* دعوة لانتفاضة من المجتمع الدولي لصالح حقوق الشعب الفلسطيني * ثمن الصمت والتقاعس أمام المأساة الفلسطينية سيكون باهظاأكد رئيس الجمهورية السيد، عبد...
التقى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء بالكويت، مع وكيل الحرس الوطني...
شرعت الحكومة، في وضع التدابير التنفيذية للتكفل التام بالتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء خاصة فيما...
سلم إرهابي نفسه للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار، فيما تم توقيف (5) عناصر دعم للجماعات الإرهابية، خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني تم تنفيذها في...
تنتعش بمدينة ميلة، مع نهاية الصيف وبداية الخريف، تجارة الفواكه و الثمار الموسمية من تين و توت و عناب و سدر أو ما يعرف بـ «النبق»، وهي منتجات يحبها أبناء المدينة و سكان المدن الشرقية عموما، كما تفتح باب رزق للكثير، إذ تنتشر نقاط بيعها على الطرقات في مشهد خريفي يتكرر كل سنة، ويقبل عليها عشاقها للاستمتاع بمذاقها اللذيذ، و للفوائد الصحية التي تحتوي عليها.
مكي بوغابة
«الشيقارة» جنة التوت البري
خرجنا إلى وسط مدينة ميلة، في يوم السوق الأسبوعي «طراباندو»، فلاحظنا وجود العديد من الأطفال و الشباب و الرجال الذين ينشطون في بيع مختلف أنواع الثمار من توت وتين وغيرها، بينهم من نصبوا طاولات خشبية صغيرة على الأرصفة، وبينهم من يعتمدون على الأرض لعرض بضاعتهم البسيطة.
خلال جولتنا قابلنا العديد من الباعة في الشوارع وأمام الأسواق الشعبية، والواضح، أن بيع الفواكه و الثمار الموسمية يعرف منافسة كبيرة من قبل الشباب، حيث كان كل واحد يحاول التميز عن الأخر وكسب عدد أكبر من الزبائن، من خلال تحسين طريقة العرض، فقد جهز شباب علبا بلاستيكية معبأة بالتوت و اختار آخرون بيع ثمارهم في سلال الحلفاء الجميلة.
مرضى السكري و فقر الدم أكثر الزبائن سخاء
إلتقينا برجل من بلدية شيقارة يدعي عبد الحليم، كان يعرض على رصيف كمية من التوت البري أو توت «العلايق» كما يحلو لسكان المنطقة تسميته، قال لنا، بأن البيع والشراء هو مجال نشاطه منذ 9 سنوات، حيث تختلف السلعة باختلاف الموسم، وموسم ثمار الخريف حل باكرا هذا العام على حد تعبيره، حيث ذكر، بأنه يبيع بضاعته في ميلة أحيانا، ويتنقل إلى قسنطينة أحيانا أخرى، لأجل بيعها، وقد كسب على مر السنوات زبائن دائمين.
وأضاف البائع، أن الطلب كبير على هذه الثمار من قبل مرضى فقر الدم و كذلك مرضي السكري الذين يشرون منها الكثير وبشكل دائم، لما تحتوي عليه من فوائد صحية تناسبهم، و هي أيضا مصدر رزق للعديد من العائلات في بلدية الشيقارة وليس فقط الشباب، لأن المنطقة تحتوي على الكثير من أشجار التوت البري، التي تستغل بشكل تجاري في هذه الفترة من السنة.
وتابع محدثنا قائلا، بأن أسرته كذلك تعمل معه وتشارك في جني التوت في الصناديق وبيعه، إذ تعتبر هذه التجارة الموسمية كما قال، مصدر رزق مهما لها، خاصة خلال السنوات الأخيرة مع غلاء المعيشة و شح فرص العمل، حيث علمنا منه، بأنه كان يعمل بإحدى ورشات البناء وبعد انتشار جائحة كورونا أحالهم صاحب المقاولة على البطالة، بدواعي توقف النشاط، فتوجه هو إلى بيع الفواكه الموسمية بصورة دائمة بعدما كان يعتبره نشاطا إضافيا.قابلنا كذلك، شابا في مقتبل العمر يقوم بعرض ثمار التوت في السوق اليومية، مستعملا علبا صغيرة سعر الواحدة منها 150 دينارا، و قد قال لنا، بأنه ليس من يقوم بقطفها بل يشتريها من باعة ينحدرون من بلدية الشيقارة، التي تزخر بالكثير من أشجار الثمار الحلوة.
