التقى الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء بالكويت، مع وكيل الحرس الوطني...
شرعت الحكومة، في وضع التدابير التنفيذية للتكفل التام بالتوجيهات التي أسداها رئيس الجمهورية للحكومة خلال الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء خاصة فيما...
سلم إرهابي نفسه للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار، فيما تم توقيف (5) عناصر دعم للجماعات الإرهابية، خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني تم تنفيذها في...
وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، اليوم الاربعاء، رسالة عشية إحياء اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (29 نوفمبر)، قرأها نيابة عنه وزير...
تسجل مدينة قسنطينة نقصا فادحا في دورات المياه العمومية عبر مختلف أحيائها وتجمعاتها العمرانية، باستثناء وسط المدينة، حيث يلجأ المواطنون إلى المقاهي وحتى منازل السكان، في وقت لا تتوفر فيه مدينة علي منجلي التي تضم مئات الآلاف من السكان على دورة مياه عمومية واحدة، ما جعل زوارها يترددون على المراكز التجارية ومقرات الهيئات العمومية.
استطلاع: سامي حباطي
مرحاض عمومي واحد في 1.2 كيلومتر مربع
وقمنا بجولة من أقصى حي سيدي مبروك السفلي، من محيط محطة القطار إلى غاية أقصى الجهة العليا من سيدي مبروك، فلم نجد عبر المساحة المذكورة مرحاضا عموميا واحدا، باستثناء مرحاض عمومي داخل سوق "غوغة عمار" في سيدي مبروك السفلي.
وقد دخلنا السوق وسألنا أحد بائعي الخضر، فأوضح لنا أن "مسير" المرحاض العمومي هو نفسه تاجر الخضر والفواكه الذي يحوز مربعا في الزاوية بالقرب منه، فاتجهنا إليه وسألناه عن المكان، ليوجهنا إلى دورة مياه؛ لاحظنا أنها في حالة متقدمة من التدهور.
ولا تحتوي دورة المياه في السوق المذكورة إلا على مرحاض واحد، فضلا عن أنها دون بوابة رئيسية، في حين أن باب المرحاض متآكل، إلى درجة أن الجزء السفلي منه قد اقتطع، بينما وضعت أغراض قديمة فيه، كما لاحظنا انتشار الأوساخ والقمامة، إلى جانب الروائح الكريهة المنبعثة منه.
وأوضح لنا تجار من السوق أن صاحب مربع بيع الخضر الذي يستغل دورة المياه يتقاضى تسعيرة من الراغبين في استخدامها، وهو ما حدث معنا عندما أوضح لنا أن "الدفع يكون بعد الخروج من الحمام"، بينما أشار البائعون الذين تحدثنا معهم إلى أنهم مكرهون على استعمال دورة المياه بسبب تواجدهم في السوق طيلة اليوم.
واصلنا مسارنا إلى غاية السوق المغطى بحي سيدي مبروك العلوي، أين توجد دورة مياه في الزاوية الأخيرة من المرفق، حيث لاحظنا أن وضعيتها أحسن بقليل من وضعية نظيرتها في سوق "غوغة عمار"، لكن روائح كريهة كانت تنبعث منها، فضلا عن أننا بمجرد وقوفنا بالقرب من مدخلها وعودتنا، قابلنا شاب كان يجلس على كرسي ويحمل قطع النقود بطلب تسديد أجرة استعمال المرحاض.
ولاحظنا أن دورة المياه المذكورة مغطاة بالقصدير، فضلا عن أن طلاء جدرانها متآكل، في حين وضعت عليها أبواب حديدية موصدة بالأقفال المعدنية، كما أن مستغلها قد كتب على بوابتها الرئيسية تسعيرة "20 دينارا"، فضلا عن أرضيتها لم تبد نظيفة، دون وجود أدنى إشارة إلى أنها تضم جزءا مخصصا للنساء.
وذكر لنا مواطنون من المترددين على السوق أنهم يتجنبون استعمال المرحاض العمومي نتيجة وضعية الاهتراء ونقص النظافة فيه، في حين شرحوا أنهم مضطرون إلى طلب استعمال مراحيض المقاهي المنتشرة في مختلف أرجاء الحي، حتى وإن كانوا يقطنون بعيدا عنه.
وقد تحول سيدي مبروك إلى مقصد للآلاف من المواطنين يوميا خلال السنوات الأخيرة، مع انتشار البنوك فيه، وظهور مراكز التسوق في الجهة العليا، حيث حاولنا الحصول على صورة مقربة عن قلة دورات المياه العمومية مقارنة مع مساحته الواسعة بالاعتماد على خرائط "غوغل"، فوجدنا أن المسافة بين سوق "غوغة عمار" بسيدي مبروك السفلي والسوق المغطى بسيدي مبروك العلوي مقدرة بحوالي كيلومتر ونصف مشيا على الأقدام ويستغرق قطعها 21 دقيقة مشيا، ما يجعل من المستحيل على الفرد التحمل على طول المسار.
