الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

حريّةٌ مشروطة

خضع كتّاب جزائريون لقواعد اللّعبة التي يضعها اللّوبي الصهيوني وتمتثلُ لها وسائل الإعلام الفرنسيّة في التعاطي مع ملف الحرب على غزّة.

هذه الفئة من الكتّاب، تكتب بالفرنسيّة و تتوجّه بالأساس إلى الجمهور الفرنسي، وتنشد الجوائز الفرنسيّة وتبيع الكتب هناك، كما تبيع أشياء أخرى أثمن من ثمار الخيال!  
وحتى وإن كانت مواقف هؤلاء الكتّاب لا تستحق التوقّف عندها أو مناقشتها، لتكرارها و تهافتها وبهتانها، فإنّ الأمر يطرح هذه المرّة، مشكلة أخلاقيّة بالأساس، لأنّنا أمام آلة دعائية تضليليّة انخرطت فيها وسائل إعلام  ونخبة سيّاسيّة وثقافيّة لشيطنة شعبٍ مُحتلّ وتبرير السلوك الوحشي لقتلة الأطفال، وتقتضي ردّ فعل من النّخب المحسوبة على الضّفة الجنوبيّة.
يقول ياسمينة خضرة إنّ من يفرح لما حدث يوم 07 أكتوبر ليس إنسانًا، لكنّه لم يستطع إسقاط الإنسانيّة عن كل الذين فرحوا بما حدث بعد هذا التاريخ، ويكتفي بإدانة المقاومة أما العدوان الإسرائيلي فهو في نظره يتجاوز الفهم، ولا بأس أن يستعين بالإنشاء للحديث عن مأساة طالت، وبالطبع فإنّ خضرة يرى نفسه كاتبًا عالميًا، تقتضي "وضعيّته" إبداء التعاطف مع مانحي الصّفة الذين قدّم لهم أوراق اعتماده قديمًا برواية "الاعتداء"، أما الطّرف المسحوق فإنّه وإن كان لا ينفعه، لن يستطيع إلحاق الضّرر بمكانته . وقد حاول أمس تدارك ما كتبه بالقول إنّ منشوره موجّه  للغرب بوجه عام وفرنسا خصوصًا، لوضع هذا الغرب أمام مسؤولياته، لكنّ بعض الجزائريين الذين وصفهم بأنّهم أكثـر فلسطينيّة من الفلسطينيين لم يحتفظوا من منشوره سوى بما تعلّق بقتل المدنيين الإسرائيليين، لكن الواضح أنه كان يردّ على سيل الانتقادات ولا يصحّح الموقف.
أما بوعلام صنصال فقد استغرب كيف صبر سكان غزّة على حماس ولم يثوروا و كيف لم يبلّغ محمود عباس إسرائيل بخطّتها، إن كان على علم بما دبّرته؟ متهما إيران التي دخلت البريكس بالمشاركة في خطة حماس "الإجرامية"، واكتفى الكاتب الذي صرح بأنّه يهودي بالتبني بتحذير "الديموقراطية العظيمة" المسماة إسرائيل من التحوّل إلى دولة تيوقراطية.
واختار من جهته كمال داود، المناسبة، ليعتذر للإسرائيليين عن الوقت الذي ضيّعه من دون أن يفهمهم وعذره أنه فهمهم أخيرًا وفهم ما يعنيه تشردهم وبحثهم عن الاستقرار بعد قرون من الاضطهاد و فهم حقهم في الدفاع عن النفس، كما اعتذر لهم لأن الناس في (بلاده) لا يرون فيهم سوى المستعمر سارق الأراضي، أما هو فقد رأى فيهم ما لم يستطع رؤيته أحد!
أما الكاتب الصحافي محمد سيفاوي الذي تحوّل إلى "يوتبر" بعد نهاية صلاحيّة خدمته  إثر اتهامه بالاستفادة غير المشروعة من صندوق الدعم "ماريان" مقابل محاربة الإسلاميين، فقد بلغ من تودّده للوبي سيء الذّكر، حدّ انتقاد وكالة الأنباء الفرنسية لعدم وصف حماس بالتنظيم الإرهابي، ونصّب نفسه كشارح للاستراتيجيّة الإعلاميّة  التضليليّة للمقاومة!
لا تمثّل هذه الفئة النّخبة الجزائرية، التي تحتفظ بمواقف مُشرّفة من القضيّة الفلسطينية، من مالك حداد وكاتب ياسين إلى رشيد بوجدرة صاحب "يوميات فلسطينية" الذي تناصبه اللّوبيات الإعلامية والثقافيّة الفرنسيّة العداء، والذي نبّه إلى الكتّاب المصنوعين في المخابر النيوكولونيالية في مصنّفه "زناة التاريخ".
ولا تمثّل الجزائريين الذين يعيشون المأساة الفلسطينيّة كمأساة جزائريّة، لذلك يجب النّظر إلى هؤلاء الكتاب في واقعهم المُحزن كباعة كتبٍ وباعة مواقفٍ، أما الحريّة التي يدعونها فإنّها لن تتوفر لهم إلا في حالات انتقاد بلادهم وشتم أصولهم،  لأنّ الحرية لا تُبيح امتداح الجلّاد والقاتل.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com