الجمعة 31 جانفي 2025 الموافق لـ 1 شعبان 1446
Accueil Top Pub

تعكس دفء العائلة والنكهة المحلية: البرد ينعش المطبخ التقليدي ويفتح دليل الأكلات الشعبية

تشهد محلات بيع الأكلات التقليدية والشعبية هذه الأيام، إقبالا كبيرا تزامنا مع انخفاض درجات الحرارة، والعودة للاهتمام بنوعية الوجبات وتفضيل الساخنة والمغذية منها، وهي خصوصية تتوفر بقوة في دليل الطبخ الجزائري.

إيمان زياري

تسجل مطاعم المأكولات التقليدية الجزائرية انتعاشا مع اشتداد موجة البرد التي تشهدها معظم ولايات الوطن، ويصنع الزبائن حركية كبيرة على مدار اليوم، خصوصا وأن هناك من يفضل أن يبدأ يومه بوجبة ساخنة ومغذية مثل «الحمص دوبل زيت»، كما هو الحال في قسنطينة.
ويتردد زبائن على المطاعم الشعبية بكثرة في أيام البرد، من أجل الحصول على طبق ساخن يبعث الدفء في الجسد ويمنحه طاقة مثلما قال السيد سعيد، الذي يعمل موظفا بإحدى المؤسسات العمومية ببلدية بودواو ببومرداس، مؤكدا أنه يفضل الوجبات التقليدية الساخنة خلال الشتاء، ولا يستطعم الوجبات السريعة، لذلك يختار المطاعم التقليدية والخيمات طوال موسم البرد، لأن قائمة الطعام فيها مفيدة ومناسبة جدا للأجواء.
تنوع كبير يفتح شهية الزبائن
بين الزفيطي والشخشوخة المسيلية، وأطباق البقوليات كالفاصولياء والعدس والحمص، تختلف خيارات الزبائن، هكذا علق علي صاحب خيمة تقليدية في المدينة، موضحا أن هناك من يفضل تناول وجبة الغذاء مبكرا جدا في فصل الشتاء، ولذلك يبدأ نشاط مطعمه التقليدي مع ساعات الصباح الأولى، لأن أول زبون قد يقف عند عتبة الخيمة في حدود العاشرة والنصف أو قبل ذلك بقليل.وأوضح، أن بين زبائنه من يختارون وجبات تقليدية من معجنات بالخضار واللحم وغيرها، وهناك من يفضلون الأكلات الشعبية كحساء يحتوي على عناصر غذائية مهمة للجسم وتساعد في تدفئته بفعل غناها بالنكهات الطبيعية، خصوصا طبق الفاصولياء بالنقانق أو باللحم، وأكلة الدوبارة. وفي منطقة الوسط الجزائري والغرب، تحظى «الكرنتيكة أو الكرانطيطة» بمكانة خاصة، تزيد من أهميتها نكهات طبيعية كالكمون وزيت الزيتون والهريسة، لتشكل ساندويتشات دافئة، وتقول الشيف وهيبة سماحة من وهران، إن الوجبة الشعبية تزيد شهرة ويكثر عليها الطلب خلال الشتاء لما توفره من إشباع، حيث يفضل عشاقها سندويتشات القرانطيطة خلال استراحة العمل، لأنها وجبة صحية ودافئة كما أن سعرها المنخفض مناسب للجميع، وهو ما يدفع البعض إلى تسميتها بـ « الكبدة البيضاء» نظرا لفوائدها الصحية.
شهرة عابرة للأجيال
لا يختلف اثنان أنه رغم الإغراءات الكبيرة التي يفرضها الانفتاح على المطبخ العالمي، إلا أن المطبخ الجزائري التقليدي لا يزال صامدا بل ومطلوبا جدا، وهو واقع تؤكده الحركية في محلات الأكلات التقليدية والشعبية التي يزيد عددها في كل مرة تماشيا مع زيادة الإقبال عليها، لتتحقق بذلك استدامة هذا المطبخ ووصفاته اللذيذة والمغذية، والقادرة على المنافسة رغم تغير الأجيال و اختلاف الأذواق. جولة صغيرة لنا بين