وقد أحطنا الحي في جهته العليا والسفلى على الخريطة ضمن حيز يفوق ستة كيلومترات من الفضاء الذي يسجل حركية واسعة للمواطنين المارة ومستعملي المركبات، فوجدنا أن الحيز المذكور يتربع على مساحة مقدرة بـ1.2 كيلومتر مربع، لا تحتوي إلا على مرحاض عمومي واحد في السوق المغطاة بسيدي مبروك العلوي، الذي يعتبر حيز الخدمة رغم وضعيته، بالإضافة إلى السوق الثاني في الجهة السفلى، الذي يحتوي على مرحاض عمومي يعتبر من الناحية الواقعية غير فعال، بينما تنعكس هذه المشكلة في ظهور الكثير من الأماكن التي يتردد عليها أشخاص لقضاء حاجاتهم، خصوصا في النقاط التي تقل فيها حركية المارة.
أصحاب مقاهي يحرمون مستعملي المراحيض من الخصوصية
وذكر لنا سكان من الحي أنّ بعض المواطنين يضطرون إلى دخول المقاهي واقتناء قارورة ماء أو أي غرض من أجل استعمال المرحاض فقط، فالكثير من أصحاب هذه المحلات لا يسمحون للمارة بدخول المقهى لمجرد استعمالها، في حين أكد لنا أحد السّاكنين بالقرب من عيادة طبيب تعرف تردد عدد كبير من المرضى، أنّ البعض منهم يطرقون أبواب الجيران لطلب استعمال دورات المياه في منازلهم، خصوصا كبار السن من النساء وبعض الأشخاص المصابين بأمراض تجعلهم لا يستطيعون الاحتمال لوقت طويل.
وقد لاحظنا في أحد المقاهي بسيدي مبروك أن ربّ العمل يحتفظ بمفتاح دورة المياه في صندوق الدفع، ولا يسمح بدخول المرحاض إلا لبعض مستعملي المقهى من معارفه، في حين علل ذلك "بكون بعض مرتادي المقهى لا يحافظون على نظافة المكان". وقد تقرب أحد المواطنين من الصندوق من أجل الحصول على مفتاح باب دورة المياه، فلبّى صاحب المقهى مطلبه، لكن المواطن بعد أن أعاد المفتاح، استخرج قارورة السائل المعقم وأخذ يعقم يديه، حيث أوضح لنا أن المفتاح يتحول بهذه الطريقة إلى ناقل للجراثيم وقد يتسبب في انتقال الأمراض بين مرتادي المقهى.
ولا يختلف الأمر في مقاهي وسط المدينة أيضا، حيث أصبح الكثير من أصحابها يعمدون إلى إنشاء نوع جديد من المراحيض لم يكن متداولا من قبل، بحيث لا يسمح لمرتادي المقهى بالبقاء طويلا داخل دورة المياه، بينما لاحظنا أن عددا منهم قد صاروا يعمدون إلى إزالة القفل عن الباب، ما يمنع الخصوصية عن مستعملي دورة المياه. وسألنا صاحب مقهى عن الأمر فأكد لنا أنه يتعمد ذلك حتى لا يطيل المترددون على دورة المياه البقاء بداخلها، رغم أنه مدرك لما ينطوي عليه ذلك من التقليل من خصوصية الزبائن، مشيرا إلى أنه ضبط ذات مرة شخصا بداخلها يدخن السجائر، فضلا عن عدم احترام الكثيرين لشروط النظافة، بحسبه.
وقد وقفنا في مقهى آخر، ينتهج صاحبه نفس الأسلوب بإزالة قفل الباب، على عدة حالات لأشخاص يقومون بفتح باب دورة المياه، رغم وجود شخص آخر بداخلها، ما يضعهم في الحرج، فضلا عن أحد الأشخاص قد كاد يدخل في مشاجرة مع أحد مرتادي المقهى بسبب ذلك، إلى أن تدخل صاحب المقهى.
ويرفض الكثير من أصحاب المقاهي السماح لمرتادي محلاتهم باستعمال دورات المياه، حيث لاحظنا في مقهى يقع بمحور تكثر فيه الحركية أنّ صاحبه قد علق عليه لافتة تحمل عبارة "معطل"، رغم أن صاحب المقهى والنادل وبعض معارفه كانوا يستعملونه، بينما رفض رب العمل السماح لشخص بدا عليه أنه مسافر باستعماله، من خلال إشارة بيده إلى اللافتة. ووجدنا خلال استطلاعنا مقاهي أخرى، يلجأ أصحابها إلى تعليق لافتة تحمل عبارة "خاص" لمنع المواطنين من استعمال مرحاض المحل. من جهة أخرى، يلجأ مواطنون آخرون إلى المساجد من أجل قضاء حاجاتهم بسبب النقص الفادح في دورات المياه العمومية، حيث أوضح لنا إمام بأحد المساجد في قسنطينة أن القائمين على المسجد يجدون أنفسهم مضطرين لتنظيفها بأنفسهم بسبب بعض الأشخاص الذين لا يحترمون شروط النظافة.
