* دعوة لانتفاضة من المجتمع الدولي لصالح حقوق الشعب الفلسطيني * ثمن الصمت والتقاعس أمام المأساة الفلسطينية سيكون باهظاأكد رئيس الجمهورية السيد، عبد...
التقى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء بالكويت، مع وكيل الحرس الوطني...
شرعت الحكومة، في وضع التدابير التنفيذية للتكفل التام بالتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء خاصة فيما...
سلم إرهابي نفسه للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار، فيما تم توقيف (5) عناصر دعم للجماعات الإرهابية، خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني تم تنفيذها في...
تعتبر مهنة تسلق النخيل، من الأنشطة القديمة التي تحظى بالتقدير في مدينة واد سوف، فالمتسلق هو مصدر فخر لعائلته لأنه الرجل المحترف الواثق الذي يعانق النخلة و يعتني بها لذلك فإن الحرفة لا تزال صامدة محافظة على تلك العلاقة القوية بين الإنسان السوفي و أشجار النخيل التي تتوفر المدينة على غابات شاسعة منها، إلى جانب كثير من الحدائق المنزلية الغناء.
شغف قد يكلفك حياتك
يؤكد بعض محترفي و هواة تسلق النخيل بوادي سوف، بأن هذه المهنة محترمة جدا رغم مخاطرها، فعشق النخلة و متعة تسلقها قد يكلف الإنسان حياته، لأن النشاط صعب و لا يخلو من الحوادث التي لا يمكن تجنبها حتى وإن جمع المتسلق في جعبته سنوات من الخبرة و الاحتراف.
قال لنا عبد الغني .غ وهو متسلق في 45 من العمر، ينحدر من بلدية البياضة بالوادي، بأنه يمارس هذه الحرفة منذ كان في الخامسة عشرة من العمر، وقد تعلمها عن جده لأبيه، الذي يمتلك عددا من النخيل في حديقة كبيرة مشتركة، وقد أحب هذا العمل منذ أول يوم، لأن تجربة التسلق ممتعة، تجمع بين التدريب على التحمل وبين الاستمتاع بلحظة الوصول إلى علو شاهق يمنح الناظر إطلالة بانورامية على المنطقة التي يتواجد فيها، ناهيك عن أن حب النخلة يشبه العدوى و ينتقل من الأب إلى الابن لأنها شجرة ببركة كبيرة و رمز لارتباط الإنسان بأرضه.
و الدليل حسب محدثنا، هو أن جده قدم حياته لهذه الحرفة حين سقط من علو عشرة أمتار، وهو يقوم بعمله سنة 1988، مع ذلك فإن الحادث الأليم لم يمنع الشاب من مواصلة مسيرة جده، و العناية بأشجار العائلة و العمل في حقول الغير وذلك على مدار 15سنة، قال، بأنها عرفت تناقصا ملحوظا في عدد الحدائق والأشجار، بسبب تغيير فلاحين و ملاك نخيل كثر للنشاط، بفعل استمرار تفشي ظاهرة صعود المياه.
أما السعيد.ك 37 سنة، فلم يضعف فقدانه لعينه اليسرى عزيمته في شيء، بل استمر في عمله الإضافي الموسمي ببلدية إقامته بوادي العلندة غربي الولاية، وهي منطقة قال، أنها لا تزال تتوفر على عدد من الغيطان التي لم تتأثر بظاهرة صعود المياه، موفرة مجال نشاط للكثير من المتسلقين.
كما أشار الجيلاني .ن 55 سنة، وهو فلاح و متسلق نخيل سابق من قرية العقيلة ببلدية العقلة أقصى جنوب الولاية، أن هذه المهنة مرتبطة بالخطر، ولا يقتصر الأمر حسبه، على السقوط و الموت فقط، لأنك وإن حافظت على حياتك فلن تسلم كما قال، من أشواك جريد النخيل الحادة، ومن سموم بعض الزواحف أو الحشرات كالعقارب، وهو ما يوجب على أي متسلق أن يتخذ كل إجراءات الحماية.
الشجاعة والرشاقة للتكيف مع صعوبة المهمة
يتفق أغلب متسلقي النخيل، على أن الشجاعة و الرشاقة و المرونة هي التي تحمي المتسلق من أي خطر فالشجاعة تمنحه الثقة في النفس لتحمل قسوة النخلة و ارتفاعها و تساعده على تحدي المخاطر المحتملة، أما المرونة و اللياقة فضروريتان جدا لتجنب كسر جريد النخيل والتعلق لوقت كاف بالجذع إلى غاية إتمام المهمة.
أخبرنا معتز وهو متسلق من دائرة الرقيبة، أنه حديث في هذا المجال، مع ذلك فقد بدأ يحبه و يتعلق به، خصوصا بعد استفادته من وعاء عقاري حفزه على غرس أكثر من 100 نخلة يسهر هو شخصيا على خدمتها على مدار السنة، فيقوم بسقيها و تنظيفها وتلقيحها وصولا إلى مرحلة جني الغلة، التي تتطلب منه تسلقها، وهي مهنة لم يرثها عن أحد، لكنه تعلم الكثير بخصوصها خلال دورة تكوينية شارك فيها قبل عامين بولاية تقرت.
