الضحية سعادة عربان أكدت أن الروائي استغل قصتها في رواية حوريات بدون إذنها أعلنت المحامية الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم اليوم الخميس عن رفع قضية أمام محكمة وهران...
* رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الالتزام بدعم الحكم الرشيد والشفافية في القارةأشرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته رئيسا لمنتدى دول...
أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الأربعاء، عزم الجزائر، بفضل أبنائها...
طالب مقررون أمميون من مجلس حقوق الإنسان، الحكومة الفرنسية بتزويدهم بجميع المعلومات والبيانات المتعلقة بتجاربها النووية في الجزائر، بما فيها المواقع المحددة...
المدرسة العليا للأساتذة بوابة الأحلام لضمان الوظيفة و الزوج
يخفي الإقبال القياسي للطالبات على المدارس الوطنية العليا لتكوين الأساتذة و الذي وصل هذا الموسم بـ»أو أن آس « قسنطينة إلى 1826 طالبة مقابل 187طالبا فقط، دوافع مثيرة لهذا الاختيار، لا تعكس غالبا طموحات الطالب العلمية، بقدر ما تخفي انصياع الأغلبية لتخطيط و نصائح الأولياء من جهة، و تأثيرات الظروف والعادات الاجتماعية من جهة أخرى، كما شجع على هذا الإقبال منصب الشغل المضمون للمتخرجين من هذا الهيكل التعليمي الأكاديمي، لدرجة تضحية البعض بمعدلاتهم العالية جدا في شهادة البكالوريا، والتي تمكنهم من الالتحاق بتخصصات علمية خاصة بالنخبة.
إعداد: مريم/ب
لم يعد للطموحات العلمية و المهنية أهمية كبيرة في قاموس السواد الأعظم من طلاب اليوم، هذا ما وقفنا عليه من خلال استطلاع قادنا إلى المدرسة العليا للأساتذة بقسنطينة، المنشأة سنة 1981 و التي خضعت لإعادة الهيكلة عام 1984، و التي على غرار باقي المدارس على مستوى الوطن، شهدت في السنوات الأخيرة و بشكل خاص هذه السنة ارتفاعا قياسيا في عدد الطلبة تجاوز الضعف، عما كان عليه في السنوات القليلة الماضية، حيث سجلت السنة الماضية 2021 شخصا من بينهم 12طالبا ذكرا فقط، بينما لم يتجاوز عدد المسجلين الجدد 770 طالبا، الأمر الذي يفرض التساؤل عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك و التي قد يعتقد الكثيرون أن لها علاقة بضمان منصب الشغل منذ البداية، غير أن الواقع يخفي دوافع مثيرة لا تخلو من الطرافة، و هو ما نكتشفه من خلال شهادات بعض الطلبة و الإطارات وحتى بعض الأولياء الذين كانت لنا فرصة التحدث إليهم.
عقود العمل تغري أصحاب المعدلات العالية
بعد جولة سريعة للنصر بين مختلف مرافق المدرسة الشاسعة الواقعة بالمدينة الجامعية بعلي منجلي بقسنطينة والمتكوّنة من مدرجين بسعة 250 مقعدا، بالإضافة إلى سبع مدرجات أخرى أقل مساحة بسعة 150مقعدا وعديد المخابر وقاعات التعليم و المحاضرات، سألنا عددا من الطلبة عن سر اختيارهم الالتحاق بهذه المدرسة، فكانت الإجابة التلقائية الأولى الوظيفة المضمونة، حيث ذكرت الطالبة لجين و زميلتها بثينة سنة ثانية تخصص لغة فرنسية، بأن أول ما جذبهما نحو هذا التخصص هو فرصة الحصول على منصب شغل قار، بدل المعاناة من البطالة و اللهث وراء فرص العمل.
و من جهتها قالت آمال، تخصص لغة و أدب عربي، بأن الطموح العلمي اليوم بات أشبه بوهم لا يصدقه إلا من كان ميسورا و ليس في حاجة إلى مصدر رزق له و لعائلته، مضيفة بأن الهدف من مرور الطلبة بالجامعة هو الحصول على شهادة تمكنهم من إيجاد عمل محترم ، فلا يضطرون للبقاء في جلباب أوليائهم، على حد تعبيرها.
