ناقش أمس، بجامعة قسنطينة 2 عبد الحميد مهري، الباحث في علم الاجتماع الحضري مدني صفار زيتون، موضوع أشكال تملك المجالات العمومية في الجزائر، حيث استعرض نتائج مستوحاة من تحقيقات ميدانية حول الظاهرة، مسلطا الضوء على طرق استحواذ الأفراد والجهات المختلفة على الفضاءات العامة، وتأثير ذلك على التخطيط الحضري والتوازن الاجتماعي في المدن الجزائرية، كما تطرقت إلى العوامل الاقتصادية والسياسية التي تعزز هذه الظاهرة.
وجاءت الندوة الأكاديمية التي نشطها البروفيسور مدني صفار زيتون بكلية العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية، بقسم علم الاجتماع، في إطار مشروع بحث التكوين الجامعي حول «البرجوازيون الجدد وتملك المجال الحضري في المدن الجزائرية»، تناول خلالها الباحث عدة محاور رئيسية متعلقة بأشكال تملك المجالات العمومية وتأثيراتها الاجتماعية والحضرية.
افتتحت الندوة بمدخل عام يضع الإطار النظري للموضوع، ثم تم التطرق إلى أربع محطات بحثية رئيسية، بدأها الباحث بمناقشة التعارض بين التخطيط المركزي للحكومة والاحتياجات المجتمعية، مستعرضا تجربة القرى الاشتراكية خلال الثورة الزراعية.
كما سلط الضوء على تحول الفضاءات العمومية في مدن السكن الجماعي الجديدة بضواحي الجزائر العاصمة، إلى أماكن تجمع واختلاط، ما أدى إلى حالة من الفوضى الحضرية.
وتناولت الجلسة الثالثة إعادة إسكان سكان الأحياء الفقيرة، حيث أصبحت الأماكن العامة في الأطراف البعيدة بمثابة مساحات موارد، تلبي احتياجات السكان المحليين.
أما المحور الرابع، فقد ناقش حركية المرأة في الفضاء العام، متطرقا إلى صعوبة ولوجها إلى ما وصفه بـ«المدينة الرجالية»، والعوائق الاجتماعية والثقافية التي تحد من تحررها داخل المجال الحضري.
واختتمت الندوة بجملة من الاستنتاجات العامة، التي أكدت على ضرورة إعادة النظر في سياسات تسيير الفضاءات العمومية بما يحقق التوازن بين التخطيط المركزي واحتياجات المجتمع، مع التوصية بوضع استراتيجيات أكثر تكيفا مع الواقع الحضري المتغير.
وأشار البروفيسور، إلى أن التمييز بين المجال العمومي والمجال الخاص يرتبط بالإطار النظري الذي قدمه يورغن هابرماس، موضحا أن أبحاثه أظهرت كيف انتقلت المسائل العامة التي كانت حكرا على السلطة والمجال الخاص إلى الشارع وبعض المؤسسات، مما جعلها فضاءات للنقاش حول الشأن العام.
وأكد البروفيسور، أن قضية المجالات العمومية تعتبر إشكالية معقدة تواجه الباحثين في الدراسات الحضرية، بغض النظر عن موضوع بحثهم.
وأضاف صفار زيتون، أن جوهر التحضر لا يكمن فقط في العمران، وإنما في كيفية تفاعل الأفراد وتطوير أساليب العيش المشترك داخل المجال الحضري، وهو ما يجعل دراسة هذه الفضاءات ضرورية لفهم التغيرات الاجتماعية والاقتصادية في المدن
الجزائرية.
لينة.د