مطاعم شعبية بأحياء بالجزائر العاصمة، على غرار حي الحراش، لفت انتباهنا أن الطعام التقليدي بات ينافس الوجبات السريعة أو « الفاست فود»، وهو ما أكده مسير محل متخصص في الأكلات التقليدية قال، إنه حول نشاطه من الإطعام السريع إلى التقليدي بعد أن لمس الإقبال المتزايد على المطبخ الجزائري، وتراجع البيتزا والساندوتشات بمختلف أنواعها مقابل عودة وجبات شعبية وتقليدية. مشيرا أيضا، إلى تزايد أعداد محلات أكلات الزفيطي والشخشوخة التي تلقى إقبالا في أوساط الرجال وحتى العائلات على مستوى المطاعم العائلية، التي تخصص لها أركانا تزينها بديكور تراثي يشبه الجلسات العائلية القديمة. التحول في برنامج الطعام بالنسبة للبعض، يتزامن حسب محدثنا مع انخفاض درجات الحرارة وحاجة الجسم إلى أغذية تبعث الدفء فيه، فيشتهي الموظفون بمن فيم النساء، المحاجب والكسرة المحشوة والزفيطي، ويبدو هذا الطبق تحديدا لذيذ جدا و مغذيا أكثر كلما كان الطقس أكثر قسوة. وأوضح طاه بمطعم تقليدي بوسط العاصمة، أنه يختار التخصص في هذه الأكلات شتاء، ويحرص على استعمال مواد طبيعية في الطبخ للحفاظ على النكهة الأصلية التي تختزنها ذاكرة الزبائن، حيث يستخدم دقيق القمح الكامل، والشعير، والسبانخ، والبيض، والأجبان، وغيرها من المكونات الصحية التي تجعل الوجبة متكاملة. وقد تحدث الطاهي كذلك،عن دور وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج للمطبخ التقليدي، خصوصا في ظل التتويجات المتعددة والمستمرة له عالميا وتصنيفاته المتقدمة، وقال إن قنوات يوتيوب للطبخ لعبت دورا كذلك في إعادة تقدميه للأجيال.
الخيام التقليدية تستقطب الموظفين والعائلات
أوضح لنا الشاب أمين، الذي يعمل نادلا بخيمة تقليدية تقدم أطباقا مثل الزفيطي، والشخشوخة المسيلية، والقسنطينية، أن زبائنهم ينقسمون إلى فئتين الموظفون والغالبية رجال، وكذلك العائلات التي تتردد بكثرة على المكان. كما ذكر أيضا، الطلبة الجامعيين و حتى طلبة المدارس الذين قال إنهم يقصدونهم بأعداد معتبرة هذه الأيام، مؤكدا أن الوعي بالقيمة الغذائية للمطبخ التقليدي في تزايد، وذلك بالنظر إلى الترويج الكبير على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الإعلام. وأكد صاحب الخيمة، أن الحركية كبيرة فيها حتى صيفا، ولكن الطلب على الوجبات الشعبية والتقليدية يتضاعف شتاء، حيث يزيد الإقبال ويصبح الحصول على مقعد داخل الخيام أمرا صعبا أحيانا، خصوصا في فترات الذروة بين منتصف النهار والثانية بعد الظهر.
موضحا، أن جودة الطبخ وطريقة تحضير الأطباق وتقديمها تلعب دورا مهما في استقطاب الزبائن، كما أن الأسعار مناسبة جدا مقارنة بكمية الطعام ونوعه، حيث يقدر سعر طبق الشخشوخة مع الخضر وبدون لحم بين 250 إلى 300 دينار، في حين يتضاعف السعر في حال إضافة قطعة اللحم، ليصل مهراس الزفيطي إلى 500 دينار، علما أنها وجبة لأربعة أشخاص.
خدمة التوصيل إضافة جديدة للنشاط