واشترك معظم الطلبة الذين التقينا بهم في نقطة ارتياحهم لانفراد المدرسة بعقود التوظيف التي تربط الطلبة بوزارة التربية وتعد ضمانا للوظيفة المستقبلية في ظل حالة عدم الاستقرار التي يشهدها قطاع الشغل في بلادنا، غير أن ثمة من الطلبة من لم يخفوا دوافع اعتبروها ثانوية، لكنها حفزتهم على الالتحاق بهذه المدرسة و لم تترك لهم مجالا للتفكير مرتين، مثلما قالت شيماء التي أكدت حصولها على شهادة البكالوريا بمعدل 15 ، فكانت قادرة بفضله على التسجيل بأي معهد أو تخصص أرادت، لكنها اختارت العمل بنصيحة والديها و اختيار مهنة تليق بها و بمستقبلها كزوجة و أم، كما ذكرت.
الرأي ذاته سجلناه لدى طالبات أخريات، فهمنا من كلامهن بأن تواجدهن بالمدرسة لم يكن بناء على اختيارهن الشخصي و إنما بتوجيه و أحيانا بضغط من الأولياء، مثلما ذكر الطالب مروان، تخصص علوم دقيقة، الذي قال بأنه كان مرغما لإرضاء والديه و تجنب تكرار «مواعظهم» مثلما علّق، مؤكدا بأن حلمه كان الالتحاق بمعهد العلوم الصيدلانية، لكن ظروفه العائلية لن تسمح له بالطموح و الحلم بتجسيد مشروع صيدلية و المجازفة في إيجاد وظيفة مرة أخرى.
طالباتها الأوفر حظا في الزواج
و إن كانت الوظيفة المضمونة تبدو ظاهريا كسبب مغر لاستقطاب الطلبة، فإنها باطنيا تخفي أسبابا كثيرة أخرى، ارتبطت عادة بوظيفة المعلمة المهنة المحبذة من طرف الأزواج عموما، لامتيازاتها الكثيرة، لاسيّما من حيث التفرّغ للأسرة أكثر من غيرهن من النساء العاملات في تخصصات و قطاعات مهنية أخرى، حيث لم تنكر عديد الطالبات هاجس أوليائهن في رؤيتهن متزوجات و لا تعانين مشكلة العنوسة التي يعتقد البعض أنها مرتبطة بطموح و وظيفة المرأة، مثلما ذكرت منال، تخصص تاريخ و جغرافيا، التي قالت بتلقائية بأنها تريد أن تضمن الوظيفة و الزوج في آن واحد، و هو ما تجده متوفرا في مهنتها كأستاذة.
أم تبحث عن زوجة لابنها بمدرسة الأساتذة
من الحوادث الطريفة التي تترجم كثرة إقبال الطالبات على هذه المدرسة و روّجت إلى كون طالبات «أو أن آس»أوفر حظا في الارتباط و الزواج من غيرهن، تلك الزيارة التي قامت بها إحدى السيدات إلى المدرسة في مقرها السابق بسيدي مبروك، حسب إطارات بالمدرسة، حيث فاجأتهم من خلالها بجرأتها في طلب صور الطالبات لأجل انتقاء عروس لابنها، لاقتناعها بأن المعلمة هي الزوجة المثالية، لأنها مثلما يرّدده البعض، بمثابة راتب مضمون و زوجة متفرغة بفضل أوقات دوامها بالعمل التي تمنحها فرصة التواجد مع أطفالها مدة أطول، فضلا عن امتيازات العطل الفصلية و السنوية التي تتصدّر قائمة الدوافع الرئيسية لاختيار هذه المهنة، بدل غيرها.
و سردت موظفة بإدارة المدرسة قصصا لا تختلف في طرافتها عن الأولى و المتعلّقة عموما بالأسئلة الملحة لبعض سائقي سيارات الأجرة للطالبات إذا كن مرتبطات أم لا، و عدم إنكار بعضهم رغبتهم في الارتباط بطالبة من طالبات المدرسة، لما تتوّفر فيهن من الشروط المثالية المبحوث عنها في زوجة اليوم و التي يعبّر عنها البعض بالمقولة الرائجة «راتب في الجيب و لا امرأة كالعيد»، أي أنها لا توجد بالبيت إلا في أوقات محدودة.
