الجمعة 18 أفريل 2025 الموافق لـ 19 شوال 1446
Accueil Top Pub

يتضمنها إصدار جديد لمتحف الفنون بقسنطينة: «التلحيفــــة والملحفـــة الجزائريــــة»..صفحـــة أخـــــرى من كتـــاب التــراث الجزائـــري

أصدر مؤخرا، المتحف العمومي الوطني للفنون والتعابير الثقافية التقليدية «قصر الحاج أحمد باي» بقسنطينة، كُتيبا بعنوان «التلحيفة والملحفة الجزائرية»، وذلك تصنيف الزي النسوي الاحتفالي للشرق الجزائري الكبير، ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي للبشرية من طرف «الـيونيسكو».

إيناس كبير

ويُعرِّف الإصدار الذي يتألف من حوالي 31 صفحة، بأنواع الملحفة وطريقة التلحيف في الجزائر، كما يبرز أهمية اللباس التقليدي مسلطا الضوء على قيمته التاريخية والجمالية، فضلا عن دلالاته الاجتماعية، من خلال تقديم أنواع متعددة للملحفة، إضافة إلى اللحاف الصحراوي، والملاية والعجار، والحايك بأنواعه، كما صُمم الكتيب بطريقة جذابة يرافق فيها النص صورا لنساء يمثلن مناطق جبلية وساحلية وصحراوية بالوطن، مرتديات التلحيفة الجزائرية، مع تقديم شروحات باللغتين العربية والإنجليزية حول طريقة ارتداء الملحفة.
الملحفة لباس يعود إلى ما  قبل الميلاد
وقالت مديرة المتحف العمومي الوطني للفنون والتعابير الثقافية التقليدية «قصر الحاج أحمد باي» بقسنطينة، والمشرفة على الإصدار، مريم قبايلية، إنهم عملوا على الكتيب لمدة ثلاث سنوات تقريبا، قضوها في جمع عدد من الصور والأرشيف الذي يؤرخ للباس التقليدي الجزائري وخصوصا الملحفة، التي تعد وفقا لها، أقدم لباس في كل الجزائر، وذلك بناء على ما كشفته تماثيل ما قبل الميلاد مثل تمثال «فوستين زوجة الرجل التقي»، المتواجد بالمتحف العمومي الوطني سيرتا.
وذكرت كذلك قطع فسيفسائية، ومسكوكات عملة قديمة، والأنصاب النذرية، وكلها شواهد مادية دلت على حضارات قديمة كرومانية ونوميدية، وبونية ظهرت فيها الملحفة، وأوضحت قبايلية، أن الملك ماسينسا كان يرتدي البرنوس ومن الأسفل قطعة تشبه الملحفة، أما في العصر الحديث كما أردفت، فإن أرشيف ولاية قسنطينة الذي يعود إلى القرنين 18 و19 أي حوالي 1780 ميلادي، يحتوي على عقود زواج موجودة في سجل المحاكم الشرعية، ذكر فيها صداق العروس المكون من قطع ذهبية، وتكرر فيها نوع اللباس الذي كان يتبعه من ضمنه «لقمجة، القفطان الموبر، الملحفة والحزام».
كما تطرقت المتحدثة، إلى تداول الموروث الشفهي أيضا للباس التقليدي الجزائري، فضلا عن دلالاته الاجتماعية، ولفتت إلى «لعجار» قائلة «إن ذكره جاء في حادثة شائعة تتحدث عن رجل متزوج من امرأة جميلة جدا ومن شدة خوفه عليها عند خروجها طلب من الخياط أن يخيط لها قطعة قماش تغطي وجهها «علجار»، ثم تغيرت التسمية مع مرور الزمن وتحولت إلى «لعجار»».وأضافت، أن المرأة الجزائرية تميزت منذ القدم بأناقتها واهتمامها بأدق التفاصيل، فكان الحرفيون يوفرون لها أنواعا مختلفة من هذه القطعة مثل المزينة بـ»الكروشيه»، «الكنتيل» والمطرز.