وقد وفرت الخيام التقليدية والمطاعم الشعبية كذلك خدمة التوصيل على غرار باقي المجالات التجارية و الأنشطة الخدماتية الأخرى، وحدثنا أحد موظفي خيمة «القايد» بولاية تيبازة، عن تجربتهم التي فرضها تزايد الطلب على أطباقهم، مؤكدا أنهم يقومون بإيصال طلبيات خاصة في فترة الغذاء للموظفين في الشركات، أو التجار، و الباعة في المحلات التجارية. كما أشار، إلى زبائن في البيوت قال إنهم يطلبون أطباقا متنوعة سواء كان زفيطي،أو شخشوخة مسيلية، أو دوبارة، إلى جانب أطباق أخرى متنوعة كالحبوب الجافة و غيرها.
وأكد محدثنا، أنها خدمة إضافية زادت من نشاط المحل خصوصا وأن الطعام يصل ساخنا و جيدا بحسب شهادة الزبائن.
* أخصائية التغذية هاجر بوسالية
الأطباق التقليدية خيار مثالي للأكل خارج البيت
ترى أخصائية التغذية هاجر بوسالية، أن العودة لتناول المأكولات الشعبية و التقليدية خارج البيت يشكل خيارا مثاليا في مواجهة سيطرة الأكل السريع غير الصحي لسنوات طويلة.
وأكدت الأخصائية، أنه و بحلول فصل الشتاء و الأجواء الباردة، يلعب الأكل دورا مهما في تدفئة الجسم، مشيرة إلى الأكلات التقليدية الشعبية التي قالت إنها تنال حصة الأسد، باعتبارها مصدرا هاما للدفء و الطاقة ولغناها بالكربوهيدرات و الألياف، و العديد من الفيتامينات والمعادن التي يحتاجها الجسم، وذكرت على سبيل المثال «المحجوبة الجزائرية» و»الزفيطي» اللذان يعتمدان على دقيق القمح الصلب، إلى جانب الخضر كالبصل و الطماطم، خاصة إذا ما استعمل القمح الكامل لإعدادها.
وتحدثت أيضا، عن «الشواط» أو كما يسمى في منطقة الحضنة بـ»الشخشوخة المسيلية»، أو «الشخشوخة القسنطينية»، وهي أطباق يتم إعدادها اعتمادا على القمح، والخضر واللحوم، بما يجعل منها وجبة غذائية متكاملة، توفر للجسم احتياجاته من الكربوهيدرات، والبروتين والألياف، كما أن هضمها سهل و يمنح حرارة للجسم، أما «الزفيطي» الذي تشتهر به منطقة أولاد نايل و الجلفة، و الذي أضحى سفيرا لها في كل الجزائر، فهو عبارة عن عجين يضاف إليه مرق اللحم و الفلفل الحار و يطحن بالمهراس، مشكلا مزيجا ذو قوام متماسك يشبع الجسم و يعطيه السعرات الحرارية الكافية لقضاء اليوم، بما يجعلها خيارات جيدة في هذا الفصل البارد، بدل الأكل السريع غير الصحي.
وأشارت الأخصائية، إلى مأكولات شعبية أخرى يستهلكها جزائريون كثيرا في فصل الشتاء، وهي الحبوب الجافة كاللوبيا، والحمص، والفول والعدس، وقالت إنها مأكولات غنية بالبروتينات النباتية، زيادة على فوائد الأوميغا 3 الموجودة في زيت الزيتون الذي يضاف إليها عادة، و الذي يعزز مناعة الجسم، كما تنصح بتناول الكسرة المصنوعة من القمح الكامل واللبن و حتى «البراج» الغني بالبوتاسيوم الموجود في التمر، مشددة على أهمية العودة لغذاء الأجداد الصحي و الغني في ظل تنوع موروثنا الذي يساهم في إعادة النمط الغذائي للجزائريين إلى السكة، شريطة الاستهلاك العقلاني لكل هذه الوجبات، تفاديا لأي مضاعفات صحية خاصة بالنسبة لمرضى ضغط الدم، والقلب و السكري.

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com