الجمعة 18 أفريل 2025 الموافق لـ 19 شوال 1446
Accueil Top Pub

حلقـات يومية للمراجعة الجماعية: طلبة البكالوريا يعودون إلى المكتبات العمومية بقسنطينة


تستقطب، هذه الأيام، المكتبات العمومية تلاميذ الأقسام النهائية الذين يحضرون أنفسهم لاجتياز شهادة البكالوريا، حيث استعادت مكانتها كفضاء يساعدهم على مراجعة دروسهم في هدوء بعيدا عن التشويش الذي يحول بينهم وبين التركيز، وصارت قاعاتها وجهة مهمة لهم، في ظل انتشار ظاهرة المراجعة الجماعية و تزايد اعتمادهم على بعضهم البعض لاسترجاع المعلومات و تقاسم الاهتمامات الدراسية، و التعاون لتجاوز الضغط من خلال المشاركة والدعم المعنوي على اعتبار أن الهدف واحد.

إيناس كبير

وصلنا إلى مقر المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية، مصطفى نطور بقسنطينة، في حدود الساعة الحادية عشرة صباحا، وعند مدخلها وجدنا عددا من تلاميذ السنة الثالثة ثانوي المنخرطين بها، بينما وقف آخرون في المكان المخصص للاستقبال يعرضون بطاقات الانخراط للالتحاق بفضاءات المطالعة، وقد لاحظنا أن التوافد كان كبيرا. صعدنا إلى الطابق الأول وجدنا المسؤولة على قاعة المطالعة واقفة تضبط النظام داخلها وخارجها منعا للتشويش، كما كانت تعتني بانشغالات التلاميذ، ألقينا نظرة داخل الفضاء الذي ميزته أجواء التركيز والهدوء، ورأينا كل الطاولات محجوزة بعضها تحلقت حولها مجموعات من أربعة أفراد، وأخرى ضمت فردين، فيما اختار تلاميذ الانفراد والعزلة لأجل التركيز بشكل أفضل.
اختلفت نشاطاتهم بين من كانوا منكبين على حل تمارين خاصة بمواد علمية ومن كانوا يعيدون مراجعة مواد مثل الفلسفة، بينما جلس آخرون فرادى أو وقفوا في بهو الطابق مستغلين المنظر الذي يطل على جسر باب القنطرة الممتد فوق صخور المدينة، لتصفية أذهانهم ورفع معنوياتهم وشحذ طاقاتهم، وقد كان التلاميذ يتنقلون بأريحية في أرجاء المكتبة، ويستمرون في التوافد على قاعاتها مع مرور الوقت وتقدم ساعات النهار.
المكتبة في خدمة التلاميذ لساعات متأخرة من الليل