واعتبرت مديرة المتحف العمومي الوطني للفنون والتعابير الثقافية التقليدية «قصر الحاج أحمد باي» بقسنطينة، أن كل هذه الشواهد تعد دليلا على أن الزي التقليدي بالجزائر عريق وموجود عبر كل التراب الوطني، وأشارت على سبيل المثال، إلى الملحفة التي ترتديها المرأة الجزائرية في الوسط، الشرق، الغرب، والجنوب مع اختلافات في طريقة التلحيف، وعقبت بأن الجبة القبائلية أيضا هي ملحفة.من جهة أخرى أوضحت قبايلية، أن الكتيب يصحح أيضا بعض المغالطات مثل الرواية الشائعة عن ارتداء «الملاية» في الشرق الجزائري حزنا على وفاة صالح باي، ومن خلال بحثهم في هذه النقطة التي ذُكرت أيضا في إصدار «التلحيفة والملحفة الجزائرية»، أكدت أن هذا اللباس الذي كان يستر المرأة الجزائرية ظهر في العهد الفاطمي وانتقل إلى قسنطينة، مضيفة، أن الحادثة الشائعة هي مجرد رواية يتداولها الناس. وفي هذا السياق، أفادت المتحدثة، أن الإصدار يعد مرجعا أيضا للطلبة والباحثين خصوصا وأن المراجع العلمية التي تتحدث عن اللباس التقليدي الجزائري قليلة وتنحصر في رسائل الدكتوراه، المقالات، وبعض الكتب، كما دعت الباحثين في هذا المجال إلى المساهمة أيضا في إصدار مؤلفات، ومجلات، تعرف بالتراث الجزائري كجمع الصور القديمة وتوثيقها في إصدار يكون مرجعا يعتمد عليه الباحثون الطلبة وحتى الزوار، ومنه ينتقل إلى كل العالم، وعقبت أن العمل يتبع تسجيل التراث في «اليونيكسو» مثل التعريف به والترويج له.
هدفنا إعادة اللباس التقليدي إلى الشوارع الجزائرية
ووفقا لمديرة المتحف العمومي الوطني للفنون والتعابير الثقافية التقليدية «قصر الحاج أحمد باي» بقسنطينة، مريم قبايلية، فإن معنى عبارة «رايحة تلبس» بين النساء الجزائريات تعني أنها ستُلحف وتخرج، أما اللحاف فهو ما يغطي العروس مثل البرنوس، كما أوضحت أن هناك «ملحفة» ترتديها المرأة في المنزل، أما ما تلبسه أثناء الخروج وهي «الملاية»، وأخرى تخرج بها العروس مثل الحايك، أم عن طريقة لباسها ذكرت أنها تطورت عبر الزمن، فسابقا كان هذا الرداء يُعقد في الكتفين بالخيط، ثم بواسطة حجرة، وصولا إلى تزيينه بإبزيم فضي وقد أصبح قطعة أساسية في «الملحفة».
من جهة أخرى، صرحت قبايلية، أن المتحف العمومي الوطني للفنون والتعابير الثقافية التقليدية «قصر الحاج أحمد باي»، يهدف إلى إعادة الزي التقليدي ليزين الشوارع الجزائرية كما كان سابقا، وذلك من خلال تظاهرات عديدة نظمها مثل الطبعات الثلاث من «إحكي يا قسنطينة.. لملاية ولحايك تراث ورواية»، حيث يأتون بشابات من مختلف الشرائح العمرية حتى أطفال، يرتدون اللباسين ويجوبون شوارع قسنطينة وأشارت، إلى أن البحث الذي قاموا به كشف أن الصبيات الصغيرات أيضا كن يرتدين «لملاية البيضاء» المصنوعة من الصوف عند وصولهن إلى سن العاشرة إلى غاية البلوغ.
وقالت، إن جمعيات من ولايات عديدة تأثرت بهذا النشاط وأصبحت تنظمه، وهو ما التقت به محدثتنا على مواقع التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي، في شكل صور لشابات يرتدين «الحايك» ويحملن قففا يتجولن في أزقة القصبة، وهو ما اعتبرته قبايلية، ارتفاعا للوعي لدى الشباب واستغلالهم للواقع الافتراضي في أمور إيجابية، مثل الوقوف إلى جانب بلدهم وتراثهم الوطني.
الإصدار يوضح مراحل ارتداء «لملاية»