و تحدثت بعض الطالبات عن مواقف طريفة وقعت لهن بسبب دراستهن التي جعلتهن يحسبن ألف حساب لطلبات الزواج التي تتضاعف لدى اقتراب موعد تخرجهن، و من تلك المواقف ما عاشته الطالبة رجاء التي قالت أنها أرادت اختبار أحدهم، فأخبرته بأنها ترفض فكرة العمل بعد الزواج، فلم تسمع منذ ذلك الحين خبرا عمن كان يبدو متيما بحبها، أما أحلام و هي أستاذة فيزياء اليوم، فاضطرت لفسخ خطبتها من شخص لم ينكر اختياره لها بسبب مهنتها، قبل دينها و نسبها و هو ما اعتبرته قلة احترام لشخصها، و تساءلت ماذا لو أصبحت مقعدة و لا تستطيع العمل هل سيكون مصيرها الطلاق؟
طلبة يطلبون الإقصاء
و إن كان ثمة من يختارون الالتحاق بمدرسة تكوين الأساتذة عن اقتناع شخصي و رضى نفسي، فإن ثمة من يجدون أنفسهم مجبرين على تلبية أوامر الوالدين، و هو ما أكده نائب المدير المكلف بالبيداغوجيا الأستاذ عزوز ديلمي، الذي قال بأن أعضاء اللجان المشرفة على مقابلات التوظيف المتضمنة لاختبار القياس النفسي، يتفاجأون سنويا برجاء بعض الطلبة لحد التوسل منهم، بإقصائهم و عدم قبولهم بالمدرسة رغم استيفائهم لكل الشروط المطلوبة، لأنهم يرفضون مهنة التعليم و لا يرون أنفسهم مؤهلين لها، لكن أولياؤهم هم من قاموا بتسجيلهم في هذا التخصص رغما عنهم، مضيفا بأن الإضراب الأخير كشف هو الآخر عن حالات كثيرة أكدت بأن الاختيار لم يكن اختيارهم و إنما اختيار ذويهم، الذين وجدوا في هذه المدرسة ضمانا للمستقبل المهني.
و قال محدثنا بأن النظرة إلى مهنة التعليم تغيّرت بعد تحسن وضعية الأستاذ المادية و المهنية، في الوقت الذي فقدت فيه الكثير من التخصصات التي كانت أكثر استقطابا و إغراء للطلبة امتيازات عديدة بسبب مشكلة البطالة، مؤكدا بأن ثمة متخرجين من معاهد أخرى لديهم شهادات مهمة في تخصصاتهم ، فضلوا الالتحاق بالمدرسة للحصول على منصب شغل مضمون بعد معاناتهم الطويلة من البطالة، مثلما قال، مشيرا إلى أن أهم الاختبارات التي يخضع لها الطلبة لأجل قبولهم أو رفض التحاقهم بالمدرسة، يتم من خلالها تقييمهم على المستوى النفسي و الفيزيولوجي و الاجتماعي و المعرفي و الثقافي، فضلا عن اختبار المعارف القاعدية الخاصة بالاختصاص المطلوب.
و يبقى المعدل المطلوب للالتحاق بالمدرسة الوطنية العليا لتكوين الأساتذة لا يقل عن 12 من 20 في شهادة البكالوريا، مع شروط إضافية تحددها مناشير وزارية أخرى.
للإشارة فإن عدد الطالبات يفوق عدد الطلبة في كل التخصصات بهذه المدرسة بنسبة تفوق 90 بالمائة، حيث وصل عدد الطالبات المتخرجات في الموسم الدراسي 2015-2016 إلى أكثر من 500 طالبة، مقابل 58 طالبا فقط و من المتوقع تخرج 1142طالبة، مقابل 120طالبا هذه السنة.
و للتذكير تقدم المدرسة أيضا فرصة التكوين في الدراسات العليا في التخصصات التالية الرياضيات، الإنجليزية و الفلسفة، فضلا عن فرصة التكوين في مدرسة الدكتوراه في ذات التخصصات المذكورة.
م/ب