وفي حديثنا مع مديرة المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية، مصطفى نطور، السيدة وافية درواز، قالت إن المكتبة مفتوحة لكل أطياف المجتمع بكل المستويات، أما فيما يخص الطلبة الذين يُحضِّرون لشهادة البكالوريا، فإن الفضاءات المخصصة لهم مكتظة عن آخرها، حيث أن لجوءهم إلى المكان بحثا عن التركيز والهدوء أصبح تقليدا منذ بداية السنة الدراسية الجارية.
وأفادت درواز، أن الدخول مجاني للطلبة كما أن المكتبة تستقبلهم يوميا ابتداء من الساعة التاسعة صباحا إلى غاية العاشرة ليلا، ما عدا يوم الجمعة، وأكدت أن هناك تلميذات أيضا يقضين يومهن في المكتبة قصد المراجعة ويخترن البقاء فيها حتى الليل. ويسهر المشرفون على المكان، كما قالت، على توفير ظروف الراحلة التي تخدم التلاميذ، حيث لاحظنا أن قاعة المطالعة كانت كبيرة وهو ما أكدته لنا مديرة المكتبة، التي كشفت أنها تسع لأكثر من 200 شخص وهي مجهزة بطاولات وكراسي ذات جودة، فضلا عن التدفئة، بالإضافة إلى كاميرات مراقبة لضبط النظام العام وتوفير الحماية.
وفي هذا الجانب، أوضحت أن الدخول يُمنع على غير المنخرطين في المكتبة، حيث يجب أن يكون التسجيل بواسطة ملف خاص ثم تُمنح للمعنيين بطاقة تخول لهم الدخول في الأوقات المسموح بها.
وأضافت درواز، أنهم في خدمة التلاميذ من خلال توفير الأجواء التي تقربهم من الدراسة وتجعلهم يركزون مع مراجعة دروسهم، وتحقيقا لذلك وضعوا تحت تصرف طلبة البكالوريا فضاء آخر مخصص للمنخرطين الذين يفضلون الدراسة لوحدهم بعيدا عن الضجيج، بالإضافة إلى إتاحة القاعة العامة المخصصة للباحثين.
دروس دعم مجانية بمبادرة من أساتذة متطوعين
كما كشفت مديرة المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية، مصطفى نطور،أنهم بصدد إطلاق مبادرة نهاية شهر ماي، بالتعاون مع أساتذة متطوعين لتقديم دروس دعم مجانية، بالإضافة إلى برمجة أيام تحسيسية ينشطها مختصون نفسانيون وفي مجال التغذية، بهدف رفع معنويات التلاميذ وتقديم نصائح لهم تعزز ثقتهم بأنفسهم، وتقلل الشعور بالضغط والتوتر، وهو ما اعتبرته درواز نوعا من الحس بالمسؤولية اتجاه الأجيال التي ستكون كفاءات المستقبل.
وعقبت، أن هذه الرعاية والاهتمام بتوفير الأجواء المناسبة يجعلان التلاميذ يشعرون بالمسؤولية اتجاه دراستهم، ناصحة إياهم باستغلال هذه الظروف الحسنة لكي ينالوا مبتغاهم وهو تحقيق النجاح في الامتحان دون أي قلق، كما يجب أن يتعاملوا مع امتحان البكالوريا مثل أي امتحان آخر يُختبرون فيه طوال سنوات دراستهم.
هكذا يقضي تلاميذ يومياتهم في المكتبة
التقينا بالتلميذة مارية، التي تدرس في قسم السنة الثالثة ثانوي تخصص تسيير واقتصاد، أخبرتنا أنها تتواجد بالمكتبة منذ الساعة التاسعة صباحا، وقد كانت تراجع مادة اللغة العربية وآدابها رفقة صديقاتها في إطار حلقات مراجعة جماعية وصفتها بالمفيدة جدا لتشارك المعلومات.
مضيفة، أنهن يعتمدن على برنامج منظم حيث يدرسن صباحا المواد الثانوية، بينما يخصصن الفترة المسائية لمراجعة المواد الأساسية، وقالت مارية، إن صديقتها يساعدنها على فهم مادة المحاسبة وكذا في حل التمارين.وعن أجواء المراجعة عبرت التلميذة، أنها وجدت الجو مهيئا للدراسة خصوصا من ناحية التركيز على عكس ظروف المراجعة في المنزل، أين تشوش الإنترنت ذهنها، كما أن التواجد في قاعة يُمارس كل المتواجدين بها النشاط نفسه، يحفزها على الدراسة ويرفع همتها، وترى التلميذة، أن المراجعة الجماعية مفيدة للتلميذ حيث يتبادل عدة أفكار مع زملائه ثم يناقشونها ويوضحون تفاصيلها ليصلوا إلى جوهر المعلومة بشكل مبسط خصوصا وأنهم يبحرون على نفس الموجة ويتحدثون نفس اللغة بالنظر إلى كونهم أفرادا من جيل واحد يتقاسمون نفس الاهتمامات وطريقة التفكير أحيانا. من جهته وضع أيوب ، تخصص علوم تجريبية، المراجعة في المكتبة ضمن برنامجه منذ بداية العام الدراسي، قائلا إنه يأتي أحيانا مع أصدقائه وأحيانا أخرى لوحده لأجل مراجعة العلوم الفيزيائية الرياضيات وكذا مواد الحفظ، وقد اختارها لمراجعة دروسه بحثا عن التركيز والهدوء، حيث أخبرنا أن الانضباط مضمون داخل القاعة أو خارجها، فعلى سبيل المثال يمنع أي شخص من الدخول بدون بطاقة انخراط.
مضيفا، بأن المكتبة تلبي بعض احتياجاتهم الإضافية كالسماح لهم باستخدام تجهيزاتها في حالة الحاجة إليها وبالمجان، ويفضل أيوب التعاون مع أصدقائه في مراجعة الدروس تخفيفا للتوتر، وأيضا لتحفيز بعضهم البعض و الحصول على الدعم المعنوي.
وقال التلميذ أيوب، تخصص آداب ولغات، إنه يأتي إلى المكتبة لمراجعة دروسه بمعدل ثلاثة أيام في الأسبوع، حيث يتعاون وأصدقائه في التحضير للمواد الأساسية مقسمين المهام بينهم، فكل فرد في المجموعة يشرح الدرس الذي يفهمه جيدا ويبسط دروس المادة التي يكون أكثر تمكنا فيها مقارنة بباقي زملائه.
وعلق أيوب، أن هذه الطريقة ساعدته كثيرا بعكس وضعه عندما يراجع لوحده، أين يكون غير متأكد من صحة المعلومة، وفي هذا السياق قال إنه كان يحضر دروسا خصوصية ثم توقف بسبب الضجيج والاكتظاظ الذين يصعبان من تلقيه للمعلومات، بعكس المراجعة الجماعية في المكتبة أين يعتمد على برنامج خاص ومقسم يساعده على الاستيعاب ويجنبه الضغط.
ويأتي التلميذ يونس، تخصص تسيير واقتصاد في الصباح الباكر إلى المكتبة كما أخبرنا، مشيرا إلى أن عدد المتواجدين بها يكون قليلا وهو ما يساعده على الحفظ، بينما يخصص الفترة المسائية لمراجعة مادة المحاسبة مع أصدقائه، لأنها تتطلب تحضير يوميا تقريبا.ويقول، إنه وأصدقاءه يتعاونون في حل التمارين ثم يصححونها ويتبادلون المعلومات بأسلوب سهل ومبسط يساعدهم جميعا على الفهم، بينما يرتاح في المنزل ويبتعد عن أجواء الدراسة حتى لا يشعر بالضغط والملل من الروتين اليومي نفسه. إ.ك

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com