«النبق» لحم الفقراء
على مستوى الطريق بين مدينتي قسنطينة و ميلة، كان عدد باعة الثمار الموسمية كبيرا، بينهم من يبيعون فاكهة التين و بينهم من يعرضون سلال التوت البري بلونيه، ومنهم كثيرون يتفننون في عرض منتوج «النبق» أو ثمار السدر. توقفنا لنتحدث إلى بعض الباعة وكان أولهم عبد العزيز، شاب من بلدية القرارم قوقة، كان جالسا على صخرة وبجانبه أكياس جاهزة من الثمار، بينما استمر في ملء أكياس أخرى و هو يحدثنا، أخبرنا، أن سعر الكيس يختلف بحسب الكمية، فهناك أكياس لا تزيد عن 50دج و هناك عرض آخر بـ 100 دج و عرض بـ 150 دج، وقال للنصر، بأنه يشتغل في هذا النشاط كل موسم ويستغل نضج هذه الفاكهة مع بداية فصل الخريف لربح ما تيسر من المال، مشيرا، إلى أن الثمار توفرت هذه السنة في وقت أبكر بقليل عن موعدها المعتاد، وأضاف، بأن النبق مطلوب جدا لفوائده وهو كما يطلق عليه البعض « لحم الفقراء» فأسعاره مناسبة و قيمته الغذائية كبيرة، و يوجد منه نوعان، نوع ينمو في الجبال ويكون صلبا، ونوع ينمو في الحقول وتكون حباته ممتلئة وطرية، تشبه حبات ثمار « الزعرورة» التي يعشقها الكثيرون أيضا، و هي ثمار تحقق له دخلا مقبولا نوعا ما إلى جانب العناب و التين المجفف اللذين سيبلغان ذروة الموسم قريبا.
وجبة خفيفة لتلاميذ المدارس
محدثنا أوضح، بأن جل زبائنه هم من التلاميذ و الموظفين الذين يعرض بضاعته بجانب مؤسساتهم التعليمية و شركاتهم أو إداراتهم كل سنة، حيث يجد هؤلاء متعة كبيرة في تناول الثمار لأنها بمثابة وجبة خفيفة «لمجة» يسهل حملها في الحقيبة و تساعد على تمضية الوقت والشعور بالشبع.
قابلنا أيضا، باعة تين في الشوارع و على الطرقات، أخبرنا شاب يدعي عمار، كان يعرض ثمار التين بشارع دهيلي بوسط مدينة ميلة، بأن سعر الكيلوغرام يتراوح بين 350 دج و 250 دج، حسب نوعية المنتوج، و قال، بأن السعر مرتفع نوعا ما هذه السنة بسبب نقص الإنتاج، كما أن نوعيته متوسطة مقارنة بما هو معتاد و السبب راجع بالدرجة الأولى حسبه، إلى شح الأمطار و إهمال أصحاب الحدائق للأشجار، الأمر الذي انعكس سلبا على العرض، كما تحدث أيضا، عن « السماسرة الذين يتحكمون في سوق الفواكه و يتعمدون رفع الأسعار». وأخبرنا، بأنه اعتاد الحصول على بضاعته من صاحب بستان معين، لكنه تفاجأ هذه السنة، بأن المحصول كله بيع إلى تجار مع بداية نضجه، وهو ما اضطره إلى شراء كمية من التين من تجار الجملة ليعيد بيعها في السوق، الأمر الذي يضاعف التكلفة لأن هؤلاء يفرضون هامش ربح معين.
إلتقينا أيضا بشاب يعرض ثمار التين في السوق الشعبي، فأكد بأنه يشتريها من شباب وكهول من بلديات عين التين و قرارم قوقة و سيدي مروان وغيرها، يأتون صباحا إلى وسط المدينة محملين بصناديق وسلال مملوءة بالفواكه و الثمار الموسمية لبيعها بالجملة، وأشار البائع، أن محصول التين هذا العام قليل مقارنة بالمواسم الماضية، ولذلك فإن أسعار التين المجفف أيضا سوف تعرف قفزة كبيرة كما علق.
وبالرغم من ارتفاع الأسعار، فقد أخبرنا متسوقون وزبائن تحدثنا إليهم، بأن موسم ثمار الخريف يتمتع بكثير من الخصوصية، وذلك لوفرة و تنوع المنتوجات اللذيذة والمفيدة التي لا يستغنون عن شرائها بشكل شبه يومي تقريبا، حيث قال عمي أحمد ابن ميلة، بأن فترة توفر هذه «الخيرات» محدودة مقارنة بالفواكه الموسمية الأخرى، موضحا، بأنه متعود على إستهلاكها منذ الصغر، حيث كانت عائلته تملك أشجار تين في الريف وبعد انتقاله إلى المدينة، أصبح يشتريه من الأسواق، مضيفا، أنه يقوم بتجفيفه لاستهلاكه كعلاج للزكام وتعزيز المناعة في فصل الشتاء، و ذلك عن طريق طهيه على البخار ثم تخزينه في زيت الزيتون مع حبات من الثوم وهي وصفة قديمة بنتائج مضمونة كما عبر.