ويقول أحمد لمين .ق، وهو شاب في الخامسة والعشرين، من بلدية الرباح، أن والده ورغم عدم امتلاكه للنخيل، إلا أنه أقحمه في هذا المجال منذ صغره، حيث كان يصطحبه معه إلى الغيطان خلال مواسم التلقيح و جني "بواكير التمر" المعروف محليا "بالبسر"، وهو ما أكسبه خبرة، يستعين بها اليوم جيرانه وأقاربه لجني محاصيل حدائق بيوتهم.
أما عمي إبراهيم من بلدية الوادي، فقال لنا، أن حرفة متوارثة في العائلة، وأنه لم يعرف غيرها في حياته رغم معاناته من انحناء ظهره، مشيرا، إلى أهمية خفة الجسم في تسلق النخيل و القيام بمختلف المهام فوقها، مشيرا، إلى أن أصعب أنواع النخيل هي تلك التي تتميز بطول عال وجذع شبه أملس، وأضاف من جهته المتسلق خالد.س، بأن المهنة لم تعد تعتمد فقط على الجهد البدني، بل باتت تتطلب استخدام بعض المعدات خصوصا عندما يتعلق الأمر بغابات النخيل الواسعة، مع ذلك فإن اللياقة تبقى السبيل الوحيد لجني محاصيل غيطان النخيل التقليدية، والتي تكون النخلة فيها قد زرعت داخل حفرة عمقها يزيد عن 20 مترا.
1500دج أجرة يومية
أما عمي لخضر، من مدينة تقرت، وهو صاحب غابة نخيل بضواحي بلدية تماسين، فيذكر، أنه رغم توفر المعدات والآليات إلا أنها تبقى مكلفة، ولا تتناسب مع إمكانيات جميع الفلاحين ولذلك يفضلون الاعتماد على العمالة اليدوية، خصوصا خلال عملية التلقيح و العناية بعراجين التمر.
ويرى "عمي علي" أن نجاح خدمة النخلة بما فيها حرفة التسلق مرتبط بمدى تلقينها لأفراد العائلة والعمل الجماعي للأسرة كبارا و صغارا و نساء و رجالا، حتى يضمن الفلاح يدا عاملة قريبة تتحمل المسؤولية على مدار السنة، خاصة وأن أجرة المتسلق تصل يوميا إلى 1500دج.
* الباحث والمهتم بالنخيل "علي مناعي": الطرق التقليدية هي الأفضل للحفاظ على النخيل
أكد علي مناعي، باحث ومهتم بالنخيل بمدينة وادي سوف، بأن العناية التامة بالأشجار ومحيطها عن طريق التنظيف الدوري و واستخدام مادة الجير الأبيض لحماية ساق النخلة بعد موسم جني التمور، هي أفضل الطرق لحماية هذه الثورة، حالها حال التسلق لأجل تلقيح الأشجار وجني محصولها.
وقال الباحث، إن النخلة بحاجة إلى اهتمام دائم على مدار السنة حتى نحافظ على صحتها و نضمن دوام قوة وصلابة جذعها مهما بلغ طوله، مشيرا، إلى أن الإهمال يضعف ساق النخلة وجريدها ويصعب جدا من مهمة المتسلقين و يعرضهم إلى مختلف أنواع المخاطر وعلى رأسها السقوط الذي قد يسبب الموت أو الإعاقة، ناهيك عن انتشار الحشرات والزواحف السامة التي عادة ما تختفي بين أكوام مخلفات النخيل ومن ثم تتسلل إلى الجذوع.
و أضاف، أن هناك تراجعا رهيبا في الاهتمام بالنخيل في وادي سوف في السنوات الأخيرة، حيث غير الكثيرون نشاطاتهم و اختاروا زراعة محاصيل أخرى، مذكرا بأن أهمية غيطان النخيل هي ما دفعت المستعمر، إلى التعجيل بمد خط السكة الحديدية سنة 1948، حتى يتسنى له الاستفادة من أجود أنواع التمور آنذاك ونقلها إلى الضفة الأخرى، مستغلا جهود أجدادنا، ولذلك وجب علينا الحفاظ عليها حسبه، عن طريق برمجة نشاطات تهتم بحرفة التسلق، كالمسابقات و الدورات التكوينية في المراكز المتخصصة، لأجل تكوين الشباب وحثهم على الاهتمام بالنخيل ناهيك عن تأسيس جمعيات محلية تهتم بهذه الحرفة.
كما دعا علي مناعي، فلاحي المنطقة إلى الاهتمام بالنخلة والبحث عن حلول لمشكل صعود المياه، الذي قضى على ملايين الأشجار و تسبب في تراجع الغلة.
منصر البشير