المميزات، على غرار إطلاق عبارة «قود» و»سوبر قود» في إشارة إلى جودة السلع المعروضة للبيع، فيما يتباهى البعض بأن السلع قادمة من تركيا والبعض الآخر يتحدث عن صنعها في الصين، أو بنغلادش، أو فيتنام وغيرها من الدول التي تعرف بصنع متقن تقليدا للمنتجات الأصلية القادمة من أوروبا.
كما يقوم بعض التجار باعتماد مسابقات بين المتابعين على «فايسبوك» تقضي بالاستفادة من هدايا تتمثل في ألبسة من المحل، نظير النشر والتفاعل مع الفيديو، ما يجعل الزبائن يتسابقون لإعادة نشر تلك الفيديوهات بغرض الحصول على سروال أو معطف مجاني.
تسوق عائلي يصنع خصوصية المدينة تجاريا
وبعد أن صنع أحد التجار الحدث بفيديوهاته الغريبة في ولاية برج بوعريريج، حول معطف عازل للمياه، وقيامه بالسباحة بذلك المعطف للتأكيد على أنه لا يدخل الماء، في إشارة لإمكانية ارتدائه تحت الأمطار في فصل الشتاء، سار بعض التجار في علي منجلي على نهجه من خلال الاعتماد على كلمة «أمبرميابل» لوصف المنتج، ويقوم البعض منهم بسكب كوب من الماء على المعطف للتأكيد على ذلك، وهو ما لاقى استجابة كبيرة من طرف الزبائن، حتى أن منهم من يسأل مباشرة عن موقع المحل لزيارته.
واختلفت آراء زبائن حول التخفيضات التي يطلقها التجار، رغم أن كل تلك العروض تصب في صالحهم وتمكنهم من اقتناء عدة ألبسة بأسعار في المتناول، إلا أن منهم من استغرب من قيمة التخفيض التي تصل في بعض الأحيان إلى 3000 دج أو أكثر، ما يؤكد حسبهم أن التجار كانوا يحصلون على هامش ربح كبير جدا قبل العروض، بل انتقد البعض هذه الطريقة خاصة من اقتنوا نفس السلع بأسعار مرتفعة، ورؤوا أنه كان من الأجدر تخفيض السعر أو هامش الربح «الكبير» منذ البداية.
وترى فئة أخرى، أن موسم التخفيضات مفيد جدا، وأن تنوع السلع و تعدد المحلات في المدينة الجديدة علي منجلي يجعها الوجهة الأفضل للتسوق، خصوصا وأن الخيارات كثيرة جدا والنقل متوفر وكل الوحدات قريبة من بعضها، ناهيك عن أن المدينة تتوفر على أكبر المراكز التجارية التي تضم علامات معروفة وهو ما يعطي أريحية أكثر للزبون في اختيار الجودة التي يريدها بما يتناسب مع ميزانيته، وقد علق زبائن قابلناهم بأحد المراكز، أن علي منجلي هي فصلا « عاصمة التسوق» في الشرق الجزائري، وأثنى آخرون على الطابع العائلي الذي يطبع الحركية ويسمح بأن تكون التجربة أكثر متعة.