وتختلف «التلحيفة» من منطقة إلى أخرى، وفقا لما وقف عليه رئيس قسم التنشيط والورشات البيداغوجية والاتصال، والمنشط ثقافي بالمتحف العمومي، أسامة بوديسة، الذي تنقل إلى ولاية سطيف والتقط صورا لمراحل ارتداء «الملاية» وكذا في قسنطينة، ثم أعاد رسمها بطريقة بسيطة حتى يفهم المطلع على الإصدار خصوصا الشابات مراحل ارتداء الزي، كما ركز على توضيح تفاصيل الطيات التي وصف بأنها صعبة التجسيد نوعا ما لذلك فقد حاول رسمها بدقة.
وبحسب بوديسة، فإن الاختلافات تكمن في الرميات، ففي سطيف توجد رمية واحدة عكس ما هو شائع في قسنطينة، أين تسجل ثلاثة رميات هناك أيضا، اختلاف في ارتداء السفيفة الحمراء، وكذا «لعجار»ّ ففي قسنطينة يختلف النوع الذي تغطي به المرأة المتزوجة وجهها، عن العجار الذي ترتديه الشابة، عكس الأمر في سطيف أين يغيب هذا التفصيل.
واعتبر المختص في الأنفوغرافيا، أنهم ركزوا في عملهم على الإكثار من الصور خصوصا ما تعلق بطريقة اللبس وأنواع اللباس التقليدي، حتى لا يمل القارئ، كما وصفها بأنها طريقة جد معبرة لإيصال الفكرة.
هذا ما كشفت عنه الصور الأرشيفية واللوحات الزيتية
من جانبها عبرت محافظ التراث بالمتحف العمومي الوطني للفنون والتعابير الثقافية التقليدية «قصر الحاج أحمد باي»، أنيسة فلاك، أن هذا العمل هو مجهود مشترك، مضيفة أن التطرق إلى التلحيفة بهذا الأسلوب المبتكر فكرة جميلة.
وعن مساهمتها في البحث أوضحت، أنها قامت بجمع أغلب الصور من مواقع قديمة، كما درسوا مجتمعين لوحات زيتية كشفوا من خلالها وجود أصناف أخرى للملاية تُضاف إلى السوداء، وهي البيضاء المصنوعة من الصوف الشائعة في بقية الشرق الجزائري، والبيضاء ذات الألوان المزركشة التي كانت ترتديها البنت غير المتزوجة، وفقا لمستشرقي القرن 19.
أما محافظ التراث بالمتحف ذاته، سلوى ليتيم، فأفادت بأنهم اعتمدوا على نصوص مكتوبة أيضا، تحدثت عن الملحفة التي كانت موجودة في كامل الشرق الجزائري الكبير، وذكرت قسنطينة، عنابة، سطيف، سوق أهراس، قالمة، تبسة، إضافة إلى الملحفة الشاوية بأولاد نايل، والجلفة، والأغواط.أم اللحاف فكان ينتشر لدى سكان الصحراء الذين يلتحفون عند خروجهم، مثل ما هو معروف في ورقلة، تمنراست، جانت، أما الحايك فقد لبسته نساء وسط العاصمة وما يجاورها، وكذا في الجنوب الشرقي الجزائري مثل غرداية، بوسعادة، وأكدت ليتيم أنهم تطرقوا للفروقات بين كل هذه الأنواع سواء في الشكل أو طريقة اللباس.بدورها عبرت رئيس قسم الإصدارات والبحث والتوثيق، هاجر أوماشي، أن هذا الإصدار يعد الأول من نوعه في الجزائر، مضيفة أن الملحفة الشاوية التي تمتد إلى أكثر من 2000سنة في الجزائر وشمال إفريقيا، تتميز بلونين أساسيين أسود وأصفر، بينما تطورت طريقة لبسها إلى أن أصبحت تغطي الحزام، كما لفتت أوماشي، إلى أن الاختلافات الموجودة في الولايات الجزائرية تكمن في التسمية، نوعية القماش، الألوان وطريقة اللبس. وأعطت مثالا بالملحفة الصحراوية المعروفة بـ»الدراعة»، التي تكون إما سوداء أو بيضاء مضفرة، وتختلف طريقة ارتدائها عن الملحفة الشاوية. كما اعتبرت، بأن عصرنة هذا الزي التقليدي أمر عادي يتماشى مع تغيرات الزمن، شريطة الحفظ على شكله الأصلي، وأعقبت رئيس قسم الإصدارات والبحث والتوثيق، أنهم يبدلون جهدهم لتوصيل هذا الإرث الثقافي للأجيال، والمحافظة عليه وضمان الاستمرارية له من جيل إلى جيل. إ.ك

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com