وأضاف محدثنا أن القائمين على المسجد الذي يشرف على الصلاة فيه، قد علقوا اللافتات في مختلف أرجاء المائضة من أجل توعية المصلين ومرتادي المكان بضرورة الحفاظ على نظافة دورات المياه، إلا أن البعض لا يلتزمون بها، في حين أكد لنا شخص التقينا به في بهو المسجد أنه يجد نفسه مضطرا لدخول دورة المياه في أوقات الصلاة كلما يتردد على المسجد لأداء الصلاة بسبب معاناته من مشاكل صحية، مضيفا أنه لا يحبذ ذلك، حيث قال إنه "كان ليتجه إلى دورات مياه عمومية لو كانت متوفرة خارج المسجد".
محطات النقل دون دورات مياه بوسط المدينة
وخلال جولة بوسط مدينة قسنطينة، لاحظنا وجود عدد معتبر من دورات المياه العمومية رغم وضعياتها المتباينة من حيث النظافة والتهيئة، حيث اطلعنا على عدد منها، مثل دورة بالقرب من نقطة الدوران "لابيراميد" عند مدخل السلالم الثانية المؤدية إلى شارع "عواطي مصطفى" حيث تعمل بشكل طبيعي خلال الفترة النهارية وهي مفتوحة للرجال والنساء.
وتوجد دورات مياه عمومية أيضا في العديد من النقاط التي تكثر فيها الحركية بوسط المدينة، على غرار باب القنطرة بجوار محطة القطار، ومقابلها، وعند مدخل مصعد جسر ملاح سليمان بجوار مطعم "فاخر"، فضلا عن وجودها في الأسواق المغطاة، لكننا لاحظنا أن دورة المياه بمحطة زعموش مغلقة، ما يدفع بالكثير من المواطنين وأصحاب المركبات، إلى قضاء حاجتهم في محيطها، مخلفين وراءهم روائح كريهة وقارورات مملوءة بالفضلات البشرية.
كما يسجل نفس الأمر بحديقة بن ناصر التي توجد على مستواها دورة مياه مغلقة، ما يجعل المواطنين يقضون حاجتهم في إحدى زوايا المكان، مسببين تسرب كميات كبيرة من المياه القذرة والروائح الكريهة على الجهة الأخرى التي توجد فيها محطة سيارات الأجرة التي تعمل على خط الدقسي ووسط المدينة، حتى تحولت إلى مصدر إزعاج للمواطنين.
وقد ذكر لنا مصدر مسؤول ببلدية قسنطينة أن دورات المياه الموجودة في ساحة أحمد باي وحديقة بن ناصر ومحطة زعموش قد منحت لمستغلين خلال تظاهرة عاصمة الثقافة العربية دون أن تسوى الوضعية الإدارية الخاصة بها، لذلك أغلقت وظلت مغلقة إلى اليوم في انتظار تسوية وضعيتها.
المراكز التجارية والهيئات العمومية لقضاء الحاجة بعلي منجلي
أما النساء فيمثلن الفئة الأكثر معاناة من مشكلة النقص الفادح في دورات المياه العمومية بالمدينة، حيث أوضح عامل بجامعة واقعة داخل منطقة عمرانية بمدينة قسنطينة أن بعض الأشخاص يدخلون الجامعة من أجل استعمال دورة المياه فقط، خصوصا السيدات المارات بالقرب منها، في حين اعتبر أن المشكلة تمثل هاجسا كبيرا بالنسبة لهن، فضلا عن أنهن يجدن إحراجا كبيرا في طلب التوجيه إلى دورة المياه بالجامعة، لكنها تمثل بالنسبة إليهن بديلا مقبولا عن المقاهي أو الأماكن التي يمكن للذكور التردد عليها دون مشكلة.
أما في المقاطعة الإدارية علي منجلي، فإن دورات المياه العمومية منعدمة تماما خارج المقاهي والمراكز التجارية رغم الكثافة السكانية الضخمة في المقاطعة والحركة اليومية الكبيرة، حيث توجهنا إلى أحد المراكز التجارية الكبرى في علي منجلي، وحاولنا تتبع حركة المترددين على دورة المياه الموجودة في إحدى زواياه، فوجدنا بأن عددا منهم يغادرون المركز التجاري بمجرد قضاء حاجتهم، بينما ذكر لنا أحد المواطنين أنه كثيرا ما يمر بالمركز التجاري من أجل استعمال دورة المياه الموجودة فيه فقط، بفضل حرص القائمين عليه على جانب النظافة، فضلا عن أنه يحبذ عدم استعمال مراحيض المقاهي والمحلات خارج المكان بعد أن أصيب ذات مرة بعدوى جرثومية منها.
وقد تحدثنا إلى عون أمن يعمل في بنك عمومي بالمدينة الجديدة علي منجلي، فأكد لنا أن الكثير من المواطنين يقصدون المكان من أجل طلب قضاء الحاجة في دورة المياه الخاصة بالبنك، الذي يستقبل المواطنين، حيث كان يسمح لهم بذلك، خصوصا كبار السن منهم، قبل أن يمنعه مسؤولوه من ذلك لكون دورات المياه الموجودة في المرفق خاصة بالموظفين فقط.
س.ح